آخر تحديث: 7 غشت 2024 - 11:27 صبقلم: علي الكاش كشف القيادي في تحالف الفتح الولائي عدي عبد الهادي في 6/8/2024 عن ” أهمية المضي في تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي من أجل عدم زعل الإمام الغائب “.من مهازل شيعة العراق نوابا ومراجعا واتباع سيما العوام انهم يستشهدون بزواج ام المؤمنين عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي دون العاشرة من عمرها، ولا افهم كيف يأخذون بأحاديث أم المؤمنين وهم يمقتونها ويصفونها بأبشع الصفات، والتي تنعكس بشكل او بآخر على النبي صلى الله عليه وسلم، مع ان الله تعالى برأها في كتابه الكريم، ولم يبرأها مراجع الشيعة وخطباء المنبر الحسيني وعوامهم، وقد حذر الله تعالى ونبيه المصطفى من رمي المحصنات.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات. قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى في سورة النور/ 4((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)). لكن هذا الأمر لا يعيروه مراجع الشيعة وعوامهم، اهتماما فرمي المحصنات والبراءة تعتبر من معتقداتهم الرئيسة. قاعدة القياس عاب إمام الشيعة جعفر الصادق على ابي حنيفة لأنه أخذ بقاعدة القياس، ومع هذا فهم اخذوا بالقاعدة في حكمهم على الزواج من القاصرات. تحدث المجلسي في كتابه عن لقاء خرافي لا يوجد عليه أي دليل بلقاء بين أبو حنيفة وجعفر الصادق عن مسألة القياس. قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت ” فصرت الى باب جعفر الصادق ” واستأذنت عليه فحجبني ، وجاء قومٌ من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم ، فدخلت معهم ، فلمّا صرت عنده قلت له : يا بن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، فإنّي تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم . فقال عليه السلام : لا يقبلون منّي. فقلت : ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال عليه السلام : أنت ممّن لم تقبل منّي ، دخلت داري بغير إذني ، وجلست بغير أمري ، وتكلمت بغير رأيي ، وقد بلغني أنّك تقول بالقياس. قلت : نعم به أقول . قال عليه السلام : ويحك يا نعمان أوّل من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال (( خَلقتَني من نار وخَلَقتهُ من طين)). ( بحار الانوار20/220). (احتجاج الطبرسي2/360). علما ان المجلسي توفي عام 1699 (1111 هـ)، وأبو حنيفة النعمان توفي سنة767 أي (150هـ). ويكفينا قول المرجع الشيعي الكبير الشيخ آصف محسني في تقييمه لكتاب بحار الانوار للمجلسي (120) مجلد ” المعتبر من بحار الانوار ثلاث مجلدات فقط”، وقد لخصها في كتاب يحمل عنوان (المعتبر من بحار الأنوار) أقول: هل سيكتفون شيعة العراق بهذا القانون؟ طالما انهم كما صرحوا حظوا بموافقة المرجع الأعلى (لم ينفِ المرجع الأعلى موافقته من زواج القاصرات)، بل صرح البعض بأنهم استمدوا الفكرة من الخميني والسيستاني، وهذا يعني في قوادم الأيام سيقترحون قانون (تفخيذ الرضيعة والاستمتاع بها) (وجواز نكاح المرأة من الدبر)، ويمرروه بالبرلمان بحكم الغالبية الشيعية في البرلمان، على اعتبار ان الفقه الإثنى عشري اجازها، مع ان الرجوع الى الفقه الشيعي يتضمن أصلا هذه المفاسد. قال الخميني: لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان النكاح أو منقطعا، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة، ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى”. (تحرير الوسيلة2/241). وكرر علي السيستاني في المسألة/8 نفس كلام الخميني ويزعمون ان السيستاني لا يأخذ بولاية الفقيه، ورد في كتاله” لا يجوز وطئ الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان النكاح أو منقطعا، وإما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والتقبيل والضم والتفخيذ فلا بأس بها، ولو وطئها قبل إكمال التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى”. (منهاج الصالحين3/10). كما ذكر الخميني” المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة”!(تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11). المسألة المهمة ان المرجع الشيعي علي السيستاني اباح الزواج من الفتاة بعمر تسع سنوات، في حين آية الله كمال الحيدري عارض الزواج من القاصرات والاستمتاع بالرضيعة، فإيهما نتبع، وكلاهما بدرجة آية الله؟ مع ان الحيدري اعلم من السيستاني والدليل على ذلك كتبه ومحاضراته ودروسه وطلابه. وطالما ان مرجع المسلمين القرآن الكريم، فان القرآن لم يحدد سن البلوغ، وانما بلوغ الحلم، وسن الرشد، وبلغ أشده وغيرها من العبارات التي لا تتعلق بالسن، لذا خالف المراجع نصا قرآنيا واضحا بتحديدهم سن الزواج. والمراجع انفسهم اختلفوا ما بين 9 ـ13 سنة لزواج الفتيات. صحيح ان النواب الشيعة لم يأخذوا برأي المرجعية لأنهم على حق، فالمرجع الأعلى للشيعة سبق ان افتى في هذه المسائل، ولا حاجة للرجوع اليه. أمع هذا كد النائب عن ائتلاف المالكي المدعو عارف الحمامي في 4/8/2024 في حديث صحفي” هناك قبول واتفاق سياسي على المضي بالقانون خصوصا بعد اعلان الاطار التنسيقي تأييده الكامل على تمريره .وأن مرجعية السيستاني اكدت عبر رسائل كثيرة موافقتها على تمرير القانون”. أقول: هل درس النواب الأوغاد ما هي نسبة نجاح زواج القاصرات في العراق ليستنتجوا مدى نجاحه مثلا؟ وهل درسوا نسبة طلاق القاصرات من مجمل حالات الطلاق ليستأنسوا بالنتيجة، وتكون اكثر واقعية من اللغو الانشائي الذي اعتادوا عليه؟ هل سيكون سن المشاركة في الانتخابات (9) سنوات او (18) سنة للفتاة؟ وهل ستقبل المحاكم شهادة من تبلغ من العمر (9) سنوات؟ هناك الكثير من الأمور التي يجب مراعاتها، ناهيك ما يتعلق بالنفقة والميراث وغيرها. أولا. كارثة الطلاق ودور الزواج المبكر تؤكد عضو مفوضية حقوق الانسان (فاتن الحلفي) أن العام الماضي شهد تسجيل (10) حالات طلاق في الساعة الواحدة، بينما بلغت الأرقام الشهر الماضي (62) حالة طلاق في الساعة بواقع (375) حالة في اليوم. وفي احصائية قام بها فريق السومرية نيوز، تبين ان في الشهر الأول (كانون الثاني) من العام الماضي 2023، سجل العراق (6335) حالة طلاق، وفي شهر شباط 6147 حالة، وفي اذار (6491) حالة وفي نيسان (4643) حالة وفي ايار (6723) حالة وبشهر حزيران (5880) حالة، اما في شهر تموز (5808) حالة وفي أب (6973) حالة، بينما في أيلول (5462) حالة، بالإضافة الى ان شهر تشرين الأول تم تسجيل (6934) حالة، وفي تشرين الثاني (6620) حالة، كما ان شهر كانون الأول لم ترد إحصائية لغاية الان من مجلس القضاء الأعلى ووفقاً للأرقام المذكور والتي رصدتها السومرية نيوز، فإن العراق سجل خلال الـ (11) شهراً من العام الماضي، (68016) حالة طلاق، وهو ما يعني تسجيل أكثر من 200 حالة طلاق يومياً (206) وأكثر من 8 حالات (8.5) في الساعة الواحدة. سجّل العراق، خلال العام الماضي 2023، قرابة 70 ألف حالة طلاق، لأسباب متعددة بينها الزواج المبكر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الزوجان، وفق بيانات مجلس القضاء الأعلى رصدتها السومرية نيوز. وأشار الموقع إلى أنه خلال العقد الممتد بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من بين كل خمس زيجات بالطلاق، وسجل خلال الفترة نفسها (516784) حالات طلاق من بين (2.6) مليون زواج. لنقرأ نسبة طلاق الزواج المبكر ليعرف الشيعة حجم المأساة في زواج القاصرات. كشفت إحصائية رسمية حصلت عليها السومرية نيوز، تسجيل المحاكم العراقية (4092) حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة خلال عامي (2020-2021)، فيما ذكر قضاة متخصصون بقضايا الأحوال الشخصية أن الزواج المبكر أحد الأسباب الرئيسية التي تضاعف نسب الطلاق في العراق. ما رأي النواب الشيعة بهذه النتائج؟ ثانيا: الفقراء فقط سيدفعون ثمن دناءة النواب والنائبات أقول: من الذي سيتحمل مثل هذا الزواج الأغنياء، ام الفقراء الذين لا يجدون لقمة العيش الا بشق الأنفس، فنسبة الفقر في بعض المحافظات وصلت الى 50% حسب احصائيات وزارة التخطيط العراقية؟ ذكرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن (9) ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر في العراق. ووردت هذه الأرقام الحديثة حول أعداد الفقراء بالعراق على لسان مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة بالوزارة ذكرى عبد الرحيم، في تصريحات لقناة “العراقية” الرسمية. يرى مختصون وخبراء اجتماعيون أن هذه الأرقام الرسمية رغم ارتفاعها لا تعكس في الواقع العدد الحقيقي لفقراء العراق هو أعلى بحسب تقديراتهم، محذرين من التداعيات الخطيرة لتفاقم ظاهرة الفقر بالبلاد على شتى الصعد. كما ذكر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، علي البياتي، لموقع سكاي نيوز عربية “لا توجد إحصائيات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المئة من سكان العراق هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أميركي أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي، مؤكدا إن الأرقام الفعلية لنسبة الفقراء هي أكبر بكثير، إذ تصل لما فوق 30 بالمئة كحد أدنى”. أقول: صار العراق من ابرز دول العالم في التجارة بالبشر، علاوة على تجارة المخدرات، وغالبا ما تلقي وزارة الداخلية القبض على آباء وامهات يبعن ابنائهن بسبب الفاقة، وهؤلاء هم من سيستفيد من تزويج بناتهن القاصرات، حيث يتخلصن من تكاليف معيشتهم، ويتلقوا مبالغا عن بيع اطفالهم ثالثا: هل راجع مجلس النواب العراقي اتفاقية حقوق الطفل؟ على اعتبار ان هناك التزامات دولية على العراق ان ينفذها، او ينسحب من الاتفاقية، جاء في ديباجة الاتفاقية” وإذ تضع في اعتبارها “أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها” وذلك آما جاء في إعلان حقوق الطفل. كما ورد في المواد: اين العراق من اتفاقية حقوق الطفل؟ المادة 1: لأغراض هذه الاتفاقية، يعنى الطفل الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. المادة 12: تكفل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل، وتولى آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقا لسن الطفل ونضجه. المادة 14: لا يجوز أن يخضع الإجهار بالدين أو المعتقدات إلا للقيود التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية السلامة العامة أو النظام أو الصحة أو الآداب العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين. المادة 16: لا يجوز أن يجرى أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. المادة 19: تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من آفة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته. اليس من الأجدر ان يخرج العراق من اتفاقية حقوق الطفل، في حال إقرار هذا القانون الظالم؟ وقد بينت المادة (52) من الاتفاقية آلية الخروج ” يجوز لأي دولة طرف أن تنسحب من هذه الاتفاقية بإشعار خطى ترسله إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويصبح الانسحاب نافذا بعد مرور سنة على تاريخ تسلم الأمين العام هذا الإشعار”. أقول: طالما جميع حقوق الطفل مصادرة في العراق، ما الفائدة من البقاء في الاتفاقية؟ فهل يتفق زواج القاصرات مع تلك البنود؟ الغريب في الأمر ان القضاء العراقي التزم الصمت اتجاه تلك التخرصات بحجة انه لا يفتِ الا عند الطلب منه، على الرغم من انه افتى في قضايا اقل أهمية دون ان يطلب منه ذلك، فحسب تقارير مجلس القضاء الأعلى فان الزواج المبكر يفتقر إلى اكتمال النضوج العقلي للزوج والزوجة فيما يتعلق بتحمل أعباء الزواج وتكوين أسرة، إضافة إلى البطالة وتفاوت المستوى الثقافي والعلمي بين الزوجين. اقتراح وجيه شاهدنا واستمعنا الى نائبات ومحاميات استمتن من اجل إقرار زواج القاصرات، لذا اقترح على النواب الولائيين ممن يرغب في إقرار زواج القاصرات ان يوزعوا ورقة استيضاح على زميلاتهم النائبات ممن يوافقن رأيهم السؤال التالي: في أي سن حضتن اول مرة قبل او بعد سن الثمان سنوات؟ ويمكن تعميم الاستيضاح على المحاميات المدافعات عن القانون الخائب، حتى يمكن ان نحصل على نتيجة مؤيدة او معارضة للقانون سيء الصيت. الخاتمة اليس من الاجدر بمجلس النواب بدلا من إقرار قوانين عبثية وذات صبغة طائفية، ان يقروا قوانين اكثر أهمية مثل قانون النفط والغاز، قانون المخابرات، قانون وضع حد لتهريب العملة عبر مزاد البنك المركزي، وقانون سلم المراتب، وقانون المحكمة الدستورية العليا وغيرها. الا لعنة الله على الطائفيين الذين دمروا العراق ونسيجه الاجتماعي.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: زواج القاصرات السومریة نیوز الزواج المبکر صلى الله علیه العام الماضی علیه السلام حقوق الطفل الله تعالى رسول الله فی العراق حالة طلاق لا یجوز

إقرأ أيضاً:

المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد

الكتاب : الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي"
الكاتب : الدكتور مصطفى العرفاوي
الناشر : دار المنارة للنشر والتوزيع والطباعة.سنة النشر2024
عدد الصفحات :455 صفحة


ليست المقاصد ترفًا فقهيًا ولا اجتهادًا فكريًا مستحدثًا، بل هي في الأصل تجلٍّ لعقل الوحي حين يتحوّل إلى نظام حياة، وتعبير عن روح الشريعة حين تتنزّل في سياق العمران البشري وتدبير الاجتماع. من هذا المنطلق، يقدّم الدكتور مصطفى العرفاوي في كتابه "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي" رؤية تجديدية تحفر في أعماق التجربة الإسلامية التأسيسية لاستخراج عقلها التدبيري، لا من باب الاستذكار التاريخي، بل من زاوية استئناف الوظيفة الحضارية للمقاصد.

أولًا ـ من المقاصد إلى الاستراتيجية

لا يكتفي العرفاوي بإعادة ترتيب المفاهيم المقاصدية، بل يدعو إلى نقلة نوعية في التفكير الإسلامي، تتحول فيها المقاصد من كونها غايات مرصوفة في كتب الأصول إلى عقل استراتيجي يؤسس لفعل حضاري شامل. ويعني بالعقل الاستراتيجي هنا القدرة على ربط الوسائل بالمآلات، وعلى تحويل القيم الكبرى إلى سياسات عملية، وعلى فهم السنن التاريخية والاجتماعية ضمن منظومة توجيهية تلتزم بالوحي وتُراعي الواقع.

الملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.يرى المؤلف أن هذه النقلة ليست بدعة معاصرة، بل هي جوهر التجربة النبوية والراشدية نفسها، التي لم تكتفِ ببيان الأحكام، بل أنشأت كيانًا سياسيًا، وأدارت علاقات دولية، وخاضت حروبًا وسلمًا، وأسست مجتمعًا جديدًا على قواعد التوحيد والعدل والعمران.

إن أبرز ما يطرحه العرفاوي هنا ليس فقط تجاوز المقاصد من حيز التنظير إلى حيز التدبير، بل كذلك إعادة الاعتبار لمنهج المقاصد كفكر كلي شامل، لا كآلية جزئية في استخراج الأحكام أو ترتيب الأولويات. إنه يستبطن رؤية تعتبر المقاصد بوصلة فكرية واستراتيجية يمكن أن تهدي الحركات الإصلاحية، والمشاريع السياسية، ومؤسسات الدولة، في حاضر الأمة ومستقبلها.

ثانيًا ـ المقاصد كعقل تدبير في العهد النبوي

في تحليله للتجربة النبوية، يتجاوز العرفاوي القراءة السردية التقليدية، ليُبرز كيف تشكّلت ملامح الاستراتيجية المقاصدية من خلال خطوات واعية، نابعة من رؤية بعيدة المدى، تُراكم الإنجازات وتُمهّد للتحوّل الحضاري. فقد كانت الهجرة مثلًا ليست فرارًا من الاضطهاد، بل نقلة استراتيجية لتأسيس مجتمع جديد. وكانت المعاهدات، مثل وثيقة المدينة وصلح الحديبية، أدوات لترسيخ قواعد التعايش والتمكين.

والملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.

يُبرز العرفاوي أن التدبير النبوي اتسم بالمرونة دون أن يتنازل عن المبادئ، وبالصرامة دون أن يتحول إلى قهر، وبالانفتاح على الغير دون الذوبان فيه. وهذه المعادلة الدقيقة، التي جمعت بين الرسالية والبراجماتية، كانت تتنزل وفق عقل مقاصدي يزن الواقع بميزان المآل، لا الانفعال.

ولعل أحد أبرز وجوه هذا العقل المقاصدي هو ما يسميه العرفاوي بـ"حماية مسار الرسالة"، لا فقط من حيث العقيدة، بل من حيث القدرة على الانتشار والتجذر والتفاعل. فالنبي ﷺ أسس دولة لا لتكريس السلطة بل لحماية الإنسان، وأقام مجتمعًا لا على العصبية، بل على القيم.

ثالثًا ـ الدولة الراشدية واستئناف العقل المقاصدي

يرى العرفاوي أن الخلافة الراشدة كانت استئنافًا طبيعيًا للمشروع النبوي، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية. ومع ذلك، لا يمكن إغفال ما اعترى هذه المرحلة من خلافات عميقة، بلغت ذروتها مع الفتنة الكبرى واغتيال الخليفة عثمان، ما يُظهر أن العقل المقاصدي، رغم صلابته المبدئية، اصطدم بمعوّقات الواقع السياسي والاجتماعي، وهو ما يدعو إلى قراءة أكثر تركيبًا للمرحلة، تتجاوز الثنائيات المطلقة بين التمجيد والتقويض.، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية.

ويُبرز الكتاب كيف تعامل الخلفاء الراشدون مع المستجدات بمرونة، دون تفريط في الأصول. فقد قبل عمر بن الخطاب بتعليق حد السرقة في عام المجاعة، ووسع دار الإسلام بنظام الدواوين، وشرّع مؤسسة بيت المال، وكلها خطوات نابعة من منطق المقاصد لا من تعطيل الأحكام.

ومن أبرز مظاهر الفعل المقاصدي في العهد الراشدي تجلي روح العدل في السياسات العامة، لا كشعار بل كممارسة. إذ لم يكن العدل مجرد قيمة خطابية، بل كان محددًا للتشريع، وللقرار، وللسلوك السياسي. فسياسات عمر مثلاً في توزيع الثروة، وتنظيم السلطة، وحماية الحقوق، كلها كانت تعبيرًا عن عقل استراتيجي يستبطن مقصد العدل بوصفه حجر الزاوية في بناء الدولة.

كما تميزت هذه المرحلة بإحياء فقه الأولويات ضمن منطق مقاصدي واقعي، حيث تم تقديم المصلحة العامة على الجزئيات، وتأجيل بعض الأحكام لحماية وحدة الجماعة. وهذا المنهج هو ما تفتقر إليه كثير من الأنظمة المعاصرة التي تدّعي المرجعية الإسلامية دون تفعيل حقيقي لمنطق المقاصد.

رابعًا ـ المقاصد بين النص والتاريخ

من الملامح المميزة لهذا الكتاب أنه لا يحصر المقاصد في النصوص، بل يدعو إلى قراءتها في سياقها الزمني. فالتجربة النبوية والراشدية تُفهم ـ بحسب العرفاوي ـ كمصدر ثانوي للمقاصد، لا يقل شأنًا عن النصوص. وهذا ما يعيد الاعتبار إلى الفعل السياسي للنبي ﷺ والخلفاء، ويخرجه من التقديس الجامد إلى الاقتداء الواعي.

في السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.فحين ندرس مقاصد الشورى، أو العدل، أو الوحدة، لا نعود فقط إلى الآيات، بل أيضًا إلى ممارسات الدولة الأولى، وكيف تمّت ترجمة تلك القيم إلى مؤسسات وإجراءات. وهذا ما يجعل المقاصد علمًا حيويًا متجددًا، لا منظومة مغلقة متحفية.

ويُعد هذا التوجه تأويلاً منهجيًا يعيد الاعتبار للتاريخ العملي للإسلام، بوصفه مخزونًا معرفيًا لا يقل أهمية عن النصوص المؤسِسة، كما يفتح الباب لتطوير فقه سياسي مقاصدي مستقبلي، لا يعتمد فقط على القياس والفقه الفردي، بل على إعادة بناء النظر في مقاصد الاجتماع الإنساني ذاته.

خامسًا ـ راهنية المشروع ومآلات التغريب

لا يخفي العرفاوي نقده للواقع الراهن، حيث تم اختزال المقاصد في محاضرات وعناوين أخلاقية، بينما تمّ تهميشها في دوائر القرار والتخطيط. ويُشير إلى أن غياب العقل المقاصدي هو أحد أسباب تراجع الأمة، وعجزها عن صياغة مشروع ذاتي في مواجهة الضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية.

وفي السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.

كما ينتقد العرفاوي الأنساق الغربية التي تسربت إلى الوعي الإسلامي باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. غير أن النقد هنا، وإن كان مشروعًا، يستدعي تمييزًا ضروريًا بين أدوات الحداثة ومضامينها؛ إذ يمكن لبعض آليات الحداثة، كالمنهج النقدي أو الحوكمة الرشيدة أو التنظيم المؤسسي، أن تكون عونًا لا خصمًا، إذا أُعيد إدماجها ضمن منظور مقاصدي واعٍ وغير تابع. باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. ويؤكد أن المقاصد هي الجسر الممكن بين الأصالة والتجديد، بين النص والواقع، بين القيم والسياسات.

سادسًا ـ تجديد الفقه السياسي وإمكانات الاستئناف

يشدد الكتاب على ضرورة إعادة بناء الفقه السياسي الإسلامي على أساس مقاصدي، يُراعي متغيرات العصر ويستعيد المبادرة من داخل المرجعية الإسلامية. غير أن السؤال المقلق يظل قائمًا: هل تسمح الأنظمة السياسية القائمة، غالبًا ذات الطابع السلطوي أو الريعي، بمثل هذا البناء المقاصدي؟ وهل يتوفر المناخ السياسي والمعرفي لإعادة تفعيل الفكر المقاصدي على أرض الواقع؟، يأخذ بعين الاعتبار تعقد الواقع وتغير موازين القوى. فلم تعد الأحكام السلطانية التقليدية صالحة لتأطير الدولة الحديثة، بل نحن بحاجة إلى فقه سياسي يعيد وصل ما انقطع بين الدين والواقع، ويستوعب أدوات العصر، ويوازن بين الثوابت والمستجدات.

العقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.وفي هذا السياق، تبرز أهمية التأصيل المقاصدي لقضايا مثل: الشورى التشاركية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية، ودور المجتمع المدني. فهذه كلها ليست مستوردة من الغرب، بل يمكن تأصيلها من داخل المنظومة المقاصدية ذاتها، بما يجعلها جزءًا من مشروع حضاري مستقل، لا تابع.

كما يفتح هذا المنظور المجال أمام الحركات الإسلامية لتجاوز الحرج المزدوج بين التديّن الماضوي والانخراط التبعي، ويمنحها إطارًا مرنًا لتطوير برامجها السياسية بما يخدم الصالح العام ويعبّر عن المرجعية دون جمود.

خاتمة ـ من الذاكرة إلى المستقبل

إن أهم ما يميز كتاب "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة" أنه لا يقف عند حدود الدفاع عن الماضي، بل يسعى إلى تحويله إلى مادة نظرية لإعادة بناء المستقبل. فالعقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.

ولعل في هذا الكتاب ما يلهم جيلًا جديدًا من المفكرين والمصلحين، كي يواصلوا هذا الطريق، ويحوّلوا المقاصد من معرفة مؤجلة إلى طاقة فاعلة في الواقع السياسي والثقافي العربي والإسلامي. فالمقاصد، كما يراها العرفاوي، ليست أداة فقهية، بل مشروع حضاري متكامل، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة. غير أن التحدي الأكبر يظل في ترجمة هذا المشروع من أطروحة معرفية إلى سياسات تنفيذية، خاصة في ظل المعوقات البنيوية التي تعاني منها دول العالم الإسلامي من حيث الحكم الرشيد، والمؤسسات، والتعليم، وغياب الإرادة السياسية للتحول الحضاري، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة.

من هنا، فإن هذا الكتاب يُعد لبنة معرفية في مسار استعادة المقاصد إلى مركز الفعل الإسلامي، ومرآة لحوار ممكن بين الماضي والحاضر، بين النص والتاريخ، بين الطموح الواقعي والحلم الرسالي.

مقالات مشابهة

  • في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر
  • أزهري: الله لا يحاسب الطفل على أفعاله حتى البلوغ والبعض يعذبهم بالمنازل
  • مصر والسعودية.. استدعاء الماضي وتغييب العقل
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: ما أحوج الشعوب للأمن والسلام والرشاد.. ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وتوافدت عليه خيراته
  • المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد
  • شجار مسلح في العراق بسبب خلاف على حمام زاجل.. فيديو
  • الشيخ الخثلان: زواج المرأة دون موافقة وليها باطل شرعًا .. فيديو
  • محافظ جدة يشرف حفل زواج نجل العميد الحميدي
  • دعاء للقيام لصلاة الفجر.. احرص عليه يوميا قبل النوم
  • عاجل | بيع رضيع بـ13 مليون دينار في العراق