#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 211 من سورة البقرة: “سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”.
هنالك الكثير من سوء الفهم فيما يتعلق ببني إسرائيل، بعض الناس يصدقون مقولة أنهم شعب الله المختار، وآخرون يصدقون أن الله منحهم فلسطين، لكن الحقيقة ليست في هذا ولا ذاك، فقد بين تعالى ذلك حينما نفى صحة كلام اليهود والنصارى بأنهم أبناء الله وأحباؤه بقوله:” بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ” [المائدة:18]، كما نفى أن يكون ابراهيم من أنبيائهم: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا” [آل عمران:67]
لقد أكرم الله نبيه إبراهيم بعد اجتيازه سلسلة امتحانات صعبة تخور دونها عزائم أشد الرجال تحملا، فقد ألقاه قومه الوثنيون في النار جزاء إيمانه، ثم أنجاه الله الى الشام ومصر، وصبر على عدم إنجابه الذرية، ولما منحه الله ولده الأول (اسماعيل) أمره أن يبعده وأمه الى الحجاز وتركهما في أرض قاحلة، لكن إيمانه العظيم تغلب على عاطفته الإنسانية واستجاب، وبعد أن كبر ابنه أمره الله أن يذبحه بيده، فكان ذلك الإبتلاء عظيما وفوق قدرة البشر، إلا أنه استجاب من جديد،.
وهكذا فقد كان في بني إسرائيل النبوة، لكن ذلك كان في أناس مخصوصين، لذلك أجاب الله نبيه إبراهيم عندما سأله أن يكون ذريته أنبياء صالحون يهدون الناس الى الإيمان: “قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” [البقرة:124]، فاختار الله من الذرية الصالحة الأنبياء، كل نبي يأتي من صلب نبي قبله، ولكن الغالبية من الذرية ظالمون، غلبت عليهم المصالح وحبّ الدنيا، وهؤلاء الذين سموا فيما بعد اليهود.
هنا نصل الى فهم الآية، فالله يمنح النعم لمن يشاء، ولحكمة بالغة، لأنها تحقق غايات يريدها في سابق علمه، قد ندرك بعضها وقد لا نعي جُلّها، إنما منحُها ليست تفضيلا لمن مُنِح، ولا تقديرا له، ولا شك أنها ترتب مسؤولية على الممنوح بحسن الإستخدام ،فإن استعمل تلك النعمة لغير الوجه الذي أراده عوقب بصرامة، ونال من الله الإنتقام الشديد.
وبعد أن عرفنا الحكمة من جعل الأنبياء من ذرية ابراهيم عليهم السلام جميعا، نعرف أن مقولة شعب الله المختار باطلة، فإذا كان الله تعالى لا يميز بين البر والفاجر من خلقه في الرزق والنعم، فهل سيفضل من غضب عليهم على سائر البشر؟.
أما موضوع أرض الميعاد فهي مثلها باطلة، فقد أمر الله موسى عليه السلام أن يرحل بقومه من مصر ويسكنوا الأرض المقدسة، من أجل أن تتم كلمة الله فيولد آخر الأنبياء من سلالة اسحق (المسيح عليه السلام) فيها، وليس ذلك تمليكا، بل مساكنة أهلها، تماما مثلما استقدم يوسف أهله ليسكنوا مصر من قبل، فرفضوا إلا أن يُخرج الله أهلها منها، بدليل قوله تعالي على لسان الرجلين الصالحين: “ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ” [المائدة:23]، ويعني ذلك الاستئذان وطلب الاستضافة، لكنهم رفضوا ثانية إلا بطرد أهلها، فقالوا “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون” [المائدة:24]، فحكم الله عليهم بالتيه اربعين عاما.
فهل بعد كل الإنعامات عليهم التي لم يشكروا الله عليها، بل قابلوها بالعصيان وتكذيب الأنبياء وقتلهم، يمكن أن تحتمل عدالة الخالق مكافأتهم بمنحهم ديار غيرهم، أم الأحق أن يلعنهم ويحكم عليهم بالشتات أبدا؟. مقالات ذات صلة يتوجس الأردن ولا يقول ذلك علنا 2024/08/01
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات قرآنية
إقرأ أيضاً:
وفاة الممثلة السورية فدوى محسن.. أم إبراهيم في باب الحارة
توفيت الفنانة السورية فدوى محسن عن عمر ناهز 84 عامًا، حسب ما أعلنت نقابة الفنانين في سوريا عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”. وأكدت النقابة أنها ستعلن لاحقًا عن تفاصيل مراسم التشييع والدفن.
الفنان هاني البكار نعى والدته عبر حسابه على إنستغرام قائلًا: “أمي في ذمة الله.. الله يرحمك يا أمي.. رحتي لعند أرحم الراحمين.”
من هي فدوى محسن؟
وُلدت فدوى محسن في 26 فبراير 1941 في مدينة دير الزور السورية، وبدأت مسيرتها الفنية في منتصف الثمانينات. حققت انطلاقتها الحقيقية في مسلسل “طرابيش” عام 1992، وبرزت لاحقًا بدور “أم إبراهيم” في عدة أجزاء من المسلسل الشهير “باب الحارة”.
شاركت في العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، من أبرزها:
“ما ملكت أيمانكم”، “قلوب صغيرة”، “صرخة روح”، “درب التبان”، “العبابيد”، “تل اللوز”، “عودة غوار الأصدقاء”، “بقايا صور”، “أبناء القهر”، “كوابيس منتصف الليل” وغيرها من الأعمال التي أثرت الساحة الفنية السورية.
رغم مسيرتها الحافلة، عانت فدوى محسن من التهميش في السنوات الأخيرة، كما أشار ابنها هاني البكار، مشيرًا إلى أنها لم تُدرج ضمن قائمة المكرّمين في إحدى الفعاليات رغم أحقيتها بذلك.
في المقابل، صرّحت تماضر غانم، رئيس فرع دمشق لنقابة الفنانين، بأن النقابة كانت على علم بحالتها الصحية، وقامت بتكريمها في منزلها عرفانًا لعطائها الفني.
برحيل فدوى محسن، تخسر الدراما السورية واحدة من الوجوه الأصيلة التي شكّلت ذاكرة المشاهد العربي، وتركت بصمتها في أدوار الأم الحنونة والمرأة الدمشقية الأصيلة