العالم يحتاج حلولا يسهم المواطنون فـي إبداعها
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
من جديد تؤثِّر الصرعات السِّياسيَّة والعسكريَّة على أسعار السلع الأساسيَّة، وخصوصًا الغذائيَّة مِنها على الصعيد العالمي، ما يؤشِّر على موجة جديدة من الغلاء، وتغوُّل مؤشِّرات التضخم، ما يدفع المزيد من سكَّان الكرة الأرضيَّة نَحْوَ الفقر المدقع، خصوصًا في الدوَل الفقيرة والنَّامية، حيث ارتفع مؤشِّر الأسعار العالميَّة لمنظَّمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأُمم المُتَّحدة في يوليو الماضي من أدنى مستوياته في عامَيْنِ مع صعود أسواق الزيوت النباتيَّة بعد تجدُّد التوتُّرات بشأن صادرات الحبوب من أوكرانيا والمخاوف بشأن الإنتاج العالمي، وهي زيادة يتحملها فقراء الكوكب، دُونَ ذنب أو جريرة ارتكبوها، إلَّا مصالح بعض الدوَل التي تصرُّ على استنزاف مقدَّرات الآخرين دُونَ حسيب أو رقيب.
وبفعل تلك التغييرات باتت الدوَل المعوزة رهينة الديون وأموال خدمتها، التي ترهق الميزانيَّات، وتأكل الأخضر واليابس ممَّا تملكه تلك الدوَل من مقدَّرات، وباتت تدفع نتائج صراعات دوليَّة ليس لها فيها ناقة أو جَمل، كما يقول المثل الشَّعبي العربي، ولَمْ تَعُد تُجدي مع الوضع القائم الحلول الوقتيَّة أو كبسولات التسكين، التي دأبت الحكومات على استخدامها في الأوقات الصعبة والحرجة، وذلك بفعل تقارب الفترات الزمنيَّة لتلك الأزمات المتوالية، جعلت من الصعب، بل من المستحيل، الاعتماد على خطوات مؤقتة، لا تعمل على إيجاد حلٍّ جذري للأوضاع الاقتصاديَّة المُزمِنة التي تواجه معظم بلدان العالَم، وبات من الضروري مواجهة شجاعة، ترتب أولويَّات الإصلاح المالي والاقتصادي دُونَ أن تتحملَ الشعوب المغلوب على أمْرِها تبعات تلك الإصلاحات بشكلها التقليدي الحالي.
وتبقى التجربة العُمانيَّة في إيجاد التوازن المالي المطلوب، والعمل على ترشيد الإنفاق، دُونَ إرهاق المواطن بتبعات الترشيد، إحدى النقاط المضيئة التي يجِبُ أن يسترشدَ بها مَن يسعى إلى تغيير شامل، والهروب من شبح الديون التي تكبِّل دوْلته. فخيار التحوُّل من اقتصاد ريعي لا يهتم إلَّا بحصد الضرائب غير المبررة، والتي تثقل كاهل المواطن دُونَ الحصول على خدمات مقابلها، إلى اقتصاد منتج يقدِّم حوافز إنتاجيَّة لتحقيق القيمة المضافة، والسعي إلى توطين التقنيَّات المطلوبة، لتقليل الفجوة الكبرى في الميزان التجاري بَيْنَ الاستيراد والتصدير، هي الخطوات الأنسب لمواجهة الأوضاع الاقتصاديَّة الحاليَّة، التي تؤثِّر بشكلٍ سلبي مع تفاقم الأزمات.
إنَّ أولويَّات المرحلة تفرض على مَن يطلب التغيير وينشده خطوات وأفكارًا وبرامج جيِّدة التخطيط، تعمل على إيجاد حلول خارج الصندوق تقيل الدوَل من العثرات التي تعيشها، دُونَ اللجوء للحلول المعلَّبة التي أثبتت التجارب أنَّها لا تُغْني ولا تُسْمن من جوع، برامج وخطوات تخرج من رحم الأوطان وتشارك الشعوب في إعدادها، ولتكُنْ رؤية «عُمان 2040» نموذجًا لِمَن يسعى إلى تحقيق التغيير الحقيقي المنشود، بدلًا من استيراد حلول لا تناسب الأوضاع المحلِّية، ترهق الوطن والمواطن، ولا تغيِّر من الواقع السيئ بل تزيده سوءًا عمَّا هو عليه، وتتضخم الديون نتيجة وضع خطط وبرامج لا تناسب المُقوِّمات التي تملكها هذه الدولة أو تلك، فالخطط التنمويَّة يجِبُ أن تخرجَ من مقدّرات الوطن وإمكانات مواطنيه، وإلَّا أضحت عبئًا يزيد من المعاناة.
إبراهيم بدوي
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مسار الأحداث يناقش العقبات التي تواجه المرحلة الثانية من اتفاق غزة
وشارك في الحلقة المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس واريك، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمود يزبك، والمحلل السياسي ياسر الدجاني.
تقديم: إلسي أبي عاصي.
Published On 7/12/20257/12/2025|آخر تحديث: 00:53 (توقيت مكة)آخر تحديث: 00:53 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ