في ذكرى وفاته.. رحلة أحمد ديدات من بائع للملح إلى فارس للدعوة الإسلامية
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
يعد أحمد ديدات من أشهر وأفضل الدعاة، اشتهر بعفة اللسان ووجه بشوش، تميز بمناظراته الشهيرة القادرة على إقناع العديد من المفكرين والأشخاص أن الدين الإسلامي هو دين الحق، فدخل مئات الآلاف الإسلام على يديه.
عرف بالحجة القوية جدا وجرأته في الدفاع عن الإسلام، والرد على الأباطيل والشبهات التي كان يثيرها أعداء الإسلام حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ولد الشيخ أحمد حسين ديدات في «تادكهار فار» بإقليم سراط بالهند عام 1918م لأبوين مسلمين هما «حسين كاظم ديدات» وأمه «فاطمة »، ثم انتقل بعد 9 سنوات وعاش في ديربان، نشأ «ديدات» من الطفولة على منهج السنة، فالتحق بالمركز الإسلامي في ديربان لتعلم القرآن الكريم وعلومه وأحكام الشريعة الإسلامية وفي عام 1934م، زار العديد من دول العالم، واشتهر بمناظراته التي عقدها مع كبار رجال الدين المسيحي أمثال «كلارك، جيمي سواجارت، أنيس شروش»، كما أسس معهد السلام لتخريج الدعاة، والمركز الدولي للدعوة.
المهن التي عمل بيها الشيخ «ديدات»قرر الشيخ أحمد ديدات بعد أن أكمل المرحلة الابتدائية العمل مع والده، فعمل في دكان لبيع الملح، ثم انتقل للعمل في مصنع أثاث قضى فيه 12 عامًا، وأخذ يترقى في المصنع من سائق إلى بائع ثم مدير للمصنع، وخلال ذلك التحق الشيخ بالكلية الفنية السلطانية كما كانت تسمى فى ذلك الوقت، فدرس فيها الرياضيات وإدارة الأعمال.
نقطة تحول في حياة الشيخ «أحمد ديدات»تعتبر فترة الأربعينات نقطة تحول في حياة الشيخ ديدات، وكان سببها هو زيارة بعثة آدم التبشيرية في دكان الملح الذي كان يعمل به الشيخ وتوجيه أسئلة كثيرة عن دين الإسلام ولم يستطع وقتها الإجابة عنها، فقرر بعدها أن يدرس الأناجيل بجميع طبعاتها الإنجليزية حتى النسخ العربية، وبعد أن وجد نفسه يمتلك القدرة التامة على العمل من أجل الدعوة الإسلامية ومواجهة المبشرين قرر الشيخ أن يترك كل الأعمال التجارية ويتفرغ لهذا العمل.
كان يوجد عامل مؤثر آخر عمل على تغيير حياة الشيخ لكنه كان فى فترة متأخرة أثناء عمل الشيخ في باكستان وهو كتاب «إظهار الحق» للشيخ رحمت الله الهندي، كان هذا الكتاب العظيم أحد أسباب فتح آفاق الشيخ ديدات للرد على شبهات أعداء الإسلام وبداية منهج حواري مع أهل الكتاب وتأصيله تأصيلاً شرعياً يوافق المنهج القرآني في دعوة أهل الكتاب إلى الحوار وطلب البرهان والحجة من كتبهم ليثبت التحريف، فأخذ الشيخ يمارس ما تعلمه من هذا الكتاب في التصدي لأعداء الإسلام.
سافر الشيخ إلى باكستان فى عام 1949م من أجل المال فقد وجد أنه لكي يجمع مبلغاً يفيض عن حاجته لينفقه في الدعوة كان عليه أن يسافر فمكث في باكستان لمدة ثلاث سنوات، تزوج الشيخ أحمد ديدات وأنجب ولدين وبنتًا، ثم عاد إلى ديربان أصبح مديرًا لنفس المصنع الذي سبق أن تركه قبل سفره ومكث حتى عام 1956م يعد نفسه للدعوة إلى الدين الحق.
في فترة الخمسينات اقترح شخص إنجليزي اعتنق الإسلام اسمه «فيرفاكس» على الشيخ أن لديه الرغبة أن يدرس المقارنة بين الديانات المختلفة، وأطلق على هذه الدراسة اسم «فصل الكتاب المقدس»، في إحدى الأيام تغيب السيد «فيرفاكس» عن الحاضرين، فاقترح الشيخ أن يملأ الفراغ الذي تركه، لأنه كان قد تزود بالمعرفة في هذا المجال، ووكانت أول مناظرة للشيخ، وظل يتحدث إليهم كل أحد لمدة ثلاث سنوات.
ويصف الشيخ هذه الفترة بقوله «اكتشفت أن هذه التجربة كانت أفضل وسيلة تعلمت منها، فأفضل أداة لكي تتعلم هي أن تعلم الآخرين، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَة»، فعلينا أن نبلغ رسالة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، حتى ولو كنا لا نعرف إلاَّ آيةً واحدةً، إن سرّاً عظيماً يكمن وراء ذلك، فإنك إذا بلَّغت وناقشت وتكلمت، فإن الله يفتح أمامك آفاقاً جديدةً، ولم أدرك قيمة هذه التجربة إلا فيما بعد».
في عام 1996 بعد عودة ديدات من أستراليا بعد أصيب بمرض استمر معه لمدة تسع سنوات، فقيل إنه أصيب بجلطة في الشريان القاعدي، بسبب إصابته بالسكري منذ فترة طويلة، وبعدها أصيب بجلطة في الدماغ، وكان يتواصل مع الآخرين من خلال حركات العين.
وتوفي أحمد ديدات صباح يوم الإثنين 8 أغسطس 2005، رحمه الله عز وجل وجعل عمله في ميزان حسناتك ورزقه الفردوس.
اقرأ أيضاًفي ذكرى وفاتها.. هند رستم الخجولة التي تحولت إلى أيقونة الإغراء في الفن المصري
بهذه الكلمات.. هالة صدقي تحيي ذكرى وفاة والدتها «صورة»
دنيا سمير غانم تحيي الذكرى الثانية لوفاة والدتها
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أحمد حیاة الشیخ
إقرأ أيضاً:
تحت الضوء
#تحت_الضوء
د. #هاشم_غرايبه
قبل حوالي عشرين عاما كنت في زيارة سياحية الى تايلاند، وفي عاصمتها “بانكوك” معبد خاص لبوذا فيه تمثال له يزن أكثر عشرين طناً من الذهب الخالص، شاهدت مجموعة سياحية من الكوريين يبدو عليهم الوقار الأكاديمي، يتقدمون بخشوع شديد منه، فيلصقون على التمثال رقائق من الذهب تباع في كشك مجاور، فيتقربون بها منه ، ثم يعودون القهقرى من غير ان يديروا ظهورهم له، احتراما وتبجيلا لهذا الصنم.
دهشت من ذلك التصرف، فكيف يقتنع شخص قطع شأوا بعيدا في العلم والفهم، كيف يقتنع أن هذا الصنم المتربع مبتسما هو إله له سطوة، يراهم ويقدر لهم ذلك التوقير!؟.
عندها أيقنت أن الجهل الحقيقي هو الضلال عن معرفة الله، ولا قيمة للتقدم العلمي والتقني في ارتقاء المرء فهما، فهذا التقدم مهارات يكتسبها المرء ليحقق بها مكاسب ومغانم، لكن العلم الحقيقي الذي يرتقي به المرء عن الكائنات الحية الأخرى يجب أن يبدأ بمعرفة الله، ولذلك قال تعالى: “إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ” [الأنفال:55].
تعتبر كوريا الجنوبية من الأقطار الآسيوية الصاعدة بسرعة في التقدم التقني والصناعي، وعلى الرغم من ذلك فان الثقافة العامة لأغلب السكان ما زالت متخلفة، إذ أن معتقداتهم المتوارثة تعتمد تعدد الآلهة، إذ يسود الاعتقاد لديهم بوجود سبعة آلهة.
يعود السبب الى انعزال المنطقة جغرافيا مع تعرضها للاحتلالات الأجنبية، الصيني لحقبات عديدة ثم الاحتلال الغربي، لكنها كباقي المنطقة وصلها الإسلام عن طريق التجار المسلمين، وقد ذكرها العلماء المسلمون باسم “شيلا”، ورسم “الادريسي” خارطة لها عام 1154 م، والتي تعتبر اقدم خارطة لها، وقبل الخارطة التي اعتمدها الغرب ورسمها “مركاتور” بـ 441 عاماً، لكن انتشار الإسلام فيها كان ضئيلا مقارنة بالمناطق الأخرى في جنوب شرق آسيا.
في عام 1984 شكا وزير كوري زار الكويت من انعدام وجود دعاة مسلمين في بلادهم، فقام وزير الأوقاف بطرح المسألة في جامعة الكويت، فتحمس للفكرة استاذ سوري يعمل فيها اسمه “عبد الوهاب زاهد الحلبي”، رغم انه لم يكن يعرف شيئا عن ثقافة ذلك البلد.
ترك عمله ومركزه الرفيع كعميد لكلية الدراسات العليا، وسافر الى كوريا، وبدأ بدراسة ثقافة السكان ولغتهم، وشق طريق الدعوة وبدأ الناس يسلمون على يديه، منهم مشاهير ومنهم قساوسة وتم تأسيس الإتحاد الإسلامي.
وبفضل جهوده، اعتنق الألاف من الكوريين الإسلام، وفي مراكزه الإسلامية التي ساهم وساعد وجاهد في إنشائها والمنتشرة في مدن كورية كثيرة، يتهافت الناس للتعرف على الإسلام، وفي المساجد الكبيرة التي عمل على بنائها، بتبرعات من محسنين عرب، وتوزيعها وفقاً لأعداد المسلمين في المدن، يمكنك أن ترى حقيقة إنتشار الإسلام في كوريا.
كتب للكوريين عشرات الكتب باللغة الكورية حتى أصبح التعرف على الإسلام ظاهرة لافتة، والإقبال على التحول إلى الإسلام يحدث بشكل يومي والأعداد في إزدياد، في بلاد ينهشها الإلحاد، وينتشر فيها الانتحار والكفر بشكل كبير.
ووصل عدد الكتب التي ألفها بعدة لغات الى أكثر من 55 كتابا، جميعها تبسط الإسلام وتوصل رسالته وتوضح معانيه.
هكذا أثمرت جهود شخص واحد مخلص لدينه، ترك مباهج الدنيا ومناصبها طمعا برضوان الله، فأنقذ أنفسا كثيرة من الضلال، اتباعا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن ابي طالب: “فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم” [متفق عليه].
كل الأمم السابقة التي أنزل الله إليها رسالاته، كانت كل رسالة محددة بها، وموقوتة زمانا ومكانا بها، لذلك فلم يكلفها الله بنشرها لغيرها، فهي تمثل مرحلة من مراحل نزول الدين على البشر، فكل رسالة تكمل على ما قبلها.
الرسالة الخاتمة كان فيها أكمال الدين، بعدها انقطع وحي السماء عن أهل الأرض، فهي النهائية، لبشر ذلك الزمان ولكل العالمين للأزمان القادمة، فحمّل الله مسؤولية التبليغ لهذه الأمة التي انزل القرآن بلغتها، لأنها أقوى اللغات وأقدرها على حمل معانيه العظيمة.
لذلك سميت أمتنا أمة الدعوة، وهذا تشريف آخر من رب العالمين لها، وإنعام عظيم عليها، أن تبقى الى يوم الدين هادية لكل الأمم الأخرى، فالحمد لله على عظيم آلائه.