كان يوصف كأحد أهم الكتاب الأوروبيين الأحياء، أمضى حياته بين فرنسا وألبانيا، وكتب أكثر من 100 رواية وقصة وديوان شعر ونص مسرحي وسيناريو.

ترجمت مؤلفاته إلى أكثر من 40 لغة، وحصد العديد من الجوائز المرموقة، وتردد اسمه لفترة طويلة كمنافس محتمل على جائزة نوبل للآداب التي ترشح لها أكثر من مرة.

ولد إسماعيل قادري (كادري) عام 1936 في جيروكاسترا، التي أسماها في روايته "مدينة الحجارة"، والتي تقع في جنوب ألبانيا.



درس الأدب في جامعة "تيرانا" بألبانيا، وفي معهد "غوركي" بموسكو قبل عام 1960، تاريخ القطيعة مع الاتحاد السوفيتي وعودته إلى بلده للعمل صحفيا، وبقي عضوا في الحزب الشيوعي الألباني، لكن كان مطاردا باعتباره كاتبا مناهضا للنظام الذي دفعه إلى نشر أعماله في الخارج طيلة السبعينيات والثمانينيات قبل لجوئه إلى المنفى الباريسي عام 1990.

لم يتأثر بما يعرف بالأدب الاشتراكي، وتعلق بشكل مبكر بالأدب الغربي حين نشر ديوانه الأول في سن السابعة عشرة تحت عنوان "استلهام شباني"، بعد أن انبهر بشكسبير وغوته ودون كيخوت ودانتي ورموز الأدب اليوناني.


بدأ في الكتابة منتصف الخمسينيات ونشر بعض القصص القصيرة في الستينيات حتى نشر روايته "جنرال الجيش الميت" عام 1963، التي توزعت بين الشعر والقصة والمسرح والرواية، وتتحدث عن ضابط إيطالي يأتي إلى ألبانيا لنبش رفات مواطنيه الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت ألبانيا تحت الحكم الشيوعي المنغلق بقيادة أنور خوجة، وجعلت هذه الرواية من قادري كاتبا معروفا عالميا.

لم يدع الدكتاتورية تقضي على إبداعه، فقد رفض في رواياته ومقالاته وقصائده الواقعية الاشتراكية التي تمليها السلطات، واستخدم بدلا من ذلك الرموز والتاريخ والأساطير للإضاءة على ظروف الحياة في ظل الاستبداد السوداوي.

وقال قادري: "الأوقات المظلمة تجلب مفاجآت غير سارة لكنها جميلة. وغالبا ما تنتج أعمالا أدبية رائعة خلال العصور المظلمة كما لو أن هدفها معالجة المحن التي يعاني منها الناس". وفي الوقت الذي كان يسجن فيه روائيون وشعراء ومبدعون أو يقتلون، نجا قادري من هذا المصير.

وتظهر محفوظات من عصر خوجة أن قادري كان في الكثير من الأحيان على وشك أن يسجن، وأن قصيدته "باشوات حمر" التي نشرت في عام 1975 تسببت في نفيه مؤقتا إلى قرية نائية. لكن قادري نفى أن تكون ربطته علاقة مميزة بالدكتاتور وقال "كانت أعمالي تلتزم قوانين الأدب فقط، ولم تطع أي قانون آخر".

وفي نهاية المطاف لم يكن أمام قادري من خيار سوى الفرار من ألبانيا إلى فرنسا عام 1990، قبل بضعة أشهر فقط من سقوط النظام الشيوعي في أعقاب الاحتجاجات الطلابية، وبعد سقوط نظام خوجا عاد من جديد إلى تيرانا.

يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني أوروبيا وعالميا ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة القهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لأساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة.

كما أنه أغنى الإبداع الروائي بقالب شاعري قائم على توليفة الأسلوب التراجيدي والكوميدي، والتوظيف المدهش للميثولوجيا الإغريقية وللدراما الشكسبيرية.


لقد وضعته عدة أعمال كتبها على رادار المخابرات الألبانية ومن أبرزها نذكر، "الشتاء الكبير"، "حفل نهاية الفصل" التي تعرضت للرقابة مدة سبعة أعوام، "الوحش" التي عرفت نفس المصير، وروايات أخرى عززت السمعة العالمية لقدري الذي وصفته مخابرات تيرانا الشيوعية بـ"الخائن" مثل "طبول المطر"، "قصر الأحلام"، "الظل" و"هملت الأمير المستحيل".

نشرت عن قدري ستة مؤلفات أبرزها "إسماعيل قدري بروميثيوس حامل النار" الذي أصدره عام 1991 جوزيه كورتيه تكريما لمبدع تأثر بشكل أساسي بالميتولوجيا الإغريقية.

توفي بداية الشهر الحالي عن عمر ناهز 88 عاما، في غرفة بقسم الطوارئ بمستشفى في العاصمة تيرانا بعد إصابته بسكتة قلبية، دون أن يحظى بتحقيق حلم يراود أي أديب وكاتب وهو الفوز بجائزة نوبل في الأدب التي ترشح لها مرارا وتكرارا لكنه لم يفز بها قط.

وقال الرئيس الألباني باجرام بيجاج في بيان: "ألبانيا والألبان فقدوا عبقرية الأدب ومحررهم الروحي. لقد فقدت منطقة البلقان شاعر أساطيرها، وفقدت أوروبا والعالم أحد أشهر ممثلي الأدب الحديث".

 رحل كاتب استطاع أن ينجو بأعجوبة من سياط دكتاتورية خوجة، وكان الكاتب قد قال في إحدى مقابلاته الصحفية الأخيرة: إن "الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحول إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلب مرفوع الرأس على الدكتاتورية، لقد أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب".

ولقد تساءل الأكاديميون كثيرا عما إذا كان قادري محبوبا لدى خوجا أم مؤلفا شجاعا يخاطر بالسجن والموت؟ "كلاهما صحيح"، هكذا اقترح الناشر الفرنسي فرانسوا ماسبيرو.

كان يرد قادري على الكثير من الأسئلة حول مسيرته الأدبية بقوله "أنا لست متواضعا لأنه أثناء النظام الشمولي، كان التواضع دعوة إلى الخضوع، لا يجب على الكتاب أن يحنوا رؤوسهم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه إسماعيل قادري ألبانيا الحكم الشيوعي الدكتاتورية ألبانيا الدكتاتورية إسماعيل قادري الحكم الشيوعي بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

سرادق عزاء ضخم لشهيد الشهامة بطل حريق العاشر بمسقط رأسه بالدقهلية

أقيم سرادق عزاء ضخم لشهيد الشهامة بطل حريق العاشر بمسقط رأسه بالدقهلية في عزبة المصادرة التابعة لقرية مبارك مركز بني عبيد في الدقهلية

 

في لحظة لا تتجاوز الثواني، اتخذ خالد محمد شوقي قراره الذي غيّر كل شيء أمام ألسنة اللهب التي اندلعت فجأة من سيارة وقود في محطة بنزين بمدينة العاشر من رمضان، لم يفكر في الهروب أو النجاة، بل تقدم بشجاعة، محاولًا حماية كل من حوله، حتى دفع حياته ثمنًا لذلك.

خالد، الذي رحل اليوم متأثرًا بإصاباته جراء الحادث، لم يكن مجرد عامل أو مواطن عادي، بل كان إنسانًا اختار أن يكون درعًا لغيره، أنقذ أرواحًا، وحال دون كارثة أكبر كانت ستودي بالمزيد من الضحايا، وترك خلفه زوجة وأبناء يفتخرون بأنه عاش بطلًا ورحل بطلًا.

تقديرًا لما فعله، وجهت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بصرف 100 ألف جنيه بشكل عاجل لزوجته وأبنائه، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، كما تم التنسيق مع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصرف معاش استثنائي لأسرته، تكريمًا لبطولته وتضحيته.

وفي رسالتها إلى الأسرة، قالت الوزيرة إن ما فعله خالد "نموذج نادر للبطولة"، مؤكدة أن هذا الموقف الشجاع جنّب المدينة كارثة إنسانية كبيرة، وحافظ على أرواح لا تُقدّر بثمن.

رحل خالد، لكن قصته ستظل حيّة تُروى، عن رجل لم يتردد لحظة في أن يقدّم حياته مقابل حياة الآخرين.

 

سرادق العزاء 1000209254 1000209249 1000209241 1000209242 1000209252 1000209255

مقالات مشابهة

  • رحلة سول بيلو من مونتريال إلى نوبل.. سيرة نجاح مهاجر
  • منال الشرقاوي تكتب: سينما نجيب محفوظ.. حين صافح الأدب الشاشة الفضية
  • لولا تدخلنا لاحترقت لوس أنجلوس.. ترامب: إذا كان هناك تمرد في كاليفورنيا فسأطبق قانون التمرد
  • في مواجهة الأدب العالمي .. جديد المركز القومي للترجمة
  • حالة تمرد لن تتوقف قريبا .. عبد المنعم السعيد عن احتجاجات لوس أنجلوس
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي
  • شَظَفُ الطَّبْع
  • سرادق عزاء ضخم لشهيد الشهامة بطل حريق العاشر بمسقط رأسه بالدقهلية
  • تمرد في لوس أنجلوس والحرس الوطني يستجيب لأمر ترامب