سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على المخاوف التي تنتاب الولايات المتحدة في الوقت الحالي خشية توجيه ضربة انتقامية من جانب إيران ضد إسرائيل كرد فعل لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية خلال زيارة لطهران الأسبوع الماضي.

الجارديان تسلط الضوء على مساعي قادة دول العالم لمنع التصعيد الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية الجارديان: هاريس تسلك مسارا حذرا بشأن إسرائيل وغزة مع وصول نتنياهو إلى واشنطن

ولفتت الصحيفة في تقرير إخباري إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سوف يعقد اجتماعا مع فريق الأمن القومي للبيت الأبيض اليوم /الاثنين لمناقشة الأمر، موضحة أن واشنطن تبذل جهودا حثيثة من أجل احتواء الموقف والتخفيف من حدة التوتر في المنطقة عقب اغتيال هنية في طهران وفؤاد شكر، أحد قادة جماعة حزب الله اللبنانية في بيروت مؤخرا.

وأضافت الصحيفة أن اجتماع بايدن مع فريق الأمن القومي يتزامن مع قيام الولايات المتحدة بنشر المزيد من العتاد العسكري متضمنا طائرات مقاتلة وسفن حربية في ظل تصاعد المخاوف حول الضربة الإيرانية المحتملة.

وقالت الجارديان" إن حدة التوترات في المنطقة ارتفعت وتيرتها في أعقاب اغتيال قائدي "حماس" و"حزب الله" وهما جماعتان تدعمهما إيران، التي توعدت بالانتقام لمقتل هنية وشكر".

وأضافت الصحيفة أن الرئيس بايدن سوف يناقش التطورات الإقليمية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في إطار الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الولايات المتحدة من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة.

وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى تصريحات نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جوناثان فينير التي يوضح فيها أن واشنطن تسعى من خلال تلك الجهود إلى تخفيف حدة التوترات في الشرق الأوسط والحيلولة دون وقوع هجمات لمنع اندلاع صراع إقليمي في المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة وإسرائيل متأهبتان لكل الاحتمالات، إلا أن المخاوف مازالت تتزايد على الرغم من كل تلك الجهود خشية أن تتحول الحرب في قطاع غزة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.

وسلطت الصحيفة في هذا السياق، الضوء على الحوار الذي دار بين وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن ورئيس وزراء العراق محمد السوداني عبر الهاتف أمس /الأحد/ والتي أكد خلالها السوداني أن تجنب اتساع رقعة الصراع في المنطقة يتوقف على وضع نهاية للعدوان الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأوضحت الصحيفة كذلك أن القوات الإسرائيلية مازالت، وسط تلك التطورات، تواصل قصفها على قطاع غزة حيث قامت أمس /الأحد/ بشن هجمات مكثفة على مدرستين ومستشفى في غزة؛ ما تسبب في مقتل ما يقرب من 30 شخصا كانوا يحتمون داخل المدرستين إلى جانب إصابة العديد جراء استهداف إحدى المستشفيات.

وأشارت "الجارديان" إلى أن القصف الإسرائيلي يأتي في أعقاب هجوم مماثل استهدف مستشفى الأقصى في دير البلح؛ ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 18 آخرين، موضحة أن القوات الإسرائيلية شنت هجوما آخر على إحدى المدارس التي تحولت إلى ملاذ للنازحين؛ ما تسبب في مقتل 16 شخصا وإصابة 21 آخرين.

وتناولت الصحيفة في سياق متصل الجهود المبذولة لاحتواء الموقف حيث نوهت إلى زيارة وصفتها بالنادرة والتي قام بها وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي إلى إيران في محاولة أخيرة للتخفيف من حدة التوترات في المنطقة، مشيرة إلى تأكيد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان أن النظام الصهيوني ارتكب خطأ فادحا والذي لن يمر دون عقاب.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجارديان مخاوف أمريكية إسرائيل ضد إسرائيل الولایات المتحدة الصحیفة فی فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

متى تتراجع الولايات المتحدة؟

لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.

من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.

في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر

منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.

صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.

الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.

ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.

هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.

وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض

1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.

2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.

3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.

أفغانستان والعراق

في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.

وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.

ما الذي نتوقعه؟

من المقاومة:

- الثبات والتطوير.

- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.

- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.

- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.

- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.

من الشعوب:

- كسر الوهم الأمريكي.

- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.

- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".

- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.

ومن الحكومات:

- عدم الثقة بالقاتل.

- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.

- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.

- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.

الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.

مقالات مشابهة

  • إعلام امريكي: الولايات المتحدة قدمت مقترحا لإيران بشأن تخصيب اليورانيوم
  • إيران تطالب بـضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • محادثات مصرية أمريكية بشأن غزة
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • البنك المركزي التايواني: الدين الأميركي "سليم" ولا مخاوف بشأن مكانة
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • بكين تستنكر وتعارض بشدة تصريحات وزير الدفاع الأمريكي السلبية بشأن الصين في حوار شانغريلا
  • الصين تحذّر الولايات المتحدة من «اللعب بالنار» بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي
  • الصين تحذر الولايات المتحدة من اللعب بالنار بشأن تايوان