طهران- "أن تكون شيعيا ليس امتيازا، وإنما إذا كنت من أتباع المذاهب الأخرى فسيسجل ذلك امتيازا" هذا الجزء من تصريحات رئيس مجلس قيادة المرحلة الانتقالية محمد جواد ظريف بشأن معايير اختيار أعضاء المجلس الوزاري المقبل أثار ضجة كبيرة خلال الأيام الماضية في إيران.

فلدى تقديمه تقريرا متلفزا عن آخر مستجدات عملية غربلة الأسماء المرشحة لتولي الحقائب الوزارية في حكومة الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، تحدث ظريف عن مسار سياسي حديث لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بمشاركة ممثلي الأقليات القومية والدينية والمكونات السياسية بما فيها التيار المحافظ، لكن شخصيات من التيار الأخير سارعت إلى مهاجمة ما ورد في تصريحاته.

وفي الأيام التالية، أفردت وسائل الإعلام المحافظة أعمدة وافتتاحيات تنتقد مبدأ "التمييز الإيجابي"، معتبرة إياه أنه يتعارض مع الوحدة الوطنية، وفسرت تصريحات ظريف على أنها "تروّج لتقويض المذهب الرسمي"، بل فسرتها علی أنها "تعتبر الانتماء إلى المذهب الشيعي أمرا غير إيجابي".

حسين شريعتمداري هاجم ظريف وذكّره بالمواد الدستورية التي تنص على أن التشيّع هو المذهب الرسمي بإيران (غيتي) انتقادات لاذعة

وفي حين يحرص الإعلام الإصلاحي على توضيح منافع مبدأ "الأفضلية" في التعامل مع الأقليات، لا سيما المرأة كونها تشكل نصف المجتمع، أطلق نشطاء إصلاحيون على منصات التواصل الاجتماعي حملة تشيد بالسياسة التي يعتمدها مجلس قيادة المرحلة الانتقالية لإصلاح التمييز الذي يُمارس منذ عقود ضد شرائح مهمشة في المجتمع.

من جانبه، اعتبر ظريف في تغريدة على منصة إكس أن "التمييز الإيجابي أسلوب عالمي معروف للحد من اللامساواة، وأنه لا يعني التخلي عن قيم المجتمع الإيراني".

لكن هذه التوضيحات واجتماعات الرئيس المنتخب مع أقطاب التيار المحافظ لم تنجح بالحد من سيل الهجمات والانتقادات الموجهة ضد القائمين على اختيار أعضاء الحكومة المقبلة، حيث هتف حشد من المصلين عقب صلاة الجمعة ضد ظريف.

في غضون ذلك، وجّه السياسي المحافظ حسين شريعتمداري، مدير صحيفة "كيهان" المقربة من مكتب المرشد الأعلى، انتقادات لاذعة إلى ظريف، متسائلا "منذ متى يعتبر الانتماء إلى الشيعة نقطة سلبية في الجمهورية الإسلامية؟ يقول ظريف إنه إذا كان المرشح من الأديان والمذاهب الرسمية فإنه سيحصل على نقطة إيجابية، لكن الشيعي لا يحصل على مثل هذا الامتياز، فهل يقصد إن التشيّع ليس من الأديان الرسمية في البلاد؟".

وفي مقال نشره في افتتاحية صحيفة كيهان المحافظة، ذكّر شريعتمداري ظريف بالمواد الدستورية التي تنص على أن المذهب الرسمي في الجمهورية الإسلامية هو التشيع، وهاجم الأخير قائلا "من الذي سمح لك بذلك، ومن أي موقع تعتبر الانتماء إلى المذهب الشيعي نقطة سلبية في عملية اختيار أعضاء المجلس الوزاري؟".

سارا معصومي دافعت عن التمييز الإيجابي في مقالها (مواقع التواصل)

في المقابل، ردت الصحفية الإصلاحية سارا معصومي على انتقادات صحيفة كيهان، وكتبت "بالرغم من مساعي الحكومة الجديدة لبذل اهتمام أوسع حيال الشرائح المهملة والمهمشة في الحكومات السابقة، فإن الامتيازات الممنوحة لبعض الشرائح لا تطغى على مبدأ الجدارة، كونه المبدأ الأساس لتولي المناصب السيادية".

وتحت عنوان "حكومة مبنيّة على التمييز الإيجابي"، كتبت معصومي، في افتتاحية صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، أن الهدف الأساس من سياسة التمييز الإيجابي إيجاد توازنٍ ومساواة الفرص لجميع أفراد المجتمع، حتى يتمتعوا بحظوظ متساوية عند توزيع الثروات والفرص، بغض النظر عن الانتماءات أو المواصفات الشخصية.

محسن قنبريان اعتبر أن التمييز الإيجابي يتعارض مع ترويج المذهب الشيعي (مواقع التواصل) انقسام سياسي

من ناحيته، نشر رجل الدين المحافظ محسن قنبريان مقالا تحت عنوان "نقاط ظريفة من قنبريان إلى الدكتور ظريف"، رأى فيه أن التمييز الإيجابي الذي يتحدث عنه وزير الخارجية الأسبق يتعارض بشكل واضح مع ترويج المذهب الشيعي.

وكتب قنبريان أن "التمييز الإيجابي لصالح القوميات والمذاهب غير الرسمية يكون عادلا عندما یأتي بقدر نسبة الأقلية مقارنة مع الأكثرية، وليس تحت ظروف متساوية من حيث التخصص والالتزام، ويقدم الامتياز الإيجابي للشخص الذي ينتمي للأقلية ويحرم الآخر المنتمي للأكثرية الشيعية من مثل هكذا امتيازات".

في المقابل، يتهم حبيب الله بيطرف، السياسي الإصلاحي ووزير الطاقة الأسبق في حقبة محمد خاتمي، جبهة "ثبات الثورة الإسلامية" المحافظة بقيادة الهجمة ضد ظريف، موضحا -في تصريح لوكالة "خبر أونلاين" للأنباء- أن عناصر هذه الجبهة يواصلون إجراءات فترة التنافس الانتخابي خلال الفترة التالية، ذلك لأنهم يعارضون الرئيس المنتخب والتيار الإصلاحي بشكل عام، ويعتبرون الجميع خصوما لهم.

حبيب الله بيطرف اتهم جهات محافظة بقيادة الهجمة ضد ظريف (مواقع التواصل)

وعلى وقع الضجة التي أثارتها سياسة "التمييز الإيجابي" لاختيار مرشحي المجلس الوزاري في الشارع الإيراني، أجرى التلفزيون الإيراني الرسمي مناظرة بحضور كل من الإصلاحي شهاب الدين طباطبائي الأمين العام لحزب "نداي إيرانيان"، والمحافظ مالك شريعتي نياسر النائب في البرلمان ورئيس حملة المرشح الرئاسي المحافظ علي رضا زاكاني.

وتحت عنوان "العدالة السياسية"، تناول طباطبائي موضوع مشاركة النساء وممثلي الأديان والأقليات في العملية السياسية، مؤكدا أن تياره السياسي يتبنى مبدأ التمييز الإيجابي للحد من التمييز التاريخي في البلاد، وأن هذه السياسة ترمي لإحقاق حقوق الأقليات والنساء وفقا للدستور لكي يتذوق جميع الإيرانيين طعم العدالة.

في المقابل، قال شريعتي إن المعيار العلمي لاختيار الأفراد للقيام بالمهام الدقيقة يركّز على موضوع "الجدارة" وليس المحاصصة، مضيفا أنه لا يوجد شيء تحت عنوان التمييز الإيجابي لا في الدستور الإيراني ولا في السياسات العامة للبلاد، ناهيك عن أن هذه السياسة لا ترتكز على مصادر علمية، وإنما متداولة في الأوساط السياسية فحسب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المذهب الشیعی

إقرأ أيضاً:

إدخال المساعدات لغزة بهدف عسكري إسرائيلي يثير غضب المغردين

أثارت تصريحات صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الأسباب الحقيقية للسماح بدخول مساعدات غذائية إلى قطاع غزة موجة غضب عارمة على منصات التواصل الاجتماعي.

وأوضح مكتب نتنياهو في بيان رسمي أن السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء إلى القطاع جاء بـ"دافع الحاجة العملياتية لتوسيع نطاق القتال"، وليس لأسباب إنسانية، مضيفا أن المساعدات تهدف إلى منع تفاقم أزمة الجوع في غزة، إذ إن تدهور الأوضاع الإنسانية قد يعرّض العملية العسكرية للخطر.

לשכת ראש הממשלה:

בהמלצת צה"ל, ומתוך הצורך המבצעי לאפשר את הרחבת הלחימה העצימה להכרעת החמאס, ישראל תכניס כמות בסיסית של מזון לאוכלוסייה על-מנת לוודא שלא יתפתח משבר של רעב ברצועת עזה. משבר כזה יסכן את המשך פעולת "מרכבות גדעון" להכרעת החמאס. ישראל תפעל לשלול את היכולות של חמאס…

— ישראל היום (@IsraelHayomHeb) May 18, 2025

ومع انتشار التصريحات ركزت تعليقات رواد مواقع التواصل على الطابع غير الإنساني للقرار الإسرائيلي، منتقدين ربط دخول الغذاء بمخاوف فشل عملية "مركبات جدعون" العسكرية لا بمنع كارثة إنسانية تتهدد أكثر من 2.2 مليون مدني يعانون الجوع والعطش منذ 19 شهرا من الحصار والنزوح، و11 أسبوعا من منع إسرائيل دخول المساعدات إلى المحاصرين في القطاع.

قرار مؤقت لأسبوع حتى إنشاء مراكز التوزيع.. إسرائيل تقرر إدخال المساعدات إلى قطاع #غزة وأنباء عن دخول أول قافلة محملة بمواد غذائية وأدوية اليوم الاثنين
تفاصيل أكثر: https://t.co/ZOhIG7Bx6r pic.twitter.com/XtU2lPW2Pt

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) May 19, 2025

إعلان

وشهدت منصة "إكس" سيلا من الردود الغاضبة، إذ اعتبر كثير من النشطاء أن مخطط "مركبات جدعون" يمثل سياسة ممنهجة للقتل الجماعي هدفها واحد "لا نجاة لأحد، لا بالسلاح ولا بالخبز".

وعلق أحدهم بأن "هذه حياة مدارة وموت متحكم فيه، كل شيء بإذن الجيش، حتى الطعام، مساعدات محسوبة بدقة تبقي الناس على قيد الحياة فقط ليواجهوا مصيرهم تحت القصف".

وأضاف "يريدون أن يقتلوا الناس غير جياع، لأن المجاعة قد تعرقل خطتهم العسكرية، فهل هدفهم إنقاذنا أم قتلنا؟".

مكتب نتنياهو صرّح

سندخل كميات أساسية من الغذاء إلى قطاع غزة بناءً على توصيات الجيش، وانطلاقًا من الحاجة إلى توسيع القتال الشديد.
نريد ضمان عدم اندلاع أزمة جوع في قطاع غزة، لأنها تُعرّض عملية – مركبات غدعون – للخطر.
وسنعمل على سلب قدرات حركة حماس على السيطرة على توزيع المساعدات… pic.twitter.com/y9bZmHLLtm

— الحـكـيم (@Hakeam_ps) May 18, 2025

ولاقت "الإغاثة الإنسانية" التي أقرتها إسرائيل بقرار عسكري انتقادات واسعة، إذ وصفها نشطاء بأنها "لقمة مشروطة بقرار عسكري"، واعتبرها آخرون "ذر رماد في العيون".

وتساءل بعضهم "كيف يمكن لمساعدات بتوصية من الجيش الإسرائيلي -الذي ينفذ عملية عسكرية- أن تكون رحمة أو شفقة بآلاف النساء والأطفال في المخيمات؟".

تصوروا "المساعدات الإسرائيلية" جاءت رحمة بالأطفال والنساء وأهل المخيمات المشردين والمحروقين، جاءت رأفة بهم "بعد توصيات الجيش الإسرائيلي" وفق بيان نتنياهو، لماذا؟
انطلاقًا من الحاجة إلى توسيع القتال الشديد، وفق مكتب النتنياهو.
ما أرحمه من جيش؟ يستمر ذر الرماد في عيون عالم أعور.

— مختار غمّيض (@ghommokh) May 19, 2025

ودعا مغردون إلى عدم المبالغة في تقدير أثر هذه المساعدات الرمزية، مشيرين إلى أن القطاع يحتاج إلى إدخال 500 شاحنة يوميا، وأن الشاحنات التسع المسموح بها "لن تغير شيئا، ولن تكفي العدد الهائل من الجوعى".

أتمنى أن لا أرى أحد يتبجح بدخول 9 شاحنات لا تسمن ولا تغني من جوع إلينا بينما أنفقت الترليونات على العدو الذي يشارك بقتلنا على أنها بجهود دياره أو بلده التي قدمت الغالي والنفيس وضغطت على المجرمين لإدخال هذه المساعدات، ديارنا تحتاج 500 شاحنة يومياً وهذه الشاحنات التسع لن تغير شيئاً…

— محمد بن أحمد الخالدي (@Hadeeth55) May 19, 2025

إعلان

ويرى آخرون أن إسرائيل تلجأ إلى هذا النهج لتغطية جرائم الإبادة الجماعية والتجويع بحق سكان القطاع أمام أنظار العالم، بالسماح بدخول كمية ضئيلة من المساعدات كي "تكمل إبادة المدنيين براحة أكبر".

إسرائيل بدها تسمح بدخول 9 شاحنات مساعدات واللي هي ما بتكفي لتلبية ولو كسر من احتياجات غزة، طيب ليش؟ عشان خايفة العالم يجبرها توقف الحرب بسبب المجاعة. المضحك المبكي هي إنها عارفة تمامًا إن ذر الرماد في العيون بمجرد 9 شاحنات كافي لإقناع العالم بأن تمام اتفضلوا كملوا إبادة براحتكم!

— نور الدين العايدي (@aydinour) May 19, 2025

في المقابل، حذرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية من تداعيات الهجوم العسكري الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة، مؤكدين أن المدنيين وحدهم من يدفعون ثمن هذه العمليات.

وكانت إسرائيل قد كثفت قصفها الجوي منذ الخميس الماضي، مما أدى إلى مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة أكثر من ألف آخرين، وفق أحدث إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • تهديد بقنبلة يثير الهلع بين الركاب في مطار أمريكي
  • «صحة المنيا أولوية».. المحافظ يشيد بدور المجتمع المدني في قافلة مغاغة الطبية
  • دون قميص.. مسلم يثير الجدل ببدلة غريبة في حفل زفافه
  • فيديو. أخنوش ينوه بالانخراط الإيجابي للأساتذة في أهداف ومبادئ برنامج “مدارس الريادة”
  • بخدمات متكاملة.. تخصيص مصليات للنساء في قلب المسجد الحرام
  • روبوت الذكاء الاصطناعي Grok يثير الجدل بسبب تعليقاته حول الهولوكوست
  • إدخال المساعدات لغزة بهدف عسكري إسرائيلي يثير غضب المغردين
  • التطبيق بعد 3 أيام| مفاجأة سارة تنتظر 4.5 مليون موظف بالحكومة.. وهذا موعد الزيادة
  • «التعليم العالي» بالحكومة الليبية تناقش سبل تحقيق نقلة في جودة التعليم
  • كانييه ويست يثير موجة من الغضب بأغنية تمجد هتلر