فؤاد سراج الدين وطنى من طراز فريد
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
فى مثل هذا اليوم 9 أغسطس عام 2000، غيّب الموت عنا الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين، تلك الشخصية الوطنية ذات التاريخ الحافل بالنضال الوطنى قبل ثورة 23 يوليو وبعدها حتى وافته المنية، الباشا سراج الدين، ليس شخصية عادية، فهو من الشخصيات العظيمة التى حفل بها تاريخ مصر الوطنى، فهو مدرسة وطنية ومناضل كبير من أجل طرد المحتل البريطانى ومن أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، هو فارس بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ومحارب صنديد ضد الظلم والقهر وكشف الفساد.
فى ذكرى الزعيم خالد الذكر، نستلهم العبر والعظات من قامة وقيمة وطنية كبرى من رجال حزب الوفد المخلصين الوطنيين الذين ناضلوا من أجل تحرير الوطن من المستعمر البريطانى، وأفنوا حياتهم من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو أيضاً الرجل العظيم الذى أفنى حياته جهادًا ضد كل الأنظمة الفاشية المتغطرسة التى مارست القهر والاستبداد وإهدار كرامة المواطن.
ومن حسن حظى أن أتتلمذ على يد هذا الزعيم خالد الذكر، والذى كان الفارس النبيل مصطفى شردى أول رئيس تحرير لصحيفة «الوفد» يقدمنا إليه ونحن ما زلنا نحبو فى عالم صاحبة الجلالة على اعتبار أننا كبار رغم صغر سننا.
فقد كنت واحدًا ممن التصقوا بالباشا فؤاد سراج الدين، نحضر مجالسه ونستمع إليه بآذان صاغية، ونتعلم منه ونأخذه المثل الأعلى والقدوة الحسنة، ومن حسن حظى أيضاً أننى عرفته طيلة خمسة عشر عامًا حتى وافته المنية عام 2000. وعن الذكريات معه هناك الكثير والكثير، فلقد تعلمت على يديه معنى الحرية واحترام حقوق الإنسان فى ظل فترة استبدادية من الزمن عانت منها البلاد الكثير.. فؤاد سراج الدين كان مدرسة فريدة فى تاريخ الوطنية المصرية والتى غابت عن البلاد لعقود وفى ظل نظام فاسد غار إلى غير رجعة.
«سراج الدين» هو البطل أمام أنظمة استبدادية تسببت فى انهيار كل المناحى السياسية والاجتماعية بسبب انتشار الفساد والبلطجة والمحسوبية، وفى ظل غياب النظام السياسى الذى يحارب مَن يرتكب الأوضاع المزرية والمتردية. وكان سراج الدين هو الرجل الوطنى فى ظل هذا الانهيار الذى يكافح ويجاهد بشكل نادر لم يسبق له مثيل فى هذه الأوقات.. والجميع يعلم تمامًا أن فؤاد سراج الدين قدم كل مبادرات الإصلاح السياسية إلى الرئيس الراحل حسنى مبارك ولكن لم تتم الاستجابة لها.
كما أنه من المعروف أن فؤاد سراج الدين قد لعب عدة أدوار وطنية جليلة قبل 1952، وقام مع الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس بإطلاق إشارة البدء فى الحرب على الإنجليز لطردهم من البلاد. وهل أحد يخفى عليه الدور العظيم الذى كان يقوم به من إمداد الفدائيين بالأسلحة والذخيرة؟!
وهل يخفى على أحد أن وزير الداخلية فؤاد سراج الدين هو بطل معركة الإسماعيلية عندما أمر الضباط والجنود بقيادة الضابط مصطفى رفعت بالوقوف بصلابة ومقاومة المحتل البريطانى ومنع سقوط محافظة الإسماعيلية؟!.. كل ذلك لا يخفى على أحد ونزيد أنه كان الوزير ذا البصمات الواضحة فى إطلاق مجانية التعليم التى أعلنها وزير التعليم الوفدى الدكتور طه حسين، ولا يخفى التاريخ أنه كان وراء كل قوانين العمال والفلاحين وغيرها الكثير، خاصة فيما يتعلق بعقود العمل وخلافه.
كل ذلك ولم ينته دور فؤاد سراج الدين هذا الرجل الوطنى، إنما قاد حربًا أخرى أشد ضراوة من الحرب على الاحتلال البريطانى، وهى الحرب على الفساد فى زمن الحزب الوطنى المنحل والفاشية التى كان يمارسها ضد الناس، ووجّه سراج الدين القذائف إلى الفساد والمفسدين من خلال خطبه النارية، ومن خلال صحيفة «الوفد» برئاسة شردى أول من تولى رئاسة تحريرها، لقد ناضل سراج الدين نضالاً منقطع النظير، من خلال حزب الوفد وجريدته ونجح فى أن يجمع شركاء الأمة بهدف إصلاح أحوال البلاد والعباد وتحرير المواطنين من القهر والظلم. وهذا هو منهج حزب الوفد على مدار تاريخه الذى يزيد على مائة عام إلى أن تقوم الساعة، وهو ما يسير عليه من بعد الزعماء سعد والنحاس وسراج الدين، رؤساء الوفد ومنهم الدكتور عبدالسند يمامة، الرئيس الحالى لحزب الوفد، لأن الوفد هو بيت الوطنية المصرية ومدرسة الحرية والديمقراطية.
فى ذكرى الزعيم سراج الدين، نخبره بأن المصريين قاموا بثورة عظيمة هى 30 يونيو، تتشابه فى مبادئها مع ثورة 1919 من خلال مشروع وطنى عظيم قائم على عزيمة المصريين وإرادتهم القوية الصلبة من أجل الحياة الكريمة للمواطنين، والمشروع الوطنى للبلاد حقق إنجازات وإعجازات أكثر من رائعة لتأسيس الدولة العصرية الحديثة القائمة على الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان التى كان يحلم بها الزعيم سراج الدين. وفى هذه الذكرى العطرة، نقول للزعيم: «نَم فى مرقدك، فأبناؤك وأحفادك على الدرب مستمرون فى نهج الوطنية ومؤيدون للدولة الوطنية الحديثة الديمقراطية».. رحم الله الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين، وبارك فى كل رجال بيت الأمة الوطنيين السائرين على دربه والمتّبعين منهجه الوطنى المؤيد للدولة الوطنية القائمة على المواطنة الحقيقية. رحم الله الزعيم ووفّق كل السائرين على دربه وطريقه، ونعدك يا زعيم بأن ننفذ تعاليمك الوطنية كما غرستها فى كل الأجيال التى تعلمت وتتلمذت على يديك. رحم الله الزعيم وأدخله فسيح الجنات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ثورة 23 يوليو من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
الرئيس المصري في عيون العالم.. زعامة بطابع فريد
مرّت على مصر عصور وأجيال من القادة والزعماء، لكلٍّ منهم بصمته وسماته التي شكّلت ملامح مرحلته في تاريخ هذا الوطن العريق. غير أن التاريخ كما هو عادته لا يُسجّل أسماء الجميع بنفس الحروف، فهو لا يُخلّد إلا من استطاع أن يتجاوز حدود الزمن ويُعيد صياغة مفهوم القيادة من جديد.اليوم، وأنا أتابع المشهد المصري والعالمي، أشاهد كما يشاهد العالم كله طابع زعيم من طراز خاص وفريد، رجلٌ استثنائيّ منذ اللحظة الأولى لتولّيه مقاليد الحكم في مصر، قائدٌ لم يلتفت إلى ضجيج اللحظة، بل كان ينظر بعين بصيرة إلى المستقبل البعيد، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: أن تبقى مصر قوية، مستقلة، شامخة لا تنحني إلا لخالقها وتبني بسواعد أبنائها
الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يكن مجرد مسؤول أو سياسي يتعامل مع الأزمات بمنطق إدارة الوقت، بل كان وما زال رجل دولة حقيقيًا بالمعنى العميق للكلمة. يجمع بين الحزم والعقلانية، بين الواقعية والحلم، وبين الإيمان الراسخ بالله والثقة في قدرة الإنسان المصري على صنع المستحيل. فوقت تولّي القيادة في لحظة فارقة من تاريخ الوطن، كانت الدولة تواجه خطر التفكك والانهيار، من الداخل وكانت قوى الإرهاب تعبث بأمنها وتريد إسقاطها من الخارج، فيما تضغط أطراف دولية لإعادة رسم خريطتها. ففي تلك اللحظة التاريخية، ظهر الرجل الذي امتلك من الصلابة الذهنية والانفعالية ما مكنه من الصمود في وجه العاصفة، محافظًا على ثبات المبدأ دون أن يُفقده ذلك مرونة السياسة.
القوة الحقيقية في شخصية الرئيس عبد السيسي لا تكمن في صوته الهادئ أو كلماته المتزنة فحسب، بل في قدرته على قراءة المواقف وتحويل التحديات إلى فرص. قراراته الكبرى سواء في إنقاذ الدولة من براثن الفوضى والارهاب عام 2013، أو حتي في إطلاق مشاريع قومية غير مسبوقة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وشبكة الطرق العملاقة، ومبادرة "حياة كريمة" تعكس عقلًا استراتيجيًا لا يتحرك بالعاطفة، بل بحسابات دقيقة تستند إلى فهم عميق لتوازنات الداخل والخارج.
هذا القائد الذي جاء من رحم المؤسسة العسكرية، حمل معه انضباطها وصلابتها، فهو رجل دولة استطاع أن يجمع بين الحزم العسكري والإنسانية المدنية، بين شدة القرار والرأفة بالمواطن المصري البسيط وإعطاء الأولوية للمواطنين الأكثر احتياجا، فحقا استطاع الرئيس الحفاظ على العدالة الاجتماعية فمن يتأمل لقاءاته الودية مع المواطنين، أو أحاديثه الصريحة في الندوات والمؤتمرات، يدرك أنه زعيم لا يختبئ خلف الكلمات المنمقة، بل يتحدث بصدق رجل يعرف قيمة الوطن ويشعر بمسؤولية الحفاظ عليه. ولعل هذا ما منح كلماته دائمًا صدًى خاصًا في قلوب المصريين، لأنها تنبع من وجدان صادق ورجل غيور علي بلدة ويخشي الله في تصرفاته لا من حسابات سياسية باردة.
وعلى الصعيد الإقليمي، أعاد الرئيس السيسي لمصر مكانتها القيادية التي افتقدتها المنطقة لسنوات. لم يكن صوته مرتفعًا، لكنه كان مسموعًا، لأنه صوت الحكمة والاتزان في زمن يعج بالصراعات والمزايدات. من ليبيا إلى السودان، ومن غزة إلى البحر الأحمر، كان موقف مصر واضحًا وثابتًا: دعم استقرار الدول والحفاظ على وحدة أراضيها. لم يسمح بتحويل سيناء إلى مأوى أو ساحة لتوطين الفلسطينيين، ورفض أي حلول تتنافى مع السيادة المصرية لأنها خط أحمر لا يكمن لاحد ان يقترب منه، مؤكدًا أن أمن مصر جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة كلها.
أما على الساحة الدولية، فقد استطاع بحنكة بالغة أن يوازن بين الشرق والغرب، ففتح أبواب التعاون مع روسيا والصين، وحافظ في الوقت ذاته على علاقات قوية مع الولايات المتحدة وأوروبا. لم يكن انحيازه أبدًا لطرف ضد آخر، بل كان انحيازه الأول والأخير لمصلحة مصر العليا. ومن خلال هذا التوازن الدقيق، أعاد لمصر احترامها على الساحة العالمية، لتصبح طرفًا يُحسب له ألف حساب في كل معادلة سياسية أو اقتصادية.
قوة شخصية الرئيس السيسي تتجلى أيضًا في وعيه العميق بمعنى الدولة الحديثة، وفي إدراكه أن القوة لا تُقاس فقط بعدد الدبابات أو حجم الاقتصاد، بل بالقدرة على بناء الإنسان. لذلك، لم يكن غريبًا أن يربط بين التنمية المادية والتنمية الفكرية، فيدعو إلى "معركة وعي" موازية لمعركة البناء، مؤكدًا أن الحفاظ على الهوية المصرية هو صمام الأمان الحقيقي أمام كل ما يواجه الأمة من تحديات فكرية أو ثقافية.
ورغم حجم المؤامرات، والحملات الإعلامية الممنهجة التي حاولت النيل من صورته داخليًا وخارجيًا، ظل الرجل ثابتًا، صبورًا، مؤمنًا بأن الحقيقة لا تموت، وأن التاريخ لا يرحم من يخون وطنه. واجه الإرهاب، وتجاوز الأزمات الاقتصادية، وتعامل مع أصعب الملفات الإقليمية بشجاعة ووضوح، حتى باتت مصر اليوم نموذجًا للاستقرار وسط محيطٍ مضطرب.
إن من يتأمل مسيرة هذا القائد لا بد أن يدرك أن مصر اليوم تقف على أرض صلبة بفضل رؤية رجلٍ أدرك مبكرًا أن الدولة لا تُبنى بالشعارات بل بالفعل، وأن الحفاظ على السيادة لا يتحقق بالكلام، بل بالقدرة على الصمود والمناورة في عالمٍ لا يحترم إلا الأقوياء. عبد الفتاح السيسي ليس فقط رئيسًا لدولة، إنه قائد مدرسة فكرية في فنّ القيادة، أعاد تعريف مفهوم رجل الدولة في زمن عزّ فيه الرجال.
ولا يمكن أن نختم هذا التحليل دون الإشارة إلى التقدير الدولي المتزايد للدور المصري تحت قيادته. فقد أشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اليوم بالدور المحوري للرئيس السيسي في إنجاح اتفاق غزة التاريخي، واصفًا إياه بأنه "قائد فريد أعاد لمصر مكانتها ودورها الإقليمي في تحقيق السلام". هذه الإشادة لم تأتِ مجاملة، بل اعترافًا بقدرة القاهرة - بقيادة السيسي - على أن تكون صوت العقل في منطقة تشتعل بالصراعات، وجسرًا يربط بين الشرق والغرب في مسارٍ جديد من الدبلوماسية الهادئة والقوة الذكية.
هكذا يظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام العالم: رجلٌ جمع بين الحزم والحكمة، بين الوطنية والإيمان، بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.رجلٌ أثبت أن مصر لا تعرف الانكسار، وأنها ما زالت تنجب قادة يصنعون التاريخ لا يكتبونه فقط.
اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يتفقد «ممشى أهل مصر» ببنها
لأعلى مستوى منذ 7 سنوات.. «مدبولي» يكشف أسباب رفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B