المقاومة بالضفة تحيي سلاح القنص بوجه الاحتلال
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
نابلس- من مكانٍ ما أطلق مقاوم فلسطيني، بعد ظهر أمس الثلاثاء، رصاصة فأصابت هدفها بدقة في مستوطنة "هار براخا" (التي يعني اسمها جبل البركة) الواقعة على جانب من جبل جرزيم بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
لم تقتل الهدف، لكنها أحدثت ضجة وهلعا بين صفوف المستوطنين وجنود الاحتلال الذين سارعوا لاقتحام المدينة -لا سيما المنطقة الشرقية والجنوبية- بحثا عن المنفذ.
وأظهر مقطع فيديو نشره الاحتلال تجمع عشرات المستوطنين بمنطقة "مطلة يوسف"، حسبما يطلق عليها المستوطنون (تطل على قبر النبي يوسف بنابلس حسب ادعاءاتهم الدينية)، وفي أثناء ترديدهم التراتيل التوراتية هناك، سقط أحدهم أرضا بعدما صرخ متألما من شيء ما.
وانتشر الجنود بالمنطقة وهاجموا القرى والأحياء القريبة من المستوطنة بحثا عن "قناص نابلس"، على حد وصف الإعلام العبري، وأطلقوا النيران نحو منازل المواطنين القريبة، وأصابوا عددا منهم. ولم ينشر الاحتلال تفاصيل أكثر عن العملية، واكتفى بالقول إن ما جرى هو إطلاق نار من "مسافة طويلة".
"عيون الحرامية" وأخواتهاوأعادت عملية القنص إلى الأذهان مشاهد مشابهة من عمليات مماثلة -وإن تباعدت زمنيا- في الخليل ورام الله ونابلس، وأكدت تطور المقاومة الفلسطينية وتجاوبها السريع رفضا لإجراءات الاحتلال القمعية ضد الفلسطينيين بحجة حماية المستوطنين وزيادة أمنهم.
وشكلت عملية "عيون الحرامية" التي نفذها الأسير الفلسطيني ثائر كايد حمَّاد (44 عاما) من بلدة سلواد، في الثالث من مارس/آذار 2002، نقلة نوعية في شكل المقاومة آنذاك، إذ قتل قنصا -ببندقية من طراز "إم 1" (M1) أميركية الصنع ابتاعها من ماله الخاص- 11 جنديا إسرائيليا وجرح 9 آخرين.
ونُفذت العملية في منطقة عيون الحرامية قرب بلدة سلواد وعلى الشارع الرئيسي بين نابلس ورام الله، وطارد الاحتلال منفذها لأكثر من 30 شهرا واعتقله بتاريخ الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2004 وحكم عليه بالسجن المؤبد، وروى حمَّاد تفاصيل عمليته في رسالة بعثها من داخل معتقله.
وعام 2013 ذاع صيت "قناص الخليل"، وارتبط هذا الوصف بالشاب ناصر بدوي المنتمي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وشقيقه أكرم الذي ساعده في ذلك. وامتد عملهما على مدار 3 سنوات نفذا خلالها -ببندقية قنص قديمة وكاتم صوت صنعاهما بأنفسهما- عدة عمليات استهدفا بها جنود الاحتلال والمستوطنين قرب الحرم الإبراهيمي وفي مواقع أخرى بالمدينة.
واعتُقل ناصر مطلع يناير/كانون الثاني 2016، ولدرء الشبهة عن شقيقه، لجأ أكرم -بعد أيام- إلى تنفيذ عملية إطلاق بالآلية ذاتها وبواسطة بندقية "كارلو" المصنعة محليا، لكنه اعتُقل بعد أيام من اعتقال شقيقه ناصر.
لكن، مع ذلك، ظلت عملية قتل الجندي الإسرائيلي في لواء غفعاتي "كوبي جال" بعد قنصه في رقبته برصاصة قرب الحرم الإبراهيمي، في سبتمبر/أيلول 2013، تؤرق الاحتلال الذي لم يعتقل منفذها حتى الآن، وباعترافه، فإن اعتقال الشقيقين بدوي عقّد القضية أكثر وزادها غموضا.
وقبل عامين، وقعت آخر عمليات القنص التي لم تُكشف كثير من تفاصيلها، حينما أصيب مستوطن قرب مستوطنة "إيتمار" شرق نابلس برصاص "قناص ماهر بالرماية"، وفق وصف الاحتلال الإسرائيلي حينها.
وشهدت نابلس، مثل غيرها من مدن شمال الضفة التي تعيش حالة المقاومة خلال العامين الماضيين، استهداف المقاومين فيها -وعبر إطلاق نار من بعيد- نقاطا عسكرية لجيش الاحتلال وتجمعات للمستوطنين في أكثر من مكان.
ومنذ تنفيذ عملية القنص الأخيرة الثلاثاء الماضي، لم يوقف الإعلام العبري تحريضه على الفلسطينيين، لا سيما مدينة نابلس واعتبارها "معقلا من معاقل الإرهاب"، وسط دعوات لجيش الاحتلال لتكثيف عمله ضدها واعتقال المنفذين أو اغتيالهم.
من جهته، يقول ياسر مناع -الباحث في الشأن الإسرائيلي- إن المقاومة بالضفة تتراكم منذ سنوات وتتطور مع شكل وحجم ممارسات الاحتلال، فلم يعد يمارس الاقتحام والاعتقال بأريحية كونه يواجَه باشتباكات حادة انتقلت لاحقا إلى تفجير العبوات الناسفة والتسبب في خسائر مادية بمعداته وبشرية بين جنوده.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى أن أهمية عمليات القنص تكمن في أنها تُطلَق من مكان مجهول ومأهول بالسكان، ومن ثم إمكانية التنفيذ بأي زمان ومكان والاختباء والانسحاب بهدوء، وسهولة اختيار الهدف أيضا من مواقع عسكرية للجيش والمستوطنات، وهو ما سيتطلب إجراءات أمنية أكبر من الاحتلال.
وتتميز هذه العمليات، وفق مناع، بصعوبة جمع المعلومات عن المنفذ، ومن ثم عدم معرفة مكان العمل القادم وزمانه، وبالتالي "خلق متلازمة الخوف لدى المستوطنين في أثناء تنقلهم داخل المستوطنات وخارجها".
وعما إذا كانت الضفة ستشهد تطورا في "عمليات القنص"، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي إن الاحتلال ينظر لها على أنها جزء من الصراع والمعركة بغزة، "وبالتالي كل شيء وارد".
وأضاف مناع أن "الحالة في تراكم؛ منحنى الأحداث بالضفة في تصاعد، وكلما صعَّد الاحتلال في استهداف المقاومين، فإن المقاومة ستبتكر الوسائل والأدوات المناسبة".
وما يقوم به الشباب المقاوم بالضفة الغربية لا يخضع لحسابات السياسيين المنطقية، كما يرى نهاد أبو غوش الكاتب والمحلل السياسي، ويقول إن هذا الجيل الشاب تواق للحرية ولا يقبل العيش تحت إجراءات الاحتلال التي تستفز كرامته وإنسانيته.
ولذلك، يضيف للجزيرة نت، سيبتدع هذا الجيل أشكالا جديدة في المقاومة تعبر عن مخزونه الكفاحي الذي لم تعد التشكيلات التقليدية من الفصائل الفلسطينية والسياسيين تستوعبه، من عبوات وقنص وتشكيلات ميدانية على طريقة كتيبتي جنين وعرين الأسود ما دام الاحتلال ماضيا في جرائمه ضد كل ما هو فلسطيني.
وتابع أبو غوش "أمام ما نشهده من تحولات لم يعد يقتصر على حالة مقاومة هنا وهناك، نحن نشهد حقبة جديدة من المقاومة بزخم كفاحي رسخته على أرض الواقع، وعجز الاحتلال عن إجهاضه ووأده رغم اغتيالاته". وأضاف أنه كلما طوَّر الاحتلال أدوات قمعه، فالشباب المقاوم لديه أيضا الجاهزية والقدرة العقلية والروح المعنوية التي تمكنه من اختراق منظومة الاحتلال الأمنية وكل أساليبه.
ويقطن مستوطنة "هار براخا" غلاة المستوطنين المتطرفين، وقتل مقاوم فلسطيني اثنين منهم قبل نحو عامين في عملية فدائية في بلدة حوارة جنوب نابلس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعتقل طفلاً فلسطينياً في نابلس
أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم السبت، على اعتقال طفلٍ فلسطيني من بلدة بيتا جنوب نابلس.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، واعتقلت الطفل تيم رائد حمايل (14 عاما)..
وأصدر الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، بياناً أعلن فيه إصابة جنديين من الاحتياط صباح اليوم جنوبي قطاع غزة
إثر انفجار عبوة ناسفة.
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
وحلّق طيران الاحتلال الإسرائيلي المُسيّر، مساء اليوم، على ارتفاع منخفض في أجواء بلدة يانوح بقضاء صور جنوب لبنان، وذلك عقب إنذار إسرائيلي وُجّه إلى سكان أحد المنازل في البلدة بضرورة إخلائه.
وفي السياق ذاته، أفاد مراسلنا بأن الطيران المُسيّر الإسرائيلي واصل تحليقه على ارتفاع منخفض في أجواء الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في ظل أجواء من التوتر والحذر بين السكان.
وأقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، على اعتقال مُسنٍ من الأغوار الشمالية.
وأفادت مصادر محلية بأن الاحتلال اقتحم تجمع الحمة، واعتقل المسن رافع محمد عبد الكريم فقها.
وكان مستعمرون برفقة الاحتلال اقتحموا عدة تجمعات بالأغوار الشمالية.
أكّد نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، في تصريحات اليوم، أن إسرائيل لم تنفّذ أي خطوة جدية لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدوانية.
مشدداً على أن المقاومة أوقفت محاولات اجتياح لبنان وابتلاعه، وداعياً الدولة اللبنانية إلى إعادة النظر في سياساتها وعدم مطالبة المقاومة بعدم الدفاع عن نفسها.
وقال إن حصرية السلاح بالصيغة المطروحة حالياً تمثل مطلباً أميركياً إسرائيلياً، محذّراً من تقديم أي تنازلات لإسرائيل، ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى ضم لبنان إلى سوريا ضمن مشروع وصفه بالخطير جداً.
وقال جيش الاحتلال، اليوم السبت، إنه استهدف عنصراً بارزاً في حماس بمدينة غزة.
وأضاف جيش الاحتلال :"القيادي المستهدف كان يقوم بمحاولات إعادة إعمار وإنتاج وسائل قتالية في صفوف حماس".
وقال إعلام إسرائيلي، اليوم السبت، إن هناك تقديرات تؤكد مقتل القيادي في حماس رائد سعد خلال عملية الاغتيال بغزة.
وأشارت مصادر محلية فلسطينية إلى أنعملية اغتيال القيادي في حماس تمت غرب مدينة غزة.
وأضافت :"الشخص المستهدف هو الرجل الثاني في حركة حماس".
فادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، اليوم، بأن مجموعات خارجة عن القانون استهدفت نقاطاً تابعة للأمن الداخلي في ريف محافظة السويداء، في تصعيد أمني جديد تشهده المنطقة.
وذكرت الوكالة أن هذه المجموعات استخدمت طائرات مسيّرة خلال تنفيذ هجماتها، دون أن تورد تفاصيل إضافية حول حجم الأضرار أو وقوع إصابات، مشيرة إلى أن الجهات المختصة تتابع التطورات الميدانية.
قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة يشكّل الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن للجميع في المنطقة.
وطالب المتحدث الإدارة الأمريكية بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية إذا كانت جادة في السعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً أن جميع أشكال الاستيطان الإسرائيلي غير شرعية وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشدداً على أهمية ضمان التوصل إلى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.