نائب: ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفوضى والانهيار
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
قال النائب محمود البرعي، عضو مجلس النواب إن ثورة 30 يونيو، أنقذت مصر من محاولات الدفع بها نحو الفوضى والانهيار، على يد قوى الشر التى أرادت النيل من وطننا الغالي.
وأكد البرعي، في تصريحات له، أن ثورة 30 يونيو سطرت تاريخ جديد وتأسيس لجمهورية جديدة تحمل آمال وطموحات هذا الشعب، بما يليق بمكانة وقيمة وتاريخ مصر إقليميا وعربيا ودوليا وإفريقيا.
وأشار إلى أن 30 يونيو أثمرت عن بناء مصر الحديثة، ووضعت استراتيجيات لإعادة بناء الحاضر والمستقبل، وفي مقدمتها بناء الإنسان وتوفير سبل الحياة الكريمة والتنمية المحلية المستدامة وتشجيع الاستثمار فى محافظات الجمهورية، والتطوير الشامل للريف المصري.
ووجه البرعي، التهنئة للشعب المصري ومؤسساته الوطنية والرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة حلول ذكرى تلك الثورة المجيدة، والتحية لشهداء مصر الأبرار من أبناء الشعب في القوات المسلحة والشرطة الذين حموا تلك الثورة بدمائهم وتصدوا بصدورهم لموجة إرهابٍ كانت الأعتى والأشرس في تاريخ مصر وقدموا أرواحهم فداء للوطن، مؤكدا ثقته في أن مصر ستعبر كل الأزمات الدولية الراهنة بانعكاساتها المحلية وستواصل بلا توقف مسيرتها نحو بناء الدولة المتقدمة والوطن الآمن والعمل من أجل دفع عجلة التنمية الشاملة في مختلف المجالات.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: 30 يونيو ثورة 30 يونيو
إقرأ أيضاً:
خديعة الفوضى الخلاقة
د. صالح بن ناصر القاسمي
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، يميل بفطرته إلى التواصل والتعاون مع من حوله، وهذه خصيصة إلهية أودعها الله سبحانه في خلقه لتتكامل بها الحياة وتستقيم شؤونها، فالتعارف والتعاون والعيش المشترك ليست مجرد حاجات بشرية؛ بل هي جزء من الخليقة والغاية الكبرى التي خُلق الإنسان لأجلها. وقد جاء ذلك جليًا في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة: 30).
فالاستخلاف يعني عمارة الأرض، وهذه العمارة لا تتم إلا في ظل مجتمع منظم، تسوده قيم التعاون والتكامل. ولا شكّ أن تحقيق هذا الهدف السامي يحتاج إلى وجود نظام متكامل، ومنهج حياة واضح يُمكّن الإنسان من ممارسة نشاطه وتحقيق أهدافه وطموحاته في ظل استقرار مجتمعي يشعره بالأمان والاطمئنان. فكل نهضة بشرية في التاريخ بدأت من هذا الأساس؛ نظامٌ يحمي الإنسان، ومنظومة قيمية تهذب سلوكه، وإطار اجتماعي يوفّر له فرصة التطوّر.
ومع وجود ذلك النظام المتكامل، فإن التنوع البشري يُعدّ جوهر ذلك النظام وأداة توازنه، فقد جعل الله الاختلاف بين البشر مدخلًا للتكامل لا للتناحر، ومصدرًا للجمال لا للفوضى، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13).
والاختلاف البشري ليس نقطة ضعف؛ بل هو لوحة خلق محكمة تُظهر عظمة التنوع في الفكر والسلوك والعطاء؛ بما يخدم المجتمع في نهاية المطاف.
والمجتمع الإسلامي، عبر تاريخه الطويل، كان مجتمعًا منظمًا تحكمه قيم وأعراف وتقاليد أصيلة تميّزه عن غيره من المجتمعات. فهو مجتمع مبني على الرحمة والتكافل والعدل، مجتمع قوي ليس بقوة السلاح والعتاد فحسب؛ بل بقوة الروابط الإنسانية التي تشكل أساس بنيته. هذه القيم انغرست في النفوس عبر القرون، وأصبحت جزءًا من الشخصية الإسلامية التي تحفظ التوازن بين الدين والدنيا، بين الروح والمادة، وبين الفرد والجماعة.
لكننا اليوم، ومع التطور السريع الذي اجتاح العالم، بدأت بوادر التغيير تظهر على ذلك النظام الذي كان يسود مجتمعاتنا الإسلامية. حيث تغيرت الذائقة، وتبدل السلوك، وظهرت تقليعات دخيلة لم تنشأ من رحم قيمنا؛ بل جاءت على هيئة موجات عابرة للثقافات، تغزو العقول قبل الأماكن، وتستهدف منظومة الأخلاق تحت شعارات برّاقة ظاهرها الحرية والانفتاح وباطنها هدمٌ للقيم وتشويه للثوابت.
لقد بدأت تتسلل إلينا نماذج من التقليد الأعمى، ترفع شعارات مسمومة ليس الهدف منها التطور؛ بل التذويب التدريجي لهويتنا. وهذه ليست ظواهر عفوية؛ بل هي نتيجة منهجيات فكرية وإعلامية عابرة للحدود، تستهدف المجتمعات الإسلامية عبر تغيير الأولويات ونشر قيم دخيلة تهدف لفصل الإنسان المسلم عن جذوره. ولذا ركزت تلك التيارات على الناشئة، الذين يُنظر إليهم باعتبارهم صفحة بيضاء يسهل التأثير عليها وتشكيل عقولهم بعيدًا عن القيم الأصيلة التي نشأ عليها آباؤهم.
إنَّ بث الفوضى في القيم والأخلاق والأعراف أصبح مشروعًا منظمًا لدى بعض الجهات الفكرية العالمية، التي تدرك جيدًا أن المجتمع إذا اهتزت قيمه من الداخل، سقط بدون حرب وبدون قوة. وما يسمونه اليوم بـ"الفوضى الخلّاقة" ليس إلا مصطلحًا مُنمَّقًا يُراد به التضليل، فهو ليس خَلْقًا ولا بِناءً؛ بل هدمٌ تحت غطاء التغيير.
تأتي هذه الفوضى على هيئة دعوات للتحرر من كل قديم، لكنها في الحقيقة ليست دعوة للتطور، وإنما محاولة لإحلال قيم الرذيلة مكان الفضيلة، وتشويه الهوية الفكرية والأخلاقية للمجتمعات المسلمة.
والفوضى، بأي شكل جاءت، لا يمكن أن تكون إيجابية؛ فهي فوضى سيئة مهما تم تزيينها، لأنها تقوم أساسًا على زعزعة القيم الموروثة وإثارة الشكوك حول الثوابت. وقد ظهرت آثار هذه الفوضى في عدة مظاهر: التشكيك في الدين، التقليل من العلماء، الهجوم على الرموز التاريخية، وإضعاف مكانة القيم الأخلاقية. فلم نكن نسمع سابقًا من يتجرأ على العلماء أو المجتهدين، بينما اليوم أصبحت هذه الأصوات عالية وحاضرة في المنصات الرقمية، تحاول بثّ التمرد وخلخلة المرجعيات الدينية والثقافية.
ومع ذلك، فنحن لا ندعو إلى إغلاق الباب أمام الأفكار الجديدة، فالمجتمع المتوازن يستفيد من كل فكر بنّاء يسهم في تقدمه. غير أن الفرق كبير بين الفكر البنّاء وبين ما يُروّج له من أفكار منحرفة كالإلحاد والمثلية والتفسخ الأخلاقي والابتذال العام. مثل هذه الأفكار ليست تطورًا؛ بل هي مساس مباشر بالحياء والقيم الأساسية التي تحفظ المجتمعات.
وقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم هذا الواقع حين قال في الحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع..."، وهو تحذير واضح من الوقوع في فخ التقليد الأعمى الذي يحاول إلغاء خصوصية الأمة وذوبانها في غيرها بلا وعي أو بصيرة.
ومصطلح "الفوضى الخلاقة" ليس إلا نسخة مطورة من مصطلح قديم استخدم أثناء الاستعمار تحت شعار "جئنا لنعمر بلادكم". فهم آنذاك زينوا غزوهم بعبارات براقة، بينما كان هدفهم الحقيقي السيطرة على الثروات والعقول. واليوم يُعاد المشهد نفسه، لكن بأدوات فكرية ونفسية وإعلامية أكثر تأثيرًا.
وفي الختام، لا توجد فوضى خلاقة؛ فالفوضى لا تُنتج إلّا دمارًا وخرابًا وزعزعة للقيم والهوية. وعلى الدول والمجتمعات أن تكون أكثر وعيًا بمكائد أعدائها، وأن تبني حصانة فكرية لأبنائها، وأن تهتم بالتربية الواعية التي تُنشئ جيلًا قادرًا على التمييز بين التجديد البنّاء والفوضى المقنعة. فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين".