سارة البريكية
Sara_albreiki@hotmail.com
إنَّ الأمان الذي يشعر به الفرد وهو محاط بهذا الكم الهائل من الرعاية، يُشعر الواحد منَّا أن كل بقعة من أرض وطنه هي بيته؛ فالتنزه ليلاً على البحر حافي الأقدام أمان، والمشي في أرجاء الحي الذي نقطن فيه في كل الأوقات أمان، وتنقلي بين ولاية وأخرى لغرض العمل أو التنزه أمان، ومتعة وممارسة أغلب النشاطات المختلفة أو الأعمال أو السعي في طلب الرزق أمان، ومحاولة إيجاد حل لأي مشكلة تعترض طريقك في أي بقعة من هذه الأرض أمان، لأنَّ كل مكان هو مكانك، وكل بيت هو بيتك، وكل شجرة هي ظلك، وكل ظل هو أنت.
لا كلمات تصف مدى حُبك لهذا الوطن، ولا عبارات الشعر والقوافي التي تبقى في كتابتها ساعات وأيام تفي بالغرض، ولا الحنين الذي ينتابك وأنت خارج الوطن تستطيع وصفه حتى تعود وتتنفس الصعداء، ولا وجوه تشبه وجوه ناسك وأبناء وطنك أو زيهم الرسمي وشعورك بالانتماء لكل فرد فيهم والسعادة التي تغمرك وأنت ترى سيارة بها رقم بلدك وأنت خارج الوطن.
أيُّ انتماء تشعر به وأنت تحب تلك الأرض الطيبة التي سقتك من عذب هواها وارتويت من حب ناسها، ولحنت أغانيك الوطنية ورددتها وأنت مبتهج (وطني، سلطنة عمان، إذا هب الهبوب، تنزاح الرمال، يالرياح الدورج، ما تهزي الجبال، أنا لست الجنوب، ولا أيضا شمال، أنا من عمان، وطني عمان، سلطنة عمان مجدي، هنا جدي، روحي هنا دمي، أنا بدوي أنا حضري أنا جبلي أحمي ريفي، رتبتي جندي، مقاتل ومحارب عسكري)
هكذا يمَّمت بروحك شطر الأرض التي وُلدت فيها وستدفن فيها ولاءك وانتماءك وحبك وعرفانك، عزفُك الأبدي وقصيدتك العظيمة ينابيع السلام ولحن الوئام، أمك ووالدك، أهلك وإخوتك، قومك وقبيلتك وأصدقائك، الذين قضيت معهم أزكى أوقاتك ضحكاتك التي علت في سماها، لا تسمح لك أن تكون نباتًا سامًّا يرتوي من الماء العذب الزلال، ولو كنت كذلك لبترت من جذورك حتى تكون عِبرة لمن لا يعتبر. أما عن تطرُّفك وهمجيتك وعنفوانك الذي لم يكن في محله أبدا.. فقط سقطت جذورك في ليل عتيم وتناقلت أخبارك الصحف، فسُجل اسمك في سجل التاريخ بأنك خائن، والخائن لا يدوم بين الأحبة، فكنت مثالا سيئا وعبرة لمن تسول له نفسه المساس بأمان الدولة والتلاعب بأمنها واستقرارها، أما طريق الخطأ الذي سلكته فستدفنه الرياح وسيعود كل شيء كما كان.
الهواء الطلق يعبر من مساحات النوافذ وسكيك الحواري ورائحة اللبان تفوح في كل بيت وزقزقة العصافير في كل صباح تعود لتملأ الحياة بالسعادة والبهجة والسرور وزهرة الياسمين وعطر الورد يعبق من صوت ترتيل القرآن في مساجد الحي الذي تقطن فيه، ونعود لحمة واحدة لا شقاق ولا فتن، ولا خوف ولا انقسام، أشقاء، كلٌّ منا يخاف على الآخر، متسامحين لأبعد الحدود الإنسانية، حَسِني السمعة والصيت، ولاؤنا للوطن وللقائد الباني، نبني دولة عصرية قوية متسامحة راسخة متينة لا تهزُّها الرياح العابرة، نقف جنبا إلى جنب، ننصر الحق ونساعد المظلوم ونعاقب الظالم، ونروي حقول الصبر بالكفاح والنجاح، ونكتب قصائد الفخر والاعتزاز بالوطن الأبي، نعزز أصولا ونطرح حلولا، ونرسم خارطة طريق لتحقيق طموحات وآمال وأهداف، ولنرى اسم سلطنة عُمان في الطليعة.
إنَّ التسامح والتعاضد والتعاون والاحترام المتبادل بين كل الطوائف التي تسكن في هذا البلد يشار إليه بالبنان، فكانت ولا تزال الدولة المتسامحة، التي كان لسان حالها يقول إننا سواسية مهما تعددت المذاهب.
نقطة....،
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ثلث الضحايا من القاصرات.. اغتصاب وزواج قسري.. ضحايا العنف الجنسي في السودان
وقعت آلاف السودانيات ضحايا العنف الجنسي منذ بدأت الحرب في أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، بحسب تقديرات منظمات حكومية وغير حكومية.
ووثّقت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة للحكومة السودانية 1138 حالة عنف جنسي منذ بداية الحرب، لكن هذا الرقم لا يتجاوز “10% من العدد الحقيقي”، وفق ما تقوله مديرتها سليمة إسحاق الخليفة.
وتتّهم منظمات دولية قوات الدعم السريع باستخدام العنف الجنسي الممنهج، بما يشمل الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري، كسلاح في حربها ضد الجيش النظامي.
خُيّرت بين الاغتصاب أو قتل والدها
حين اقتحم أحد عناصر قوات الدعم السريع منزل عائشة في الخرطوم، أعطاها خيارين أحلاهما مر: أن تتزوجه، أو يقتل والدها، بحسب ما تقول. لم تأخذ وقتًا طويلًا في التفكير، وقايضت حريتها بحياته.
تتهم منظمات دولية قوات الدعم السريع باستخدام العنف الجنسي الممنهج كسلاح في حربها ضد الجيش – غيتي
وتقول الشابة السودانية لوكالة فرانس برس: “خفت على أبي، لذلك وافقت على الزواج”.
وتزوجت عائشة (22 عامًا) -التي طلبت استخدام اسم مستعار- واحتُجزت عامًا كاملًا في منزل غير بعيد من بيت عائلتها، حيث تعرّضت للاغتصاب والضرب المتكرر حتى انتهى بها المطاف إلى الإجهاض.
قبل اندلاع الحرب عام 2023، كانت عائشة طالبة في كلية تكنولوجيا المعلومات. لكن بعد اندلاع النزاع والزواج القسري أصبحت “محطمة نفسيًا”، كما تقول لفرانس برس بصوت مرتجف.
إقرأ أيضاً
وفي مدينة بورتسودان في شرق السودان -والتي بقيت حتى أيام خلت في منأى عن أعمال العنف- وجدت بعض الناجيات ملاذًا في مؤسسة “أمان”.
ومنذ تأسيسها في أغسطس/ آب 2024، قدمت “أمان” المساعدة لأكثر من 1600 من الهاربات من العنف الجنسي. وتقدم لهن استشارات نفسية وخدمات صحية وقانونية، وحتى تدريبات مهنية في الخبز والحياكة والتطريز.
وفي منزل صغير متواضع في أحد أحياء بورتسودان الهادئة، تتشارك الناجيات في “أمان” غرف نوم ومطبخًا فيه طاولة صغيرة تتناولن إليها الطعام. وعلى الطرف الآخر، غرفة معيشة تضم تلفازًا.
وعلى بساطته، يوفر لهن البيت رفاهية تحرم منها مئات الآلاف من السودانيات.
وفي مكتبها في “أمان”، تتصفح المستشارة النفسية لبنى علي ملفات النساء اللاتي تواصلن مع المركز، الذي يقدم الدعم لنساء من ولايات دارفور والجزيرة والخرطوم وغيرها.
ثلث الضحايا من القاصرات
تقول المستشارة النفسية لوكالة فرانس برس: “معظم الحالات التي تأتينا تم اغتصابها من أكثر من شخص واحد”، وتضيف: “مرت علينا حالة لفتاة اغتصبها عشرة من مقاتلي الميليشيا”، في إشارة ّإلى قوات الدعم السريع.
وبحسب علي، فإن ثلث ضحايا العنف الجنسي لدى المركز هن قاصرات “بنسبة 33,5%”، وتأتي الكثير منهن حوامل.
ويساعد “أمان” الناجيات على الخروج من الولايات حيث تعرّضن للعنف، وعلى استكمال دراستهن بعد فترة مكوثهن في المركز التي تراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، أو حتى تضع الحامل مولودها.
ويقدم “أمان” الاستشارة للفتيات في حال اخترن التخلي عن أطفالهن الناتجين عن الاغتصاب للتبني، محذرة من أن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع في الفترة المقبلة.
وتؤكد علي أن المركز يحرص على خصوصية الناجيات: “أول شيء نقوله لهن هو أن ما يهمنا هو صحتكن النفسية والجسدية”.
وأسفر النزاع في السودان، الذي دخل عامه الثالث، عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص، وتسبب في ما تصنّفه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.
في “أمان” تجلس سلمى (23 عامًا) في غرفة المعيشة الصغيرة تقرأ كتابًا وتشرب الشاي. وكانت سلمى قد هربت من مدينة “حصاحيصا” في ولاية الجزيرة، حيث تعرضت للعنف من مقاتلي الدعم السريع.
وتقول سلمى -التي طلبت كذلك استخدام اسم مستعار- إنها تعرضت وثلاث أخريات للتحرش الجنسي من قبل مقاتلين اقتحموا منزلًا كنّ يختبئن فيه.
وذكرت لوكالة فرانس برس: “كانوا ثمانية. وتعرضنا للضرب والتحرش، واغتصبوا بعضنا وضربوا أخريات بالسلاح، وأنا منهن”، مضيفةً: “دخلت في حالة صدمة. لأني رأيت منظرًا لم أستطع تخطيه”.
معاناة نفسية
وبحلول ديسمبر/ كانون الأول 2023، نزحت مئات الآلاف من النساء من ولاية الجزيرة التي اقتحمها مقاتلو الدعم السريع وأطبقوا الحصار على عدد من القرى.
قدمت مؤسسة “أمان” المساعدة لأكثر من 1600 من الهاربات من العنف الجنسي في السودان – غيتي
وفي بداية العام الجاري، سيطر الجيش على الجزيرة وأخرج قوات الدعم السريع منها، لكن سلمى التي نزحت إلى بورتسودان لا تستطيع “تجاوز ما حدث”.
وتقول لوكالة فرانس برس: “أريد أن أكمل دراستي وألتفت لمستقبلي، ولكن مرات كثيرة أجد نفسي غارقة في التفكير فيما حدث معي”.
وتقدم آمنة (23 عامًا) الاستشارة النفسية لنزيلات “أمان”، بعدما تعرضت هي للاحتجاز في الخرطوم لمدة 11 يومًا بسبب ارتباط أخيها بالحكومة السودانية.
واحتُجزت آمنة مع عشرات الفتيات اللاتي تعرضن “لأسوأ أنواع المعاملة”، حيث تم تزويج بعضهن قسرًا، بينما تم اتخاذ أخريات “كرهائن من أجل التفاوض”.
وتقدم آمنة حاليًا المساعدة للناجيات في “أمان”، بينما تواصل رحلتها للتعافي.
وفي مصر التي نزح إليها مليون ونصف مليون سوداني منذ بدء الحرب، تلتقي المعالجة النفسية سارة منتصر يوميًا بخمس ناجيات من الاغتصاب على الأقل، في أحد مراكز المساعدة بالقاهرة.
وتوضح منتصر لوكالة فرانس برس، أنه ينبغي على الناجيات أن ينخرطن بفاعلية في خطة علاجهن، موضحةً أنه بسبب الصدمة التي تعرضن لها “لا يعدن قادرات على النوم أو ممارسة الحياة الطبيعية”.
وتسأل آمنة: “نحن ضحايا لشيء لا يد لنا فيه ولا ساق. لماذا حدث لنا ذلك كله؟”.
قناة العربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب