رام الله- مع كل صيف تتجدد أزمة المياه في الضفة الغربية، وتقف صهاريج النقل في طوابير لتوفير الحد الأدنى من احتياجات المنازل، وبأسعار مضاعفة عن السعر الاعتيادي.

وبدأت الأزمة هذا العام مطلع يونيو/حزيران، عندما قامت شركة "مكوروت" الإسرائيلية التي تبيع السلطة الفلسطينية جزءا من احتياجاتها بتخفيض الكميات بين 40 و 50%، وبرزت المشكلة في وسط الضفة وجنوبها وما زالت مستمرة.

ورغم وفرة المياه الجوفية، فإن الاحتلال يلاحق محاولات حفر الآبار بأوامر عسكرية، ويغلقها أو يقوم بتفجيرها، وفق تقارير فلسطينية.

مصادر المياه

يوضح المستشار الفني لرئيس سلطة المياه معاذ أبو سعدة -للجزيرة نت- أن فلسطينيي الضفة يعتمدون على مصدرين للمياه: مصدر محلي هو الآبار الجوفية، وتتركز بشمال الضفة ومنطقة أريحا وتوفر 42% من احتياجات السكان، والمصدر الآخر المياه المشتراة من شركة "مكوروت" الإسرائيلية، وخاصة لمحافظات وسط الضفة وجنوبها وتشكل 58% من مجمل الاحتياجات.

ويضيف المسؤول الفلسطيني أن "المشكلة تتجدد كل صيف نتيجة ثبات كميات المياه الموردة من الجانب الإسرائيلي، بل تناقص هذه الكميات" رغم زيادة عدد السكان، وما يترتب على ذلك من تأثير على برامج التوزيع بين القرى والأحياء.

ولتقريب الصورة أكثر، يقول أبو سعدة إن الشركة الإسرائيلية خفضت حصة منطقة رام الله أواخر شهر يونيو/حزيران، فبدل ضخ 33 ألف كوب في اليوم، وصل منها 25 ألف كوب، ورغم إعادة ضخ جزء من الكمية المقلصة، ما زال المواطنون يعانون آثار النقص، لافتا إلى وجود تناقص تدريجي منذ عام 2018 بدل زيادة الكمية.

وفي الخليل مثلا، كبرى مدن الضفة من حيث عدد السكان، يقول المستشار في سلطة المياه إن الجانب الإسرائيلي قلّص في نقطة تزويد واحدة كمية المياه من 34 ألف كوب في اليوم إلى 22 ألف، والمشكلة ما زالت مستمرة وتتفاقم.

بئر مياه جوفية أغلقتها سلطات الاحتلال بالإسمنت في صيف عام 2023 (الجزيرة) استهداف الآبار

وعن سؤال: ما المانع من استخراج المياه من الآبار الجوفية والتوقف عن الاعتماد على الشركة الإسرائيلية؟ يجيب أبو سعدة بأن اتفاق أوسلو ينص على موافقة الجانب الإسرائيلي على حفر الآبار بعد الحصول على التراخيص، "وهذه مهمة شبه مستحيلة، والاستهداف يكون للآبار التي تفتح وتغلق، وما تم حفره لا يفي بالحاجة".

ومن العوامل التي فاقمت الأزمة بشكل لافت هذا العام -حسب المسؤول الفلسطيني- الحرب على غزة وما عكسته من تخوفات لدى السكان الذين تدافعوا لتخزين المياه مع أول نقص في الكميات، فتفاقمت الأزمة أكثر، وازدادت التعديات على الخطوط الرئيسة.

لكن الخلل في النقص لا يقتصر على تقليص الكميات، وفق نقيب الموظفين في مصلحة مياه القدس سليمان مَلصة الذي أشار إلى اعتداءات متكررة للمستوطنين على آبار المياه الفلسطينية وتخريب محتوياتها، وهو ما أثر على قرى شرقي رام الله.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن عدد المشتركين في محافظة رام الله -وهي منطقة امتياز لمصلحة مياه القدس– كان يقدر بنحو 68 ألفا قبل 6 سنوات، وكانت حصة المدينة نحو 35 ألف كوب يوميا، واليوم وصل عدد المشتركين إلى 84 ألفا، أما كمية المياه فظلت ثابتة بل تراجعت أحيانا إلى 25 ألف كوب.

ويشير ملصة إلى اللجوء لحلول طارئة من خلال صهاريج مرخصة من سلطة المياه لتزويد السكان في نقاط محددة، لكن الفارق بالسعر يتضاعف، فبمقابل نحو 4 شياكل (ما يزيد على دولار واحد بقليل) لكل كوب من مصلحة المياه مباشرة، فإن سعر الكوب قد يصل إلى 40 شيكلا (11 دولارا) من خلال الصهاريج.

وتفيد معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي من المياه يبلغ نحو 85.7 لترا، ويتضاعف هذا المعدل للمستعمرين الإسرائيليين إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني".

 

حرب المياه

يكشف تقرير نشره معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" في الرابع من الشهر الجاري أن الأوامر العسكرية الإسرائيلية تعد الأداة الرئيسة للاحتلال للسيطرة على المياه الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى وجود 86 أمرا عسكريا منذ عام 2019 حتى شهر يونيو/حزيران الماضي.

ووفق المعهد، فإن قضية المياه تشكل أزمة خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن خلال العقدين الماضيين "بدأت تتخذ منحنى مختلفًا وخطيرا، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة".

ويشير إلى أن إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي حالت دون إمكانية تطوير الفلسطينيين لقطاع المياه، وشكلت عائقا حقيقيا أمام قدرتهم على إدارة حاجاتهم المائية، بسبب السياسات الاستيطانية والقيود الصارمة على استخدام مصادر المياه، ومنع الفلسطينيين من حفر الآبار.

وأوضح التقرير أن الأوامر العسكرية كافة تأتي تحت مظلة عدد من الأوامر السابقة، بينها الأمر رقم 92 الصادر في 15 أغسطس/آب 1967، والذي ينص على "منح كامل الصلاحية بالسيطرة على كل المسائل المتعلقة بالمياه لضابط المياه الإسرائيلي المعين من قبل المحاكم الإسرائيلية".

وتطرق إلى أمرين عسكريين آخرين صدرا عام 1967 و1968 ويقضيان بـ"بوضع جميع الآبار والينابيع ومشاريع المياه تحت السلطة المباشرة للحاكم العسكري الإسرائيلي"، وأن "جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية أصبحت ملكا للدولة وفقا للقانون الإسرائيلي".

ووفق مركز أريج، فإن الاحتلال يعزز البنية التحتية بما يخدم مصالحه، وبالأخذ بالاعتبار أن الأولوية القصوى هي للمستوطنين القاطنين في المستوطنات الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات رام الله ألف کوب

إقرأ أيضاً:

الإمارات تدين بشدة تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بشأن «فرض السيادة» على الضفة الغربية المحتلة

أبوظبي - وام

دانت دولة الإمارات بشدة تصريحات ياريف ليفين، وزير العدل الإسرائيلي بشأن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة أن هذه التصريحات تمثل تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخاً لقرارات الشرعية الدولية.

وأعربت وزارة الخارجية، في بيان لها، عن رفضها القاطع لجميع التصريحات الاستفزازية والإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولكافة الممارسات التي تهدد بالمزيد من التصعيد الخطير والتوتر في المنطقة، وتُعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار.

وشددت الوزارة على ضرورة دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، ووضع حد للممارسات غير الشرعية التي تُهدد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كما جدّدت التأكيد على أنّ دولة الإمارات ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.

ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى بذل الجهود للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، منعًا للمزيد من الخسائر في الأرواح، وتجنبًا لمزيد من تأجيج الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة والمنطقة، مؤكدة على أهمية دفع جميع المساعي المبذولة لتحقيق السلام الشامل والعادل.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات ليلية في الضفة الغربية
  • الإمارات تدين بشدة تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية
  • الإمارات تدين بشدة تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بشأن «فرض السيادة» على الضفة الغربية المحتلة
  • تحديات ضغوط الليكود لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية
  • البرلمان العربي يدين تصريحات مسؤولين في الاحتلال الإسرائيلي الداعية لضم الضفة الغربية
  • وزير الخارجية يحذر من خطورة الأوضاع في الضفة الغربية بسبب استمرار الاقتحامات والاعتقالات وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية
  • “التعاون الإسلامي” تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض “السيادة” على الضفة الغربية
  • منظمة التعاون الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض “السيادة” على الضفة الغربية
  • البرلمان العربي يدين التصريحات الإسرائيلية الداعية لضم الضفة الغربية