لا ألتفت كثيراً لثرثرة الناس على السوشيال ميديا، قليلها مفيد للقلب والعقل كنوع من التنفيس عن هموم وأوجاع متواصلة، وكثيرها ضياع للوقت والصحة النفسية قبل الجسدية.
لا تُحزننى انتكاسات البشر من حولنا، لا أستغرب تحولاتهم، ولم أعد أندهش من تقلباتهم، فالثبات أكذوبة الحياة.
لا تقلقنى انفلاتات الشارع السلوكية، لا يحبطنى انحطاط الفنون، وتراجع الثقافة والوعى، فالقبح ضرورى فى بعض الأحيان لمنحنا الشعور بحلاوة الحُسن متى انجلى.
لا تصعقنى أزمة الكهرباء، ولا تستفزنى موجة الغلاء، ولا تخنقنى حملات الاستغلال وجشع التجار، ولا تكوينى بيروقراطية الخدمات الحكومية، ولا تضايقنى تصريحات السادة المسئولين وحيلهم لامتصاص الضيق من الحال، فقد اعتدت كل ذلك منذ نعومة أظافرى، ووطنت ذاتى على الصبر الجميل.
أتذكر مقولة رائعة للناقد الكبير مصطفى بيومى يقول فيها «ولدنا على هذه الأرض فى ظروف استثنائية، وعشنا أعمارنا فى ظل ظروف استثنائية، ومراحل انتقالية، عملنا وتزوجنا وبنينا أسراً جديدة، وظروفنا استثنائية، ثم تقاعدنا وكتبنا وصايانا، وما زلنا فى ظلال الظروف الاستثنائية».
من هنا، فإن ما يُزعجنى بالفعل، ويُنغص علىَّ أيامى، وربما يدفعنى للاكتئاب والقلق هو عدم استشراف الغد، بما يحمله من تحديات، وما يتيحه من فرص. لا خطط مستقبلية واضحة، ولا برامج افتراضية معلنة وشفافة، ولا تصورات محددة بشأن القادم.
نحن كما يقول المبدع الراحل لينين الرملى أشبه «بمسافرين على رصيف قطار لا نعرف موعده».
يبدو الماضى محل حديث دائم ومعلن داخل أروقة النخبة المصرية السياسية، فنختلف حول ثورة 1919، ومعاهدة 1936، وحادث 4 فبراير، والكتاب الأسود والأبيض، وقرار تقسيم فلسطين، وحريق القاهرة، وحرب الإسماعيلية، وثورة أو حركة أو انقلاب يوليو 1952، وإلغاء الأحزاب فى العام التالى، والوحدة مع سوريا، وحرب اليمن، وإغلاق خليج العقبة. ونتجادل ونتشابك ونتخاصم فى قبول الرئيس عبدالناصر مبادرة روجرز، وكون حرب أكتوبر حرب تحريك أم تحرير، والمسئولية عن الثغرة، ومكاسب وخسائر مبادرة السلام، ودعم الرئيس السادات للتيارات الدينية، لكننا لا نفتح جلسات العصف الذهنى بشأن القادم السريع. لا نبحث ولا ندرس ولا نفكر فى العالم الجديد الذى يُعاد تشكيله، وفى الأفكار الأحدث التى تنبت على الأرض، وفى الافتراضات والسيناريوهات المتوقعة للمستقبل الذى يتدفق كنهر فائض لا سدود أمامه.
ربما يسكن المواطن كثيراً لو علم أن نهاية الوجع راحة، وأن آخرة الصبر جنة. يرتاح لو أدرك أن هناك خطة للغد، وأنه يُسدد فواتير لإسعاد أبنائه وأحفاده. يزرع ويحرث ويسقى لتجنى الأجيال القادمة رخاءً وخيراً واستقراراً.
إن أحداً لا ينكر وجود إنجازات على الأرض، مشروعات جديدة، وبنية تحتية كبيرة، وشبكة نقل لافتة، لكن العبرة النهائية برضا الإنسان العام، وهو لن يتحقق سوى برؤية مستقبلية واضحة المعالم تُخبرنا بأننا نبنى بالفعل دولة ناهضة، يعيش فيها إنسان الغد بكرامة وسعادة وأمان.
ما مستقبل الصحة فى بلادي؟ وما مستقبل التعليم؟ الصناعة؟ الاقتصاد؟ الثقافة والإبداع؟ ما الغد؟ ذلك هو السؤال الأهم.
والله أعلم.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد السوشيال ميديا
إقرأ أيضاً:
عاجل.. الزمالك يلجأ لمحكمة الرياضية الدولية بعد قرار أزمة انسحاب الأهلي
قرر مجلس إدارة نادي الزمالك برئاسة الكابتن حسين لبيب الاعتراض رسمياً على قرار لجنة التظلمات، وتقديم شكوى عاجلة إلى المحكمة الرياضية الدولية (CAS) للحصول على كامل حقوقه وتطبيق اللائحة بشكل صحيح بشأن لقاء القمة الأخير، والذي شهد واقعة انسحاب مكتملة الأركان، مما كان يتطلب خصم ٣ نقاط من الفريق المنسحب، لتُضاف إلى ٣ نقاط أخرى بعد اعتبار الزمالك فائزاً ٣/صفر.
ويأتي قرار مجلس إدارة الزمالك عقب القرار الصادر اليوم الخميس من لجنة التظلمات باتحاد كرة القدم بشأن التظلم المقدَّم من النادي ضد قرار مجلس إدارة الرابطة بتعديل العقوبات السابق صدورها بشأن مباراة القمة، في مخالفة صارخة لكافة مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والنزاهة الرياضية.
ويؤكد نادي الزمالك أنه لن يتهاون مطلقاً في الحفاظ على كافة حقوق النادي، واتخاذ كل ما يلزم سعياً لتطبيق اللوائح بشكل عادل بين جميع الأندية.