سودانايل:
2025-08-02@13:36:32 GMT

أسباب وعوامل فشل وتفكك ما يسمى بدولة 56

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

فى البدء لابد ان اوضح اننى لست ممن يعتقدون انه قامت فى السودان دولة يمكن تسميتها بدولة 56
نحن فقط ورثنا دولة اقامها الاستعمار البريطانى بداية من يوم الثانى من سبتمبر 1898تاريخ الهزيمة فى كررى حيث بدأ كتشنر فى اقامة دولة من الصفر واستمرت تلك الدولة فى النمو والتطور حتى الاول من يناير 1956 تاريخ اعلان الاستقلال وخروج المستعمر.

صحيح اننا ادخلنا عليها بعض التحسينات الشكلية كاجراء الانتخابات وقيام البرلمان ولكن جوهر الدولة بقى كما هو. هذا موضوع قد اعود للتفصيل فيه لاحقا.
ورثنا تلك الدولة ثم بدأنا فى تخريبها شيئا فشيئا حتى وصلت الى الحالة التى نعيشها الان من اللا دولة.
سوف احاول فى هذا المقال تحديد الاسباب والعوامل التى اعتبرها الرئسيةالتى ادت الى تخريب تلك الدولة العظيمة التى ورثناها وتتمثل تلك العوامل والاسباب فى الاتى:
اولا ضعف الحركة السياسية التى قاومت الاستعمار وتحولها السريع من مجرد مجموعات من المثقفين انشأت مؤتمر الخريجين الى احزاب سياسية مما أضعف ارتباطها المؤسسى مع حواضنها الاجتماعية وعدم امتلاكها لبرامج اقتصادية وتنمويةوانغماسها حال وصولها الى المناصب فى المماحكات والالاعيب السياسية.
كما ان النخبة التى تولت الحكم هى تربية واعداد دولة الاستعمار التى اعدتهم لتنفيذ اجندتها وليس الاجندة الوطنية بما فى ذلك قوة دفاع السودان واجهزة الامن التى اعدها الاستعمار لتنفيذ سياساته.لم تكن تلك النخبة تنقصها الوطنية او الاخلاص او الذكاء ولكنهاكانت تمارس العمل الدستورى والتنفيذى دون خبرات سابقة فى تلك المجالات فوقعت فى كثير من الاخطاء
لذلك فشلت الطليعة المثقفة فى تنوير الجماهير وقيادتها واصبحت هى مطية للطوائف الدينية وزعماء القبائل الذين يستغلون نفوذهم ليوصلوا من يريدون الى البرلمان او الوزارة فيفوز عبدالله خليل فى دائرة ام كدادة التى ربما لم يرها فى حياته.

ثانيا العجلة التى خرجت بها دولتى الحكم الثنائى وتركها للدولة الوليده تواجه مصيرها مع ضعف الخبرات لدى الطواقم الحزبية التى تولت المناصب الدستورية والتنفيذية.مصر خرجت وهى غاضبة بعد ان خذلها الاتحاديون باعلانهم الاستقلال بدلا عن الاتحاد مع مصر فانسحبت تماما من المشهد السياسى ولم تعد اليه الا بعد انقلاب عبود وحتى هذه العودة كانت ضرورية لمصالح مصر فى مياه النيل وقيام السد العالى.بريطانيا ايضا كانت تتوقع فوز حزب الامة فى الانتخابات وتنتظر انضمام السودان الى رابطة دول الكومونولث الشيء الذى لم يحدث ولم تعد لبريطانيا مصالح فى السودان ما عدا القطن الذى كانت سوف تشتريه على اي حال.

ثالثا الحرب فى الجنوب والتى اشتعلت قبل اعلان الاستقلال والتعامل الخاطئ من قبل الحكام الشماليين مع رغبات ابناء الجنوب وطموحاتهم وتحويل التمرد الذى حدث الى حرب اهلية ومن ثم التعامل معه بوصفه تمردا عسكريا وليس مظهرا من مظاهر التعبير عن الظلم.والنزاعات الاهلية خاصة فى الغرب والتى تحولت فينا بعد الى حرب ضروس غذتها غياب مشروعات التنمية عن تلك المناطق مع اتهام طال اهل الشمال النيلى بالانفراد بحكم المركز والذى وفر للحرب بعدا فكريا.

رابعا الانقلابات العسكرية التى عطلت مسار الديمقراطية وحرمت الشعب السودانى من ممارستها ومن ثم التعلم منها.وخلق مؤسسات تشريعية وتنفيذية تابعة للنظام تأتمر بامره فغاب النقد والتوجيه والمحاسبة.ولما كانت القوى السياسية تعود بعد كل فترة اثر ثورة شعبية تطيح بالنظام الدكتاتورى،فانها كانت تعود وهى اضعف بسبب غياب القيادات الكاريزمية ونشوء اجيال جديدة قليلة الارتباط بالاحزاب وبالعمل السياسى عموما.وكذلك كانت تواجه بعداء من الذين اكتسبوا نفوذا واهمية من خلال موالاتهم للنظم العسكرية فى القوات المسلحة او القوات النظامية الاخرى او فى الخدمة المدنية،الامر الذى يعجل بذهاب الحكومات الديمقراطية سريعا ليحل محلها نظام شمولى جديد.

خامسا سطوة الطائفية الدينيةالمتمثلة فى الطريقتين الكبيرتين الختمية والانصار وانغماسها المباشر فى العمل السياسى والغيرة والتنافس بينهما مما اضعف الحكومات الائتلافية التى قامت ببنهما واعجزها عن اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية ولعل ابرز مثال لذلك اختلاف الصادق المهدى مع اتفاقية الميرغنى قرنق التى ادى تلكؤه فى اجازتها لاعطاء الفرصة للاسلاميين للانقضاض على الديمقراطية فى الثلاثين من يونيو عام 1989 الذين عطلوا الحياة السياسية واشعلوا اوار الحرب فى الجنوب مما ادى الى انفصال الجنوب فى عام 2010
وكذلك بقدر اقل تأثيرزعماء الادارة الاهلية وتفشى القبلية وتأثيرها على نتائج الانتخابات النيابية.

سادسا التطبيق الشائع لنظام الحكم الفدرالى دون ان تكون لوحدات الحكم والولايات الامكانيات المناسبة من موارد وقيادات ادارية ومؤسسات حكم قادرة الامر الذى عمق من فجوة التنمية وشجع على هجرة السكان الى المدن والحواضر بحثا عن فرص العمل الامر الذى ارهق المرافق الخدمية فى تلك المدن.

سابعا الفشل فى المجال الاقتصادى فطيلة عمر الدولة المزعومة لم تقم الا بضعة مشروعات من التى يمكن تصنيفها مشاريع استراتيجية مثل خزان مروى الذى بالرغم منه مازال النقص كبيرا فى الكهرباء ومثل استخراج البترول الذى ذهبت عائداته الى جيوب بعض المحظوظين من الاسلاميين وفى المقابل دمر ما كان قائما من مشروعات مثل مشروع الجزيرة والسكة الحديد وسودانير والخطوط البحرية. وفى مجال الصناعة فلم تقم اى صناعة استراتيجية والمصانع الصغيرة التى اقيمت اعتمدت على استيراد المواد الخام من الخارج بالعملات الصعبة لتبيع منتجاتها فى السوق المحلى بالعملة المحلية ثم تعود لتشترى الدولار من السوق الموازى لتستورد المواد الخام الامر الذى شكل ضغطا كبيرا على العملة الوطنية التى ظلت تتهاوى امام الدولار.كما استمرت عملية تصدير المواد الخام الاولية بارخص الاسعار لنعود ونستوردها منتجات مصنعة باضعاف ثمنها.اضف الى ذلك القروض الدولارية التى صرفت فى انشاء مشروعات وهمية باضعاف تكلفتها الحقيقية مما ارهق الاقتصاد وحمله ما لا بحتمل .اضف الى ذلك اجراءات التأميم التى اصدرها النميرى أدت الى هروب المستثمرين الاجانب والسودانيبن على السواء.
شره الراسمالية الوطنية وتهريب الثروات الوطنية من الصمغ العربى والثروة الحيوانية والزراعية واخيرا الذهب والمعادن الاخرى وعدم اعادة العائدات منها الى الوطن.

ثامنا وفى محال الخدمات فنأخذ مثالا التعليم الذى شوهت الانظمة الشمولية المتعاقبه سلمه والمناهج التى صممتها قلعة بخت الرضا لتناسب احتياجات الطلاب وتوسع مداركهم وتفى بحاجة الوطن من المتعلمين والتى تخرج عليها الاف العلماء, ثم جاءت الانقاء لتزيل كل ذلك الارث وتستبدله بما اسمته المشروع الحضارى لينحدر مستوى التعليم الى الحضيض فيتخرج من الجامعات طلابا لا يعرفون كيف يكتبون اسماءهم باللغة الانجليزية.
اما حال بقية الخدمات التى شيد أساسها المستعمر فلا اظننى فى حاجة للتطرق اليها.

تاسعا وما فعلته الانقاذ خلال الثلاثين عاما التى جثمت فيها على صدر الشعب يفوق كل هذا فما وجدت من اثر لتلك الدولة الا وازالته وحولت السودان وقدراته ومقدراته لمصلحة حزبها فالغت الدستور وحظرت الحياة السياسية فاشعلت الحرب فى الجنوب وحولتها الى حرب دينية كلفت البلاد والعباد خسائر فى الارواح وتكلفة اقتصادية اقعدت بالتنمية والخدمات وانتهت بفصل جنوب السودان لتفقد البلاد اغلبية مواردها من النفط وربع سكانها وثلث اراضيها. ودمرت الانقاذ كل مؤسسات الدولة واقامت لنفسها مؤسسات موازية يستوى فى ذلك القوات المسلحة والاجهزة الامنية وجهاز الخدمة المدنية فارسلت الالاف من الضباط الى الاستيداع مما افقد القوات المسلحة الهيبة والانضباط والحيدة وكذلك فعلت بموظفى الدولة واستبدلتهم بمن يوالونها فتحولت الخدمة المدنية الى مجموعة من الموظفين المؤدلجين عديمى الخبرة والنزاهة فنهبت اموال الدولة ومواردها التى تحولت الى جيوب منسوبى حزب المؤتمر الوطنى وعم الفساد والرشوة والمحسوبية واصبح المال العام مباحا للمسئولين وقيادات المؤتمر الوطنى واسرهم. أدت هذه الاجراءات الى افقار مؤسسات الدولة من الخبرات التى هاحرت فتهاوت المؤسسات الخدمية من تعليم وصحة وبنية تحتية وتدهورت قيمة العملة الوطنية الى مستويات جعلت الكثيرين عاجزين عن تدبير امور حياتهم ومعيشتهم اليومية.باختصار فقد حولت الانقاذ الدولة الى ضيعة خاصة بالحركة الاسلامية وحزبها المؤتمر الوطنى وما زاد الطين بلة نشوب الحرب فى دارفور وارتكاب خطأ التعامل معها باعتبارها. تمرد وخروج على الدولة تماما كما كان التعامل مع الحرب فى الجنوب.
هكذا كان حال الدولة الى ما قبل ثورة ديسمبر 2018.اما ما جرى بعد ذلك فقد شهدت الساحة جدالا سياسيا عقيما اطاح بكل المكاسب التى ضحى المئات من الشباب بارواحهم ليحققوها انتهى الى الحرب التى تدمر الان ما بقي من تلك الدولة المزعومة فتعقد المشهد الوطنى بحيث لم يعد فى الامكان الامساك باطرافه ومحاولة منعه من التفكك. فتلك رواية لم تكتمل فصولها بعد.
لقد نجحنا فى خلال 68 عاما فى تحطيم ما شيده المستعمر فى 58 عاما وسوف يكشف المستقبل ما اذا كنا قادرين على ان تقيم دولة جديدة بديلة.

محمد فائق يوسف
٢٥ يوليو ٢٠٢٤  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الامر الذى تلک الدولة

إقرأ أيضاً:

هل تقبل صلاة من كانت رائحة فمه سجائر؟

شرب سجائر وصلى ولم يتمضمض فهل يجب عليه الإعادة؟ سؤال أجاب عنه الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال البث المباشر لصفحة الإفتاء عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وأجاب عثمان قائلًا إن السجائر لا تبطل الوضوء ولكنها محرمة، فالتحريم شيء والبطلان شيء آخر.

 وأضاف: “السجائر محرمة لأنها تهلك العافية والمال وكلاهما يكفي فى التحريم، ولكن عندما تذهب للصلاة تذكر حديث ”إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم".

دعاء الصحة وراحة البال.. ردده حتى ينعم الله عليك بالعافية ويطمئن قلبكما سبب عدم البركة في المال؟.. اجتنب 7 أفعال وردد هذا الدعاءهل شرب السجائر يلزم إعادة الوضوء؟

سؤال أجاب عنه الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة دار الإفتاء، عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وقال"ممدوح" إن ما ذهبت إليه دار الإفتاء المصرية هو أن تدخين السجائر حرام، لكنها لا تُبطل الوضوء.

نواقض الوضوء

هناك 6 أمور فقط تنقض الوضوء، باتفاق العلماء، وهي: خروج شيء من السبيلين -القبل والدبر- قليلًا كان أو كثيرًا طاهرًا أو نجسًا، لقوله تعالى: «أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ» [النساء: 43] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» متفق عليه.

الأمر الثاني: سيلان الدم الكثير أو القيح أو الصديد أو القيء الكثير كما يرى الحنفية والحنابلة، لما رواه الإمام أحمد والترمذي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلْسٌ، أَوْ مَذْيٌ فلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلاَتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَكَلَّمُ». أخرجه ابن ماجة. والراجح عدم النقض؛ لضعف الحديث.

الأمر الثالث فزوال العقل بجنون أو تغطيته بسكر أو إغماء أو نوم لقوله صلى الله عليه وسلم: «العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ»، رواه أحمد وابن ماجة بإسناد حسن، موضحا: «ما لم يكن النوم يسيرًا عرفًا من جالس أو قائم فلا ينقض حينئذ»، لقول أنس: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون». رواه مسلم، والمقصود أنهم ينامون جلوسًا ينتظرون الصلاة كما هو مصرح به في بعض روايات هذا الحديث.

الأمر الرابع هو مس القبل أو الدبر باليد بدون حائل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مس فرجه فليتوضأ» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة.

الأمر الخامس غسل الميت، لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء، وقال أبو هريرة: «أقل ما فيه الوضوء»، أما الأمر السادس فـالردة -الخروج- عن الإسلام، لقوله تعالى: «لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك» [الزمر:65].

هل من الضرورى إعادة الوضوء بعد التدخين؟

سؤال أجاب عنه الشيخ عبد الله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث البماشر لصفحة دار الإفتاء المصرية.

وأجاب العجمي، قائلًا: “إنك إن شربت سجائر وتوضئت بعد ذلك فهذا مستحب ويجوز لإزالة الروائح الكريهة فإن لم تتوضأ ومضمضت فمك فقط فوضوئك صحيح ولا شيء فى ذلك”.

طباعة شارك شرب سجائر شرب سجائر وصلى ولم يتمضمض فهل يجب عليه الإعادة الوضوء السجائر لا تبطل الوضوء هل شرب السجائر يلزم إعادة الوضوء نواقض الوضوء هل من الضرورى إعادة الوضوء بعد التدخين

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان:إزالة فى المهد لأى مخالفات مستحدثة على أملاك الدولة
  • استشاري يوضح أعراض سرطان الكبد وعوامل خطورته
  • هل تقبل صلاة من كانت رائحة فمه سجائر؟
  • تعرف علي موعد عودة مصابين الأهلي للتدريبات
  • الصداع النصفي.. أسبابه وأعراضه وعوامل الخطر
  • ???? مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي
  • هل كانت ضوابط النشر العلمي خطأً جسيما أم فضيحة مستورة؟
  • بعد وصية أحمد عامر بحذف أغانيه.. رنا سماحة: لا يوجد نص صريح يحرم الغناء.. فيديو
  • 80 ألف مواطن حملوا تطبيق الوطنية للانتخابات تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 سنة
  • ماذا ينتظر الأقصى فيما يسمى يوم خراب الهيكل؟