في أحدث خطاباته العسكرية، شنّ مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، هجوما جديدا على دولة الإمارات، متهما رئيسها محمد بن زايد بالعمل على تدمير السودان، من خلال تقديم العتاد العسكري لقوات الدعم السريع.

ودرج العطا، الذي يشرف على العمليات العسكرية في منطقة أم درمان، على توجيه انتقادات تُوصف باللاذعة إلى الدولة الخليجية، وكثيرا ما يطلق عليها "دولة الشر".

وبرأي مراقبين، فإن العطا يبدو أكثر جنرالات الجيش السوداني انتقادا للإمارات، وأكثرهم تشددا ضد قادتها، بخلاف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه شمس الدين كباشي، الذين لم يهاجما الدولة الثرية بذات الحدة التي ينتهجها العطا.

ويرى المحلل السياسي، محمد خليفة صديق، أن "هناك تقسيما للأدوار بين قادة مجلس السيادة السوداني" مشيرا إلى أن "البرهان باعباره رئيسا لمجلس السيادة لا يريد حرق كل مراكب العودة".

وقال صديق لموقع الحرة إن "التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لا يزال قائما، كما أن الذهب السوداني يصل الأسواق الإمارتية، في حين تقوم منظمات إماراتية بتقديم العون لمتضررين من حرب السودان".

وأشار إلى أن الإمارات حاضرة كذلك في الحراك السياسي والإنساني بخصوص الأزمة السودانية، إذ شاركت مؤخرا في المؤتمر الذي نظمته الحكومة المصرية لبحث سبل إيقاف الحرب، كما شاركت في مؤتمر باريس للمانحين، وقدمت تبرعا في المؤتمر".

وأضاف: "كذلك يضع بعض قادة الجيش ومجلس السيادة اعتبارا للدبلوماسية والمستقبل وللجالية السودانية في الإمارات، ولذلك لا يصعّدون كثيرا ضد الحكومة الإماراتية".

في ديسمبر الماضي، وصل الخلاف بين السودان والإمارات إلى مرحلة التصعيد الدبلوماسي، إذ أعلنت الخرطوم 15 من الدبلوماسيين العاملين في سفارة الإمارات أشخاصاً غير مرغوب فيهم.

وجاءت الخطوة السودانية ردا على قرار إماراتي بطرد المحلق العسكري بسفارة الخرطوم في أبوظبي وعدد من الدبلوماسيين، من أراضيها. في حين لا تزال سفارة كل بلد من البلدين تعمل في البلد الآخر.

ويرى المحلل السياسي، حسن إسماعيل، أن "التقديرات السياسية" والقناعات تتفاوت بين قادة الجيش، مشيرا إلى أن ذلك يؤثر في طبيعة الخطاب الرسمي.

وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن المهارات الخاصة بالخطاب وبكيفية إنتاج خطاب تعبوي ومتى تُظهر أو تُخفي العدوات، يتم اكتسباها، إما بالتدريب وتراكم الخبرة، أو أن تكون وسط مجموع سياسي ناضج، يحدد لك خططا مدروسة ومعدة بعناية".

وأضاف "اعتقد أن خطاب العطا فيه إسراف شديد جدا، وإذا لم يكن يستند على اتفاق داخل الصندوق القيادي، فإنه سيولد مشكلات داخلية".

وتابع قائلا "قد تكون هناك معلومات صحيحة يُراد إيصالها إلى طرف أو أطراف محددة، لكن يجب أن يُراعي في أي خطاب الظرف الزماني والظرف المكاني، وكذلك اختيار العبارات والمفردات، حتى لا يكون الخطاب مؤذيا أكثر من كونه مفيدا".

ولفت المتحث ذاته، إلى أن المجموعة التي صعدت إلى حكم السودان عقب سقوط نظام البشير، سواء من العسكريين أو المدنيين، تفتقر إلى الخبرة السياسية والقدرة على إنتاج خطاب سياسي يخدم الدولة السودانية.

أسباب تزايد المخاوف من انهيار مفاوضات جنيف عن السودان مع تصاعد الرهان عليها في تسهيل عمليات إغاثة المتضررين من الحرب، تواجه المفاوضات غير المباشرة التي تقودها الأمم المتحدة بين وفد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في جنيف، مصاعب ربما تضعها أمام شبح الانهيار سريعا، وفق مراقبين.

ولا تتوقف اتهامات الحكومة السودانية ضد الإمارات على ما يصدر من بعض القادة العسركيين، إذ صعّد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، لهجته ضد الدولة الخليجية بمجلس الأمن.

ووقع صدام بين الحارث، وبين سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، في جلسة عقدها مجلس الأمن في 18 يونيو، عن الأوضاع السودانية، إذ اتهم المندوب السوداني أبوظبي بأنها الراعي الإقليمي لتمرد الدعم السريع.
 
ووصف أبو شهاب، الاتهامات السودانية بأنها "سخيفة وباطلة، وتهدف لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الجسيمة التي تحدث على الأرض".

وفي المقابل، يرى الباحث والأكاديمي، فاروق عثمان، أن "ياسر العطا يتحدث بهذه الدرجة من الوضوح، لأن الواقع يتطلب ذلك، ولأن دعم الإمارات لميليشيا الدعم السريع تجاوز كل الحدود".

وقال عثمان لموقع الحرة، إن "حديث العطا يعبّر عن معظم السودانيين الذين يرفضون أي تدخلات خارجية تحاول فرض رؤيتها عليهم وعلى بلادهم، أو تسعى لنهب خيراتها".

وأشار إلى أن حديث العطا وهجومه على الإمارات يجب أن يجري على ألسنة كل قادة الجيش، حتى لا يُفهم أن هناك انقساما في طريقة وآلية التعامل مع أي دولة تستهدف السودان".

في المقابل، يرى المحلل السياسي، الفاضل منصور، أن "العطا يعبّر عن الحركة الإسلامية السودانية، وعن جماعة الإخوان المسلمين، ولا يعبّر عن الشعب السوداني الذي يكنّ احتراما للإمارات التي كثيرا ما تسنده وقت الشدة".

وقال منصور لموقع الحرة، إن "الحركة الإسلامية تراهن على العطا كأحد أدواتها للعودة إلى السلطة، وهو موثوق عندها أكثر من البرهان".

وأشار إلى أن وجود العطا في منطقة أم درمان التي يوجد فيها عناصر الحركة الإسلامية، والنظام السابق، وكتيبة البراء بن مالك، أثرّت على خطاباته العدائية تجاه الإمارات".

ولفت المتحدث ذاته، إلى أن "العطا يدعم تسليح المقاومة الشعبية التي يعترض عليها كباشي، وسبق أن حذر جماعة الإخوان من السيطرة عليها، مما يؤكد أن العطا يعبّر عن النظام السابق، ولا يعبّر عن السودانيين".

كيف يؤثر نظام البشير على أحدث مبادرات حل أزمة السودان؟ في محاولة جديدة لإنهاء حرب السودان، أعلن الاتحاد الأفريقي عن حوار بين عدد من المكونات السياسية السودانية، بغية التوصل إلى مسار يؤسس لوقف القتال وإطلاق عملية سياسية تعيد البلاد إلى مسار الاستقرار.

وفي إفادة سابقة لموقع الحرة، أشار المحلل السياسي الإماراتي، ضرار الفلاسي، إلى أن "الحكومة السودانية درجت على إطلاق الاتهامات في مواجهة الإمارات دون دليل، ما يؤكد أن تلك الاتهامات تنطلق من أجندة سياسية".

وقال الفلاسي إن "الاتهامات التي يطلقها قادة بالحكومة السودانية والجيش السوداني، تعبر عن موقف جماعة الإخوان المسلمين التي تخطط للعودة إلى حكم السودان".

ولفت إلى أن "الحكومة السودانية تبحث عن مبرر للتهرب من مسؤوليتها في إيصال السودان إلى هذه المرحلة من الاقتتال، وللتهرب من مسؤوليتها في الأوضاع الإنسانية القاسية التي تعيشها قطاعات من السودانيين، بإصرارها على الحرب".

من جانبه، استبعد صديق، أن يكون لظرف المكان أثر في مواقف العطا، مشيرا إلى أن المقرات العسكرية الموجودة في أم درمان تابعة للجيش، رغم أنها تضم تشكيلات أخرى مثل كتيبة البراء بن مالك وغيرها".

ولفت إلى أن العطا يخاطب الرأي العام الشعبي والوجدان السوداني، "لأن كثيرا من السودانيين على قناعة بأن الإمارات تمد قوات الدعم السريع بالسلاح والعتاد الحربي".

وأضاف "لا أظن أن العطا يتحدث من منطلقات شخصية، أو أنه يحاول تقديم نفسه للشعب السوداني قائدا محتملا، أو بديل للبرهان وكباشي، كل ما في الأمر أنه يعتقد أن التصعيد الإعلامي ضد الإمارات سيحرك المنظمات الإقليمية والدولية". 

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخليا، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة المحلل السیاسی الجیش السودانی الأمم المتحدة الدعم السریع لموقع الحرة قادة الجیش یعب ر عن أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يحرر 71 طفلًا زجّت بهم قوات الدعم السريع في القتال

كشفت مصادر عسكرية لقناة RT أن الجيش السوداني تمكن من تحرير 71 طفلًا كانت قد زجّت بهم قوات الدعم السريع في جبهات القتال، في انتهاك واضح للقوانين الدولية التي تحظر تجنيد الأطفال.

وأوضحت المصادر أن استخبارات الفرقة الثالثة مشاة بمدينة شندي التابعة للجيش السوداني قامت بعملية التحرير بالتنسيق مع الجهات المختصة، وتمت إعادة الأطفال إلى أسرهم بعد جهود مكثفة.

وبحسب التفاصيل، فقد جرى تسليم 66 طفلًا إلى ذويهم بالتعاون مع المجلس القومي لرعاية الطفولة، فيما تولى سلاح المدفعية تسليم 5 أطفال آخرين إلى أسرهم.

ويأتي هذا التطور وسط تصاعد الاتهامات الموجهة لقوات الدعم السريع بتجنيد الأطفال قسريًا واستخدامهم في النزاع المسلح، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية، من أبرزها اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.

وأكدت السلطات السودانية التزامها بمواصلة العمل على تأمين الأطفال المتأثرين بالنزاع، وضمان إعادتهم إلى بيئة آمنة تحفظ حقوقهم وتحمي مستقبلهم.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند الجيش السوداني يحرر 71 طفلًا زجّت بهم قوات الدعم السريع في القتال العدوان الإسرائيلي يتصاعد في غزة قواعد الإتيكيت لتناول البطيخ مشروب فعال لحرق دهون البطن السفلية أجمل العبارات والنكت المضحكة تناسب يوم الجمعة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • بعد توليه رئاسة الحكومة السودانية.. من هو كامل إدريس؟
  • كامل إدريس يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للوزراء في السودان
  • الجيش السوداني يُنقذ 71 طفلاً من قبضة الدعم السريع
  • داعش يتبنى أول هجوم ضد الجيش السوري الجديد منذ سقوط نظام الأسد
  • الجيش السوداني يحرر 71 طفلا من “الدعم السريع”
  • الجيش السوداني يحرر 71 طفلًا زجّت بهم قوات الدعم السريع في القتال
  • مدير مخابراتها التقى البرهان ومفضل.. افريقيا الوسطى.. “اعادة ضبط المصنع”
  • البرهان يصدر قرار عاجل بشأن إتهامات أمريكية بإستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب
  • البرهان يُشكل لجنة للتحقيق بمزاعم استخدام السودان أسلحة كيميائية
  • بعد أكثر من 15 سنة من الانتظار .. السوداني يوافق على تعيين آلاف العقود في نينوى