حكومة التكنو”كوز” (١ – ٢)
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
حسن عبد الرضي الشيخ
ها هو “كامل الأوهام” يعود بنا القهقرى، معلنًا عن تشكيل حكومة تُسمى زورًا بالتكنوقراطية، بينما هي في حقيقتها حكومةٌ تُلبس الوجوه القديمة أقنعةً مستعارة، وتُجملها بأسماء منمّقة وسير ذاتية براقة. وفي طليعة هؤلاء، الدكتور معز عمر بخيت، الذي قبل — دون تردُّد أو تحفّظ — أن يؤدي دورًا ديكوريًا في حكومة بلا سلطة، وبلا مشروعية، بل وبلا حتى خريطة طريق!
الدكتور معز، الذي كنا نظنه — وليس كل الظن إثم — على الحياد، تلاحقه منذ سنوات همهمات وشهادات تتهمه، ونرجو أن تكون زُورًا، بأنه من أوائل الإسلاميين في جامعة الخرطوم، ممن صوّتوا لقوائمهم، واختاروهم لمواقع الاتحاد، وتغنّوا بخطابهم، ومدّوا الجسور مع نظامهم.
ويبلغ التهافت مداه حين نقرأ تبرير د. معز لقبول المنصب، كأننا نقرأ سطورًا مقتبسة من “كتاب السلطان”، تلك الأسطوانة المشروخة عن الوطن والواجب والإنسان السوداني الذي “أوصله إلى الرفاهية” — على حدّ قوله! أي رفاهية، يا دكتور؟! هل تقصد رفاهية النزوح؟ أم الموت على قارعة الطريق في الفاشر؟! هل تتحدث عن الإنسان السوداني في بورتسودان، حيث ستحتمي بمنصبك؟ أم عن أولئك الذين يُدفنون بلا أكفان، وتُضمد جراحهم بالناموسيات بدلًا عن الشاش الطبي؟!
ثم يحدثنا عن خطة وطنية واستراتيجية صحية حديثة! أي خطة هذه؟! وكيف ستنفذها من عاصمة مشلولة؟ من وزارة بلا دولة؟ من حكومة بلا أرض؟! هل تملك وزارة الصحة — فعليًا — مستشفى واحدًا تحت سيطرتها؟! أين هي هذه “الخطة” من جحيم الحرب في دارفور وكردفان، ومن الكارثة الممتدة إلى النيل الأبيض والجزيرة؟! أليس الأولى بك أن تُطالب بوقف القصف، ورفع الحصار، وتوفير العلاج للمحاصَرين، بدلًا من تسويق أوهام عن “نظام صحي حديث”؟!
إن كل ما يحدث يفضح وهم “كامل الوهم”، ويُكذّب أسطورة “التكنوقراط”، فهذه حكومة “الفراغ السياسي” بامتياز: لا شرعية لها من ثورة، ولا تفويض من شعب، ولا غطاء من قانون. حكومة وُلدت في ظلمات الصفقات، وتحاول عبثًا إنعاش جثة الإسلاميين المحترقة. كامل إدريس، الذي وعدنا بحكومة خبراء، عاد ليجمع بقايا من صمتوا على فساد نظام المؤتمر الوطني في كهوف السياسة وقبور الشعارات، ويعرضهم علينا كأنهم “تكنوقراط”!
فهل الدكتور معز فعلاً تقني مستقل؟! أم هو وجه ناعم من وجوه ماكينة الإسلام السياسي؟! وهل تكفي قصائد كتبها في حب الثورة لتُغفر له هذه السقطة المدوّية؟!
إن المأساة الحقيقية تطال “مؤتمر خريجي جامعة الخرطوم”، حين يتحوّل بعض أعضائه إلى أبواق للأنظمة. والدكتور معز أحد هؤلاء، وهو عضو بهذا الجسم الثوري الذي نشأ حاملًا مشعل الوعي والنزاهة، مؤمنًا بقيم الحرية والسلام والعدالة. فهل سيسكت المؤتمر عن انخراط أحد رموزه في مشروع إعادة تدوير الشمولية؟! أليس من الواجب أن يُعرّي كل من يخذل الشعب باسم “الخدمة العامة”؟!
فهل ننتظر بيانًا صريحًا من المؤتمر؟! أم سيُترك الباب مواربًا لانتهازية جديدة تُطلّ برأسها كلما اشتدت الأزمة؟
سارعوا باخراج بيان قوى قبل أن نسمع ان كامل “الاحلام” قد عين الشاعر المرهف والذي كتب أقوى القصائد، وخاصة في نقد جماعة الاسلام السياسي وعن زيف تدينهم، الأستاذ عبد القادر الكتيابي وزيرا للثقافة. نخشى سقوط المثقفين وحدا تلو الاخر وقد تناهى الى اسماعنا اشادة الكتيابي بتعيين صديقه المعز الذي نرجو الا يكون قد نصحه بالموافقة حتى لا يصدق فيهما المثل السوداني البليغ: (اتلمى التعيس على خائب الرجاء).
وإن جاز لنا أن نسدي النصح قبل أن يحل الندم، فلتكن رسالتنا إلى الدكتور معز واضحة: ما زال في الوقت متّسع للتراجع. يمكنك أن تخدم بلدك من موقع آخر، بعيدًا عن هذا المقعد الملطّخ بشرعية زائفة. إن كنت صادقًا في حبك لهذا الوطن، فلتأبَ أن تكون ورقة تين تستر عريَ الكيزان، أو واجهة زائفة لحكومة لا تملك من أمرها شيئًا.
تأمل مصير من سبقوك من وزراء الصحة في الأنظمة الشمولية: لم يذكرهم أحد، بينما يُذكر د. أكرم التوم بكل خير، رغم قصر فترته، لأنه جاء من رحم الثورة، وغادر مرفوع الرأس. فلا تحرق تاريخك، ولا تحوّل قصائدك إلى مرثية.
أما الشعب، فهو يعلم.
ونحن نعلم.
والمعادلة بسيطة:
لا حرية في ظل شمولية،
ولا إصلاح مع الكيزان،
ولا خطة وطنية تُبنى على وهم.
فهل وصلت الرسالة؟!
الوسومحسن عبد الرضي الشيخالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
“فلسطين أكشن” تقول بعد سريان حظرها: حكومة بريطانيا تخضع إلى لوبي إسرائيلي ولن نتوقف عن دعم فلسطين
#سواليف
بدأ في #بريطانيا سريان قرار #حظر #منظمة_فلسطين_أكشن (Palestine Action)، بعد تصويت في مجلس العموم على إدراجها ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، ما أدى إلى تجميد أنشطتها ومصادرة أصولها.
وشمل الحظر إزالة جميع حسابات المنظمة الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تجميد حسابها البنكي وإغلاق مقرها الرئيسي، وذلك في إطار الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية.
وكانت المنظمة، التي تنتهج أسلوب العمل المباشر، قد نفذت خلال السنوات الماضية حملات احتجاجية استهدفت شركات تصنيع الأسلحة، أبرزها شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية، التي تعد من أكبر مصدري الطائرات المسيرة المستخدمة في الحرب على غزة. وأسفرت تلك التحركات عن تعطيل عدد من المصانع المرتبطة بإلبيت وخسارة عقود بمليارات الجنيهات، وفقا لما أعلنته المنظمة.
مقالات ذات صلة التفاصيل الكاملة لاتفاق غزة الجديد وترامب سيعلنه شخصياً 2025/07/05وقال وزير الأمن البريطاني توم غارفيس إن “المنظمة ليست مجموعة احتجاج سلمية، بل كيان متطرف”، مؤكدا أن إدراجها على لائحة الإرهاب سيمكن السلطات من تعقب تمويلها ومنع قدرتها على التعبئة، حسب تعبيره.
APوفي أول رد رسمي، أصدرت “فلسطين أكشن” بيانا مطولا قالت فيه إن الحظر الذي بدأ سريانه “لن يمنع العمل المباشر من أجل فلسطين”، مضيفة أن “المقاومة ستستمر، رغم محاولات إسكات الأصوات المناهضة لصناعة الأسلحة وداعميها”.
وأكدت المنظمة أنها أجبرت ثلاثة مصانع أسلحة إسرائيلية على الإغلاق خلال خمس سنوات، وأثرت على علاقات أكثر من 12 شركة مع “إلبيت سيستمز”، ما اعتبرته “نجاحا في بناء حركة عالمية مؤثرة نصرة للقضية الفلسطينية”.
وأضاف البيان أن الحظر “رد فعل على فعالية الحركة، ويكشف خضوع الحكومة البريطانية لضغوط اللوبي المؤيد لإسرائيل”، مشيرة إلى أن “المقاومة المدنية والعصيان المدني” سيستمران، مع تحذير من مخاطر قانونية على أي بريطاني يتفاعل مع منشوراتها على وسائل التواصل.
ورغم سحب صفحاتها الإلكترونية، دعت المنظمة داعميها إلى مواصلة النضال بشكل مستقل عبر منصات أخرى، مشددة على أن “الحركة ليست مجرد اسم بل فكرة لا يمكن حظرها”.
وأثار قرار الحظر ردود فعل غاضبة في أوساط النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وسط دعوات إلى التصدي لما اعتُبر انتهاكًا لحرية التعبير والعمل المدني في المملكة المتحدة.