حظر تلغرام في العراق.. انتقادات وردود فعل والتطبيق لا يزال يعمل
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
حظرت الحكومة العراقية، اعتبارا من الأحد، تطبيق تلغرام في البلاد مما منع ملايين المستخدمين من تشغيل التطبيق الذي اكتسب شعبية متزايدة بين العراقيين خلال الأعوام الماضية.
وفيما بررت الحكومة القرار بـ"مخاوف تتعلق بالأمن الوطني" والرغبة في "الحفاظ على سلامة البيانات الشخصية لمستخدمي التطبيق في البلاد"، قال خبراء أمن معلومات وصحفيون عراقيون إن التطبيق الذي يلعب دورا مهما في بيئة الاتصالات في البلاد، بدأ يسبب "صداعا حقيقيا" لأجهزة الأمن العراقية بسبب كمية البيانات التي تتسرب عبره.
لم يكن تطبيق تلغرام دائما "حسن السمعة" بالنسبة للعراقيين، كما يقول المهندس وخبير أمن المعلومات محمد المعموري لموقع "الحرة".
يشير المعموري إلى حوادث تكررت قبل أعوام لعمليات اختراق جماعية لمستخدمي تلغرام، ومن ثم ابتزازهم بصور ذات طبيعة حميمية أو شخصية من أجل الحصول على مقابل مادي، تحت ضغط التهديد بالنشر.
ويقول المعموري إن شعبية تطبيق تلغرام، والإحساس بالأمن الذي يوفره للمستخدمين جعل كثيرا من النساء يستخدمنه لتبادل صور خاصة مع صديقاتهن أو مع أحبائهن، خاصة أن البرنامج يمنح خاصية حذف الصور من الدردشة.
وبطريق الخداع، يحمل المخترق ضحيته على إرسال رموز المرور مما يمنحه السيطرة على حسابها وعلى الصور بداخله، ومن ثم يبدأ التهديد والابتزاز، وفقا للمعموري.
وفي مايو من هذا العام أعلن مركز الإعلام الرقمي العراقي حذف تطبيق تلغرام لنحو 40 قناة و"بوت" تستخدم لابتزاز النساء في العراق.
لكن إدارة التطبيق لم تستجب، وفقا لبيان وزارة الاتصالات العراقية، لطلبات مماثلة لحذف قنوات تقوم بنشر بيانات حساسة.
واطلع موقع "الحرة" خلال الأشهر الماضية على بعض تلك القنوات، حيث وزع بعضها بيانات أمنية تضمن بعضها أسماء ضباط وزارة الداخلية أو أسماء ضباط المخابرات، مع معلومات تعريفية مثل رقمهم العسكري أو حتى عناوين بعضهم.
ووزعت قنوات أخرى بيانات يبدو أنها مسربة من خوادم الأمن الوطني العراقي تحوي أسماء عناصر في تنظيم داعش، وأخرى لأسماء منتسبي الحشد الشعبي.
ويقول المعموري إنه تأكد من دقة بعض البيانات بنفسه، فيما لم يتسن لموقع "الحرة" التأكد من دقة باقي البيانات.
ويضيف المعموري أن تسرب هذه البيانات يمكن أن يسبب خطرا أمنيا حقيقيا على الضباط وغيرهم، مستدركا بالقول إن "الجانب الثاني من المخاوف التي ذكرها بيان وزارة الاتصالات، والمتعلق بأمن معلومات المستخدمين للتطبيق لا يبدو واقعيا، لأن تلغرام من أكثر المواقع التي يمكن للمستخدم الوثوق بأمنها – في حال اتبع الطرق التكنولوجية الآمنة".
وأشارت وزارة الاتصالات في بيانها إلى أنها "طلبت مرارا من الشركة المعنية بإدارة التطبيق المذكور التعاون في غلق المنصات التي تتسبب في تسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسمية والبيانات الشخصية للمواطنين، ممّا يشكل خطرا على الأمن القومي العراقي والسلم المجتمعي، إلا أن الشركة لم تستجب ولم تتفاعل مع أي من تلك الطلبات".
وامتنع موقع تلغرام من التعليق لرويترز بشأن الحظر، بحسب الوكالة.
الحظر يسبب ضجةوأصبح حظر تلغرام بسرعة أحد أكثر المواضيع المتداولة في مواقع التواصل العراقية.
يقول الصحفي العراقي أحمد السهيل إن هذا يرجع إلى أن التطبيق يعتبر نافذة مهمة للحصول على الأخبار في البلاد، حيث تمتلك أغلب المؤسسات الصحفية، ومنها وكالة الأنباء العراقية الرسمية، قناة تلغرام تقوم من خلالها بنشر تحديثات الأنباء.
لكن هذا ليس كل شيء، وفقا للسهيل الذي يضيف لموقع "الحرة" أن تلغرام أصبح أيضا أداة مهمة للدعاية الحزبية والإيديولوجية للجهات المتصارعة في البلاد.
ويشير السهيل إلى "الضجة الكبيرة التي أثارها المؤيدون للجماعات الشيعية المسلحة" بعد الحظر، و"الانتقادات النادرة التي أصدروها لحكومة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية" بعد توقف قنواتهم عن العمل.
ويؤكد السهيل أن تلك القنوات كانت تمنح تلك القوى كثيرا من النفوذ.
وطالب رئيس ائتلاف القانون، نوري المالكي، الحكومة بأن تفرق بين "القنوات الداعمة للدولة" وتلك التي "تحرض على الكراهية والعنف والتعدي على خصوصية الاخرين" خلال حظرها للتطبيق.
العراق بلد ديمقراطي يؤمن بحرية الإعلام والتعبير، ويعدّ ذلك حقا أساسيا، لكنه ليس مطلقا.
لذلك، فإن قرار حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي لدواع أمنية يجب أن يفرق بين المنصات الداعمة للدولة والحكومة وتلك التي تحرض على الكراهية والعنف والتعدي على خصوصية الاخرين. #المالكي
كما انتقد نواب عراقيون من كتلة الإطار الشيعي الحاكم قرار الحظر.
ما الذي بقي للدفاع عن وطنكم وعقيدتكم غير منصات الجهاد المؤثرة على "التيليغرام" حتى تغلقوه؟.
إذا تم اختراق بقية تطبيقات ووسائط التواصل الإجتماعي فهل ستغلقونها جميعا؟
ونشرت مجموعة تسمى "فاطميون" على موقع إكس الذي كان يعرف سابقا بتويتر لقطات شاشة تشير إلى أن المجموعة "هاجمت خوادم وزارة الاتصالات" ردا على الحظر.
????عاجل
هجمات سيبرانية معاكسة بين فريق فاطميون وسيبرانين هيئة الاعلام والاتصالات والموقع يتوقف ويعاد تشغيله للمرة الخامسة
هيئة الاعلام والاتصالات بعد ان عجزت تطفئ السيرفرات وتعيد التشغيل لتفادي الهجوم المستمر ولا زال الموقع بين الفصل والتشغيل #وزارة_الاتصالات #تلغرام pic.twitter.com/tuhpQBwOP6
وتنشر المجموعة أنباء مؤيدة للجماعات الشيعية المسلحة بشكل دائم، لكنها لا تعلن عن ولائها أو الجهة التي تديرها.
كما تبنت المجموعة هجمات إليكترونية على مواقع شبكة الإعلام العراقي الرسمية وقالت إنها أخرجتها من الخدمة.
????هجوم سيبراني يطال موقع شبكة الإعلام العراقي
حجب الخدمة عن موقع شبكة الإعلام العراقي اثناء بثها المباشر على الموقع
والله لن نسكت#فريق_فاطميون_الألكتروني#وزارة_الاتصالات#telegram pic.twitter.com/BBhlBzJjc8
وقالت المجموعة إنها تقوم بهذه الهجمات "دعما لقنوات محور المقاومة". مع هذا، تبدو مواقع الوزارة الإليكترونية ومواقع شبكة الإعلام العراقي عاملة، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
هل توقف تلغرام فعلا في العراقأبلغ العديد من مستخدمي التطبيق عن توقف الخدمة في هواتفهم النقالة أو كومبيوتراتهم، لكن قنوات التلغرام لا تزال مستمرة بالنشر بشكل طبيعي كما يبدو.
ويقول المهندس محمد المعموري إن التحايل على الحظر ممكن باستخدام تطبيقات VPN التي يمكنها فتح ثغرات تتعلق بمكان المستخدم، على الرغم من أنها تبطئ خدمة الإنترنت نسبيا.
وتتحدث أغلب قنوات التلغرام العراقية حاليا عن حظر التلغرام، من خلال منشورات على التلغرام نفسه، مما يشير إلى أنها لا تزال عاملة. بل أن بعض القنوات المعروفة تباهت بزيادة عدد متابعيها، بعد الحظر، ونشرت تلك القنوات توصيات باستخدام برامج VPN للتحايل على الحظر.
كما أن قنوات وزارات عراقية مثل وزارة الخارجية، وسياسيين مثل ائتلاف دولة القانون ونوري المالكي، لا تزال تعمل.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: شبکة الإعلام العراقی وزارة الاتصالات تطبیق تلغرام فی البلاد فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
شام كاش بين وعود الرقمنة ومعاناة الواقع.. هل خفف التطبيق الأعباء أم زادها؟
تحت ضغط التدهور الاقتصادي الذي يعيشه المواطن السوري، أطلقت وزارة المالية مبادرة جديدة لتحويل رواتب العاملين في القطاع العام إلى صيغة إلكترونية عبر تطبيق "شام كاش".
المبادرة، التي تُقدَّم بوصفها خطوة في اتجاه "التحول الرقمي" و"تعزيز الشفافية"، أثارت تباينا في ردود الأفعال بين من رأى فيها قفزة تقنية ضرورية، وبين من اعتبرها عبئا إضافيا على كاهل الموظف العادي.
التطبيق بين التسهيل والارتباكواعتبارا من مايو/أيار 2025، ألزمت وزارة المالية محاسبي الجهات العامة بتحويل الرواتب إلى حسابات مصرفية مرتبطة بتطبيق "شام كاش"، ما يعني أن آلاف الموظفين باتوا مطالبين باستخدام هذه المنصة لاستلام رواتبهم من مراكز الحوالات المتعاقدة، مثل "الهرم" و"الفؤاد"، أو استخدام الأرصدة للدفع الإلكتروني.
وقد بدأ بعضهم فعلا باستلام رواتبهم عبر التطبيق منذ أواخر أبريل/نيسان، في حين تمسك آخرون بالطريقة التقليدية بسبب أسباب فنية أو عدم تحميلهم التطبيق.
وتفاوتت ردود الفعل على التجربة بين ترحيب حذر وتحفظات صريحة. فقد رأى بعض الموظفين أن الخطوة من شأنها تقليل الضغط على الصرافات الآلية وتسهيل عملية الوصول إلى الراتب، بينما أبدى آخرون تخوفهم من اقتطاع عمولات أو الوقوع ضحية مشكلات تنظيمية أو ثغرات أمنية رقمية.
إعلانيقول مصطفى الأحمد، وهو موظف في مديرية التربية، إنه لا يزال مترددا في التعامل مع التطبيق بعد أن تلقى رسائل تحذيرية تفيد بمحاولات لاختراق الحسابات من جهات مجهولة. وأوضح، في حديثه لموقع "الجزيرة نت"، أنه يفضل الطريقة التقليدية لاستلام راتبه في ظل ما وصفه بـ"البيئة غير الجاهزة" لهذا النوع من الخدمات، مشيرا إلى أن غالبية المحال التجارية لا تزال تتعامل نقدا، بينما يقتصر الدفع الإلكتروني على بعض خدمات الإنترنت والكهرباء.
ويضيف الأحمد أن التطبيق توقف عن العمل 3 أيام متتالية نتيجة أعطال تقنية، ما تسبب في حرمان عدد من المستخدمين من سحب رواتبهم خلال تلك الفترة. وأشار إلى أن هناك من يودع في التطبيق مبالغ كبيرة تصل إلى آلاف الدولارات، ما يزيد من قلقهم حول مستقبل أموالهم وأمانها.
صعوبات تقنية وشهادات داعمةالتجربة لم تكن سهلة أيضا لمن واجهوا صعوبات تقنية، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف في خدمات الإنترنت وشبكات الاتصال، ما يؤثر على كفاءة التطبيق، خاصة في أوقات الذروة. مع ذلك، يعتبره آخرون خطوة نوعية نحو تطوير بنية الدفع الإلكتروني، ويرون فيه أداة لتشجيع المحال التجارية على تبني وسائل دفع غير نقدية.
من جهته، يرى أسامة عثمان، وهو صاحب شركة تجارية، أن التطبيق بات يحظى بثقة متزايدة، وأن الإقبال عليه في ازدياد، معتبرا أن الدفع الإلكتروني قد يتحول خلال أشهر قليلة إلى وسيلة الدفع المفضلة في سوريا. ويضيف أن التطبيق أصبح أكثر أمانا من السابق، ويوفر خدمات مثل التحويل بين المستخدمين من دون أي رسوم، كما يسمح بسحب الأموال من مكاتب الصرافة من دون تكاليف إضافية، إذا اختار المستلم الدفع نقدا.
ويُذكر أن "شام كاش" أُطلق في شمال سوريا قبل عدة أشهر، ويتيح للمستخدمين سداد فواتير الكهرباء والمياه والإنترنت، إضافة إلى الشراء من المطاعم والمتاجر، وتحويل الرواتب والأموال بين الأفراد، من دون فرض أجور على الحوالات المالية. والتطبيق مرتبط بـ"بنك شام"، وهو مؤسسة مالية مقرها إدلب كانت تُعرف سابقا باسم "شركة الوسيط للحوالات المالية"، ويُسمح للمستخدمين بمراجعة البنك في حال تعذر سحب الأموال أو حدوث مشاكل تقنية في التطبيق.
إعلان جهود تطوير وتحذيرات أمنيةمحمد اليوسف، أحد التقنيين العاملين ضمن فريق التطبيق، أوضح في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن العمل مستمر على تطوير ميزات الأمان وسهولة الاستخدام. وتم مؤخرا تحديث التصميم الداخلي للتطبيق، وإضافة شركتي "الهرم" و"الفؤاد" ضمن شبكة السحب، مع تفعيل خيارات أمان متقدمة كإغلاق التطبيق بالبصمة أو رقم سري، بالإضافة إلى ميزات جديدة مثل إخفاء الرصيد، وواجهات استخدام نهارية وليلة، وخيارات لغة متعددة تناسب المستخدمين من غير الناطقين بالعربية.
ويضيف اليوسف أن العمل جارٍ على تحسين الأداء التقني، لا سيما في المناطق التي تعاني من سوء خدمة الإنترنت، مشيرا إلى وجود خطط مستقبلية لتوسيع قاعدة المستخدمين من خلال زيادة عدد الشركاء التجاريين والخدمات المتاحة عبر المنصة.
لكن في المقابل، أطلق فريق الدعم التقني في التطبيق تحذيرات من محاولات احتيال متكررة، تتمثل في مجموعات وهمية تنتحل صفة "الدعم الفني" على وسائل التواصل الاجتماعي، وتستهدف المستخدمين -خصوصا النساء- بطلب معلومات حساسة مثل البريد الإلكتروني وكلمة المرور، بغرض اختراق الحسابات وابتزاز الضحايا بنشر محتويات خاصة. وشدد الفريق على أن الدعم الرسمي لا يطلب أية معلومات شخصية عبر وسائل التواصل، وأن الجهات التي تقوم بذلك تنتمي إلى شبكات احتيالية يجب الإبلاغ عنها.