الرؤية - بلقيس الوردي

تحتفظ المشاريع المنزلية بموضعها ضمن قائمة الحلول المبتكرة لتعزيز الاستقلال المالي، وتوفير فرصة عمل للباحثين عنها تُعينهم على تحسين أوضاعهم المعيشية، كما تبرز كخيار جيد في ظل التحديات الاقتصادية والتغيرات في سوق العمل، باعتبارها وسيلة فعالة تحقِّق دخلا ثابتا للأفراد، كما لا تقتصر أهمية هذه النوعية من المشاريع على الفوائد المادية فحسب، بل تتعداها لتشمل تعزيز الإبداع والابتكار؛ لاسيما وأنَّ العمل من المنزل يمنح فرصة مؤاتية نوعًا ما للعمل في بيئة مرنة يمكن فيها تجربة أفكار جديدة دون ضغوطات بيئة العمل التقليدية.

وترى الدكتورة بدرية سعيد المخزومية مشرفة فريق "أنتِ منتجة أنتِ مبدعة"، أن المشاريع المنزلية تمثّل تمكينًا اقتصاديًّا مهمًّا للأسرة؛ حيث تساعد في إطلاق قدرات الأفراد والفئات المختلفة على الابتكار والإنتاج، بما يُسهم في تحقيق نمو وتطور مستدام في ظروفهم المعيشية. ويعتبر التمكين الاقتصادي للمرأة بشكل خاص مفتاحاً لمشاركتها الفعّالة في صنع القرارات؛ عبر توسيع نطاق الفرص والخيارات المتاحة لها وتوفير دخل ثابت؛ مما يساعدها على تحويل أسرها من وضع معسر إلى أسرة تعتمد على ذاتها، وهذا هو الهدف الذي سعى إليه فريق مبادرة 'أنتِ منتجة، أنتِ مبدعة".

وأضافت المخزومية: تمكنّا في المبادرة من مساعدة الأسر وتفعيلها بتشجيعها على الانخراط في المجتمع من خلال التثقيف بفكرة أن العمل هو عبادة، وأن المرأة شريكة للرجل، ونظمنا ورش تثقيفية وتدريبية. وقمنا بإنشاء شعار تحفيزي لدفعهن للانطلاق. كما نظمنا معارض تسويقية وشاركناهن فيها، ونشرنا أعمالهن على المستوى الدولي، وأنشأنا حسابات على منصات التواصل الاجتماعي لنشر إنجازاتهن، وقدمنا كذلك فرصًا تسويقية عبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجمع النعمان، ووفرنا أرففًا في محلات بيع المأكولات. تكلل ذلك بفتح بعض منهن مشاريعهن وأصبحن رائدات في مجال عملهن، تحولن من أسر منتجة إلى رائدات أعمال.

فيما قالت أم هاجر الحسنية بائعة بخور وكماليات: بدأتُ مشروعي الخاص في العام 2007، ببيع البخور وكانت الرحلة الصعبة ومليئة بالتحديات، واجهت الكثير من المشاكل، والتي كان أغلبها يتعلق بالجانب المادي، حيث اضطررت لأخذ قرض من عائلتي وبيع بعض الأغراض التي لا أحتاج لها لتوفير رأس المال للمشروع. وأضافت الحسنية: لدي ابنٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما مثل تحديا وفرصة في نفس الوقت، حيث تمكنت من مواجهة هذه التحديات بقوة وثبات، وحصلت على الدعم اللازم من عائلتي، خاصة من أمي وأخواتي اللائي كن داعما حقيقيا لي في خطوة من هذه الرحلة.

أمَّا أم نايف -صاحبة مشروع منزلي- فتقول: بدأت من خلال استقبال طلبات الأهل خلال الأعياد والمناسبات وأيام الأجازة لصنع الحلويات والخفائف، وكانت رحلة صعبة؛ حيث واجهت مشكلة مفاجئة مثل طلب الكبير من الزبائن، إضافة لنقص بعض الأغراض اللازمة للإنتاج، بالرغم من ذلك حصلت على الدعم الكامل من الأهل زوجي الذين يدعمونني بإلهامي والمساندة في كل خطوة أقوم بها.

سلمى سعيد الوهيبية صاحبة مشروع "Cookies- salma's"، قالت إنَّ أكبر تحدٍّ لها كان في كيفية تحديد كيف تبدأ المشروع وهي في سن صغيرة.. وتوضح: كان من الصعب في البداية التغلب على التحديات المالية واللوجستية، لكني كنت مصممة على تحقيق حلمي. بدأت باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي للترويج للمشروع، وبالتدريج بدأت في اكتساب الزبائن وتكوين بناء قاعدة عملاء واسعة. وأضافت الوهيبية: من أهدافي المستقبلية فتح مقهى أو كافيه باسمي، حيث يمكنني تقديم تجربة فريدة للزبائن، مع الأخذ في الاعتبار التفاصيل الصغيرة التي تجعل الزيارة لمقهاي مميزة ومريحة للجميع.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإدمان الإسمنتي: ما بين التطور والمخاطر

لقد واكب التطور البشري مختلف جوانب الحياة، ومن أبرزها التطوير العقاري، الذي شهد قفزات كبيرة في العقود الأخيرة. غير أن هذا التطور ظل يعتمد بشكل مفرط على مادة واحدة أساسية في البناء، وهي: الإسمنت.

فرغم ما يتمتع به الإسمنت من خصائص مفيدة، مثل الثبات والعزل، إلا أن الاعتماد المطلق عليه يحمل في طياته العديد من المخاطر والمساوئ، سواء على الإنسان أو البيئة.

فالواقع أن البحوث العلمية، حتى اليوم، لم تتمكن من اكتشاف بديل عملي وآمن للإسمنت يحقق نفس المستوى من الصلابة والاستدامة. لكن ذلك لا يعني غض الطرف عن الأضرار البيئية والإنسانية التي قد يخلفها هذا “الإدمان الإسمنتي”.

ففي الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل، تتحول المباني المشيدة بالإسمنت إلى أنقاض قاتلة. ولعل ما حدث في زلزال تركيا مثال حي على ذلك؛ فقد انهارت آلاف المباني، وخلّفت تحت ركامها مآسي إنسانية وأضرارًا بيئية جسيمة. وعند تساقط هذه الأبنية، تنبعث منها سحب كثيفة من الغبار والأبخرة السامة التي تلوث الهواء وتزيد من خطر التسمم البيئي.

وقد نتساءل: لماذا يتمسك العالم بالإسمنت كخيار أول في البناء؟ أهو لقوته أم لعوامل اقتصادية؟ في المقابل، هناك تجارب أخرى لافتة مثل بعض مناطق إندونيسيا، حيث تُبنى المنازل القريبة من الشواطئ باستخدام الأخشاب، ورغم بساطتها وضعف إمكانياتها، إلا أنها غالبًا ما تكون أكثر أمانًا من المباني الإسمنتية عند الانهيار، نظرًا لخفّتها وانخفاض أضرارها المباشرة على الأرواح.

إن البحث عن بديل للمباني الإسمنتية يشبه في تعقيده البحث عن علاج لمرض السرطان؛ فكلاهما يمثل تحديًا ضخمًا للبشرية، يحمل في طياته الأمل والخوف معًا. فكما أن السرطان ينهش في جسد الإنسان بصمت، فإن الإسمنت قد يُنهك البيئة ويهدد حياة الإنسان من حيث لا يشعر، خاصة عند سقوطه أو تهاويه. وما أشبه هذا بذاك!

إن التفكير في بدائل أكثر أمانًا واستدامةً أصبح ضرورة ملحة، وليس مجرد خيار مستقبلي. فالإسمنت، رغم فوائده، لا ينبغي أن يكون الطريق الوحيد للبناء، خصوصًا في زمن ترتفع فيه وتيرة الكوارث الطبيعية وتزداد الحاجة لحلول بيئية مستدامة

مقالات مشابهة

  • قافلة طبية توقع الكشف وتوفر العلاج بالمجان لـ1461 حالة مرضية ببني سويف
  • حمدان بن زايد: مبادرات هيئة الهلال الأحمر تعزز أهداف «عام المجتمع»
  • لخفض التكاليف.. «جوجل» تستغني عن جزء إضافي من قوتها العاملة
  • عملاق الطيران منخفض التكلفة يلغي رحلاته من وإلى إسرائيل
  • روسيا وأوكرانيا تعلنان أنهما تبادلتا دفعة جديدة من الأسرى
  • الهجمة على الجيش والمخاطر على السودان
  • لحى الرجال.. بين الجاذبية والمخاطر الصحية
  • وزارة الاقتصاد والصناعة: معامل فلترة المياه ليست بديلاً عن شبكات مياه الشرب المنزلية
  • الإدمان الإسمنتي: ما بين التطور والمخاطر
  • وزارة المالية توعي الطلبة الإماراتيين في الصين بفرص العمل المالي الدولي