العالمي للفتوى الإلكترونية: الاعتذار يحفظ الود ويمنع القطيعة
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الاعتذار عن الخطأ من الأخلاق الإسلامية الرفيعة والآداب الراقية التي تحفظ الود، وتمنع القطيعة، وتديم العلاقات.
وأضاف العالمي للفتوى عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك أن قبول الاعتذار، والعفو عن المخطئ يعكس سماحة النفس، ونقاء السريرة، ولين الجانب، ويصدق في صاحبه قول سيدنا رسول الله ﷺ: «وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا.
فن الاعتذار والمسامحة
وقد وضح الأزهر الشريف عبر موقعه الرسمي الإلكتروني في حديث الدكتور أحمد السيد السعيد إن الاعتذار أدبٌ ديني، وخلقٌ اجتماعي، وهو من أقوى الصفات التي تدل على التواضع والتسامح، وهو أسلوب يُحسِّن صورة صاحبه ويُبعد عنه سوء الظن حين يصدر منه الخطأ؛ لذا وجب علينا الاعتذار عند الخطأ كما يجب علينا إعذار مَن أخطأ في حقنا والعفو عنه والصفح، وهذا ما تعلمناه من القرآن الكريم وسنة النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-، وهدي صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، وعباد الله الصالحين.
الاعتذار في القرآن الكريم
وأشار السعيد أننا نتعلم الاعتذار في القرآن الكريم من قصة أبينا آدم وأمنا حواء -عليهما الصلاة والسلام-، وفي ذلك يقول ربنا جل وعز: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، وفي قراءة ابن كثير: {فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ}، وعندئذ تشعر بأن كلمات الاعتذار كانت تبحث عنه بشوقٍ ولهفةٍ؛ كما كان يبحث هو عنها، وهذا يعلمنا خلقًا قرآنيًا جميلًا؛ هو أن نُسهل للناس سبل التوبة والأوبة، ولا نضع سيف الخطأ والإساءة على رقابهم؛ لئلا نكون كفرعون الذي عيَّر سيدنا موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-؛ إذ قال له: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
إلا أن سيدنا موسى -عليه السلام- قال: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}، فاعتذر عن هذا الخطأ الذي بدر منه دون قصد؛ ولم يبحث عن مبررات، وقال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي…}. القرآن يعلمنا فن الاعتذار وثقافتَه من خلال قصة نبي الله نوح -عليه السلام- وقد كان حريصًا على نجاة ابنه؛ فقال له: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا…}، وسأل ربه قائلًا: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}، لكن ماذا فعل حينما قال له ربه: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}؟ لقد اعتذر قائلًا: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاعتذار الود القطيعة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الأزهر الشريف
إقرأ أيضاً:
الفرق بين الإيمان والإسلام ودقة استعمال كل منهما في القرآن والسنة
قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن من مظاهر إعجاز اللغة العربية في القرآن الكريم والسنة النبوية استعمال الألفاظ في مواضعها الدقيقة، موضحًا أن من يراعي هذه الفروق اللفظية هو البليغ الذي يضع كل كلمة في موضعها الصحيح، وهو ما سماه الإمام الخطابي بـ"عمود البلاغة".
وأوضح رئيس الجامعة، في تصريح له، أن من الكلمات التي قد يظن الناس ترادفها، كلمتي الإسلام والإيمان، مشيرًا إلى أن بينهما فرقًا دقيقًا لا يدركه إلا المتأمل في النصوص الشرعية.
حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله.. عالم أزهري
ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف للبيوت؟.. الإفتاء تجيب
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء على الميت: "اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان"، مبينًا أن استعمال لفظ "الإسلام" في حال الحياة يشير إلى معنى الاستسلام والانقياد لله مع وفرة النشاط والقوة، بينما ورد لفظ "الإيمان" في حال الوفاة لأنه تصديق قلبي يناسب من انتهى أجله واستعد للقاء الله.
وأكد الدكتور سلامة داود، أن هذا الترتيب الدقيق في الألفاظ يعكس عمق البيان النبوي وثراء اللغة العربية، وأنه لا يجوز استعمال كلمة مكان الأخرى إلا في الموضع الذي تقتضيه البلاغة والدقة في التعبير، كما أنه يبرز كمال اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، ويؤكد ضرورة تدبر النصوص وفهم دلالاتها على ضوء لغة الوحي.
هل يوجد ترادف كلي في اللغة العربية؟أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن قضية الترادف في اللغة العربية من القضايا التي شغلت العلماء قديماً وحديثاً، موضحاً أن هناك ألفاظاً يظن البعض أنها مترادفة، بينما الحقيقة تختلف عند التدقيق اللغوي.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر، خلال تصريحات تلفزيونية، أن العلماء في هذه المسألة على رأيين؛ الأول يرى أن الألفاظ المترادفة تشترك في معنى كلي واحد، ومن ثم فهي مترادفة من حيث المعنى العام، أما الفريق الثاني، وهم المدققون من علماء اللغة، فيرون أن كل لفظة تتميز بخصيصة ومعنى دقيق لا يوجد في أختها، ولذلك نفوا فكرة الترادف المطلق.
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن اللغة العربية منزّهة عن العبث، لأنها الوعاء الذي نزل به كتاب الله تعالى، مستشهداً بقوله عز وجل: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً".
وبيّن الدكتور سلامة داود أن من القائلين بعدم وجود الترادف الكامل الإمام الخطابي في رسالته الشهيرة «بيان إعجاز القرآن الكريم»، حيث وقف عند ألفاظ قرآنية زعم بعضهم أن غيرها يؤدي معناها، مؤكداً أن لكل لفظ قرآني موقعه ودلالته التي لا يغني عنها غيره.
وأكد الدكتور سلامة داود في ختام حديثه أن اللغة العربية بحر واسع من المعاني الدقيقة والظلال المتنوعة، وأن إدراك الفروق بين الألفاظ من أهم مفاتيح فهم القرآن الكريم وبلاغته المعجزة.