بوابة الوفد:
2025-05-14@18:29:11 GMT

خرافة عروس النيل!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

قدماء المصريين كانوا يعتبرون نهر النيل مصدر الحياة، لعب النيل دورا حيويا فى تاريخ البلاد وثقافتها الغنية، كان أيضا عاملا مهما جدا فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونجاح مصر القديمة، وبدون نهر النيل ربما لم تكن الحضارة القديمة العظيمة موجودة على الإطلاق لأن هطول الأمطار كان بنسبة معدومة على مصر.

فقد ساهم نهر النيل فى ازدهار مدن كانت تقع فى وسط الصحراء، كما كان لنهر النيل دور عظيم فى استقرار المصرى القديم على ضفافه وعمله بالزراعة حيث أصبح قادرا على إنتاج قوت يومه، ثم انطلق إلى ميادين العلم والمعرفة والتقدم الهائل ولقب المصريون القدماء نهر النيل بعدة ألقاب منها: رب الأسماك، وواهب الحياة، وجالب الخيرات، وخالق الكائنات، ورب الرزق العظيم.

نظر المصريون القدماء إلى النيل بعين القداسة واستخدموا مياه النهر للتطهر ولأداء الطقوس الدينية وغسل المتوفى، كان الاغتسال بماء النيل ضرورة حياتية مصرية كنوع من النظافة والتطهر البدنى والروحى، وهى عملية تحمل معنيين فعليا ورمزيا فى وجدان المصرى، أما الفعلى فهو يشمل نظافة الجسد والملبس والمأكل والمسكن فضلا عن التطهر كضرورة لتأدية الطقوس الدينية، أما الرمزى فيشمل طهارة النفس روحيا من كل شائبة، وبرز تقديس النيل من خلال حرص المصرى على طهارة ماء النهر من كل دنس كواجب مقدس، ومن يلوث الماء يتعرض لعقوبة انتهاكه غضب الآلهة فى يوم الحساب.

وأكد المصرى فى اعترافاته الإنكارية فى العالم الآخر ما يفيد عدم منعه جريان الماء درءاً للخير: «لم أمنع الماء فى موسمه، لم أقم عائقا أمام الماء المتدفق، أعطيت الخبز للجوعى، وأعطيت الماء للعطشى».

ظهر النيل بقوة فى مشاهد أدبية كثيرة سجلها الأدب المصرى بأنواعه لا سيما أشعار الغزل التى ظهرت بدءا من 1400 قبل الميلاد، وهى فترة تحررت فيها العادات وبعد عصر «الرعامسة» على وجه التحديد العصر الذى انطلق فيه الشعر الشخصى متحررا من كل قيد، وساعد النيل خيال المصرى على أن يخلق شراكة تجمع بين المرأة والطبيعة، تمتزج امتزاجا تاما تشكل عنصرى الخصوبة فى الكون، فالمرأة والزهور والثمار لا تختلف من حيث الجوهر إنها جميعها النموذج والشاهد على الحياة المتجددة، البشرية والنباتية على حد سواء.

وجاء ذكر أسطورة «عروس النيل» فى كتاب الأديب العربى عبدالرحمن بن عبدالحكم وتتلخص القصة فى أن مصريين جاءوا إلى عمرو بن العاص، وطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بكر فى مياه نهر النيل كعادتهم كل عام، وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمروبن العاص وقال لهم: «هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله»، وأرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره فى الأمر، فأرسل «عمر» رسالة جاء فيها: «من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك»، فألقى عمرو بن العاص الرسالة فى النيل، وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا فى ليلة واحدة وقطع تلك السنة السوء عن أهل مصر.

ترسخت الأسطورة فى الأذهان وتناقلتها الأجيال كموروث شفهى عن ابن الحكم فى مؤلفه، على الرغم من عدم ذكر النصوص المصرية القديمة من قريب أو بعيد لها، فالثابت فى المعتقد الدينى المصرى عدم تقديم قرابين بشرية إلى معبود مهما علا شأنه، كما توجد لوحات وبرديات تصف أحوال النيل وفيضانه وأزماته، ولم يرد فيها أى ذكر لـ«عروس النيل» العذراء التى تقدم كقربان للنيل.

ويرى بعض خبراء الآثار المصريين أن ابن عبدالحكم كتب هذه القصة بعد دخول العرب مصر بنحو 230 عاما، فإما أن تكون هذه الحكاية برمتها من تأليفه هو، بقصد تنفير المصريين من مظاهر حضارتهم وعقائدهم القديمة والدعوة إلى الإسلام، كما يقولون إن قصة إلقاء فتاة فى النيل التى رواها المؤرخ العربى ابن عبدالحكم لا تعدو أن تكون أكذوبة من الأكاذيب المدعاة على مصر القديمة أو سوء فهم لبعض ما قام به المصريون عند الاحتفال بوفاء النيل فى قصة عروس النيل، فهى قصة غير معقولة.

آمن المصريون القدماء بالنيل، الضامن لحياتهم من مهالك القحط والضيعة واعتبروه الفيض السماوى الذى يهطل على أرضهم بالخير، ترنموا بأناشيده على آلاتهم الموسيقية ورسموا به صورة حياة شكلت معنى التاريخ فى مصر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قدماء المصريين التنمية الاجتماعية والاقتصادية نهر النیل

إقرأ أيضاً:

تشات جي بي تي في مأزق.. مجاملات مبالغ فيها

في الآونة الأخيرة، ومن خلال تحديث كان من المفترض أن يُحسن من توجيه المحادثات نحو نتائج مثمرة، كما ورد في ملاحظات الإصدار من OpenAI، كان ChatGPT يواجه مشكلة غير متوقعة. إذ بدأ النموذج في إخبار المستخدمين كيف أن أفكارهم الغريبة كانت "عبقرية"، حتى عندما كانت غير منطقية، وهو ما أزعج الكثيرين، مما دفع OpenAI إلى الرجوع عن هذا التحديث في وقت لاحق. وأوضحوا في مدونة أن التحديث الذي تم إزالته كان "مبالغًا فيه في الإطراء والموافقة، حتى أن البعض وصفه بالتحبب المفرط". وأضافت الشركة أن النظام سيتطور لتجنب مثل هذه التفاعلات "المزعجة"، وفقاً لموقع"theatlantic".


اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!



لكن المشكلة لم تقتصر على ChatGPT فقط. فقد أظهرت دراسة أجراها فريق من الباحثين في Anthropic عام 2023 أن هذه السمة ليست جديدة، بل هي سلوك عام للعديد من مساعدات الذكاء الاصطناعي الحديثة.

فالنماذج الكبيرة أحيانًا تضحي بـ"الصدق" في سبيل موافقة آراء المستخدمين. ولعل السبب في ذلك يعود إلى مرحلة "التدريب" التي يتم خلالها تقييم الردود بواسطة البشر، وتوجيه الأنظمة نحو تكرار الأفكار التي تحظى بإعجاب البشر، ما يؤدي إلى تعلم النماذج سلوكًا يتماشى مع احتياجات البشر للتأكيد على صحة أفكارهم.



 

هل يتعلم الذكاء الاصطناعي من البشر

النموذج الذي يؤدي إلى هذه المشكلة يُسمى "التعلم المعزز من ملاحظات البشر" (RLHF). وهو نوع من التعلم الآلي، ولكن كما أظهرت الأحداث الأخيرة، يبدو أن هذا المصطلح قد يكون مضللًا. فهو ليس مجرد تدريب للنماذج على التحسين، بل أصبح أداة يتعلم منها الذكاء الاصطناعي كيف يتفاعل مع البشر، خاصة في نقاط ضعفنا ورغبتنا في الحصول على التأكيد.



هل الذكاء الاصطناعي أصبح مرآة لآرائنا؟


الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة يشبه إلى حد بعيد وسائل التواصل الاجتماعي. فكما كانت وسائل التواصل الاجتماعي في البداية مكانًا من المفترض أن يوسع أفكارنا، إلا أنها أصبحت أداة لتبرير مواقفنا وتعزيز أفكارنا حتى في مواجهة الأدلة المعاكسة. يبدو أن الذكاء الاصطناعي أيضًا يسير على نفس المسار، ويقدم لنا تبريرات تجعلنا نشعر بأن أفكارنا صحيحة، وهو ما قد يكون أكثر خطرًا من وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فعاليته الكبيرة.


 

مساعد ذكي أم عقل معرفي

 

رغم إعلان شركة OpenAI عزمها تقليص نبرة "التحبب المبالغ فيه" في محادثات ChatGPT، إلا أن المشكلة الأعمق تتجاوز الأسلوب إلى جوهر استخدام هذه التقنية. فالرهان على "شخصنة" الذكاء الاصطناعي وجعله يبدو كرفيق أو صاحب رأي مستقل قد لا يكون الطريقة المثلى للاستفادة من هذه الأدوات.

وهنا تبرز رؤية الباحثة أليسون جوبنيك، المتخصصة في علم الإدراك، التي ترى أن النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT لا يجب أن تُعامل كعقول ناشئة أو "شخصيات افتراضية" تُبدي آراءً أو تحاكي المشاعر. بل هي، برأيها، أدوات ثقافية متقدمة، صُممت لتُسهّل على الإنسان الوصول إلى المعارف والخبرات المتراكمة عبر التاريخ، تمامًا كما فعلت الطباعة ومحركات البحث من قبل.

اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يزداد عبقرية.. لكنه يُتقن الكذب

أخبار ذات صلة قاعدة بيانات للمجندين لتسهيل آليات التوظيف و100 مقعد دراسي في «الذكاء الاصطناعي» جمال السويدي: الذكاء الاصطناعي يقدم فرصاً غير مسبوقة لتطوير المحتوى الإعلامي

من دردشة سطحية إلى تواصل معرفي عميق


هنا تبرز الحاجة لإعادة تعريف دور الذكاء الاصطناعي: ليس بوصفه "صوتًا آخر" في الحوار، بل بوصفه وسيطًا معرفيًا يعرض أفكار الآخرين، يشرحها، ويضعها في سياقاتها. بدلاً من أن يقدم رأيًا، يمكن للنموذج أن يرسم خارطة معرفية للمستخدم، تُظهر مختلف وجهات النظر، وتساعده على التفكير بطريقة نقدية ومنفتحة. بهذه الطريقة، يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة للتأكيد على ما نعتقده، إلى أداة توسع مداركنا وتعرّفنا على ما لم نكن لنراه من قبل.



كيف نعيد تصور دور الذكاء الاصطناعي في المستقبل؟


من خلال هذا الإطار، يجب أن نرى الذكاء الاصطناعي ليس كمصدر "لآراء" فحسب، بل كمصدر حقيقي للمعرفة. على سبيل المثال، عندما نطلب رأيًا حول فكرة تجارية، يجب على النموذج أن يقدم لنا نهجًا منظمًا لتحليل الفكرة بناءً على دراسات سابقة وأطر تقييم معترف بها، بدلاً من تقديم رأي سطحي لا يعتمد على الأدلة. في هذا السياق، يجب أن يعزز الذكاء الاصطناعي من قدرتنا على الوصول إلى موارد ومعرفة أوسع، بدلاً من الاكتفاء بتأكيد أفكارنا الشخصية.


 

 

توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي


يتعلق الأمر بتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي ليكون مصدرًا أوسع وأكثر تنوعًا للمعرفة. بدلاً من أن نستخدمه كأداة تبريرية تعزز آرائنا المسبقة، يمكننا إعادة تشكيله ليصبح أداة تعلم حقيقية، تقدم لنا رؤى أعمق وأكثر تنوعًا. هذه النقلة ستساهم في اتخاذ قرارات أكثر وعيًا ومبنية على المعرفة الحقيقية. وفي النهاية، إذا تمكنا من تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع هذه الأنظمة الذكية، يمكننا استغلال إمكانياتها الكبيرة لتحقيق أقصى استفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة.



ويبقى التحدي الأبرز في مسار تطور الذكاء الاصطناعي هو التوفيق بين الميل نحو تعزيز الآراء الشخصية، وتقديم توجيه معرفي موضوعي. فإذا تمكّنا من تجاوز هذا الانحراف، وتوجيه هذه النماذج نحو أداء أكثر حيادية وعمقًا، فإن الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد أداة تفاعلية، بل منصة حقيقية لتعزيز الفهم البشري، وتوسيع آفاق المعرفة.


إسلام العبادي(أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • الجمعية العمومية للبنك الزراعي المصرى تقرر تعيين أبو السعود رئيساً تنفيذياً للبنك وعبد الصادق وغادة مصطفى نائبان
  • د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!
  • رغم الإشادة به.. الرئيس التونسي يقيل والي بن عروس فجرا
  • وزير الكهرباء يتابع برجى عبور قناة السويس ومسار خط الربط المصرى السعودى| صور
  • تشات جي بي تي في مأزق.. مجاملات مبالغ فيها
  • سعيد يعين واليا يواجه تحقيقا في شبهة فساد
  • تعيين الدكتورة إيمان كريم ضمن المهتمين بالمجلس الأعلى للهلال الأحمر المصرى
  • كاسترو: جيسوس صديقي ولديه خرافة في المباريات .. فيديو
  • شاهد بالصور والفيديو..  (لما أكون سورية وجوزي سوداني لازم ألبس الجرتق).. عروس سورية تنشر مقطع مع عريسها السوداني والجنس اللطيف يسخر: (وتتواصل عمليات الشفشفة لمنتجاتنا وخيراتنا ونحنا بنتفرج)
  • القحطاني يوضح هل التنسيم في الرأس حقيقي أم خرافة .. فيديو