لا يختلف إسرائيليان على أن الحرب ضد حزب الله في لبنان ستُلحق خسائر فادحة بالمستوطنين، سيكون الأمر صعبا بالنسبة لدولة الاحتلال بأسرها، لكنهم في الوقت ذاته يزعمون أنه في بيروت سيكون الأمر أكثر صعوبة مائة مرة، مع العلم أن أحد الأسئلة الثقيلة التي رافقت الحملة العسكرية في الشمال تم الإجابة عنها، بمعنى أنه إذا اندلعت حرب واسعة النطاق ضد الحزب ماذا ستفعل إيران.



يوسي يهوشاع الخبير العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكر أن "التخوفات اللبنانية من أن الهجوم الإسرائيلي سيكون بداية حرب إبادة، قد تكون احتمالات تحققها جدية، لكنه بالقدر نفسه يحتمل أن يكون الاحتلال قد تمكن أخيرا من تحريك شيء ما في ساحة الحرب النفسية، أو أن الرسالة التي نقلها للغرب، عن جدية نواياه لقيت قبولا في بيروت وطهران، ما دفع أصواتا قريبة من الحزب للقول صراحة إنها لا تريد حربا شاملة، وتعمل بكل السبل لمنعها، بما في ذلك تصعيد الخطاب السياسي، وتشديد التحذيرات العملياتية، لأن للحرب الكبرى أثمان باهظة".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "هذه الأصوات تعكس الضغط الممارس على لبنان، وينبع من فهم العديد من أطرافه أن الحرب ضد الاحتلال ستكلفهم ثمنا باهظا أكبر بكثير مما يحدث الآن، واليوم فقد دمّر جيش الاحتلال القرى الجنوبية، ولا أحد في بيروت يهتم لهم، ومع ذلك فلن يكون هذا هو الحال في الحرب الكبرى، فلن يكون أمام الاحتلال من خيار سوى الرد بكامل قوته في العاصمة، وتدمير مرافق البنية التحتية، مع أنه سيكون هناك ضرر غير مسبوق في العمق الإسرائيلي".


وأشار إلى أن "المحادثات مع المختصين في سلاح الجو وقيادة الجبهة الداخلية وهيئة الأركان العامة تثير معطيات متضاربة مع السيناريوهات المقدمة في الآونة الأخيرة عن حرب محتملة مع لبنان، سيكون الأمر صعبا، ولكن في بيروت سيكون أصعب مائة مرة، هكذا يقول الجيش الإسرائيلي، مذكرا بأن اللبنانيين لا يملكون قدرة هجومية ثقيلة ودقيقة، أما الجيش الإسرائيلي، فلديه أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدماً في العالم كالقبة الحديدية والعصا السحرية والسهم"، حسب زعم الكاتب الإسرائيلي.

ونقل المقال عن جنرال كبير في هيئة الأركان، قوله إن "إسرائيل أخطأت لأنها منذ اللحظة الأولى لم تتقاضَ ثمنا من لبنان كدولة، وركزت فقط على حزب الله، وبشكل محدود أيضا، حتى لا تتدهور الدولة إلى حملة شاملة، زاعما أنه كان لابد أن تكون دولة لبنان في المعادلة منذ اللحظة الأولى، وقد أخطأنا في عدم إدراجها في الحملة، حتى لو كانت هناك هجمات خفيفة ضد مصالحها الحيوية، فقد كان يعني ذلك ممارسة ضغوط دولية وداخلية، وكان يمكن أن يكون عاملا مقيدا لاستمرار الحملة".

وأضاف أنه "لا يوجد بطبيعة الحال إجماع حول هذه القضية في هيئة الأركان العامة، حيث يعتقد جنرالات آخرون أن مثل هذا التحرك كان سيؤدي لحرب واسعة النطاق، وتعزيز الحزب باعتباره مدافعا عن لبنان، والإضرار بالجهد الرئيسي ضد حماس في غزة، وهو ما أكده قائد القوات الجوية تومار بار بقوله إن الدفاع القوي هو الشرط، ومهاجمة العدو في أراضيه هو الحل الكامل".

وأوضح أنه "في هذه اللحظات، وقبل الانتقال للمرحلة الثالثة في غزة، يتأكد الاحتلال أنه يتجه للجبهة الشمالية، رغم حديث وزير الحرب يوآف غالانت مع الأمريكيين عن تفضيله للبديل السياسي عن الحرب في الشمال، لأن حدة القتال في غزة ستنخفض، وحينها ستكون فرصة للتوصل لوقف إطلاق النار في الشمال، وإجراء مناقشات حول ترتيبات القرار 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية قبل 18 عاما".


وزعم أنه "في هذه الأثناء، يقدر كبار الضباط في الجيش أن الحزب نفسه يدرك أنه فقد ميزة المفاجأة النسبية، بعد إخلاء المستوطنات على الحدود، وزيادة الوعي في المجتمع الإسرائيلي بأهمية المفاجأة، وفي الوقت نفسه يقولون إنه يعرف كيف يضاعف قوته بسرعة أكبر بكثير من الصناعات الدفاعية الإسرائيلية".

من جهتها، أكدت سمدار بيري خبيرة الشؤون العربية، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21"، أن "حرب الشمال لا يريدها أحد، والرسالة الأمريكية القوية ضد الحرب نقلت من الإدارة في واشنطن ليس إلى غالانت فقط، بل إن حزب الله تلقى رسالة مماثلة تقريبا، صحيح أن الجيش سيكون قادراً على إعادة لبنان للعصر الحجري، لكن حربا واسعة النطاق ضد الحزب، على حساب الدولة اللبنانية، لن تكون مفيدة، ولن تعمل لصالح دولة الاحتلال".

تُغفل القراءات الإسرائيلية عند وضع تقديراتها الخاصة بحرب محتملة في الشمال ما يمر به مجتمع الاحتلال من مناوشات يومية لا يجب الاستهانة بها، لأنه تقضم من مسألة الشرعية الداخلية مثل قضية الاحتياط والتجنيد التي تهز المجتمع الإسرائيلي، فضلا عن استمرار معاناته من إخفاقات السابع من أكتوبر مع حماس في غزة، ما يزيد من تزعزع الثقة في أوساط الجبهة الداخلية، وكلها تطورات معقدة وحقيقية، قد تُسفر عن وقوع صانع القرار الإسرائيلي في سوء تقدير موقف، من خلال حدث يخرج عن نطاق السيطرة، وبالتالي يصبح الصيف الأكثر سخونة في الشرق الأوسط.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية حزب الله لبنان الاحتلال غزة لبنان غزة حزب الله الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشمال فی بیروت فی غزة

إقرأ أيضاً:

رصاصة من الداخل| شجار دامٍ يكشف تصدعات في صفوف جيش الاحتلال بغزة.. ماذا حدث؟

في خضمّ العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة، تتكشّف جوانب داخلية من الصراع لا تقلّ خطورة عن المواجهات مع المقاومة الفلسطينية، إذ بدأت علامات التوتر والانهيار تتسلل إلى وحدات الجيش الإسرائيلي نفسها، ما يعكس أزمات نفسية وتنظيمية متصاعدة في صفوف الجنود.

وشهدت الساعات الماضية حادثة شجار عنيف أسفرت عن إصابة خطيرة لجندي من لواء "ناحال"، ولم يكن الحادث مجرد واقعة فردية، بل انعكاسٌا لتصدعات أعمق داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، في وقتٍ تتكبد فيه خسائر فادحة وتواجه عجزًا في تحقيق أهدافها الميدانية.

شجار في صفوف الجيش الإسرائيلي

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد 25 مايو 2025، عن إصابة أحد جنود لواء "ناحال" بجروح خطيرة نتيجة شجار داخلي وقع مساء السبت شمالي قطاع غزة، وذلك أثناء تنفيذ مهمة عسكرية ميدانية في منطقة القتال.

وبحسب البيان الرسمي، فإن الجندي المصاب تلقى إسعافات أولية ميدانية عاجلة قبل أن يُنقل على وجه السرعة إلى المستشفى، في حين تم إبلاغ عائلته بتفاصيل الحادث، أما الجندي المعتدي، فقد تم توقيفه مؤقتًا بانتظار نتائج التحقيق الذي بادرت إليه الشرطة العسكرية الإسرائيلية، التي تعهدت بإحالته إلى النيابة العسكرية لتحديد طبيعة التهم المحتملة، سواء كانت جنائية أو تأديبية.

انعكاسات الحادث على صورة الجيش

ورغم وصف القيادة العسكرية للحادثة بأنها "استثنائية"، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، بل تأتي في سياق سلسلة من المؤشرات التي تدل على تدهور الحالة النفسية والانضباطية داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، وخاصة تلك المنتشرة في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.

ويُعدّ لواء "ناحال" من أبرز ألوية النخبة في سلاح المشاة الإسرائيلي، وقد كُلّف خلال الأسابيع الماضية بعمليات ميدانية شاقة شمالي غزة، بما فيها التوغلات المتكررة واستهداف مواقع تزعم إسرائيل أنها تابعة لحركة "حماس". وقد سبّبت هذه المهام الإرهاق الشديد للعناصر الميدانية، وسط بيئة قتالية معقّدة ومشحونة، بالإضافة إلى تصاعد حجم الخسائر البشرية والمادية.

تحذيرات وتحليلات عسكرية

ويرى محللون عسكريون إسرائيليون، أن الشجار الأخير بين عناصر "ناحال"، لا يمكن فصله عن الضغوط المتراكمة التي تواجهها وحدات الجيش في القطاع، ومن أبرزها:
•    الإرهاق الميداني الناتج عن طول أمد العمليات العسكرية دون تحقيق نتائج ملموسة.
•    الأوضاع النفسية المتدهورة بسبب مشاهد الدمار والخسائر.
•    ضعف الانضباط في بعض الوحدات، خاصة بين المجندين الجدد أو غير المتحمّسين لاستمرار القتال.
•    توتر العلاقة بين القيادة الميدانية والعسكرية العليا، في ظلّ غياب استراتيجية خروج واضحة من الحرب.

وحذّرت تقارير أمنية داخلية من أن مثل هذه الحوادث، وإن بدت معزولة، تُظهر هشاشة الجبهة الداخلية للمؤسسة العسكرية، وتزيد من صعوبة الحفاظ على تماسك القوات في بيئة حرب طويلة الأمد.

سياق أوسع من التمرد الصامت والرفض المتزايد

ويأتي هذا الحادث في ظلّ تقارير متواترة عن "رفض الخدمة" و"التمرد الصامت" داخل الجيش، لا سيما بين جنود الاحتياط، وبعض الوحدات المتقدمة في القتال.

كما أشارت مصادر عسكرية وإعلامية إلى وجود أزمة ثقة متفاقمة بين الجيش والحكومة الإسرائيلية، على خلفية الخلافات حول جدوى استمرار العمليات في غزة، وفشل المبادرات السياسية والعسكرية في التوصل إلى حلول دائمة.

وبينما تنتظر القيادة العسكرية نتائج التحقيق الرسمي في الحادث، يبقى الأكيد أن ما جرى بين جنود لواء "ناحال" ليس حادثًا معزولًا، بل دلالة على تصدّع داخلي يتطلب معالجة أعمق بكثير من محاسبة فردية.

ففي الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل مقاومة شرسة على الأرض، فإن أي ضعف أو انقسام داخلي يُهدد بانفجار غير متوقع في صفوف قواتها، وهو ما قد يُفاقم من مأزقها العسكري والسياسي في غزة.

طباعة شارك قطاع غزة المقاومة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي لواء ناحال التمرد الصامت

مقالات مشابهة

  • أزمة نفسية في صفوف الجنود الإسرائيليين.. 66 ألف استغاثة وانتشار شعور ذنب الناجين
  • الجيش يداهم في الشمال وإصابة مواطن خلال العمليات
  • الاحتلال يسجن ضابطا قاتل 270 يوما في غزة ورفض العودة إلى الحرب
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: حرب غزة ليست أبدية وسنختصرها.. والحوثيون يطلقون صواريخ إسناد
  • لبنان بين رحيل نصرالله وترتيبات ما بعد الحرب: من يمسك اليد الأولى؟
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعيد انتشار قواته على الحدود مع لبنان
  • رصاصة من الداخل| شجار دامٍ يكشف تصدعات في صفوف جيش الاحتلال بغزة.. ماذا حدث؟
  • بعد الإرتفاع... الحرارة ستنخفض بشكلٍ لافت هكذا سيكون طقس بداية الأسبوع
  • السجن 20 يوماً لضابط إسرائيلي لرفضه الخدمة بسبب استمرار الحرب في غزة
  • تعيينات على أنقاض الهزيمة.. من يحكم الشاباك الإسرائيلي في زمن الانكسار؟