علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية في السنة النبوية
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
السنة النبوية جاءت بمجموعة من التوجيهات التي تنظم التعامل بين الرجل والمرأة الأجنبية، وقد اتسمت تلك التوجيهات بالواقعية وموافقة الفطرة، فحرمت النظر إلى المرأة الأجنبية، ومصافحتها، والخلوة بها، والدخول عليها دون محرم، وذلك سدا لأبواب الفتنة المحققة، وقطعا للذرائع الموصلة إلى المحرم الأكبر وهو الزنا.
1.
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم»، فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: «اذهب فحج مع امرأتك».
وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء» فقال: رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحَمْو؟ قال: «الحَمْوُ الموت».
والمعنى: أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنْكَرَ عليه، بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد أخو الزوج وابن أخيه وعمه وابن عمه ونحوهم ممن ليس بمحرم لها، فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي.
2. تحريم النظر للمرأة الأجنبية:
في صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله، قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري».
وفي سنن الترمذي عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا عليُّ لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة».
بل منع النبي صلى الله عليه وسلم من توصيف المرأة الأجنبية للرجل كأنه ينظر إليها، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها».
ومعنى قوله: "لا تباشر المرأة المرأة" هو: مطلق الاطلاع على بدنها مما يجوز للمرأة أن تراه ولا يجوز أن يراه للرجل، ثم تصف ما اطلعت عليه لزوجها الذي يعتبر أجنبيا عن تلك المرأة الموصوفة.
3. تحريم مصافحة أو مس المرأة الأجنبية:
في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} [الممتحنة: 12] إلى قوله {غفور رحيم} [البقرة: 173]، قال عروة: قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد بايعتك» كلاما، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: «قد بايعتك على ذلك».
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُتِب على بن آدم نصيبه من الزنا مُدْرِكٌ ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها اللمس، والنفس تهوى وتحدث، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج».
والشاهد في الحديث هو قوله: «واليد زناها اللمس». قال النووي في شرحه على مسلم: معنى الحديث أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنى، فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام، والاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده، أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنى، أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك. انتهى.
ومن خلال هذه النماذج يتبين لنا أن السنة النبوية التي هي امتداد لتعاليم القرآن الكريم قد جعلت حدودا معلومة للتعامل بين الرجل والمرأة الأجنبية، فالأصل هو البعد عن كل ما يؤدي إلى الفتنة، وسدُّ الأبواب المفضية إليها، وعلى ذلك فرَّع الفقهاء كثيرا من الأحكام، فمنعوا كثيرا من المباحات عند عدم أمن الفتنة، كرد السلام على المرأة الأجنبية، والكلام معها، ولا شك أن ما وصل إليه الحال في بعض المجتمعات المسلمة من حصول الفتنة بين الرجال والنساء هو نتيجة لتجاوزهم تعاليم الإسلام فيما يتعلق بحدود العلاقة بين الرجل والمرأة، فربما بعضهم يكابر الفطرة، ويظن أنه محصن عن الفتنة، فوقعوا فيها وندموا بعد فوات الأوان، فلن يجد الناس أعدل ولا أقوم من أحكام الإسلام في كل أمورهم، ومنها أحكام العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، فهو سبحانه يعلم ما انطوت عليه نفوسهم، وما فيه صلاحهم وفسادهم، وبالتالي فإن أي أحد يكابر هذه التعاليم فسيقع في الفتنة لا محالة.
عن اسلام.ويبالمصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم بین الرجل والمرأة المرأة الأجنبیة
إقرأ أيضاً:
هل يجوز أن أصلي على النبي إذا سمعت اسمه فى صلاتي؟ الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل يجوز الصلاة والسلام على سيدنا النبي إذا سمعت اسمه أو وصفه في صلاتي أو قرأت آية فيها ذلك ؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أشرف القربات إلى الله تعالى ؛ إذ هي مما يفعله الله عز وجل بنفسه وكذا ملائكته والمؤمنون ، قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسْلِيمًا) [ سورة الأحزاب: 56].
وتابعت: ولذلك يستحب الصلاة والسلام على نبينا إذا سمعت اسمه أو وصفه في صلاتنا وكذا إذا قرأنا آية في الصلاة فيها ذكره صلى الله عليه وآله وسلم بالاسم أو بالوصف ، وسواء أكانت الصلاة فريضة أو نفلا ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم البخيل من ذكرت عِندَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى [رواه أحمد والترمذي] .
وأشارت إلى أن العموم يشمل الحال ، داخل الصلاة أو خارجها . وقد وردت آثار في ذلك عن بعض التابعين . ونقل ابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه (تحفة المحتاج) لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم تدب له الصلاة عليه. والظاهر أنه لا فرق بين أن يقرأ أو يسمع.
وبناء على ذلك فإنه فيجوز بل يستحب الصلاة والسلام على سيدنا محمد إذا سمعت اسمه أو وصفه داخل الصلاة أو خارجها ، وسواء ذكرنا نحن اسمه أو سمعناه من غيرنا .
هل الصلاة على النبي في الصلاة تبطلها
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أي وقت، بما في ذلك أثناء الصلاة، ولكن الأفضل والأولى ألا يشغل المسلم نفسه عن الصلاة المكتوبة بأي أمر آخر.
وأوضح "فخر " في إجابته عن سؤال : هل الصلاة على النبي في الصلاة تبطلها ؟ وما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء أداء الصلاة؟، أن من الأفضل أن نركز في صلاتنا على الأذكار التي وردت فيها، مثل الفاتحة والسورة.
وتابع: ولا يجب أن نضيف إليها صلوات أو أذكار قد تلهينا عن الخشوع في الصلاة، فبإمكاننا أن نذكر النبي صلى الله عليه وسلم وندعو له بالصلاة عليه في قلوبنا أثناء الصلاة، ولكن من الأفضل أن يكون ذلك بعد الانتهاء من الصلاة المكتوبة.
وأضاف أنه يمكن للمسلم أن يخصص وقتًا بعد الصلاة لصلاة الله وسلامه على النبي، وهذا سيكون أفضل وأولى، منوهًا بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله، ولكن من الأفضل أن يتم ذلك في الوقت الذي لا يشغل المسلم عن واجب الصلاة المكتوبة، حفاظًا على ترتيب الأذكار وحقوق الصلاة.
فضل الصلاة على النبي
1. الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات، وأعظم الطاعات.
2. الاجتماع على الذكر المشروع يعدُّ من قبيل التعاون على البر والتقوى.
3. نصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة.
4. ذِكر الله تعالى والصلاة على نبيه من العبادات المطلقة المشروعة وكذلك تجوز سرًّا وجهرًا فرادى وجماعات.
5. نُقل عن علماء الشرع الشريف ممَّن يعتدُّ بأقوالهم استحبابُ تخصيص يوم الجمعة وليلته بالإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.