الأهالي يفكون حصار أجهزة الأمن الفلسطينية لقائد كتيبة طولكرم في مشفى
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
سرايا - لقي قائد كتيبة طولكرم محمد جابر (أبو شجاع) استقبالا حافلا أمس الجمعة في مخيم نور شمس في طولكرم شمال الضفة الغربية بعد أن أخرجه مواطنون من مستشفى بالمدينة، حيث كانت تحاصره أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في محاولة لاعتقاله.
وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي حشدا من الفلسطينيين كان في استقبال قائد الكتيبة التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، المطارد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأظهرت لقطات قيام شبان برفع القائد الميداني على أعناقهم في مخيم نور شمس.
وكانت مصادر قالت للجزيرة إن المواطنين تمكنوا من إخراج قائد كتيبة طولكرم محمد جابر أبو شجاع من مستشفى ثابت ثابت الحكومي بطولكرم، حيث كانت يتلقى العلاج، وسط دعوات من فصائل المقاومة للنفير نحو المستشفى لفك حصاره.
وكان أبو شجاع (26 عاما) قد نقل إلى المستشفى بعد إصابته بانفجار عبوة ناسفة أثناء عملية تصنيعها
وقبيل إخراج أبو شجاع من المستشفى اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين وأجهزة الأمن الفلسطينية، كما ألقت أجهزة الأمن قنابل غاز مسيلة للدموع لتفريق المحتجين على حصار القائد الميداني المطارد من الاحتلال.
وأصدرت سرايا القدس وكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، بيانات دعتا فيها إلى النفير لفك الحصار عن قائد كتيبة طولكرم.
وتعرض المقاوم الفلسطيني لمحاولات اغتيال متعددة من الجيش الإسرائيلي، كان أبرزها في أبريل/نيسان الماضي، حين خرج محمولا على الأكتاف خلال تشييع جثامين شهداء في مخيم نور الشمس شرقي طولكرم، وذلك بعد أيام من إعلان اغتياله في اجتياح إسرائيلي واسع للمخيم امتد أكثر من 50 ساعة، واستشهد فيه 14 فلسطينيا.
ردود الفعل
وفي ردود الفعل، قالت حركة حماس إن سلوك الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين واعتقالهم ومصادر سلاحه وصل إلى أخطر مراحله، بحسب تعبيرها.
وطالبت الحركة في بيان لها كل القوى الفلسطينية باستنكار هذه السلوكيات والعمل بحزم لوقفها، وأشادت بالوعي الجماهيري العالي والاستجابة السريعة من جماهير طولكرم لمنع اعتقال أبو شجاع وفك الحصار عنه.
كما دعت حماس قيادة السلطة للجم الأجهزة الأمنية عن ملاحقة المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، معتبرة أن استمرار هذه الأجهزة في إطلاق النار على المقاومين ومصادرة سلاحهم يتعارض مع الموقف الوطني الموحد ومسيئا لنضال الشعب الفلسطيني الذي يضرب أروع الأمثلة في الصمود، وفق ما ورد في البيان نفسه.
وفي تصريحات، قال القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد إن فك الحصار عن محمد جابر أبو شجاع وتخليصه من أيدي أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في طولكرم كان بفضل استجابة الجماهير لنداءات المقاومة، ووصف الحادث بأنه مؤشر على تعزيز الحاضنة الشعبية للمقاومة.
من جهته، قال علي أبو شاهين عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إنه يجب الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تغير موقفها.
وأضاف أبو شاهين خلال مقابلة مع الجزيرة أن ما فعلته السلطة اليوم يخدم أجندة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب تعبيره.
وينتمي قائد كتيبة طولكرم لعائلة فلسطينية هجّرها الاحتلال من مدينة حيفا في نكبة عام 1948، واستقرت بمخيم نور شمس. وولد الشاب الأوسط بين 5 أشقاء، ونشأ وترعرع في المخيم وتعلم في مدارسه، لكنه لم يكمل دراسته لظروف قاهرة.
وتعرض أبو شجاع للاعتقال في سجون الاحتلال منذ كان في عمر الـ17، ثم اعتقل مرتين قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في سجون الاحتلال، إلى جانب اعتقاله في سجون السلطة الفلسطينية مرتين. وكان استشهد شقيقه الأصغر محمود خلال اقتحام الاحتلال للمخيم.
ولمع اسم أبو شجاع (26 عاما) كأحد أبرز المؤسسين لـ”كتيبة طولكرم – سرايا القدس”، مع استشهاد المقاوم سيف أبو لبدة من مخيم نور شمس، الذي تزعّم فكرة الكتيبة وبداية نشوئها، أسوة بكتائب المقاومة المنطلقة خلال الأعوام الماضية في الضفة الغربية، ليتولى أبو شجاع قيادتها وتطويرها.
وتحت ضغط الاقتحامات والتوغلات الكثيرة لمخيم نور شمس، رفض أبو شجاع والمقاومون تسليم أنفسهم أكثر من مرة، فظل مطاردا طوال عامين.
ووصف الإعلام الإسرائيلي أبو شجاع بأنه “من كبار المطلوبين لإسرائيل”، وأنه “شخص زعزع الاستقرار بشمال الضفة الغربية”.
إقرأ أيضاً : أول خطوة لحكومة بريطانيا الجديدة بشأن "مذكرة اعتقال نتنياهو" .. وإسرائيل تعبر عن استيائهاإقرأ أيضاً : إيران ترد على اتهامات "إسرائيل" لها بشأن استهداف بعثتها في أولمبياد باريسإقرأ أيضاً : " شديدة الفتك" .. هلع داخل "اسرائيل" بسبب الأميبا الآكلة للدماغ
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: قائد کتیبة طولکرم الضفة الغربیة مخیم نور شمس أجهزة الأمن أبو شجاع
إقرأ أيضاً:
هُزم جدعون وانتصر داود بإرادته: فشل عربات الاحتلال وبزوغ نصر غزة
في قلب المعركة المستعرة على أرض غزة، وبين الركام والدمار، سقطت أقنعة القوة الإسرائيلية وانكشفت هشاشة منظومتها العسكرية، حين فشلت عملية "عربات جدعون" فشلا ذريعا أمام ثبات المقاومة الفلسطينية، في ملحمة تُعيد إلى الأذهان صورة داود الذي انتصر بمقلاعه على جالوت. ولعل في هذا الفشل المتكرر والارتباك الإسرائيلي المتصاعد، بدايات تشكل نصر فلسطيني أكبر، تتجاوز نتائجه الميدان، لتصل إلى معادلات الردع والسيادة والإرادة.
أولا: انهيار خرافة "جدعون"
لم تكن عملية "عربات جدعون" مجرد اجتياح عسكري محدود، بل كانت ترجمة لمشروع سياسي-أمني إسرائيلي كبير، يهدف إلى فرض معادلة جديدة في ملف الأسرى. أرادت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلالها قلب الطاولة على حماس، وكسر إرادتها عبر الضغط العسكري المتواصل، واقتحام المخيمات الوسطى حيث يُعتقد أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون هناك، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق.
فبعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية.
بعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية
ثانيا: مقاومة تتحدى جالوت العصري
غزة المحاصرة، المكلومة، المدمرة، لم تسقط، بل وقفت شامخة في وجه أعتى الآلات العسكرية في المنطقة. فمقاتلو المقاومة، الذين توزعوا في الأنفاق، والمخيمات، والأنقاض، لم يكتفوا بالصمود، بل أداروا معركة استنزاف ذكية، أفقدت الاحتلال توازنه، وجرّته إلى فشل سياسي وعسكري مزدوج.
لم تسفر العملية عن تحرير أي أسير إسرائيلي، ولم تُضعف حماس، ولم تُحقق الانفراجة السياسية التي سعى نتنياهو لتسويقها داخليا. بل على العكس، تعزز موقع المقاومة، وتكرست صورة الفشل الإسرائيلي في الرأي العام العالمي.
ثالثا: خيارات الاحتلال تتقلص وأزمته تتعمق
بحسب ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية، فإن المؤسسة الأمنية تدرس الآن بدائل خطيرة تُوصف بـ"المتطرفة"، تشمل حصارا شاملا للتجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول الغذاء والماء والمساعدات، لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبا. لكن هذه الخطط، وفق اعتراف المصادر نفسها، ما تزال "حبرا على ورق"، وغير قابلة للتطبيق الفوري في ظل صمود المدنيين والمقاومة، وخشية إسرائيل من ردود الفعل الدولية.
البدائل الأخرى لا تقل كارثية: احتلال كامل للقطاع، أو تقسيم غزة، أو حكم عسكري مباشر. لكنها جميعا تحمل في طياتها فشلا استراتيجيا مستترا، وتدلل على ارتباك غير مسبوق في منظومة القرار الإسرائيلي.
رابعا: الجيش الإسرائيلي في مرآة الهزيمة
في جلسة المجلس الوزاري المصغر، كان رئيس الأركان إيال زامير صريحا عندما قال إن أهداف الحرب باتت متضاربة. وهو اعتراف علني بأن إسرائيل، رغم قوتها النارية والاستخباراتية، تعجز عن تحديد هدف نهائي قابل للتحقيق. لقد أصبحت آلة الحرب تائهة، تدور في فراغ استراتيجي، وتتآكل معنويا وسياسيا وعسكريا.
زامير أضاف أن توسيع العملية إلى المخيمات الوسطى ليس مضمونا، وأن على القيادة السياسية أن تعلن صراحة وجهتها إذا أرادت شيئا آخر. وهو تصريح يحمل بين سطوره لوما ضمنيا للمستوى السياسي الذي يدير حربا مفتوحة بلا رؤية.
خامسا: نتنياهو والخيارات المستحيلة
منذ عودة الفريق الإسرائيلي من قطر، لم تحقق المحادثات أي اختراق. ورغم محاولات الوساطة المستمرة، إلا أن إسرائيل، بلسان نتنياهو، تُصر على تحميل حماس المسؤولية، متجاهلة واقع الاحتلال المستمر، والحصار، والقتل الجماعي.
نتنياهو الذي يتخبط بين الداخل الملتهب، والضغط الدولي، والفضائح القضائية، يبدو أنه يبحث عن مخرج بأي ثمن، حتى وإن كان عبر صفقات إعلامية أو خطط عسكرية وهمية. لكنه يدرك، كما يدرك قادة جيشه، أن الزمن لم يعد في صالحهم.
سادسا: نحو معادلة ردع جديدة
حرب غزة الحالية، رغم ألمها، أسست لمعادلة ردع جديدة. فالمقاومة اليوم لم تعد محاصرة أخلاقيا أو عسكريا، بل أثبتت أنها قادرة على إدارة حرب طويلة النفس، وتحديد متى وكيف تُنهيها.
فشل "عربات جدعون" ليس مجرد نكسة عسكرية، بل هو إعلان بفشل سياسة الضغط المزدوج (العسكري والتجويعي) التي اعتمدتها إسرائيل، إنه تأكيد على أن غزة، رغم نزيفها، تملك زمام المبادرة، وتعيد تشكيل معادلات الإقليم بأكمله.
سابعا: العالم يُعيد النظر
إن صور الحشود العسكرية على حدود غزة، والتي نشرتها وكالات مثل رويترز والصحافة الفرنسية، لم تعد تُخيف العالم كما كانت. بل أصبحت تُثير أسئلة عن جدوى هذا العنف، ومغزاه، ومآلاته. أما مشاهد المجاعة، ونداءات الأطفال، وصمود المدنيين، فقد خلقت تعاطفا إنسانيا متصاعدا، وبدأت تُحرّك مياها راكدة في مواقف بعض الدول.
الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار
الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار.
ثامنا: النصر ليس ضربة واحدة بل تراكم إرادات
حين نهزم عدونا في ميدان الوعي، ويعترف بفشله، ونفرض عليه لغة الردع، فنحن نقترب من النصر. قد لا يكون نصرا تقليديا في صورة رفع أعلام على المباني، لكنه نصر أعمق، نصر إرادة، وثبات، واستنزاف طويل النفس.
"هُزم جدعون" ليس شعارا، بل واقع عسكري وسياسي ومعنوي. و"داود" الفلسطيني، لا يزال يقاوم بمقلاعه، يصنع معجزته بالصبر، ويقلب موازين الإقليم بحنكة وثبات.
خاتمة: بداية النهاية؟
في هذه اللحظة التاريخية، تتشكل ملامح تحول استراتيجي. لم تعد إسرائيل تلك القوة التي تُرعب، ولم تعد غزة مجرد ساحة للحصار. لقد انقلبت المعادلة، وباتت "عربات جدعون" رمزا لفشل مشروع الاحتلال في إخضاع الفلسطينيين.
ربما لا تزال الطريق طويلة، لكن خطواتها الأولى كُتبت اليوم، بإرادة من لا يملك إلا الإرادة، وبقوة من راهن عليه العالم أن ينكسر، فصمد.
لقد انتصر داود، لأنه لم يفقد ثقته بنفسه، وستنتصر غزة، لأنها لم تفقد إيمانها بحقها.