◄ الطائي: عُمان تحظى بعلاقات راسخة مع الصين.. ومستقبل واعد للتعاون المشترك

القائم بالأعمال بالسفارة الصينية: صلالة تحظى بأهمية خاصة في علاقات الصداقة الثنائية

8% نموًا بحجم التجارة الثنائية بين عُمان والصين إلى 15 مليار دولار

الصين وعُمان تتشابهان كثيرًا في الأفكار الفلسفية والتقاليد الاجتماعية

السعيدي: الملتقى فرصةً كبيرةً لطرح الأفكار وتبادل الآراء لإيجاد مسارات تعاون جديدة

◄ السعدي: العلاقات العُمانية الصينية تتسم بالتنوع والشمولية في جميع المجالات

◄ العسكري: رؤية "عُمان 2040" تتلاقى مع مبادرة "الحزام والطريق" في عدة جوانب

فو تيشمينغ: شروط واضحة للمؤلفات العلمية التي يدعمها "كرسي السلطان قابوس"

العبيدلي يقدم تحليلًا شاملًا للعلاقة المتطورة بين دول الخليج العربي والصين

 

الرؤية- فيصل السعدي

تصوير/ أحمد العمدة

 

أكد مُلتقى الصداقة العُماني الصيني 2024، الدور البارز للدبلوماسية في تعميق أواصر التعاون والصداقة بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، فيما أبرز المشاركون من المتخصصين والخبراء التطور اللافت في العلاقات الثنائية بين البلدين.

ورعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار، حفل افتتاح أعمال الدورة الثانية من الملتقى، الذي عُقد تحت عنوان "نحو مسارات تعاون تمهد للمستقبل المشترك".

وقال حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للملتقى رئيس تحرير جريدة "الرؤية" في كلمته بمستهل أعمال الملتقى إن العلاقات العُمانية الصينية، تشهدُ ومنذُ 46 عامًا، تطورًا ملحُوظًا في مُختلف مجالات التعاون، وقد تُوجت هذه العلاقاتُ بإقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين الصديقين في مايو من العام 2018، لتؤكد رسوخ العلاقات الثنائية، وتُمهد مسارًا مُتجددًا نحو مُستقبل مُشترك يُلبي آمال وتطلعات البلدين وفق مسُستهدفات الرؤى المستقبلية.

وأضاف أنه منذ أن رست في جُوانزو سفينةُ البحار العُماني أبو عُبيدة عبدالله بن القاسم؛ قبل 1200 عام، بعدما انطلق بسفينته من ميناء صُحار العُماني مُتوجهًا إلى الصين، في رحلة تُبرهنُ على متانة وقوة العلاقات الرابطة بين البلدين الصديقين.. تمضي مسيرةُ التعاون المشترك اليوم مدعومةً بمُباركة قيادتي البلدين الحكيمتين، مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظهُ الله ورعاه- وفخامة الرئيس الصيني شي جين بينج، وبجُهود حكومتي البلدين لتعزيز وتقوية أواصر العلاقات في شتى المجالات، لا سيما في ظل ما يشهدُه العالم من حولنا من مُتغيرات وتطورات تستدعي بذل مزيد من الجهد من أجل الدفع بالعلاقات بين الدول إلى مُستويات أكبر من التعاون والشراكة والبناء، تحقيقًا للمصالح المُشتركة، وتعزيزًا للعمل الثنائي الهادف للازدهار والنماء للشعوب، وضمان أمن واستقرار وسلام دول العالم أجمع.

وأكد الطائي أن شوطًا كبيرًا تقطعُهُ علاقاتُ الصداقة والتعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، على مُختلف المستويات والصعُد؛ تعمقه مستوياتُ التنسيق الواعدة بين الجانبين، مع إطلاق الصين للمُبادرة التنموية الواعدة "الحزام والطريق"؛ إذ تُعد سلطنةُ عُمان واحدةً من أبرز الدول التي ستُسهم بدور بناء في تعزيز هذه المُبادرة، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتنموية التي تستهدفُها الُمبادرة.

وأشار الطائي إلى أن جمهورية الصين الشعبية تمثل أكبرُ شريك تجاري لسلطنة عُمان، وأكبر مُستورد للنفط الخام العُماني؛ حيث نمت علاقاتُ التجارة البينية إلى مُستويات تبعثُ على التفاؤل بالمستقبل المُزدهر لكلا البلدين، مضيفًا أنه خلال الفترة الأخيرة تجاوز حجمُ التبادل التجاري بين عُمان والصين أكثر من 40.45 مليار دولار أمريكي، فيما بلغت الاستثمارات الصينية في السلطنة ما يزيدُ على 6.6 مليار دولار، ويستحوذُ قطاعُ الطاقة والبتروكيماويات على 76 في المئة من هذه الاستثمارات. وأوضح أن العامين الماضيين شهدا زيادةً في المشاريع الاستثمارية الصينية في السلطنة؛ والتي من بينها ضخ نحو 230 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشاريع في المنطقة الحرة بصلالة.

وأضاف الأمين العام للملتقى أن قواسم المُستقبل المُشترك بين عُمان والصين، ترسمُ ملامحها جُملةُ الرؤى التنموية الطامحة للمُزاحمة على مصاف الدول المتقدمة؛ حيث إن رؤيةُ "عُمان 2040"، ومُبادرةُ الحزام والطريق الصينية، يسعى- في كنف أهدافهما- المسؤُولُون والجهاتُ المعنية في كلا البلدين إلى الموائمة بين التطلعات المشتركة والواقع التنموي الفعلي المتحقق اليوم على أرض الواقع. وأكد أن مستوياتُ التعاون تمضي بكل ثقة نحو مستقبل تشاركي تتوثقُ فيه عُرى التعاون والشراكة في العديد من مجالات العمل سياسيًا، ودبلوماسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا، وفنيًا، وتعليميًا، وسياحيًا، وفق ما هُو مأمولٌ مُستقبلاً على كافة المستويات: القريبة، والمتوسطة وبعيدة المدى.


 

محطات تاريخية

من جهته، قال المستشار وانغ شيو هونغ القائم بالأعمال بسفارة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان في الكلمة الافتتاحية إن مدينة صلالة الجميلة لها أهمية خاصة للصداقة الصينية العُمانية؛ باعتبارها محطة تاريخية مُهمة للتبادلات بين بلدينا عبر طريق الحرير البحري القديم قبل 600 عام، عندما قام البحار الصيني المشهور تشنغ خه وأسطوله الضخمة بعدة زيارات الى صلالة؛ حيث أحضر معه الحرير والخزف الصيني وعاد إلى الصين باللبان والتوابل العُمانية. وشدد شيو هونغ على أن هذه التبادلات غرست بين بلدينا وشعبينا جذور الصداقة والمحبة، لافتًا إلى أن مدينة صلالة في الوقت الراهن ما تزال تؤدي دورًا مُهمًا في تطوير وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين، إضافة الى استثمار الشركات الصينية المتزايدة. وأوضح المسؤول الصيني أن النصب التذكاري للبحار الصيني تشنغ خه الذى تم إنشاؤه السنة الماضية على شاطئ الحافة بصلالة، أصبح معلمًا جديدًا للصداقة الصينية العُمانية.

وأشار إلى أن 2024 عامٌ مهم في مسيرة علاقات الصداقة بين الصين وعُمان؛ حيث تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين، عبر الدعم والاحترام المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والاهتمامات الرئيسية المشتركة. وقال إن الصين تقدر لعُمان موقفها الثابت في التمسك بمبدأ "صين واحدة" ودعمها لجهود الصين لتوحيد الوطن بالطرق السلمية وحماية سيادتها وسلامة أراضيها، كما إن الصين تدعم دائمًا عُمان في اتباع مسار التنمية الذي يناسب ظروفها الوطنية وتدعيم جهودها للقيام بدور إيجابي في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي، والعمل سويًا لاتخاذ موقف مشترك لدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني وحقوقهم المشروعة.

وأكد وانغ شيو أن التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين يتسارع في خطواته؛ إذ تظل الصين أكبر شريك تجاري وأكبر مستورد للنفط الخام العُماني. وقال إنه في الفترة من يناير إلى مايو 2024، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين وسلطنة عُمان الى أكثر من 15 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 8%. وذكر أن الجهات المعنية في البلدين نظمت عدة ندوات ومؤتمرات حول تشجيع وترويج الاستثمار، وتزايدت الزيارات العُمانية إلى الشركات الصينية، وكذلك تعددت زيارات رجال الاعمال الصينيين الى عُمان للبحث عن فرص التعاون، ونُفذ العديد من المشاريع الكبرى في مجالات الطاقة الجديدة والتعدين وتوليد الكهرباء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقال المسؤول الصيني إن التواصل الودي بين الصين وسلطنة عُمان يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ؛ حيث تلاقت وتعرفت بعضهما على البعض عبر طريق الحرير القديم، مشيرًا إلى أن الصين وعُمان تتشابهان كثيرًا في الافكار الفلسفية والتقاليد الاجتماعية، وكلاهما دولتان محبتان للسلام. وشدد على أن التعاون الودي بين الصين وسلطنة عُمان يقف عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، ويستضرف فرصًا جديدة للتنمية، مُستشهدًا بكلمة فخامة الرئيس شي جين بينغ في افتتاح الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني- العربي، عندما قال "إن روح طريق الحرير التي تم توارثها جيلا بعد جيل ترشد التعاون الصيني-العربي ليواكب العصر، بما يعود بالخير على شعوب الجانبين على نطاق واسع". ودعا المسؤول الصيني إلى العمل سويًا من أجل تكريس روح الصداقة الصينية- العُمانية وخلق مستقبل مشترك بالتضامن، ودفع التعاون العملي الى مستوى أعلى، وتعزيز التكامل المتعمق للبناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية عُمان 2040"، وتحقيق المزيد من الفوائد الملموسة لشعبي الجانبين.


 

علاقات ممتدة

من جانبه، ذكر سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العُمانية الصينية في كلمته الرئيسية إننا في سلطنة عُمان -حكومةً وشعبًا- نعتز عاليًا بعمق وقدم علاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة التي تمتد لآلاف السنين، وتتجذر وتنمو باستمرار واضطراد بفضل الرعاية الكريمة والاهتمام المباشر الذي توليه القيادة الرشيدة في كلا البلدين الصديقين لتلك العلاقة؛ بما يخدم المصالح المشتركة، ويعود بالنفع والخير على الشعبين الصديقين؛ من خلال تعظيم التبادل التجاري والاقتصادي وتشجيع الاستثمار.

وقال السعيدي في كلمته: "نتطلع لأن يكون ذلك البُعد التاريخي للعلاقات بين البلدين بمثابة رافعة متينة نستند عليها في تطوير علاقاتنا المستقبلية في كافة المجالات؛ حيث يُمثل هذا الملتقى فرصةً كبيرةً لطرح الأفكار وتبادل الآراء التي من شأنها إيجاد آفاق ومسارات جديدة في مجالات التعاون بين البلدين".

وأشار رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العُمانية الصينية إلى أن كلمه فخامة الرئيس الصيني شي جين بنغ بتاريخ 28 يونيو 2024 بمناسبة إحياء الذكرى السبعين لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، تأكد على أنه في ظل عصر العولمة الاقتصادية، نحتاج إلى بناء جسور التواصل وتمهيد طرق التعاون، بدلًا من الانقسام والمواجهة، داعيًا إلى العولمة الاقتصادية المتسمة بالنفع للجميع وبناء مبادرة "الحزام والطريق" بجودة عالية، وتنفيذ مبادرة التنمية العالمية الهادفة لاستفادة الجميع، وجعل شعوب الدول تتقاسم فرص التنمية وتجني ثمارها، وجعل الدول في القرية الكونية تسعى للتنمية والازدهار، كما دعا فخامته للالتزام بمفهوم العدالة والإنصاف، حتى لا تنتصرُ سياسة القوة ويُصبح العالم غابةً يفترسُ فيها القوي الضعيف؛ فالعالم يعيش على متن سفينة كبيرة تحمل الآمال والتطلعات للسلام والازدهار الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، وتنوع الحضارات وحلم البشرية للتنمية المستدامة.

وأوضح السعيدي بالقول: "إنَّنا في سلطنة عُمان آمنَّا منذ القدم بالتعاون والوئام بين مختلف الشعوب والدول، وقامت حضارتنا على نشر المحبة والسلام، فتصالحنا مع ذواتنا، وانعكس ذلك على علاقاتنا بالآخر؛ فلم يشهد التاريخ أن اعتدت عُمان وهي في أوج قوتها على شعب أو دولة؛ بل كانت تنجد المستغيث متى طلب منها النجدة، وتقفُ إلى جانب المظلوم إلى أن يُرفع الظلم عنه، وفي العصر الحديث انتهجت عُمان سياسة النأي بالنفس عن كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقات بين الشعوب والدول، مُستخدمةً الحياد الإيجابي وسيلةً في المساعدة على حل الخلافات وتسهيل التواصل بين الدول المختلفة، وشهد لها بذلك كل منصف يرى الأمور بميزات المنطق والعدل والموضوعية؛ حيث سخرت جهودها وإمكانياتها للتنمية الوطنية من خلال سياسة قائمة على رُؤى وخطط واقعية ومدروسة، مُتطلعة لمستقبل يضعنا في مصاف الدول المتقدمة، وفق أولويات ومستهدفات رؤية عُمان عشرين أربعين، والتي أشرف على التحضير لها وإعدادها مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- شخصيًا".

العلاقات الاقتصادية

إلى ذلك، تضمن الملتقى ورقة عمل رئيسية قدمها الشيخ الدكتور عبدالله بن صالح السعدي السفير السابق لسلطنة عُمان لدى جمهورية الصين الشعبية، قال فيها إن العلاقات العُمانية الصينية تعود إلى قرون مضت؛ حيث كانت التجارة البحرية بين البلدين نشطة على مر العصور. وقد أسهمت هذه التجارة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين الشعبين. وأضاف أن عُمان والصين كانتا جزءًا من طريق الحرير البحري القديم؛ حيث كانا يتبادلان السلع والخبرات والمعرفة. ومن خلال هذه الروابط، بنيت علاقات قوية ومستدامة بين البلدين. وأوضح السعدي أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 25 مايو 1978، شهدت العلاقات العُمانية الصينية تطورًا ملحوظًا في مختلف المجالات؛ حيث أصبحت الصين واحدة من الشركاء التجاريين الرئيسيين لسلطنة عُمان. وتزايدت العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين بشكل مستمر؛ مما أدى لتعزيز الروابط الاقتصادية.

وبين السعدي أن العلاقات العُمانية الصينية تتسم بالتنوع والشمولية، حيث تمتد لتشمل التعاون في مجالات عديدة؛ مثل: الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والسياحة، والثقافة، مشيرًا إلى عقد زيارات رسمية متبادلة بين القادة والمسؤولين من البلدين خلال السنوات الماضية، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون والشراكة.

وحث السعدي على ضرورة العمل على تعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين من خلال زيادة الاستثمارات المتبادلة وتوسيع التبادل التجاري. فيُمكن لسلطنة عُمان أن تستفيد من الخبرات الصينية في مجالات التكنولوجيا والابتكار، بينما يمكن للصين أن تستفيد من موقع عُمان الاستراتيجي كبوابة إلى الأسواق الإقليمية والدولية.

وأبرز السعدي في حديثه إمكانية مساهمة بعض المحاور المهمة في تعزيز مستقبل العلاقات العُمانية الصينية مثل التعاون الاقتصادي، والتبادل والثقافي والعلمي، والتعاون في مجالات الطاقة والبيئة، تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية.

روابط ثنائية

وتواصلت محاور الملتقى؛ حيث حمل المحور الأول عنوان "جسور جديدة لتعزيز الروابط الثنائية"، وقدم حسين العسكري نائب رئيس معهد الحزام والطريق بمملكة السويد ورقة عمل، استهلها بالتعبير عن سعادته بالاطلاع على رؤية "عُمان 2040"؛ باعتبارها تشير الى النظرة المستقبلية الواعدة والطموح الواقعي المُنطلِق من القدرات الكامنة في الاقتصاد العُماني والشعب العُماني، علاوة على تركيزها على نواحي محددة تواكب التطورات والتغيرات الحاصلة في العالم.

وقال العسكري إن هناك بعض النواحي المتشابهة بين رؤية "عُمان 2040" والرؤية الصينية ضمنًا في بعض النقاط؛ أهمها: بعد النظر، والتركيز على الابتكار كأساس عن طريق التعليم ومواكبة التطور العلمي والتقني في العالم، والانطلاق من عراقة الماضي نحو حداثة المستقبل دون الاخلال بالتوازن ما بين الهوية العُمانية وأهداف الحداثة والتقدم، والتركيز على بناء بنية تحتية حديثة للوجستيات على طراز عالمي في الجودة، كمنصة للانطلاق واستغلال الموقع الجغرافي الفريد لسلطنة عُمان، والتعاون مع الأطراف الفاعلة في عملية التحول الاقتصادي الهائلة التي تقودها دول مثل الصين في سياق مبادرة الحزام والطريق، وفي ذات الوقت المحافظة على علاقات عملية ومتوازنة مع جميع الأطراف الدولية الفاعلة، و التوازن والمساواة في التنمية بين مختلف الأقاليم والمحافظات وليس التركيز فقط على مراكز محددة. وأكد العسكري أن مدينة صلالة تمثل أفضل مثال على ذلك، إلى جانب تنويع موارد الدخل وعدم الركون إلى تصدير المواد الخام كأساس للنمو لاقتصادي.

أما البروفيسور فو تيشمينغ نائب عميد كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين وأستاذ كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية بالجامعة، فقد استعرض مجهودات ومساهمات جامعة بكين في تعليم اللغات في إطار دفع التعاون التعليمي والثقافي بين الصين وعُمان، والتي شملت ثلاثة محاور: محور التأليف العلمي ونشر الكتب، ومحور الترجمة، ومحور إعداد ونشر المحتويات العلمية.

وذكر فو تيشمينغ أن جامعة بكين تضع التأليف العلمي ونشر الأبحاث العلمية على قائمة أولويتها، وهو ما جعله على قائمة أولويات كرسي السلطان قابوس في جامعتنا أيضًا، وقد تم الحرص أن تكون هناك شروط واضحة للمؤلفات العلمية التي يدعمها كرسي السلطان له، وهي أن يكون لها علاقة مباشرة بالعلاقات الصينية العُمانية، وأن يقوم بها علماء لهم باع في هذا المجال، ويتمتعون بسمعة علمية قوية، أو أن تساعد هذه المؤلفات على نشر الثقافة واللغة العربية، أو أن تسهم في نشر الثقافة العُمانية في الصين، أو نشر الثقافة واللغة الصينية باللغة العربية.

وأشار نائب عميد كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين وأستاذ كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية إلى أن من  أبرز المؤلفات التي وقع الاختيار عليها لتحظى بالدعم والنشر، المؤلف الأول هو "تاريخ العلاقات بين الصين وسلطنة عُمان"، وهو كتاب من جزأين، يغطي تاريخ علاقات الصين وسلطنة عُمان منذ القدم وحتى وقتنا هذا، وقد تم تكليف ثلاثة من أبرز علماء جامعة بكين، وهم: وانغ شياوفو، وَوُو يوجوي، ولي آنشان قبل ثماني سنوات، بإجراء بحوث مشتركة حول "تاريخ العلاقات بين الصين وسلطنة عُمان" وتأليف كتاب يضم نتائج تلك الدراسات، وقد عمل الثلاثة بشكل منفصل، وتوصلوا إلى أن مكانة عُمان ودورها في النقل بين الشرق والغرب في العصور القديمة قد تم التقليل من شأنها لفترة طويلة، ولم تحظى بالاهتمام الأكاديمي اللازم، ولم يتم الكشف عن مكانة عُمان التاريخية ودورها في التواصل بين الشرق والغرب في العصور القديمة بشكل كامل، وجاءت دراستهم بنتائج عديدة، منها ما توصل له البروفيسور وانغ شياوفو وذكره في مقدمة الجزء الأول من كتاب "تاريخ العلاقات بين الصين وسلطنة عُمان".

إلى ذلك، قدَّم الدكتور هيثم مزاحم رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية ورقة عمل، تناولت آفاق العلاقات العُمانية الصينية في ضوء المُستجدات والتطورات الراهنة.

فيما استعرض الدكتور محمد بن سعد المقدم الباحث في التاريخ العُماني، أهمية التعاون الثقافي بين جامعة السلطان قابوس وجامعة بكين لتعلم اللغات في توطيد علاقات الصداقة بين البلدين، متحدثا عن البعثات الطلابية المشتركة بين بكين ومسقط لتعلم اللغة العربية والصينية.

وشارك فارح بن عامر الحمر مساعد استشاري مركز طب وجراحة القلب بمستشفى السلطان قابوس بصلالة، بعرض تجربة دراسته اللغة الصينية والطب في جمهورية الصين الشعبية والتي تجاوزت 8 سنوات. واستعرضت تميمة سعيد بيت سعيد تجربتها ضمن برنامج طلابي لزيارة جمهورية الصين الشبعية لمدة 14 يوم لتعلم اللغة الصينية والتعرف على أهم المعالم التاريخية في الصين ومدى التقارب الثقافي والحضاري بين عُمان والصين.

وعُقد المحور الثاني من الملتقى بعنوان "العلاقات العُمانية الصينية والتعاون متعدد الأبعاد"؛ حيث استعرض الأستاذ الدكتور وانغ قوانغدا الأمين العام لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية ورقة عمله بدور الصين في حل السلام والمصالحة بين 14 فصيلًا فلسطينيًا؛ حيث وقعت الفصائل الفلسطينية على "إعلان بكين"، تعهدوا خلاله بإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية، معتبرًا هذا الإعلان حدثًا ذي أهمية كبيرة للقضية الفلسطينية، كونها قضية جذرية في الشرق الأوسط، تتعلق بالسلام والاستقرار الإقليميين، والإنصاف والعدالة الدوليين، والضمير الإنساني.

وتابع قائلًا إن الصين تعد أكبر دولة نامية في العالم، وكانت ولم تزل تضع العالم ككل في اعتبارها، وأنها لا تهدف في عملية تحقيق التحديث إلى التطوير الذاتي دون مراعاة الآخرين، خاصة الأصدقاء القدامى، أو حتى إلى تكريس مبدأ "الصين أولًا"؛ بل إنها تهدف إلى ضخ مزيد من الطاقة الإيجابية لدفع السلام العالمي نحو الأمام، وإتاحة مزيد من الفرص الجديدة لتنمية العالم، في الوقت الذي نحقق فيه التنمية الذاتية.

وأضاف وانغ قوانغدا: "نتطلع أن تكون الصين والدول العربية دائما صاحبين قريبين وشريكين عزيزين في طريق التنمية، تواصلان تبادل الخبرات في الحكم والإدارة، وتعزيز التوافق بين استراتيجيات التنمية، خاصة "رؤية عُمان 2040" والبناء المشترك في "الحزام والطريق” بجودة عالية، واستكشاف امكانات جديدة في الذكاء الاصطناعي والتصنيع والطاقة الجديدة والسياحة والزراعة الحديثة وتجارة المنتجات الزراعية والتعليم المهني، ودفع التنمية المشتركة بعلاقات اقتصادية وتجارية أقوى، وتعزيز التواصل بين الشعبين مع تبادلات ثقافية وشعبية أوثق، والتقدم جنبًا إلى جنب في المسيرات الجديدة للتحديث".

وقدم عبيدلي العبيدلي رئيس الاتحاد العربي لتقنية المعلومات ورقة عمل استعرض فيها التعاون الخليجي والعربي مع الصين في مجالات تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي وغيرها. وقدّم العبيدلي تحليلًا شاملًا للعلاقة المتطورة بين منطقة الخليج العربي مع الصين، مع تسليط الضوء على السياق التاريخي والديناميكيات الحالية والآفاق المستقبلية. وسلطت الورقة الضوء على جذور العلاقات الصينية الخليجية بما فيها طريق الحرير القديم وطرق التجارة البحرية، مؤكدًا على التبادلات الاقتصادية والثقافية طويلة الأمد التي أرست أساسًا قويًا للتفاعلات المعاصرة.

وأبرز العبيدلي دراسة مجالات التعاون الرئيسية مثل التجارة والاستثمار والطاقة وتطوير البنية التحتية، مؤكدًا دور عُمان الاستراتيجي في هذا الإطار، مُستعرضًا في السياق ذاته تحليل الإحصاءات الأخيرة عن حجم التجارة وتدفقات الاستثمار والمشاريع الثنائية الهامة لتوضيح الحالة الراهنة للعلاقات.

وتحدث العبيدلي عن الفرص المحتملة الناشئة القادرة على تعزيز التعاون الصيني الخليجي، مثل مبادرة الحزام والطريق والترابط الإقليمي، داعيًا إلى أهمية بلورة فهم دقيق لهذه الديناميكيات وتشجيع إطار تعاوني يعد بالمنافع المتبادلة ومستقبل أكثر إشراقًا لكل من الخليج العربي والصين على حد سواء.

فيما اختُتِم الملتقى بجلسة نقاشية ضمن المحور الثالث بعنوان "استشراف مستقبل التقارب بين عُمان والصين" أدار وقائعها محسن بن خميس البلوشي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العُمانية الصينية، وشارك في الجلسة كلًا من: البروفيسور فو تيشمينغ أستاذ كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية بجامعة بكين، وحسين العسكري نائب رئيس معهد الحزام والطريق بمملكة السويد، والأستاذ الدكتور وانغ قوانغدا الأمين العام لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية – شنغهاي، والدكتور هيثم مزاحم رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية، وعبدالنبي العكري الكاتب والمحلل السياسي.

وتناولت الجلسة أبرز محطات التقارب التاريخي والثقافي بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية وإمكانية استغلال فرص استثمارية أوسع في سبيل تحقيق آفاق اقتصادية أرحب ومصير واحد مشترك يجمعه السلام والصداقة.

وعُقد الملتقى هذا العام تأسيسًا على نجاح واسع رافق أعمال الدورة الأولى من الملتقى، لتُجدد من خلالها جريدة "الرؤية" والجمعية العُمانية الصينية وبشراكة إستراتيجية مع سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان، التأكيد على استثمار العمق التاريخي المُميز للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، في إطار متجدد يُضفي على مفهوم الصداقة والتعاون بين البلدين نظرة استشرافية لمستقبل أكثر ازدهارًا ورسوخًا.

يُشار إلى أن أعمال الدورة الحالية من الملتقى، تنطلق برعاية ذهبية من: الدقم هونغ كونغ للأنابيب، وشركة هواوي، وشركة دليل للنفط، ومجموعة التنين الذهبي الصينية، وشركة (STATE GRID INTERNATIONAL DEVELOPMENT)، وبرعاية فضية من: (BGP OIL & GAS SERVICES)، و(GREAT WALL DRILLING COMPANY)، و(CHINA THIRD CHEMICAL CONSTRUCTION COMPANY)، وشركة (ONE ROAD GROUP)، وشركة (SUZHOU ZHIHENG BIOTECHNOLOGY)، و(CHINA COMMUNICATION CONSTRUCTION COMPANY).

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: جمهوریة الصین الشعبیة البلدین الصدیقین الحزام والطریق الثنائیة بین العلاقات بین الأمین العام ملیار دولار طریق الحریر التعاون بین بین البلدین جامعة بکین الصینیة فی من الملتقى الصینیة ا فی مجالات وتعزیز ا فی تعزیز ورقة عمل من خلال ع مان ا فی الم إلى أن

إقرأ أيضاً:

نيابة عن جلالة السلطان.. السيد أسعد يترأس وفد سلطنة عُمان في قمتي "الخليج- آسيان" و"الخليج- آسيان- الصين" في ماليزيا

 

 

 

◄ السيد أسعد: نكتب اليوم فصلًا جديدًا من فصول الصداقة بين دولنا

◄ 24 تريليون دولار الناتج المحلي لدول الخليج وآسيان والصين

◄ عُمان تدعم بقوة توسيع التجارة وتحريرها بين دول الخليج وآسيان والصين

◄ السلام الإقليمي لن يتحقق إلّا إذا توقفت إسرائيل عن تنفيذ الإبادة الجماعية للفلسطينيين

◄ بكين تدعو إلى بناء "سوق ثلاثي موحد ومتكامل" بين دول الخليج و"آسيان" والصين

رئيس الوزراء الماليزي: "القمة" دليل على الالتزام المشترك بتعزيز الروابط القوية

إعلان مشترك حول التعاون الاقتصادي بين رابطة الآسيان ومجلس التعاون

 

 

كوالالمبور- العُمانية

نيابةً عن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ترأس صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتّعاون الدّولي والممثل الخاصّ لجلالة السُّلطان وفد سلطنة عُمان في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول رابطة الآسيان، وجمهورية الصين الشعبية التي بدأت أعمالها أمس بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.

وأُلقيت في افتتاح القمة عددٌ من الكلمات لرؤساء الوفود المشاركة؛ حيث أكد صاحبُ السُّموّ السيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتّعاون الدّولي والممثل الخاصّ لجلالة السُّلطان على العلاقات التاريخية القائمة على القيم والمصالح المشتركة والتعاون والاحترام المتبادل، الذي انعكس على طريق الحرير العريق، ومبادرة الحزام والطريق، قائلًا سموّه: "نكتب اليوم فصلًا جديدًا من فصول الصداقة بين دولنا".

وأضاف سموّه: "نمتلك معًا قدرات هائلة على إحداث تغيير إيجابي، فقد بلغ تعداد سكان بلداننا ما يزيد على ملياري نسمة، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 24 تريليون دولار أمريكي، فضلًا عن أنّ دولنا تُعدُّ من أكثر أسواق العالم نموًّا".

وأكد سموّه في كلمته أنّ "موارد الطاقة لهذه المجموعة والقوى العاملة بها والأهداف التي نسعى إلى تحقيقها في مجالات التحوّل المختلفة، توفر فرصًا استثمارية كبيرة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وهذه المقومات تُمكننا من الوفاء باحتياجاتنا من الطاقة في المستقبل، كما أنها تدفع عجلة التنمية المستدامة في بلداننا، وهذا ما نصبو إليه". وتابع سموّه بالقول إنّ تعزيز الشراكة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا المالية، سيُثري فرص التجارة والاستثمار والسياحة، وسترفع من كفاءة الخدمات والتفاهم عبر الثقافات، علاوة على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتبادل المعرفة والشراكات مع القطاع الخاص بين دولنا. وأكد سموّه أنّ سلطنة عُمان تدعم بقوة توسيع التجارة وتحريرها بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول رابطة جنوب شرق آسيا (الآسيان) والصين، كما أنّها متفائلة بشأن مستقبل الشرق الأوسط، ونعرب عن تقديرنا لشركائنا في منطقة الآسيان والصين على دورهم البنّاء في هذا الصدد.

وأشار سموّه إلى أنّ السلام الإقليمي الدائم لن يتحقق إلّا إذا توقفت إسرائيل عن ممارسة سياسة الإبادة الجماعية للفلسطينيين، قائلًا: ينبغي على المجتمع الدولي وكافة الدول الممثلة في هذه القمة، اتخاذ جميع الخطوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لإنهاء العنف الإسرائيلي وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة.

وأوضح سموّه أنّ رؤية سلطنة عُمان والغالبية العظمى من دول العالم، تتمثل في دعم السلام العادل والدائم على أساس حلّ الدولتين، الذي يستوجب انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاعتراف الكامل بدولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة.

وفي ختام كلمته، قال صاحبُ السُّموّ السيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتّعاون الدّولي والممثل الخاصّ لجلالة السُّلطان إنّ سلطنة عُمان بصفتها دولة بحرية وصديقة للجميع، منفتحة دائمًا على جميع المبادرات الرامية إلى تعزيز الشراكة بين منطقتي الخليج ومجموعة دول الآسيان والصين، متطلعين على الدوام إلى الترحيب بأصدقائنا وشركائنا، والعمل معهم بروح التعاون والتقدم البنّاء.

من جانبه ألقى سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ولي عهد دولة الكويت كلمة أوضح من خلالها أن القمة تأتي لتؤكد أهمية التعاون متعدد الأطراف وبلورة شراكات استراتيجية قائمة على التكامل والتنمية المستدامة والاحترام المتبادل في ظل واقع دولي تتعاظم فيه الحاجة إلى التضامن والتنسيق لمواجهة الأزمات الاقتصادية والتهديدات البيئة والتحولات الجيوسياسية المتسارعة. وبين سموه أن هذه القمة الثلاثية تأتي لتجسد تطورًا طبيعيًا لهذا المسار ولتفتح أفقًا جديدًا لتكامل ثلاثي يربط بين منطقتين من أكثر المناطق في العالم ديناميكية وفاعلية في الاقتصاد العالمي وسلاسل القيمة والإنتاج. ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لمواجهة الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ونجدد موقفنا الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها دولته المستقلة على حدود عام 67.

من جهته أكد رئيس وزراء الصين لي تشيانغ في كلمته بقمة دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان وجمهورية الصين الشعبية على أهمية توسيع الانفتاح الإقليمي والسعي لبناء "سوق ثلاثي موحد ومتكامل" مشيرًا إلى أن هذا التكامل سيمكّن من إيجاد "قوة تنموية تستند إلى الانفتاح والابتكار".

وأوضح في سياق كلمته أن التباين في المراحل التنموية بين الدول يمكن تحويله إلى عنصر قوة من خلال الاحترام المتبادل وتنسيق الاستراتيجيات الاقتصادية وتوزيع الأدوار الصناعية"، مؤكدًا أن بكين تدعم مبادرة "حوار الحضارات" التي أطلقها رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، الرامية لتعزيز التفاهم الثقافي والعمل على مبادرة "الحضارة العالمية" بما يسهم في بناء شراكة حضارية قائمة على السلم والتنمية.

ومن جهة ثانية، ونيابةً عن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- ترأس صاحب السّمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتّعاون الدّولي والممثل الخاصّ لجلالة السُّلطان وفد سلطنة عُمان في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول رابطة الآسيان، التي بدأت أعمالها أمس بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.

وكان في مقدّمة مستقبلي سُموّه لدى وصوله مقر انعقاد القمّة معالي أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا. وأكد رئيس الوزراء الماليزي خلال افتتاح القمة على أنها دليلٌ على الالتزام المشترك بتعزيز الروابط القوية بين الجانبين، مشيرًا إلى أنّ الاستثمارات المتزايدة بين الجانبين عكست الثقة المتبادلة بينهما. وأوضح أن العلاقة بين دول رابطة الآسيان ومجلس التعاون الخليجي ستكون مفتاحًا لتعزيز التعاون بين الأقاليم، وبناءً للمرونة، وضمان الازدهار المستدام، متطلعًا إلى تبادل مثمر للآراء يمهّد الطريق لمبادرات ملموسة ضمن شراكة متنامية ومستدامة.

من جانبه ألقى سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ولي عهد دولة الكويت كلمةً أوضح فيها أن القمة الافتتاحية في الرياض التي عقدت بين الجانبين شكّلت انطلاقة ناجحة لرسم ملامح تعاون متكامل، لنبني على هذا الزخم معتمدين على إطار التعاون الاستراتيجي (2024-2028)، بوصفه خارطة طريق لوضع الأطر المؤسسية لهذه الشراكة وتحويلها إلى أدوات عملية قادرة على تحقيق التقدم المنشود. وأكد أهمية هذه الشراكة؛ إذ أن الجانبين يمثلان مجتمعين قوة اقتصادية وبشرية هائلة، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الـ16 ما يقارب 6 تريليونات دولار، وتضم شعوبها نحو 740 مليون نسمة، وتربط بينها ممرات بحرية وتجارية تُعد من بين الأهم عالميًا، مما يمنح تعاونها بُعدًا جيوسياسيًّا واستراتيجيًّا له تأثير مباشر على الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي العالمي. وبيّن أن مجلس التعاون يُمثّل سابع أكبر شريك تجاري لرابطة الآسيان في عام 2023، وبإجمالي تجارة بلغت 130.7 مليار دولار أمريكي، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن يشهد حجم التجارة نموًّا متوسطًا بنسبة 30 بالمائة ليصل إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2032. وأوضح أن حجم الفرص التي يمكن استثمارها بين الجانبين هائل، وما تحقق حتى الآن يؤكد على السير نحو المسار الصحيح، فحجم التبادل التجاري في السلع بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان تجاوز 122 مليار دولار في عام 2023، مضيفًا أنه شهد تزايدًا مستمرًا في الاستثمارات الخليجية في الأسواق الآسيوية، مما يعكس الثقة المتبادلة والتكامل الاقتصادي المتنامي، ويُجسّد حجم الإمكانات المتاحة لمضاعفة هذه الأرقام عبر سياسات اقتصادية محفزة.

وتناقش القمة عددًا من الموضوعات منها تعزيز الشراكة الاقتصادية بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان، والتعاون في مجالات الأمن والغذاء والطاقة والتغير المناخي، إلى جانب تطوير التعاون في المجالات التقنية والتعليمية والثقافية.

ومن جهة أخرى، التقى صاحبُ السُّموّ السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون بمعالي بوي ثانه سون نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لجمهورية فيتنام الاشتراكية؛ وذلك على هامش القمّتين. جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات القائمة بين البلدين، وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وتبادل وجهات النظر حول عددٍ من القضايا الراهنة ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى الموضوعات المطروحة في أعمال القمتين.

كما التقى صاحبُ السُّموّ السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثلُ الخاصّ لجلالةِ السُّلطان بمعالي الحاج فضيلة يوسف، نائب رئيس الوزراء وزير تحول الطاقة والمياه الماليزي؛ وذلك على هامش القمّتين. جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات القائمة بين البلدين، وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وتبادل وجهات النظر حول عددٍ من القضايا الراهنة ذات الاهتمام المشترك.

والتقى صاحبُ السُّموّ السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثلُ الخاصّ لجلالةِ السُّلطان بمعالي هون مانيت رئيس وزراء مملكة كمبوديا؛ وذلك على هامش القمّتين. وجرى خلال اللقاء استعراض مسيرة العلاقات بين البلدين وآفاق التعاون الثنائي، بالإضافة إلى الموضوعات المطروحة في أعمال القمتين.

إعلان مشترك

أكدت الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، اليوم في ختام أعمال القمة الثانية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور رغبتَهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، لتعميق الشراكة الاقتصادية وإقامة روابط، خاصة في المجالات ذات الاهتمام المشترك لتنويع سلاسل التوريد. وأشار الإعلان إلى البيان المشترك للقمة الأولى بين مجلس التعاون الخليجي والآسيان، التي عُقدت في الرياض بالمملكة العربية السعودية في 20 أكتوبر 2023؛ حيث اتفق الجانبان على استكشاف التعاون في أولويات الشراكة الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك تعزيز تكامل الأسواق الإقليمية، والاستدامة وإزالة الكربون، والتحول الرقمي والشمولية، بما في ذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومشاركة القطاعين العام والخاص، ومد جسور التواصل بين الشعوب.

وأكد الإعلان على الإمكانات الاقتصادية للاتفاقية التجارية الحرة بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي لكلا الجانبين، والسُبل البديلة لتعميق العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك تعزيز التعاون القطاعي، خاصة في المجالات ذات المنفعة الاقتصادية المتبادلة، مثل القطاع المالي (الصيرفة الإسلامية)، والأغذية، والسياحة.

وأقر الإعلان بإطار التعاون بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي (2024-2028)، الذي يحدد الإجراءات وأنشطة التعاون المشتركة بين الجانبين في المجالات ذات الاهتمام المشترك ضمن الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لتحقيق الإمكانات الكاملة للتعاون بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي.

ولفت الإعلان إلى إمكانية تعميق الشراكة الاقتصادية بين مجلس التعاون الخليجي والآسيان؛ حيث كان المجلس في عام 2023 الشريك التجاري السابع لآسيان بحجم تجارة بلغ 130.7 مليار دولار أمريكي، والمصدر السادس عشر للاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 390.2 مليون دولار؛ متوقعًا أن يشهد حجم التبادل التجاري نموًا متوسطه 30%، ليصل إلى 18 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032. وأكد الإعلان على الرغبة في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بين الجانبين، والعمل معًا لتعزيز الشراكة والتعاون في مواجهة التحديات العالمية؛ من خلال تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار، وتوفير بيئة تمكينية مواتية، وإيجاد فرص استثمارية مشتركة مفيدة للطرفين، تماشيًا مع إطار التعاون بين الجانبين، بما في ذلك تعزيز التعاون القطاعي، وإجراء دراسة جدوى مشتركة حول اتفاقية تجارة حرة بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي، وبدء مناقشات التجارة الحرة.

وأوضح الإعلان أنه يمكن تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بين الجانبين من خلال استكشاف التعاون وتبادل المعلومات في الاقتصاد الرقمي، وتعزيز التعاون في مجالات مثل الزراعة والأمن الغذائي، وكذلك بناء التعاون في مجال الهيدروكربونات، والطاقة الخضراء والنظيفة والمتجددة، والتقنيات الحديثة، والرعاية الصحية، والتصنيع، والسياحة الثقافية، والتقييس، وتطوير البنية الأساسية المستدامة، والتكنولوجيا المالية والخدمات، مثل الخدمات المالية الإسلامية، والمنتجات والخدمات الحلال، مستفيدين من الإمكانات الهائلة لآسيان ومجلس التعاون الخليجي.

كما دعا إلى تشجيع تعزيز مشاركة القطاعين العام والخاص، وعلاقات الأعمال بين الإقليمين، باستخدام المنصات المتاحة والجديدة، سواء المادية أو عبر الإنترنت، مثل البعثات التجارية، وأنشطة التوفيق بين الشركات، وتبادل الخبرات لتعزيز فهم أفضل للأطر الاقتصادية والتنظيمية والقانونية، والحوار بين ممثلي الأعمال، بالإضافة إلى تسهيل وتعزيز مشاركة أكبر للقطاع الخاص في كلا الجانبين، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التعاون الاقتصادي، وتقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات لرواد الأعمال والشركات الناشئة، مع التركيز بشكل خاص على النساء والشباب والمجتمعات المهمشة لتمكينهم من المنافسة إقليميًا وعالميًا.

وأشار إلى إمكانية تعزيز التواصل والتنسيق بين الحكومات وجمعيات الأعمال والقطاع الخاص من الجانبين في العلاقات الاقتصادية بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في استخدام نظم المعلومات الجغرافية، ونظم النقل الذكية، والذكاء الاصطناعي، واستكشاف الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لربط السكك الحديدية والطرق بين دول مجلس التعاون الخليجي وأعضاء آسيان، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في قطاعات النقل البري.

كما دعا إلى تشجيع التبادل بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيان لتسهيل فرص الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية العالية مثل الطاقة، والتقنيات المتقدمة، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، والسياحة، إلى جانب التطلع إلى مستقبل أكثر تكاملًا وازدهارًا، مع التأكيد على أهمية الاستفادة من العلاقات الاقتصادية بين مجلس التعاون الخليجي وآسيان، وتحقيق أقصى استفادة من الفرص الاقتصادية لتحقيق نمو مستدام يعود بالنفع على شعوب الإقليمين في إطار تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بين الجانبين.












 

مقالات مشابهة

  • الخارجية: إعفاء المواطنين من تأشيرة الصين يعزز التعاون والصداقة بين البلدين
  • أهمية بحر الصين الجنوبي في الصراع الأمريكي الصيني (1-3)
  • رئيس الوزراء: مستمرون في التعاون مع الشركاء للاستفادة من الفرص الواعدة بقطاع الطاقة
  • نيابة عن جلالة السلطان.. السيد أسعد يترأس وفد سلطنة عُمان في قمتي "الخليج- آسيان" و"الخليج- آسيان- الصين" في ماليزيا
  • السفير الصيني بعُمان يحث الطلبة على تعلم اللغة الصينية ليكونوا "سفراء الصداقة" بين البلدين
  • الرئيس الإيراني يصل عمان في زيارة رسمية لتعزيز التعاون وتوطيد العلاقات بين البلدين
  • الرئيس السيسي للمستثمرين الأمريكيين: مصر أرض الفرص الواعدة.. وموسى يعلق: إقبال أمريكي وصيني متزايد على الاستثمار
  • "مؤتمر الأعمال العُماني الشرق أفريقي" يبحث الفرص الاستثمارية في 7 قطاعات واعدة
  • انطلاق مؤتمر الأعمال العُماني الشرق أفريقي
  • جولة لتعزيز العلاقات الاستثمارية لهونج كونج في أفريقيا والشرق الأوسط