فضل الألفة وثواب السلام والمصافحة.. العالمي للفتوى يوضح
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
فضل الألفة وثواب السلام والمصافحة، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الألفة ولين الجانب حين معاملة الخلق من أجل نعم الله على العبد؛ لما فيها من الفضل والخير ودليل صدق الإيمان وحسن الأخلاق.
واستشهدا العالمي للفتوى عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ».
ما ورد في السنة المطهرة من ثواب السلام والمصافحة
قالت دار الإفتاء المصرية أن السلامُ على الناس والمصافحة فيما بينهم من السنن الحسنة التي يغفر الله تعالى بها الذنوب، وهذا ما قررته السنة النبوية المطهرة؛ فعن البراءِ بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
وتابعت الإفتاء أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ، تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، وابن شاهين في "الترغيب".
كما أضافت دار الإفتاء أنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ عَبْدَيْنِ مُتَحَابَّيْنِ فِي اللهِ، يَسْتَقْبِلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُصَافِحُهُ وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى تُغْفَرَ ذُنُوبُهُمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْهُمَا وَمَا تَأَخَّرَ» أخرجه أبو يعلى الموصلي في "المسند"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والشجري في "ترتيب الأمالي".
ما حكم المصافحة عقب الصلاة بين المصلين؟
المصافحة عقب الصلاة من العادات الطيبة التي درج عليها كثير من المسلمين في كثير من الأعصار والأمصار، وهي من السلوكيات الحسنة التي تبعث الألفة بين الناس، وتقوي أواصر المودة بينهم، كما أنها ترجمة عملية للتسليم من الصلاة، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية أن تترجم العبادة إلى سلوك وممارسة وحسن معاملة.
وعبارة "حرمًا" بعد الصلاة: دعاء بأن يرزق الله المصلي الصلاةَ في الحرم، فهي منصوبةٌ على نزع الخافض، والرد بعبارة "جمعًا": معناه الدعاء للداعي أن يرزقه الله تعالى مثل ما دعا به، أو أن يجمع الله الداعيَيْن في حرمه؛ على ما يحتمله لفظ الجمع من المعاني. فهي دعاءٌ في توددٍ وتراحمٍ وتواصل.
وهذه المصافحة دائرةٌ بين الإباحة والاستحباب، وقد نص جماعة من العلماء على استحبابها؛ مستشهدين بما رواه الإمام البخـاري في صحيحه عن أَبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنـه قَـالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ". قَالَ أبو جحيفة: "فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ثواب السلام المصافحة العالمي للفتوى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية صلى الله علیه وآله وسلم العالمی للفتوى رضی الله ى الله ع الله عن ی الله
إقرأ أيضاً:
«التريند».. ولو دخلوا حجر ضب لدخلتموه معهم
عندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة كان حريصا على تأسيس مشروع إصلاحي متكامل يهدف إلى تمييز الأمة الإسلامية في عقيدتها وسلوكها وهويتها، فكان يرسخ مبدأ الاستقلال الديني وإبعاد المسلمين عن أي تقليد أعمى لأهل الكتاب، خصوصا في الشعائر الدينية والذوق العام.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على مخالفة اليهود، في كل تفاصيل الحياة، بل وحذر من التشبه بهم، فقال رسول الله عليه وسلم: «نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود»، أي نظفوا فناء بيتكم ولا تتشبهوا باليهود في قذارتهم، كما أنه كان يخالفهم في أفعالهم العامة، فقد روي أن «رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا اتَّبعَ جنازةً لم يقعُدْ حتَّى توضعَ في اللَّحدِ فعرضَ لَهُ حبرٌ من اليهود فقالَ هَكذا نصنَعُ يا محمَّدُ فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وقالَ: خالِفوهم»، ونجد في هذا الأمر إصرارا على التميز، حتى في أصغر التفاصيل، وحتى فيما يُظن أنه لا يؤثر على العقيدة.
وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي، فقد تحدث عن وقائع لم تكن في زمنه، لكنها تحققت ولا تزال تتحقق على مر العصور، مما يؤكد على صدق نبوّته، ومن هذه الوقائع والأمور هو تشبه المسلمين بغيرهم من أهل الشرك والضلال من اليهود والنصارى، في حديث صريح يستشرف المستقبل من خلال الوحي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتَتِّبِعُنَّ سُنَنَ مَن كان قَبلَكم باعًا بباعٍ، وذِراعًا بذِراعٍ، وشِبرًا بشِبرٍ، حتى لو دَخلوا في جُحرِ ضَبٍّ لدَخَلتُم معهم، قالوا: يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنَّصارى؟ قال: فمَن إذنْ؟!».
والمتأمل في هذا الحديث ومعانيه ودلالاته يدرك أنه تنبيه من الرسول صلى الله عليه وسلم وتحذير شديد اللهجة، يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع مستقبلا، من انجراف كثير من المسلمين إلى مسارات التقليد والانبهار، والركض خلف نماذج ثقافية واجتماعية غريبة عنهم، حتى لو كانت وضيعة وخطيرة، وهو ما تمثله «ثقافة التريند» في يومنا الحاضر، وما نراه من التفاهة المبثوثة في جميع وسائل التواصل الحديثة، فقد انتشرت مظاهر لسلوكيات وأفكار وعبارات وتحديات تظهر في الغرب، ثم يقلدها المسلمون دون وعي بحقيقتها أو أثرها أو مشروعيتها، فنجدهم يقلدون أسلوب اللباس، والرقص والأغاني، والنكات والمقالب، وحتى الإلحاد أو الشذوذ، لمجرد أنها منتشرة، ولا يعيرون أي اهتمام لموضوع الدين والأخلاق والعادات والتقاليد ولا حتى الذوق العام.
ومن عجائب هذا الحديث تأكيده على شدة التقليد والاتباع فقال: «باعًا بباعٍ، وذِراعًا بذِراعٍ، وشِبرًا بشِبرٍ» فهو كناية عن التقليد الدقيق حتى في أصغر الأمور، دون تمييز بين حسن وقبيح، وجده يؤكد على هذا الوصف بتشبيه ذا دلالة عند العرب ومعروف في البيئة العربية، فقال أنكم لشدة اتباعكم لهم أنه لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم ودخلتموه معهم، ومن المعلوم أن بيت الضب ضيق ومعوج، فهذا تعبير عن غاية التقليد الأعمى، حتى في ما هو ضيق وضار وغير عقلاني.
وهذا الحديث يدل أيضا على فطنة الصحابة رضوان الله عليهم، وحبهم في تجلية الموضوع ووضوحه، فقالوا يا رسول الله هل تقصد اليهود والنصارى؟ وكان جوابه تأكيدا على ذلك أن مقصده اليهود والنصارى، وهذا ما نراه جليا في هذا العصر، فأغلب هذه التريندات قادمة من الغرب، التي تروج لها الآلة الضخمة من الشركات الإعلامية العملاقة ووكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال حسابات مشاهير العالم في تلك الوسائل.
ولو تأملنا محتوى هذه التريندات لوجدنا أنها أحد معاول الهدم للقيم والأخلاق، فهي لا تخضع لمعايير أخلاقية أو رقابية دينية أو مجتمعية، بل غالبا ما تحكمها الخوارزميات، ويعززها اللهاث خلف الشهرة والمال، مما يجعلها مرشحة لاختراق المجتمعات من أضعف أبوابها، فنجدها تنتشر وفق «المحتوى الأكثر مشاهدة» أو «الرقم واحد»، يتزاحم الناس على المتابعة والتقليد والمشاركة، وكأن كثرة المتابعين تزكي الفكرة، ولو كانت سطحية أو مدمرة للأخلاق.
بل والأخطر من ذلك أن فكرة «التريند» ومحتواها التافه أصبح يتسلل إلى فئة الأطفال واليافعين، والشباب من خلال مقاطع «الريلز» وكذلك الألعاب الإلكترونية، فبمتابعتي البسيطة لأحد الألعاب المشهورة جدا على مستوى العالم مثل لعبة «فورت نايت» تجد أن من ضمن أدوات هذه اللعبة وخياراتها المتاحة «رقصات الشماتة» التي توفر حقيبة المشتريات داخل اللعبة، ونجد أن الأطفال في المجتمع وفي حياتهم اليومية يقلدون تلك الرقصات التي أصبحت تريندات عالمية، فتبقى مصدوم من هول التغيير في أفكار هؤلاء الأطفال وفكرهم، وكيف أنهم أصبحوا يقلدون كل ما يشاهدونه، وهذا يتجاوز الأطفال إلى مراحل اليافعين والشباب.
وأصبح التقليد لأجل التقليد لا غير، وأصبح منهج التفكير الجديد يقوم على مبدأ افعل ما يفعله الجميع لتكون مقبولا، وهكذا تتشكل عدوى السلوك الجمعي، بحيث ينسى الفرد ذاته ويذوب وعيه في وعي القطيع، ويفرغ الإنسان من هويته وأخلاقه وأعراف مجتمعه، ويجعله التريند أداة تمرير لأفكار لا يفقهها.
والمسؤولية الكبرى في تصحيح هذا الوضع تقع في المقام الأول على عاتق الوالدين، فيجب أن يحملا أمانة تربية الأبناء على قدر المسؤولية، فيجب أن ينشأ الطفل منذ نعومة أظفاره على التعلق بالقرآن الكريم، ومبادي الدين الإسلامي بما يتناسب مع عمره، وفق أدوات تربوية عصرية، يتم فيها غرس القيم من خلال أدوات حديثة، قائمة على الاطلاع والقراءة في الأساليب التربوية الحديثة، وليس مجرد التربية العشوائية، كما ينبغي أن يكون الوالدان صارمين فيما يتعلق بامتلاك أجهزة الاتصال الحديثة، وما هي المحاذير والطرق الأنسب في الاستخدام؟ وما هي القنوات الصفحات والبرامج الهادفة التي يسمح للطفل بمتابعتها واستخدامها وفق رقابة أبوية دائمة؟ بعد أن ينشأ الطفل على الرقابة الذاتية، ومناقشته فيما يستحسن ويستقبح من الأفكار المبثوثة في هذه الوسائل. لكي يكون على وعي ومعرفة يستسيغ في الطيب وينفر فيها من القبيح المستقذر.
ولينصب الوالدان من ذاتهما قدوة لهذا الطفل، فعند مشاهدة مقطع معين مع أطفالهما يخبرانه أننا ضغطنا زر الإعجاب على هذا المقطع للأسباب التالية المتعلقة بفكرة هذا المقطع وفائدته لنا وبسبب حثه على الأخلاق والتعاليم الهادفة المفيدة، وإن عرض عليهم مقطع يتعلق بالتفاهة فيجب أن يبين لهذا الطفل أننا ضغطنا على زر عدم الإعجاب للأسباب المتعلقة بعدم الفائدة، وغياب الأخلاق والمبادئ، وبهذا يمكن أن نضع معايير لدى الطفل تمكنه من النقد واستعمال العقل فيما هو مناسب وغير مناسب.