الوطن:
2025-07-31@09:37:42 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

نشأت القوانين كنتيجة لتطور المجتمعات وحاجتها لتنظيم العلاقات بين أفرادها من جهة وبين السلطة العامة من جهة أخرى، إضافة للحاجة لتنظيم العلاقة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فالإنسان بوصفه كائناً اجتماعياً يسعى لتحقيق رغباته الفردية فى إطار الجماعة، وذلك يستتبعه تعارض المصالح بين الأفراد من جهة وبين مصالح الأفراد ومصالح المجتمع من جهة أخرى.

ولعل قانونى الإجراءات الجنائية والعقوبات باعتبارهما جناحى العدالة، هما النموذجان المعبران عن دور التشريع فى استقرار النظام الاجتماعى وتحقيق العدالة والأمن والتوفيق بين الرغبات والمصالح المتعارضة من خلال القاعدة القانونية العامة والمجردة التى تتضمنها نصوصه.

وقضية الحبس الاحتياطى ليست مجرد مسألة فئوية أو نوعية، بل هى قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، ومتعلقة بحق لصيق وهو الحق فى الحرية الشخصية، خاصة مع توافق كافة القوى السياسية وسلطات الدولة ومؤسساتها على ضرورة تعديل مواد الحبس الاحتياطى وتقييدها فى قانون الإجراءات الجنائية، باعتبارها مسألة لصيقة بالحق الشخصى للفرد، ولمعالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية الناتجة عن الحبس الاحتياطى، سواء على الفرد أو أسرته.

كما ترجع أهمية تقييد مدد الحبس الاحتياطى وتقييد الإطار التشريعى الحاكم لها، إلى التطور الملحوظ نحو تحقيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تضمن محورها الأول عن الحقوق المدنية والسياسية تحديات عديدة، كان من بينها ما هو متعلق بالحق فى الحرية الشخصية، وقد حددت «الاستراتيجية» عشرة تحديات من بينها ثمانى نقاط متعلقة بنصوص قانون الإجراءات الجنائية تخص الحبس الاحتياطى وأخرى متعلقة بقانون العقوبات.

ولعل هذا يؤكد أن تعديل نصوص الحبس الاحتياطى ليس بمعزل عن باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فمن غير المتصور ضمان تطبيق تلك التعديلات لتتوافق مع المطالب الوطنية ومع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من دون إعادة تنظيم دور النيابة العامة وتفعيل دور قاضى التحقيق، وعدم ترك مساحات تقديرية لسلطة التحقيق فى الاحتجاز باسم الحبس الاحتياطى، وكذا علاقة تلك التعديلات بالتنظيم القضائى ذاته، والتى ستفرض على القضاء مسئولية وعبئاً مضاعفين مناطهما سرعة الفصل فى الدعاوى الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة، دون إخلال بالمنظومة القضائية.

وبالرغم من هذا الارتباط الوثيق بين كافة نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فإن إعادة النظر فى نصوص الحبس الاحتياطى باعتباره من أولويات العمل والإجماع الوطنى، تفرض علينا سرعة إصدار قانون بتعديل تلك النصوص، مع استكمال المناقشة والدراسة حول التعديل الشامل لقانون الإجراءات الجنائية.

وكذا دراسة وبحث مسألة التنظيم القضائى لما سيفرضه هذا التعديل من ضرورة ضمان حسن سير وتحقيق العدالة الجنائية للأفراد والمجتمع بذات القدر الذى نضمن من خلاله حماية الحق فى الحرية الشخصية وتحقيق التوازن بينهما بما لا يخل بأمن واستقرار المجتمع.

فتقييد مدد الحبس الاحتياطى يفرض على سلطات التحقيق، سواء من النيابة العامة أو من قاضى التحقيق، سرعة الانتهاء من التحقيقات بما لا يخل بتحقيق العدالة، وهى مسائل يجب مناقشتها من خلال باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية.

ولعل الجلسة الأخيرة للمتخصصين التى دعا لها مجلس أمناء الحوار الوطنى لمناقشة قضايا الحبس الاحتياطى قد حملت فى طياتها الكثير من التوافق الذى وصل لدرجة الإجماع حول ضرورة معالجة قضايا الحبس الاحتياطى بما تسببت نصوصه الحالية من تعدٍّ على الحقوق الشخصية وكذا آثارها البالغة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للفرد وأسرته.

وقد توافق الجميع على تقييد المدد الواردة فى القانون الحالى، وضرورة إعمال وتطبيق بدائل الحبس الاحتياطى الواردة فى القانون، فضلاً عن الحق فى التعويض عن الحبس الاحتياطى الذى يخالف القانون ويسبب ضرراً للفرد، ولعل قضية تعاصر القضايا تُعد من أعقد القضايا المطروحة والتى تحتاج لمزيد من البحث والدراسة نظراً لتأثيرها على منظومة تحقيق العدالة الجنائية.

فالإجماع الوطنى حول معالجة قضايا الحبس الاحتياطى وتأثيراته باعتبارها قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، خاصة مع الدور البارز لمجلس النواب من خلال اللجنة الخاصة المُشكلة لمراجعة ودراسة وإعداد مشروع قانون بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، والتى كادت تُنهى أعمالها، يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بشأن تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويمثل تطلعاً نحو مزيد من التشريعات والتطوير المؤسسى نحو تعزيز المشاركة فى الشأن العام

*عضو المكتب السياسى لحزب التجمع

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطي الحوار الوطني البرلمان الحبس الاحتیاطى من جهة

إقرأ أيضاً:

وزير العدل : الإمارات تطور منظومة وطنية رقمية ترتكز على العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان

أكد معالي عبد الله سلطان بن عواد النعيمي ، وزير العدل ، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، التزام دولة الإمارات الراسخ بمحاربة جريمة الاتجار بالبشر التي تُعد انتهاكاً للكرامة الإنسانية.

وقال معاليه، في تصريح له بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يصادف 30 يوليو من كل عام، إن دولة الإمارات تعمل باستمرار على تطوير منظومة وطنية رقمية متكاملة ترتكز على العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان، مشيراً إلى الأهمية الكبيرة التي توليها الدولة لتوظيف التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لدعم الجهود الوطنية في تسريع الإجراءات، والتنسيق بين الجهات المعنية بما يسهم في التخفيف من معاناة الضحايا وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

وأكد معاليه أن التصدي الفاعل لهذه الظاهرة يتطلب تعاوناً دولياً شاملاً، لافتا إلى حرص دولة الإمارات على تعزيز شراكاتها مع جميع الدول والمنظمات العالمية وتبادل الخبرات والمعلومات من أجل بناء جبهة موحدة ضد الاتجار بالبشر، باعتبار أن القضاء على هذه الجريمة مسؤولية مشتركة لا تتحقق إلا بتكاتف الجميع.


مقالات مشابهة

  • احذر.. الحبس 5 سنوات وغرامة 1000 جنيه عقوبة الإضرار بالوحدة الوطنية
  • العين السابق عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : بعد كلام الملك يسكت كل كلام
  • الحبس 6 أشهر وغرامة 5 آلاف جنيه.. عقوبة ارتكاب فعل فاضح في القانون
  • الداخلية تضبط 6 قضايا إتجار بالمخدرات فى أسوان ودمياط
  • طاهر الخولي: الدستور يُقر بقانون الإيجار القديم ضمنيا إذا لم يُصدره الرئيس خلال 30 يومًا
  • وزير العدل : الإمارات تطور منظومة وطنية رقمية ترتكز على العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان
  • بلال قنديل يكتب: الاختيار
  • د. نزار قبيلات يكتب: فلسفة القيم
  • بعد إقرار القانون.. العدل تحدد مقار 38 محكمة عمالية متخصصة
  • احذر .. الحبس 3 أشهر عقوبة تحريض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال