كُريات القلب السوداء
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
بدر بن خميس الظفري
@waladjameel
كُريّات القلب السوداء تجري في عروق البشر كما تجري كُريّات الدم الحمراء والبيضاء، تغذّي عقولهم، وتحكم تصرّفاتهم، وتحدّد مصائرهم. هي كُريّات خفيّة لا تُرى بالمجاهر، ولكن تُرى في المواقف. تنبض في القلوب التي أرهقها الضعف، وتستيقظ حين تغفو المروءة، فتبدّل صفاء الإنسان غشاوةً على بصيرته، وتغلق أبواب الرحمة في صدره.
الكُريّة السّوداء الأولى هي الحسد، وهو مرضٌ يختبئ في زاويةٍ من القلب، لا يُحدث جلبة، لكنه يلتهم صاحبه ببطءٍ يشبه الاحتراق. ينظر الحاسد إلى النعمة كما ينظر الجائع إلى رغيفٍ في يد غيره، يتمنى أن تسقط من يده ولو لم يذق منها شيئًا. الحسد يبدّل الموازين، فيجعل النعمة نقمة، ويحوّل الفرح إلى ضيقٍ لا يُحتمل. كلّ حاسدٍ يعيش في ظلال المقارنة، يقيس رزقه بميزان غيره، وينسى أن الأقدار تُقسم بالعدل الذي لا يُرى بالعين، بل يُدركُ بالعقل المتزن والقلب الراضي. ومن وطّن نفسه على الرضا، عاش في نورٍ يُطفئ كلّ نارٍ يشعلها الحسد في صدور الآخرين.
الكريّة الثانية هي الكِبْر. والكِبر مرضٌ يملأ الصدر بفراغٍ متعجرف، يوهم صاحبه بأنَّه فوق الآخرين بينما هو يبتعد عن نفسه. ينشأ من خوفٍ دفينٍ من النقص، فيُخفي المتكبّر ضعفه في ملامح التشدّق والتعالي. لا يرى في الناس ملامحهم، بل يرى انعكاسًا لصورتِه كما يريدها أن تكون. يمشي بثقلٍ مصطنع كأنَّ الأرض لا تليق بخطاه، ويتحدّث بلهجةٍ تظنّ الكلمات أنها خُلقت لتخدمه. وكلما ازداد الكبر اتّسع فراغ القلب، وانكمشت المساحة التي يسكنها النور. وفي اللحظة التي يسقط فيها المتكبّر، وتلامس قدماه التراب، يشعر أنَّه عاد إلى حجمه الحقيقي.
الكريّة السّوداء الثالثة هي الغرور، وهو خيالٌ داخليٌّ يجمّل الضعف ويمنحه هيئة القوّة. يبدأ همسًا في النفس: "أنت الأفضل، لا تحتاج إلى أحد"، ثم يتحول شيئًا فشيئًا إلى جدارٍ عازلٍ يحجب الحقيقة. إنّ المغرور يعيش في مرآةٍ ضبابية يرى فيها نفسه أكبر مما هي، فيطمئن إلى وهمٍ يظنه اكتمالًا. كلّ خطوةٍ يخطوها تُبعده عن أصله، وكلّ نجاحٍ يحققه يغذّي في داخله وهم الكمال. وحين يواجه أول خيبة، يشعر كأنَّ الأرض سُحبت من تحته، لأنه بنى سماءه على هواء. الغرور لا يرفع الإنسان؛ بل يُثقله ويجعله يدور حول نفسه حتى يتعب من نفسه. وفي لحظة الصمت بعد التصفيق، يدرك أنَّ الصوت الوحيد الذي كان يسمعه طيلة الوقت هو صدى صوته في الفراغ.
الكريّة الرابعة هي العُجب. والعُجب بذرةٌ تنبت في تربة النجاح حين يغيب التواضع. يبدأ إعجابًا خفيفًا بالإنجاز، ثم يتضخّم حتى يغدو عبادةً خفيّة للذات. يظنّ صاحبه أنَّه بلغ النهاية، فيتوقّف عن التعلم، ويشيخ قبل أوانه. العجب يغلق الأبواب أمام الإصلاح، ويُجمّد الزمن عند لحظةٍ يظنها المجد الأبدي، بينما الأيام تمضي تاركةً وراءها صدى اسمه يبهت شيئًا فشيئًا. إنّ القلب الذي يسكنه العُجب لا يسمع صوت الحكمة، لأنَّ صوته الداخلي أعلى من كل نداء.
الكريّة السّوداء الخامسة هي الحِقد. والحقد جرحٌ قديمٌ لا يريد أن يلتئم. يعيش في الأعماق كرمادٍ تحت رماد، يُخفي نارًا لا تهدأ. الحاقد يحمل ماضيه على كتفيه أينما ذهب، يُعيد مشاهد الألم في ذاكرته كما لو أنها الحاضر الدائم. يمشي في الناس ولا يرى فيهم إلا أعداءً محتملين، فيفقد القدرة على الحب، لأن الكراهية احتلّت المساحة كلها. ألا ما أثقل قلبًا لا يعرف الصفح، وما أضيق صدرًا يُصرّ على حمل أحجار الغضب في طريقٍ طويل. إنّ الحقد يستهلك العمر كما تستهلك النار الحطب، حتى لا يبقى من صاحبه سوى رمادٍ من العزّة المكسورة.
الكريّة السادسة هي الرياء، وهو مكرُ النفس حين تخاف أن تُرى على حقيقتها. يتزيّن صاحبه للنَّاس كما يتزيّن التمثال الخشبي بالذهب، يخفي هشاشته تحت مظهرٍ لامع. والرياء سرقةٌ صامتة، يسرق بها الإنسان صدقه دون أن يشعر. يتحدّث عن الخير لا حبًا فيه؛ بل توقًا إلى التصفيق، ويبتسم للناس لا دفئًا، بل أداءً متقنًا لدورٍ لا يشبهه، وكلّ من تعلّق بنظرة النَّاس مات في أعماقه شيءٌ من الحرية، لأنَّ الحرّ الحقيقي هو من لا ينتظر تصفيق أحدٍ ليحيا.
الكريّة السّوداء الأخيرة هي النفاق. والنفاق وجهان لقلبٍ واحدٍ لا يعرف الطمأنينة. يعيش المنافق ممزّقًا بين خوفين: خوفٍ من الناس وخوفٍ من نفسه. يتلوّن كما تتلوّن الحرباء في النهار، لكنه حين يختلي بظلامه، يسمع ضجيج التناقض في صدره. والنفاق يُفسد الكلمة، فيجعلها تقول ما لا تعنيه، ويفصل بين اللسان والقلب كما يُفصل الجسد عن روحه. وحين تتكاثر الأكاذيب في قلب المنافق، يضيع منه الطريق إلى ذاته، فلا يعرف من يكون، لأن الحقيقة غادرته يوم اختار أن يجمّل قبحه بدل أن يُصلحه.
كلّ هذه الكريّات السوداء تتناوب على القلب كما تتناوب الفصول على الأرض، ومن لم يُطهّر قلبه منها، صار كمن يسكن بيتًا مغطىً بالغبار، لا يرى الألوان حتى لو كانت أمامه. ولذا فإنّ تطهير القلب طريقٌ للنجاة من العمى الداخلي، فهو الذي يعيد للإنسان بصيرته قبل بصره، لأن القلوب لا تخمد دفعة واحدة، وإنما يبهت نبضها كلّما ازدادت فيها الكريّات السوداء، حتى تفقد دفء الحياة. والشفاء يبدأ حين يعترف الإنسان بعلّته، ويضع يده على صدره ليعرف مقدار الرحمة التي ما زالت تنبض فيه، وحين تثمر في قلبه بذرةُ محبةٍ صادقة، تذوب أمامها الظلمات كلّها، ويعود القلب إلى صفائه الأول، يحمل كريات حمراء نقيّة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأسمدة البيضاء.. فى السوق السوداء
أسعار اليوريا والنترات تحرق الفلاحين.. والشيكارة وصلت 1700 جنيهأزمات الكارت الذكى تعرقل الصرف فى الجمعيات الزراعيةالاحتكار يهدد الرقع الزراعية.. والقوانين لا تحمى الفلاحين
كعادة كل موسم زراعى، تتجدد أزمة نقص الأسمدة الأزوتية، لتثقل كاهل الفلاحين بالمحافظات، حيث اضطر الفلاحون والمزارعون إلى اللجوء للسوق السوداء للحصول على احتياجاتهم من الأسمدة لاستكمال زراعة محاصيلهم، بأضعاف سعرها فى الحقيقية والتى تجاوزت 1300، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة الإنتاج الزراعى ويؤدى إلى تراجع معدلات التوريد وخسائر مادية متتالية.
ورغم أن مصر تحتل المركز السابع عالميًا فى تصدير الأسمدة، بإنتاج يبلغ 17.9 مليون طن سنويًا بحسب إحصائيات وزارة الزراعة منتصف عام 2025، إلا أن أزمة نقص الأسمدة المدعمة فى السوق المحلى مستمرة، ما يدفع الفلاحين للشراء من السوق الحر بأسعار باهظة، فى ظل عدم كفاية الكميات المصروفة من خلال الجمعيات الزراعية.
عبدالله حميدة، أحد المزارعين بمحافظة الإسكندرية، عبّر عن استيائه قائلًا: «هل يُعقل أن يُباع كيس السماد المدعوم بسعر 265 جنيهًا، بينما نضطر لشرائه من السوق السوداء بـ1700 جنيه؟»، موضحًا أن هناك نقصًا حادًا فى الأسمدة بالجمعيات الزراعية، ما يدفعه للجوء للسوق السوداء رغم الخسائر، مشيرًا إلى أن أسعار الأسمدة فى السوق السوداء وصلت إلى 1700 جنيه لشيكارة اليوريا، و1650 للنترات، و1350 للفوسفات، وهى أسعار تفوق قدرة الفلاح على التحمل.
وأكد سعد السيد، مزارع آخر، أن السبب الرئيسى فى تفاقم الأزمة هو توجه بعض شركات الأسمدة نحو التصدير تلبية للطلب الخارجى، وهو ما يقلل الكميات المتاحة للسوق المحلية، ويسهم فى ظهور السوق السوداء وارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وأضاف أحمد محارس- أحد المزارعين- أن ارتفاع أسعار الأسمدة مثل اليوريا والنترات أصبح تحديًا رئيسيًا أمام الفلاحين، خاصة أن الكمية التى تُصرف من الجمعية الزراعية لا تتجاوز 3 شكائر للفدان فى كل موسم، وهى غير كافية، ما يضطرهم لاستكمال التسميد من السوق الحر.
وأوضح عمرو سعد- مزارع- أن السوق يشهد نقصًا حادًا فى أنواع متعددة من الأسمدة، مثل سلفات البوتاس، الزنك، النترات، ونترات الأمونيوم، وهو ما يفرض على الفلاحين شراء ما يحتاجونه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدًا، فى وقت يعانون فيه من أعباء أخرى كارتفاع أسعار السولار، وخدمات الحرث والرى.
وأشار عبدالله محروس، إلى أن تعطل تفعيل الكروت الذكية وعدم تسلم البعض لها، يعرقل صرف الأسمدة المدعمة، بسبب ضعف منظومة الجمعيات الزراعية، وغياب التدريب الكافى لموظفيها، ما يضطر الفلاحين للجوء للسوق السوداء.
وقال سليمان حماد، إن غياب تفعيل القوانين، مثل قانون منع الاحتكار وحماية المستهلك، تسبب فى تفاقم الأزمة، حيث يحتكر التجار الأسمدة ويبيعونها بأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف السعر الرسمى، ما يدفع المزارعين لهجر محاصيل تحتاج إلى كميات كبيرة من الأسمدة، مثل الذرة والقطن والخضراوات.
وناشد مجدى سليمان، مزارع، الجهات المختصة بالتدخل العاجل، مشيرًا إلى أن الجمعيات لا تصرف الحصص المقررة فى مواعيدها، بحجة تعطل النظام أو أعمال الجرد، ما يضطرهم للشراء من السوق الحر بأسعار تصل إلى خمسة أضعاف السعر الرسمى، لافتًا إلى أن شيكارة اليوريا المدعمة من المفترض أن تُباع بـ280 جنيهًا، لكنها تباع فى السوق السوداء بأكثر من 1400 جنيه، مؤكدًا أن هذا الوضع يُهدد الموسم الزراعى بالكامل، فى ظل ارتفاع أسعار المبيدات والتقاوى وباقى مدخلات الإنتاج.
وكشف عمرو السيد، أن أزمة الأسمدة تؤثر على خصوبة التربة وجودة المحصول، ما يدفع بعض الفلاحين إلى العزوف عن الزراعة والتوجه إلى مهن أخرى، بعد أن أصبحت الزراعة عبئًا ماديًا لا يُحتمل.
من جانبها، أكدت المهندسة أميرة الأحمدى أبورية، مدير عام التعاون الزراعى بمديرية الزراعة فى الإسكندرية، أنه لا يوجد عجز فى الأسمدة الأزوتية المدعمة داخل المحافظة، موضحة أن الكميات يتم توزيعها وفقًا لحصص محددة ومعايير دقيقة تشمل نوع المحصول، والمساحة المزروعة، والمعاينات الميدانية.
وأشارت إلى أن حصة الإسكندرية الشهرية تبلغ نحو 1000 شيكارة، موزعة بين 400 ألف شيكارة نترات، و600 ألف يوريا، يتم صرفها على موسمين صيفى وشتوى لضمان عدالة التوزيع، مؤكدة أن سعر الشيكارة المدعمة يصل إلى 264 جنيهًا لليوريا، و259 للنترات بعد الزيادة الأخيرة.
كما أوضحت أن الجمعيات الزراعية – وعددها 15 جمعية بالمحافظة – توفر مستلزمات الإنتاج الأخرى كالمبيدات والتقاوى والفوسفات، لكنها تُصرف بأسعار السوق دون دعم.
وفى محافظة المنوفية سادت حالة من الاستياء بين المزارعين، بسبب نقص الأسمدة فى الجمعيات الزراعية وجهات الصرف الأخرى، وتأخر صرف الكميات التى يحتاجونها، لاستكمال زراعة محاصيلهم الصيفية.
وأكد المتضررون أن التأخير فى صرف الأسمدة المدعومة يدفعهم إلى اللجوء للسوق السوداء، التى يصل فيها الأسعار 3 أضعاف قيمتها فى الجمعيات الزراعية وجهات الصرف المعتمدة من الدولة، مع تأكيدهم على وجود نقص حاد فى الأسمدة الزراعية بالجمعيات الزراعية، وإرتفاع الاسعار فى السوق السوداء.
وأعرب المزارعون عن استيائهم من عدم استجابة مسئولى وزارة الزراعة لاستفساراتهم وشكواهم المتعلقة بهذه الأزمة، مؤكدين ارتفاع أسعار الأسمدة فى الأسواق، ليصل سعر شيكارة اليوريا إلى 1500 جنيه مقابل 264 فى الجمعيات التعاونية كسعر مدعم من جانب الدولة، مشيرين إلى أن الحصة التى يحصلون عليها من الجمعيات غير كافية لتسميد المحاصيل وبالتالى يلجأون إلى السوق الحرة لاستكمال التسميد بأسعار غير مسبوقة.
ويقول عبدالحميد الشهالى، أحد المزارعين بالمنوفية، إن الارتفاع الكبير فى أسعار الأسمدة يمثل تحديا كبيرا لهم لاستكمال تسميد أراضيهم، وبالتالى ينعكس بالسلب على جودة المحصول، خاصة أن المزارع يحصل على 3 شكائر كل موسم سواء صيفى أو شتوى على أن تستكمل باقى الحصة بعد دراسة وحصر ومعاينات، وبالتالى هذه الكمية لا تفى بالمطلوب ما يضطرهم إلى استكمال الأسمدة من السوق الحرة بأسعار مرتفعة. وأوضحوا أن سعر شيكارة سماد اليوريا فى السوق الحرة 1500 جنيه، وسعر شيكارة النترات 1200 جنيه.
صرخة استغاثة أطلقها محمد شمس مزارع من قرية جزى مركز منوف بالمنوفية «يرضى مين إن شيكارة السماد سعرها الرسمى 265 جنيها، وبنشتريها من السوق السوداء بـ 1700 جنيه» لخص فيها معاناته فى الحصول على الأسمدة اللازمة لزراعة أرضه، مؤكدا وجود نقص حاد فى الأسمدة بالجمعيات الزراعية ولجوءه إلى السوق السوداء لسد احتياجاته ما يكبده خسائر كبيرة.
ومن جانبه، قال ناصر أبوطالب وكيل مديرية الزراعة بالمنوفية، إن صرف الأسمدة يتم فى حدود الكميات المتاحة التى يتم توريدها للمحافظة، وأن أعمال الصرف تتم أولا بأول فور وصولها من الشركات المنتجة، مشيرا إلى صرف الأسمدة الازوتية من الجمعيات الزراعية للمزارعين أصحاب الحيازات المربوطين عليها، بأسعار محددة رسميًا ولا تقارن وفقا لأسعار السوق الحرة، لافتًا إلى أن هذه الأسعار المدعمة لا تمثل شيئًا مقارنة بأسعار السوق الحرة.
وفى البحيرة، سادت حالة من الغضب بين المزارعين، بسبب نقص الأسمدة المدعمة، وعدم كفايتها لاحتياجات الزراعات، خاصة زراعات البطاطس والفاصوليا والذرة، ما يضطر المزارعين إلى شراء الأسمدة من تجار القطاع الخاص بأسعار مضاعفة، على نحو يؤدى إلى ارتفاع التكاليف وخسارة الفلاحين فى النهاية.
يقول حسن عبدالرازق–مزرع- ويقيم مركز حوش عيسى، إن الجمعية الزراعية تصرف نصف الكميات التى نحتاجها من الأسمدة، وبالتالى نلجأ لشراء باقى الكميات من تجار القطاع الخاص بأسعار عالية تتعدى الألف جنيه للشيكارة الواحدة، ما يزيد من تكاليف الزراعة وبالتالى نتعرض إلى خسائر فادحة.
ويضيف شحاتة صالح – مزارع – أنه فى معظم مواسم الزراعة تتأخر الجمعيات الزراعية فى صرف الأسمدة المستحقة، إلى ما بعد انتهاء موسم الحصاد، وبالتالى فإن الكثير من المزارعين لا يصرفون الحصة المدعمة الخاصة بهم، والتى يتم توجيهها إلى البيع فى السوق السوداء، من قبل بعض الأشخاص القائمين على الصرف، لتحقيق أرباح بطريق غير شرعية.
ويقول خميس عبدالستار – مزارع – بكفر الدوار، أحيانا كثيرة يقوم بعض الأشخاص بالجمعيات الزراعية، بتدوين زراعات محاصيل محددة فى السجلات، والتى يصرف لها كميات كبيرة من الأسمدة، وهو مخالف للحقيقة تماما، دون علم المزارعين، ومع حلول مواعيد صرف الأسمدة، يتم تسليم المزارعين كميات أقل من المدونة فى السجلات، وبالتالى يتم بيع الكميات الباقية فى السوق السوداء مطالبا بتشكيل لجان للمرور على الحقول ومتابعة لمحاصيل على الطبيعة، ومقرنتها بما تم تسجيلة فى الأوراق الرسمية، ومحاسبة المتلاعبين.
أما فى محافظة الدقهلية، فيؤكد المزارعون أن التأخير فى صرف الأسمدة المدعومة يدفعهم إلى اللجوء للسوق السوداء، التى يصل فيها الأسعار 4 أضعاف، أكد السيد المندراوى مهندس زراعى أن الأسمدة النيتروجينية لا غنى عنها للزراعة، ومشكلتها أنها غير موجودة فى التربة الزراعية يجب إضافتها خارجيًا مع كل زرعة، وفى توقيتات محددة.
وأضاف أنه إذا مر موعد احتياج النبات لها، فلن يجدى إضافتها بعد ذلك، وكان الفلاح قديما يضيف الأسمدة العضوية لمخلفات المواشى والطيور الغنية بالنتروجين قبل الزراعة، وكان عيبها أنها بطيئة التحلل، ومحتواها قليل من النتروجين، العنصر الغذائى الأهم للنبات فهو جسم النبات واللون الأخضر والمحصول. ويمكن وصفها بأحد الحلول الاستراتيجية المهمة، التى تيتح بديلا آمنا وصحيا، علاوة على ما لها من نتائج إيجابية على مضاعفة الإنتاج وتحسين جودته.
ويقول محمد سامى–مزارع–إن الجمعية الزراعية التى يتبعها لم تصرف أسمدة للمزارعين منذ أشهر عديدة، ما اضطره للشراء من السوق الحر بأسعار تفوق قدرات المزارعين، وتقليل الكميات التى يفترض توفيرها للفدان الواحد.
وأوضح إبراهيم الساعى–مزارع–أن قدرات الفلاح لم تعد تتحمل أى أعباء إضافية فهو يعانى من نقص كميات الأسمدة ويقوم بشراء الأسمدة من السوق السوداء كما يعانى من زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج.