الجزيرة:
2025-06-01@13:10:00 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

بعد نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، تعالت أصوات تنادي بـ"موت الأدب" أو "أفول الأدب" أو "احتضار الأدب"، وهي كلها تسميات تزيد من الشعور بوجود أزمة في الأدب، وفي وظيفته وفي تلقيه، والواقع أن هذه الأصوات المنبهة لـ"موت الأدب"، ليست مخصوصة بالأدب فحسب، فهناك حديث عن "موت الأخلاق" و"موت الإنسان" و"موت القيم" و"موت الفن" وغيرها من الأطروحات التي قلبت حياة الناس رأسا على عقب وحولت طريقة تفكيرهم وفهمهم إلى درجة أنها فصلتهم عن الوضع الاعتباري للأدب.

إن هذه الكتابات المتواترة بخصوص موت الأدب والإعلان عن حقبة جديدة في تاريخ البشرية، تؤكد بالملموس مدى ملازمة الأدب للإنسان، ومعه نطرح السؤال الآتي: هل "الأدب في خطر" فعلا كما تنبه إلى ذلك الناقد الفرنسي تزيفيتان تودوروف؟ فمن المعلوم، أن القرن العشرين هو قرن النهايات، غير أن راهنية الأدب تفرض إعادة التفكير في مساراته ووضعياته وسياقاته، فأدب اليوم يختلف كليا عن أدب الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وكل مرحلة من تاريخ الأدب الإنساني، هي بمثابة مرحلة لها خصوصياتها وإشكالاتها.

ومن المؤكد، أن كل مرحلة لها نهاية حتمية ومحتملة، لأنها واقعة تحت قوى ضاغطة، غير أنه، ومن زاوية أخرى، يمكن النظر إلى الأمر بنوع من المرونة والتبصر، ذلك أن الأدب سيرورة أفكار وتموج للتاريخ وحلقة مترابطة تنطلق من الإنسان في اتجاه الإنسان، لذلك، فأفول الأدب في خطابات الألفية الثالثة وما بعدها، ليست مفصولة عن السياق العام لسيرورة الأدب، وإنما هي هاجس يسكن التفكير البشري ويلازمه باعتباره يتعين قلقا وجوديا أو سؤالا في الكينونة أو مظهرا من مظهر الهوس الفكري.

مسار الأدب ووظيفته

في ضوء هذه الخطابات المستجدة بخصوص مسار الأدب ووظيفته، لا بد من الإشارة إلى أن حقبة الألفية الثالثة قد شهدت ثورة كبرى في مختلف الوسائط الرقمية والالكترونية، فعمقت الفجوة بين الإنسان والأدب، ففي وقت قريب، كان الإنسان في أوقات فراغه ينصرف إلى قراءة الشعر والقصص والروايات طلبا للمتعة ونشدانا للمعرفة والثقافة بدل الجلوس ساعات طويلة أمام شاشات السينما والتلفزيون دون أي فائدة تذكر.

هكذا تحولت المعرفة من كتب الأدب إلى معرفة أخرى أساسها الصورة وعبورها في متخيل الإنسان، ومن ثمة، أضحى الأدب ضحية للثورة الرقمية إيذانا بـ"موت الأدب" أو هكذا يتصور العديد من الكتاب والفلاسفة والأدباء، وبتأمل العناوين الآتية: "الأدب في خطر" لتزيفيتان تودوروف، و" لم يصلح الأدب" لأنطوان كومبانيون و"ضدا على سانتبروست، أو نهاية الأدب" لدومينيك مانغونو، إضافة إلى فكرتي "موت الإنسان" التي انتشرت في الأوساط الثقافية مع فورة البنيوية و"موت المؤلف" التي نادى بها الناقد الفرنسي رولان بارت، سنلمس رغم الاختلاف في الرؤى والتصورات، أن هذه الأطروحات تتنافذ كلها وتتقاطع عند نقطة هامة وهي نزع هالة الحياة عن الأدب والتبشير بأفوله.

غير أن هذا المعطى الذي يربط موت الأدب بالثورة الرقمية لا يبرر وجود هذه الأزمة التي يعرفها الأدب في وقتنا الراهن وازدياد الشعور بالخوف في قيمته ووظيفته ودوره في حياة الإنسان. إن الأدب لا يموت ولن يموت، فهو مرتبط أيما ارتباط بالإنسان، وإنما هي أطروحات تتغذى من إرهاصات فكر معطوب وتاريخ مرتهن لتوحش العولمة ونزوع الإنسان نفسه نحو فضاءات أخرى ضاغطة وأكثر استلابا لحياة الإنسان كالتقنية والفضاء الرقمي والغلو في الفردانية والميل نحو العوالم المغرقة في التجريد والاستيهام، ومن ثم، تجدد خطاب النهايات وتعمق أكثر في الدراسات والأبحاث، بل ساهم في تبدل حياة الناس وطريقة تفكيرهم وعيشهم.

الثورة الرقمية

لكن، ألا يمكن للثورة الرقمية أن تكون رافعة للأدب؟ بمعنى آخر، بإمكان الفضاء الرقمي أن يسهم في انتشار الأدب وبث الحياة فيه بدل أن يكون كالسم في الدسم، وإتاحة الفرص أمام الأدب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن يقتحم العالم الافتراضي ويقيم بين ثناياه إيجابا لا سلبا، تفاعلا لا انفعالا، حياة لا موتا، وبذلك، تنتفي شروط الموت والأفول والاحتضار نحو الإقبال على الحياة والتفاعل مع إيقاع الحياة السريع.

إن استقلالية الأدب وحياته هي تعبير عن وجود الإنسان في عنق إشكالات العصر وديناميته التي لا تنتهي بمجرد صيحات تسمع هنا وهناك، فالإقرار بجدوى الأدب ومشروعيته لا يحتاج منا كل هذا "التبيين والتبين"، بل هي مسألة واقعة في صميم التفكير البشري، وما نفور الناس من المقروء والمكتوب إلا ضرورة حضارية أملتها التحولات العميقة التي يعرفها العالم منذ التسعينيات إلى وقتنا الراهن.

بيد أن نظرة عجلى متبصرة للواقع الثقافي والأدبي، سنلاحظ أن ثمة نقطة ضوء وسط مساحات كبيرة من العتمة، لكن، بإمكان تلك النقطة الوحيدة أن تلامس مساحات أخرى وتكشف نداءات الحياة بدل تعاليم الموت، وقد تكون محكا لقدرة الإنسان على صوغ ذاته إزاء الضوء المنتشر في العالم، ويحارب العمى المستفحل، ثم يتوجه إلى إدراك الجواب عن السؤال المؤرق: ماذا يعني لك الأدب؟ ومن الطبيعي، أن تكون هناك إرادة مشتركة بين الذات والضوء، وبين الموت والحياة، حينها يمكننا القول وبصوت عال إن الأدب باق يتمدد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأدب فی

إقرأ أيضاً:

طرح 1800 قطعة أرض عبر منصة مصر الصناعية الرقمية (تفاصيل التقديم)

أعلنت وزارة الصناعة، عن الطرح العاشر للأراضي الصناعية، متضمنًا 1800 قطعة أرض صناعية مرفقة موزعة على 20 محافظة، بإجمالي مساحة تتجاوز 9 ملايين متر مربع.

منصة مصر الصناعية الرقمية

تشمل الأراضي المطروحة بأنشطة متنوعة تشمل: الصناعات الغذائية، الدوائية، الهندسية، الكيماوية، مواد البناء، والغزل والنسيج.

موعد حجز الأراضي عبر منصة منصر الصناعية الرقمية

يكون ذلك خلال الفترة من 1 إلى 15 يونيو 2025 عبر منصة مصر الصناعية الرقمية من هنـــــــــا.

- مساحات القطع: من 200 م² إلى 450 ألف م²
- أنظمة الطرح: تمليك أو حق انتفاع بأسعار التكلفة الفعلية للمرافق

مزايا جديدة

- إمكانية التقدم على فرصتين (أساسية واحتياطية)
- تخفيض 50% من تكاليف دراسة الطلب
- إعفاء كامل من رسوم تقديم العروض
- إلغاء الضمان المالي
- تبسيط دراسة الجدوى
- خفض جدية الحجز إلى 10% فقط

المحافظات المستهدفة

تشمل: الفيوم، البحيرة، الإسماعيلية، سوهاج، قنا، المنيا، أسيوط، بورسعيد، شمال سيناء، أسوان، المنوفية، مطروح، الدقهلية، الغربية، كفر الشيخ، الأقصر، القاهرة، الشرقية، بني سويف، الوادي الجديد.

أهداف الطرح

- تعميق الصناعة المحلية وتعزيز سلاسل التوريد
- زيادة الصادرات ورفع القيمة المضافة للمنتجات المصرية
- خلق فرص عمل مستدامة وتوفير مناخ تنافسي جاذب للاستثمار

إجراءات الحجز بالكامل إلكترونيًا عبر المنصة

- التسجيل وتحميل كراسة الشروط
- اختيار القطع وتحديد الرغبات (أساسي/احتياطي)
- استكمال البيانات ورفع المستندات
- الدفع الإلكتروني

ويتم إعلان نتائج التخصيص خلال أسبوع من غلق باب التقديم، والإعلان النهائي خلال أسبوعين، مع إرسال إشعارات عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.

وتُعد منصة مصر الصناعية الرقمية نموذجًا متطورًا لتحقيق الشفافية والعدالة في تخصيص الأراضي، بما يواكب توجه الدولة نحو تمكين الصناعة الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • عاجل | استقالة مشيرة خطاب من رئاسة «القومي لحقوق الإنسان»
  • بعد استقالة مشيرة خطاب.. كارم قائمًا بأعمال رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • مشيرة خطاب تستقيل من رئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • استقالة السفيرة مشيرة خطاب عن المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • العملات الرقمية.. بين المخاطر والفرص
  • لودفيغ تيك والموروث الشعبي.. من الحكايات إلى الأدب
  • الرغبة في التاريخ
  • وداعاً نغوجي واثيونغو
  • دبي تفوز باستضافة وتنظيم المؤتمر الدولي للفنون الرقمية 2026
  • طرح 1800 قطعة أرض عبر منصة مصر الصناعية الرقمية (تفاصيل التقديم)