الجزيرة:
2025-08-12@06:08:56 GMT

فؤاد شكر.. قصة قيادي من الرعيل الأول في حزب الله

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

فؤاد شكر.. قصة قيادي من الرعيل الأول في حزب الله

بيروت- بعد نحو 4 عقود من شغله مواقع عسكرية كبيرة في حزب الله اللبناني، تمكنت إسرائيل من اغتيال فؤاد شكر، أحد أبرز وجوه "الرعيل الأول" المؤسس للحزب في الثمانينيات، والمعروف بلقب "الحاج محسن".

ولد شكر في بلدة النبي شيت في سهل البقاع عام 1961، واستشهد بغارة جوية في 30 يوليو/تموز الماضي عبر طائرات مسيرة استهدفت مبنى كان يزوره، في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله السياسي والشعبي والأمني.

المفارقة في قصة اغتيال شكر هي فقدان "عنصر المفاجأة" للعملية؛ إذ أعلنت إسرائيل مسبقًا أنها استعدت لتوجيه ضربة وصفتها "بالمحددة والمؤلمة" لحزب الله، ردا على مزاعمها باتهام الحزب بإطلاق صاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وسقط ضحيته 12 طفلًا، الأمر الذي نفاه حزب الله في بيان رسمي عقب الحادث.

ونشر إعلام حزب الله الحربي سيرة ذاتية مقتضبة عن فؤاد علي شكر، ووصفه "بالشهيد القائد الجهادي الكبير"، وجاء فيها أنه "من الجيل المؤسس لحزب الله".

وبحسب السيرة المقتضبة، فإن شكر صاحب دور قيادي في تأسيس المجموعات الأولى للمقاومة الإسلامية في لبنان وتنظيمها، وقد شارك في التصدي للاجتياح الإسرائيلي في مطلع الثمانينيات وأصيب في مواجهة خلدة البطولية عام 1982، واضطلع بدور أساسي في التخطيط للعمليات وإدارتها، وخصوصا النوعية، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان.

وأكد إعلام الحزب أن فؤاد شكر كان "المسؤول العسكري المركزي الأول" لحزب الله في حقبة التأسيس وفي النصف الأول من التسعينيات، كما أدار ونظّم عملية إرسال كوادر عسكرية من حزب الله لنصرة المسلمين المستضعفين في البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995.

فؤاد شكر المسؤول العسكري الأرفع الذي تغتاله إسرائيل منذ طوفان الأقصى (الإعلام الحربي في الحزب) سلسلة اغتيالات

وكشفت السيرة الرسمية أن شكر كان القائد المسؤول عن وضع الخطط العسكرية خصوصا في حرب يوليو/تموز 2006 وما بعدها، "سواء على الجبهة الشرقية ضد الجماعات التكفيرية أو الجبهة الجنوبية ضد العدو الإسرائيلي". وقاد مهام عسكرية وأمنية نوعية خلال مراحل مختلفة من تاريخ المقاومة.

كذلك شغل "عضوية الشورى المركزية لحزب الله خلال مراحل من مسيرته الجهادية"، وشغل "عضوية المجلس الجهادي للمقاومة الإسلامية منذ تأسيسه". وبحسب السيرة التي نشرها إعلام الحزب، فقد قاد العمليات العسكرية على جبهة الإسناد اللبنانية منذ بداية معركة طوفان الأقصى.

ويُعدّ فؤاد شكر أرفع مسؤول عسكري تغتاله إسرائيل في حزب الله، بعد انخراطه في حرب المساندة دعمًا للمقاومة في غزة، في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ولم تتوان إسرائيل عن تتبع واغتيال شخصيات عسكرية بارزة في حزب الله تلعب دورًا محوريا في المواجهة الحالية خاصة، ويعد شكر أرفع مسؤول عسكري تغتاله في الحزب، بعد 6 قادة عسكريين آخرين.

ففي 8 يناير/كانون الثاني اغتالت إسرائيل القيادي في قوة النخبة التابعة لحزب الله "قوة الرضوان" وسام الطويل، وفي 15 فبراير/شباط اغتالت القيادي العسكري علي دبس، وفي 16 أبريل/نيسان اغتالت القيادي إسماعيل باز قائد منطقة الناقورة في حزب الله.

وفي 15 مايو/أيار اغتالت إسرائيل القيادي حسين إبراهيم مكي الذي كان مسؤولا مباشرا عن تنفيذ عمليات في الجبهة الداخلية لإسرائيل، وفي 12 يونيو/حزيران اغتالت طالب سامي عبد الله المعروف بـ"أبو طالب" وهو قيادي عسكري رفيع في الحزب أيضًا، وفي 3 يوليو/تموز اغتالت المسؤول العسكري محمد نعمة ناصر المعروف بـ"الحاج أبو نعمة".

نصر الله وشكر

مثّل اغتيال فؤاد شكر ضربة موجعة لحزب الله، إذ وصفته إسرائيل باليد اليمنى للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وارتقت العملية، وفق مراقبين، إلى مرتبة التهديد الشخصي لنصر الله، بعدما كان مستشاره العسكري المباشر.

وكشف نصر الله، في خطاب بعد عملية الاغتيال، أنه كان على تواصل يومي ولقاءات وجاهية دائمة مع فؤاد شكر، وكان صلة الوصل المباشرة له مع الميدان، حيث يضعه بكل تفاصيل العمليات العسكرية في جبهة الإسناد التي يديرها وينسقها معه.

وفي خطابه، أعلن نصر الله حتمية رد المقاومة على استهداف إسرائيل للضاحية واغتيال شكر. ونشر الإعلام الحربي في حزب الله صورة جمعت نصر الله وشكر، وبدت حديثة جدا من ملامح وجهيهما اللذين يغزوهما الشيب.

وكان فؤاد شكر يعرّف بنفسه في الثمانينيات، مع رفاقه المقاتلين، بعبارة "نحن الخمينيون"، للدلالة على تأثره الكبير بالثورة الإسلامية في إيران وقائدها آية الله الخميني، بحسب جريدة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله.

وفي إحدى الصور التي نشرها الإعلام الحربي، يظهر شكر برفقة القيادي الراحل مصطفى بدر الدين الذي واكبه في مختلف مراحل حياته وتجربته المتنامية مع الحزب، كما واكب عماد مغنية القيادي السابق الذي اغتالته إسرائيل في سوريا عام 2008، ويعد فؤاد شكر خليفة الرجلين.

فؤاد شكر (يسار) كان يعدّ المستشار العسكري الأقرب إلى حسن نصر الله (الإعلام الحربي في الحزب) تخطيط وتنفيذ

بدأت القصة الفعلية لفؤاد شكر عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وقبل تأسيس حزب الله. وكان من سكان الأوزاعي، وهي من المناطق الفقيرة في بيروت، وكان يتردد على أحد جوامعها حيث تعرّف على مجموعة من الشبان، صاروا لاحقا من "الرعيل الأول" المؤسس لحزب الله.

ففي عام 1982، إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وحين كان يبلغ شكر 21 عامًا، شارك مع مجموعة من 12 مقاتلا بمعركة خلدة الشهيرة، ضد جنود إسرائيليين كانوا يتقدمون نحو بيروت.

ويبدو أن شكر هو من مؤسسي فكرة أسر الجنود الإسرائيليين؛ إذ تقول جريدة الأخبار إن شكر كان من أوائل من بدؤوا التفكير والتخطيط لأسر جنود إسرائيليين بهدف مبادلتهم بمقاومين وقعوا في الأسر. وحاول بنفسه تنفيذ عملية أسر في منطقة الجية، أثناء حصار بيروت، إلا أن العملية فشلت، إذ قُتل الجندي الأسير ولم يكن ممكنا نقل جثته إلى بيروت.

وبحسب المصدر ذاته، فقد أشرف شكر بنفسه على عملية أسر جنديين إسرائيليين في بلدة كونين عام 1986، "قادها الشهيد سمير مطوط، أحد أفراد مجموعة السيد محسن الأولى".

تلامذة شكر

وكان شكر هدفًا دائمًا ليس لإسرائيل فحسب، بل للولايات المتحدة أيضًا التي أقلقها نشاطه المتعدد الجبهات، ومنذ عام 2017 أدرجته على قائمة العقوبات الأميركية، وصار مطلوبًا من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي عقب اتهامه بتفجير ثكنات مشاة البحرية في بيروت عام 1983، الذي أسفر حينئذ عن مقتل 241 من أفراد قوات المارينز الأميركية.

ورصدت بعدئذ الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، وفي 10 سبتمبر/أيلول 2019 صنفته وزارة الخارجية الأميركية "إرهابيا عالميا" وفرضت عليه عقوبات، لعمله لمصلحة حزب الله في سوريا.

وطوال رحلته الحافلة عسكريا، داخل لبنان وخارجه، انطبعت تجربة شكر بسمتي التخطيط والتنفيذ، سواء بعمليات الأسر واقتحام مواقع إسرائيلية، أو لجهة بناء القدرات العسكرية، أو بالتمدد خارج لبنان. واشتهر بالعمل الدؤوب على فهم العقل الإسرائيلي ودراسة مختلف نقاط قوته وضعفه وفهم خريطته الجغرافية.

وجمعت فؤاد شكر علاقة عملية وعسكرية وصداقة استثنائية مع القيادي حسان اللقيس الذي اغتالته إسرائيل بضربة مؤلمة لحزب الله في يناير/كانون الثاني 2013، أمام منزله في بيروت، في عملية نفذتها مجموعة أطلقت النار نحوه بكاتم صوت.

وكان القياديان العسكريان، شكر واللقيس، رفيقا درب بالإشراف على بناء قدرات الحزب بالمسيّرات والصواريخ الدقيقة ومختلف البرامج التدريبية العسكرية لحزب الله.

وقال حسن نصر الله إن جميع المقاتلين بالجبهة هم من تلامذة "السيد شكر" الذين تربّوا عسكريا على يده.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإعلام الحربی فی حزب الله حزب الله فی لحزب الله فی الحزب نصر الله فؤاد شکر الله ا

إقرأ أيضاً:

حزب الله يواجه ثلاثة خيارات صعبة

في المقالة السابقة "تفاصيل لعبة واشنطن وإسرائيل مع حزب الله"، كان المتوقع أن تذهب الحكومة اللبنانية في اجتماعاتها المخصصة لمناقشة الورقة الأميركية المتعلقة بنزع سلاح حزب الله لأحد خيارين؛ إما نزع سلاح الحزب بالقوة، أو اللجوء إلى الحوار لخلق توافق داخلي بشأن سلاح الحزب تحت عنوان: (الإستراتيجية الدفاعية)، بعيدا عن سيف الوقت الذي وضعه المبعوث الأميركي توماس باراك، وتجنبا لسيناريو الحرب الأهلية، أو الاقتتال الداخلي.

طريق باتجاه واحد

أما إن الحكومة قد أخذت قرارها في جلستيها المتتابعتين في الخامس والسابع من هذا الشهر، بنزع سلاح حزب الله، وتكليف الجيش اللبناني لإعداد خطة تنفيذية لاعتمادها في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، ولتنفيذها في موعد أقصاه نهاية العام، فهذا يعني أن لبنان بات يسير في طريق باتجاه واحد، وبخطى حثيثة تحت الضغط ومتابعة المبعوث الأميركي توماس باراك شخصيا.

النقاش بين الفرقاء في لبنان، بشأن هذا الموضوع، قد يأخذ طريقه في مسارات؛ منها ما هو دستوري وميثاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، ومنها ما هو سياسي متعلق بمضمون البيان الوزاري الأول أمام البرلمان والذي يُشكل عادة إطارا مرجعيا لعمل الحكومة في لبنان.

ومنها ما هو متعلق بميثاقية القرارات لناحية حصول التوافق بين الوزراء ممثلي الطوائف داخل الحكومة، لا سيما في ظل انسحاب الوزراء الشيعة من جلسة اتخاذ قرار نزع سلاح حزب الله.

القضية في لبنان ليست بالضرورة تُبنى فقط على قانونية أو دستورية هذا القرار أو ذاك، في ظل تركيبة البلد القائمة على توافق المرجعيات الدينية والسياسية والمحاصصة الطائفية كمدخل ومخرج لحل الإشكالات الكبرى والحساسة.

فالاستقواء بالقانون أو الرجوع إليه وحده لا يكفي في مواجهة العَصبية الطائفية والاصطفاف السياسي الذي يُنذر بانفلات الوضع الداخلي من عباءة القانون، فيصبح القانون ضحية الخلاف العميق في جسد لبنان أفقيا وعموديا.

إعلان

من السهل أن يختلف أهل السياسة والقانون في تفسير النصوص الدستورية ومقاصدها التشريعية، فهذا باع طويل برع فيه أهل لبنان المشبعون بالسياسة والعارفون بمتاهاتها طوال عقود من التدافع الداخلي في إقليم مضطرب.

العبرة هي كيف يمكن أن يُحل الإشكال بعيدا عن الضغط الأميركي والتهديد الإسرائيلي، وبتغليب مصلحة لبنان عبر التوافق والسلم الأهلي، لأن البديل هو نار الصدام الداخلي الذي ربما تنتظره واشنطن وتعمل عليه تل أبيب المتربصة بلبنان.

التجربة الماثلة في العراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تريد تركيب المنطقة وفق معايير تخدم مصالحها ومصالح إسرائيل، مهما تجملت الكلمات وتنمقت الوثائق بالديباجات أو بمرجعيات القانون الدولي الذي أصبح شماعة، يستخدم حيثما مالت المصلحة لإسرائيل، ويترك مهملا إذا تعارض معها.

فوهة البندقية

بعد سويعات من اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارها بنزع سلاح حزب الله، بدأ الشارع اللبناني يسخن عبر مسيرات لأنصار حزب الله وحركة أمل وأنصار المقاومة في بيروت، وصيدا، وصور، والبقاع، مقابل أصوات أخرى بدأت تهدد الشارع بالشارع والمظاهرة بالمظاهرة.

أكبر إشكال يواجه الفرقاء في لبنان أنهم باتوا يتحركون تحت سيف الوقت الذي وضعه المبعوث الأميركي لنزع سلاح حزب الله في موعد أقصاه نهاية العام.

هذا يعني أن مساحة الحوار والنقاش السياسي بدأت تتراجع لصالح الخشونة السياسية، وسخونة الشارع الذي قد يتطور إلى اضطرابات أمنية.

ما يزيد المشهد تعقيدا أن إسرائيل تواصل قصفها لبنان تصاعديا لتسريع آلية نزع سلاح حزب الله، والضغط على الحزب ليخضع لشروط الورقة الأميركية.

في هذا الجو المشحون، يقف حزب الله أمام عدة خيارات للتعامل مع قرار الحكومة اللبنانية، ومنها:

الخيار الأول: تنفيذ القرار بنزع السلاح، وانتهاء الحزب كحركة مقاومة، وتركه استحقاق انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، وترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، للحكومة اللبنانية لتعالجها وفق المسارات الدبلوماسية. الخيار الثاني: رفض الحزب تسليم سلاحه، ما قد يؤدي إلى اقتتال داخلي إذا أصرت الحكومة على تنفيذ قرارها بالقوة، وربما يؤدي ذلك إلى انشقاقات واسعة في صفوف الجيش والأجهزة الأمنية، بحكم تركيبتها الطائفية. الخيار الثالث: لجوء حزب الله إلى تفعيل المقاومة المسلحة ضد الجيش الإسرائيلي في المناطق الخمس التي يحتلها في جنوب لبنان، ما سيؤدي إلى توسع دائرة الاشتباك وربما الحرب. التصعيد ضد الاحتلال

خيار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، في الظروف التي يمر بها الحزب ولبنان بعد معركة إسناد غزة، ليس بالأمر السهل، ويحمل مزايا وتبعات متعددة على النحو التالي:

أولا: تبعات سلبية

لبنان يعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة، وتراجع في مستوى الخدمات العامة، ونزوح داخلي لسكان جنوب الليطاني، والضاحية الجنوبية لبيروت، وأي تجدد للحرب سيزيد العبء على الشعب والدولة اللبنانية.

يواجه لبنان تهديدا مباشرا من المبعوث الأميركي توماس باراك؛ بالحصار، ومنع إعادة الإعمار، وإطلاق يد إسرائيل الثقيلة لتفعل ما يناسب أمنها في لبنان، إن لم يتم نزع سلاح حزب الله في موعد أقصاه نهاية العام.

إعلان

تفعيل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي قد يُفضي إلى حرب واسعة وتدخلات خارجية تجعل من الواقع اللبناني والمشهد الإقليمي أكثر تعقيدا.

ثانيا: زاوية نظر أخرى

من ناحية حزب الله وجمهور المقاومة، قد يبدو خيار التصعيد ضد الاحتلال، مع خطورته له مزايا إيجابية مهمة، في ظل إنهاك جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، ومعاناته بشريا ومعنويا؛ بسبب طول مدة القتال وأزمة تجنيد الاحتياط، ومن هذه المزايا المتوقعة:

استعادة معادلة الردع مع إسرائيل التي لا تحترم اتفاقاتها ولا تفهم إلا لغة القوة، والشاهد على ذلك عدم التزامها باتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع لبنان في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستمرارها بالقصف بشكل شبه يومي الأراضي اللبنانية، رغم التزام الحزب من طرف واحد بموجبات الاتفاق. تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة؛ فحزب الله يتوقع أن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب إن سلم سلاحه، والبناء على الوعود الأميركية مجرد وهم وسراب، في ظل تماهي واشنطن مع حكومة إسرائيلية متطرفة لاهوتية تنظر لتوسيع حدود كيانها جغرافيا وفق منطق الأرض الموعودة. منع سيناريو التطبيع مع إسرائيل في ظل الضغط الأميركي، فالقبول بالشروط الأميركية الخاصة بنزع سلاح حزب الله في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، لا يُستبعد أن يُفضي لشرط الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها لاحقا. عين العاصفة

نزع سلاح حزب الله يتصل بأهداف إسرائيل الساعية لإعادة رسم الشرق الأوسط من جديد، وإخضاعه لهيمنتها بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما تحدث عنه تكرارا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إسرائيل ما زالت تتطلع للقضاء على حركة حماس، وحزب الله وتغيير سلوك إيران إن لم يكن تغيير النظام فيها، وتكييف الواقع السياسي والأمني في سوريا الجديدة، بما يتناسب مع أمنها المبني في إحدى زواياه على التوسع الجغرافي.

حزب الله يدرك ذلك، ويعلم أن نزع سلاحه سيكون له تداعيات محلية وإقليمية وخاصة على إيران الداعم التاريخي له، والتي تترقب بدورها أو تتوقع هجوما إسرائيليا ثانيا لإضعافها، كأحد مقتضيات إعادة رسم الشرق الأوسط من منظور أميركي إسرائيلي.

في هذا السياق جاء تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أكد فيه على دعم إيران لقرار حزب الله بشأن سلاحه، إدراكا منه أن خسارة إيران للبنان بعد سوريا، ستؤدي إلى هشاشة الموقف الإيراني، وتعريض أمن إيران ومجالها الحيوي للخطر أمام جنوح إسرائيل في المنطقة.

يلتقي العديد من الدول والقوى على الشعور بالقلق والخشية من تداعيات السياسة الإسرائيلية، بغض النظر عن نقاط الخلاف بين هذه المكونات، أو بينها وبين الحزب وإيران، وهذا ما ظهر من مواقف إقليمية ودولية رافضة العدوان الإسرائيلي على إيران.

ما يعيب قرار الحكومة اللبنانية أنه جاء استنادا لورقة أميركية تحت التهديد، وليس نتاجا لحوار لبناني داخلي، في وقت تنتهك فيه إسرائيل السيادة اللبنانية ولا تلتزم بموجبات اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان الموقع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

السير قدما في تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، دون تكييفه بصيغة توافقية بين فرقاء الوطن الواحد يقرب لبنان من خط اللاعودة، ويزجّه في عين عاصفة اللاعبين الدوليين والإقليميين الذين يزيد عددهم عن عدد الطوائف اللبنانية، ما يعقد المشهد أكثر، ويفتحه على احتمالات شتى ربما لا تكون في صالح لبنان كل لبنان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة
  • حزب الله يواجه ثلاثة خيارات صعبة
  • بيان لـحزب الله بعد اغتيال الصحافيين في غزة‎.. هذا ما جاء فيه
  • لبنان.. تجدد المسيرات المناصرة لحزب الله في الضاحية الجنوبية
  • السعودية تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش
  • عاجل: السعودية تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش
  • حزب الله والانقلاب الإستراتيجي الهادئ
  • الجيش العراقي: عناصر تابعة لحزب الله والحشد نفذت اعتداءات على دائرة زراعة الكرخ
  • أثناء إزالة ذخائر.. مقتل 5 جنود لبنانيين بانفجار في منشأة لحزب الله
  • انفجار كبير في منشأة لحزب الله جنوبي لبنان