هل تدعم روسيا إيران في حربها ضد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
تُوصف العلاقات بين موسكو وكل من طهران وتل أبيب بأنها "جيدة" ولكنها معقدة في الوقت نفسه، حيث يشير الخبراء إلى أن موسكو قد تستغل التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل لتحقيق مكاسب استراتيجية ضد الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، تحدث محللون سياسيون لموقع "الفجر" عن احتمالات التعاون بين موسكو وطهران في ظل تهديد إيران بالرد على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على الأراضي الإيرانية، والذي تتهم إسرائيل بتنفيذه.
وفي هذا الإطار، زار وفد روسي رفيع المستوى برئاسة سيرغي شويغو، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، إيران يوم الإثنين، حيث التقى بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري. وناقش الوفد الروسي مع القادة الإيرانيين مجالات التعاون المختلفة والوضع الأمني المتوتر في منطقة الشرق الأوسط.
على صعيد آخر، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إيرانيين أن طهران طلبت من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة، مشيرة إلى أن روسيا بدأت بالفعل في تسليم إيران رادارات ومعدات دفاع جوي حديثة، مما يعزز من التعاون العسكري بين البلدين في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
من جانبه قال محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، إن زيارة الوفد الأمني الروسي إلى إيران كانت متوقعة، بالنظر إلى تطور العلاقات بين البلدين، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وأوضح أن روسيا قامت بتصنيف الدول إلى صديقة وحليفة وأخرى غير حليفة، حيث تم تصنيف إيران ضمن الدول الصديقة والحليفة، مما يعكس عمق التعاون بين موسكو وطهران.
وفيما يتعلق بطلب إيران أنظمة دفاع جوي متطورة من روسيا، أشار الشريف إلى أن هذا الطلب يأتي في إطار التعاملات العسكرية والاقتصادية، حيث تعد روسيا موردًا رئيسيًا للأسلحة المتقدمة وأنظمة الدفاع الجوي لعدد كبير من الدول. وأوضح أن تعاون إيران مع روسيا في هذا المجال ليس جديدًا، بل هو امتداد لعلاقات عسكرية مستمرة منذ سنوات.
من جانبها، اعتبر الشريف أن احتمالية استخدام إيران للأسلحة الروسية في أي رد عسكري على إسرائيل أمر وارد جدًا. وأوضحت أن إيران استوردت من روسيا على مدار السنوات الماضية أنظمة دفاع جوي وصواريخ متطورة، مما يجعل من الممكن رؤية أسلحة روسية تُستخدم في هجمات تستهدف إسرائيل، خاصة إذا قررت إيران الرد على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي تتهم إسرائيل بتنفيذه.
أما بالنسبة للموقف الروسي من التصعيد بين إيران وإسرائيل، فقد وصفه رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات بأنه "حيادي" حتى اللحظة، وأوضح أن روسيا، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا الجانبين، لديها مصالح سياسية واقتصادية ودبلوماسية مشتركة مع إسرائيل، مما يدفعها إلى تبني موقف متوازن في هذا الصراع.
من جهة أخرى، أشار رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات إلى أن روسيا نقلت رسالة واضحة إلى إيران مفادها أنه يمكن لها الرد على اغتيال هنية، ولكن يجب أن يكون هذا الرد محدودًا بحيث لا يتطور إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، حيث لا ترغب موسكو في الدخول في مثل هذا النزاع، مشيرًا إلى أن روسيا قد أرسلت رسائل غير رسمية إلى إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية، تؤكد فيها على موقفها الرافض للتصعيد العسكري الواسع، ولكنها تحترم في الوقت ذاته رغبة إيران في الرد.
في هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر إيرانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب من المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، أن يكون الرد الإيراني على إسرائيل "منضبطًا" ويتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين. وتحدثت التقارير أيضًا عن أن إيران تضغط على موسكو لتسليمها طائرات مقاتلة من طراز "سو-35"، في إطار تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية.
وتشير التقارير إلى أن إيران قد تسلمت بالفعل من روسيا أنظمة صواريخ باليستية تكتيكية "إسكندر" ونظام الحرب الإلكترونية الاستراتيجي "مور مانسك بي إن"، مما ساعدها على تعزيز قدراتها في مجال الدفاعات الجوية، وهو ما يعزز من مكانتها كقوة إقليمية تستطيع مواجهة التهديدات المحتملة في المنطقة.
مواجهة واشنطن عبر إيرانوعن إمدادات الأسلحة بين موسكو وإيران، يقول المحلل السياسي وجدان عبدالرحمن، إن طهران تستفيد بالفعل من أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 300"، كما قدمت إيران دعما عسكريا لروسيا في حرب أوكرانيا (في شكل طائرات مسيرة إيرانية)، لكن موسكو رفضت مرارا وتكرارا الطلب الإيراني بالحصول على أنظمة "إس 400" الأكثر تطورا.
ويرجع وجدان ذلك إلى أن موسكو "لا تزال ترفض إزعاج إسرائيل كثيرا، خاصة أنه لا يوجد سبب لذلك، ومعروف أن الرئيس بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتمتعان بعلاقة جيدة".
وبناء على ذلك، يقول المحلل السياسي الإيراني، إن العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وطهران، لا يبدو أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة، وربما موسكو لا تكون مهتمة بالدخول في حرب مع إيران ضد إسرائيل.
وعاد وجدان ليؤكد أنه مع ذلك، فإن موسكو "مهتمة بمواجهة الولايات المتحدة عبر إيران؛ ونتيجة لذلك، قد يكون هناك اتفاق تساعد فيه موسكو إيران بموارد عسكرية، على ضرب القواعد الأميركية في سوريا والعراق، دون الانضمام إلى أي هجمات على إسرائيل".
وتتهم موسكو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالعمل على إطالة أمد حرب أوكرانيا، عبر فتح مخازن أسلحتهما وميزانياتهما للجيش الأوكراني الذي تسلم مؤخرا طائرات "إف-16" المقاتلة الأميركية
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: روسيا ايران اسرائيل حزب الله اسماعيل هنية
إقرأ أيضاً:
تقرير يكشف طرد إيران لنحو نصف مليون أفغاني خلال 16 يوما منذ الصراع مع إسرائيل
(CNN)-- طُرد أكثر من نصف مليون أفغاني من إيران خلال 16 يومًا منذ انتهاء الصراع مع إسرائيل، وفقًا للأمم المتحدة، فيما قد يكون أحد أكبر عمليات التهجير القسري للسكان هذا العقد.
ولشهور، أعلنت طهران عن نيتها ترحيل ملايين الأفغان غير الموثقين الذين يعملون بأجور زهيدة في جميع أنحاء إيران، وغالبًا في ظروف صعبة.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة أن 508,426 أفغانيًا غادروا إيران عبر الحدود الإيرانية الأفغانية بين 24 يونيو و9 يوليو.
وعبر 33,956 أفغانيًا، الأربعاء، و30,635، الثلاثاء، بعد أن بلغ العدد ذروته، الجمعة، عند 51,000، قبل انتهاء المهلة التي حددتها إيران، الأحد، لمغادرة الأفغان غير الموثقين.
وازدادت وتيرة عمليات الترحيل، وهي جزء من برنامج أعلنته إيران في مارس/ اذار بشكل كبير منذ الصراع الذي استمر 12 يومًا مع إسرائيل، مدفوعةً بمزاعم لا أساس لها من الصحة عن تجسس أفغان لصالح إسرائيل قبل الهجمات وأثناءها.
ولم تظهر أدلة تُذكر تدعم مزاعم مساعدة المهاجرين الأفغان لإسرائيل، مما دفع المنتقدين إلى القول إن إيران تُحقق ببساطة طموحًا راسخًا لتقليص عدد سكانها الأفغان غير الشرعيين وتركيز المعارضة الداخلية على أقلية ضعيفة.
ويعيش العائدون ظروفا قاسية، حيث تصل درجات الحرارة إلى 104 درجة فهرنهايت، أو 40 درجة مئوية، في حين تكافح مراكز الاستقبال على الحدود الأفغانية من أجل تلبية الاحتياجات.
وصرحت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، ميهيونغ بارك، لشبكة CNN ، الثلاثاء: "هناك آلاف الأشخاص تحت الشمس - وأنتم تعلمون مدى شدة الحر في هرات، إنه أمرٌ مُريع، كان الأسبوع الماضي حافلاً للغاية"، مضيفة أن نصف العائدين هذا العام وصلوا منذ الأول من يونيو، حيث وصل 250 ألفًا في أسبوع واحد من يوليو.
وكانت باريسا، البالغة من العمر 11 عامًا، تقف مع والديها وهي تصف خبر إخبارها بعدم قدرتها على الالتحاق بالمدرسة هذا العام، مما يُنذر بترحيل عائلتها، إذ يُحظر تعليم الفتيات في أفغانستان في ظل حكم طالبان، وقالت: "قضينا ست سنوات في إيران قبل أن يُطلب منا التقدم بطلب للحصول على خطاب الخروج ومغادرة إيران. كانت لدينا وثيقة إحصاء رسمية، لكنهم طلبوا منا مغادرة إيران فورًا".
وقد أثار الارتفاع المفاجئ في عمليات الترحيل ومزاعم تجسس الأفغان إدانة دولية، إذ نشر المقرر الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان، ريتشارد بينيت ، على منصة إكس (تويتر سابقا) هذا الأسبوع: "احتجز مئات الأفغان وأفراد الأقليات العرقية والدينية في إيران بتهمة التجسس، كما وردت تقارير عن تحريض على التمييز والعنف في وسائل الإعلام التي تصف الأفغان والأقليات بالخونة وتستخدم لغة مهينة".
من جهتها قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، في الأول من يوليو/ تموز، وفقًا لرويترز: "لطالما سعينا جاهدين لنكون مضيفين جيدين، لكن الأمن القومي أولوية، ومن الطبيعي أن يعود المقيميون غير الشرعيين"، في حين بثت وسائل الإعلام الرسمية لقطات لـ"جاسوس" أفغاني مزعوم لإسرائيل يعترف بالعمل مع أفغاني آخر كان يقيم في ألمانيا.
وأضافت: "في الأسبوع الماضي، كان هناك حوالي 400 طفل غير مصحوبين بذويهم ومنفصلين عنهم - وهذا عدد كبير".
وتُظهر لقطات من معبر إسلام قلعة الحدودي مئات المهاجرين ينتظرون إجراءاتهم ونقلهم، غالبًا في ظل حرارة الصيف الأفغانية اللافحة، وعاش الكثيرون منهم لسنوات في إيران، غالبًا في ظروف شبه دائمة رغم افتقارهم إلى الوثائق، ووجدوا أن حياتهم قد هُزمت في دقائق معدودة في حملة القمع الأخيرة.
وقال بشير، وهو في العشرينيات من عمره، في مقابلة من بلدة حدودية في غرب أفغانستان، إن الشرطة احتجزته في طهران واقتادته إلى مركز احتجاز، قائلا: "في البداية، أخذوا مني عشرة ملايين تومان (حوالي 200 دولار أمريكي)، ثم أرسلوني إلى مركز الاحتجاز حيث احتُجزتُ ليلتين وأجبروني على دفع مليوني تومان إضافيين (50 دولارًا أمريكيًا)، في مركز الاحتجاز، لم يُقدموا لنا طعامًا أو ماءً للشرب، كان هناك حوالي 200 شخص، وكانوا يضربوننا ويعتدون علينا".
ويدعي الجاسوس المزعوم: "اتصل بي ذلك الشخص وقال إنه يحتاج إلى معلومات عن مواقع معينة، طلب بعض المواقع، فزودته بها، كما تلقيت منه 2000 دولار"، لم يُحدد التقرير هوية الجاسوس المزعوم أو يُقدم أدلة تدعم ادعائه.
كما نشرت وسائل الإعلام الرسمية لقطات لشرطة طهران وهي تُلقي القبض على مهاجرين، حددهم المراسل على أنهم في الغالب أفغان، بينما كان ضباطها يطاردون المشتبه بهم في الحقول المفتوحة.
ويُنقل المُرحّلون المحتملون إلى حافلات ويُقتادون قسراً من المركبات إلى جهة مجهولة.
ويسأل مراسل التلفزيون الرسمي في اللقطات أحد أصحاب عمل المهاجرين غير الشرعيين المزعومين في طهران: "لماذا وظفت الأفغاني؟ إنه مخالف للقانون"، فيُجيب صاحب العمل المزعوم: "أعلم! لكن عليّ أن أدفع لهم حتى يتمكنوا من العودة، إنهم يريدون العودة وينتظرون الحصول على رواتبهم".