نازحو الفاشر يتقاسمون طعامهم القليل والسلطات تنفي وقوع مجاعة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
الفاشر– في مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان، تتقاسم السيدتان أم الحسن وسامية عبد الله مطبخًا صغيرًا لإعداد وجبات الطعام لأطفالهما، بعد أن هربتا من القصف المدفعي الكثيف الذي تشنه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة الولاية حيث استقرت العائلتان في المخيم الذي يفتقر إلى أدنى الموارد الأساسية.
تقول سامية للجزيرة نت "لا نملك الكثير، لكننا نحاول مشاركة ما لدينا. أعدّ أنا وجارتي الطعام معًا كل يوم في مطبخ واحد؛ فلا يكفي ما لدينا من غذاء لطهي وجبات منفصلة".
ويضطر العديد من النازحين في المخيم إلى تقاسم الطعام والاعتماد على بعضهم للبقاء على قيد الحياة، حيث يواجهون تفشي سوء التغذية والمجاعة بحسب تقارير أممية، في ظل شح المساعدات المقدمة من المنظمات والهيئات الدولية.
من جانبها، قالت النازحة نعمات أبكر إن الوضع في المخيم أصبح مأساويا؛ فلا تستطيع هي وأسرتها الحصول على الطعام الكافي. وأشارت إلى أنهم اضطروا إلى بيع بعض ممتلكاتهم البسيطة من أجل شراء بعض السلع الغذائية الأساسية.
وأضافت للجزيرة نت أن المياه النقية شحيحة للغاية في المخيم، وأنهم يضطرون إلى استخدام مصادر غير آمنة، وذلك مما يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض.
وقالت أبكر إن الأمل الوحيد للنازحين هو رفع الحصار عن مخيم زمزم، وتدخّل المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات والحماية اللازمة لهم في هذه الظروف الصعبة.
يقع مخيم زمزم على بعد 15 كيلو مترا جنوبي مدينة الفاشر، ويوفر المأوى لأكثر من نصف مليون نازح فرّ معظمهم من مناطقهم الأصلية في إقليم دارفور عقب اندلاع النزاع المسلح في الإقليم عام 2003، وارتفع عدد النازحين فيه مؤخرا بسبب الحرب في مدينة الفاشر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ورغم الظروف الصعبة بالمخيم، تقوم المنظمات الإنسانية المحلية بجهود محدودة لتوفير المساعدات الأساسية للنازحين، إلا أن هذه المساعدات غير كافية لتمنع وقوع المجاعة.
وأكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وجود مجاعة في مخيم زمزم بشمال دارفور، وقالت في بيان نشرته على منصة "إكس" إن علامات المجاعة كانت ظاهرة منذ شهور، ولكن تم التأكد الآن من انتشارها.
وأشارت المفوضية إلى أن النازحين يموتون جراء الجوع وسوء التغذية والمرض، سواء كانوا من الأطفال والنساء والرجال. ودعت الجهات المختصة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع الحرج وإنقاذ أرواح المتضررين في المخيم.
وسبق أن أعلنت لجنة من خبراء الأمن الغذائي المدعومة من الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى عن حدوث مجاعة في مخيم زمزم، وقالت اللجنة إن الحرب في السودان والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين تسببت في تفشّي المجاعة في المخيم.
وأفاد المتحدث الرسمي للمنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور آدم رجال أن النازحين في زمزم يواجهون المجاعة وأزمة إنسانية خطيرة. وقال إن الجميع يعاني من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، عازيا الأمر إلى توقف توزيع المساعدات الغذائية المقدمة لهم من الهيئات والمنظمات الدولية منذ اندلاع الحرب في السودان.
ونبّه رجال، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن انتشار المجاعة ليس في مخيم زمزم وحده، بل يشمل مخيمات أخرى للنازحين في دارفور. وقال إن حالات سوء التغذية وسط الأطفال والحوامل والأمهات والعجزة والمسنين تفشت بمخيم "مكجر" للنازحين، فقد شهد المخيم أكثر من 450 حالة سوء تغذية أسفرت عن وفاة 5 أطفال جراء المجاعة وانعدام الأمن الغذائي.
نفي حكوميومن جانبها، نفت مفوضية العون الإنساني في السودان ومسؤولون بحكومة ولاية شمال دارفور التقارير التي تحدثت عن حدوث مجاعة في مخيم زمزم.
وقال مفوض العون الإنساني بالولاية عباس يوسف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الزيارة الميدانية التي قام بها مع وفد من وزارة الصحة وجهات فنية أخرى أظهرت أن الوضع الإنساني والغذائي في المخيم أفضل من العام السابق، وأن الوفيات المسجلة للأطفال طبيعية، ووصف التقارير الأممية بأنها "غير حقيقية وبثت لأغراض سياسية".
وفي ظل التقارير المتضاربة عن الأوضاع في مخيم زمزم للنازحين، قال الناشط آدم صالح -للجزيرة نت- إن شحّ الغذاء وبعض المستلزمات الأساسية يرجع بشكل رئيسي إلى الحصار والقيود التي فرضتها قوات الدعم السريع على الطرق وقطعها للإمدادات، إذ منع ذلك وصول هذه السلع والمساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر ومنها إلى المخيم.
وأشار صالح أيضا إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، مثل الذرة والوقود، مع شح في العملة النقدية فاقم أزمة الحصول على الطعام في المخيم.
وحذر الناشط آدم صالح من أن استمرار هذا الوضع قد يدفع الملايين من النازحين إلى المجاعة والموت، نظرًا لنقص الغذاء الناجم عن الحصار المفروض على المدينة والقتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
وشدد على ضرورة تدخل المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات الغذائية والإمدادات الأساسية إلى المخيم، للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية.
وبشأن شُحّ الغذاء والمستلزمات اليومية الأخرى في مخيم زمزم دون غيره من مخيمات النازحين في الولاية، يقول صالح إن ذلك يعود إلى الموقع الجغرافي للمخيم داخل نطاق الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر منذ أشهر.
وأوضح أن هروب سكان الفاشر جراء القصف المدفعي الكثيف واحتمائهم بالمخيم ولّد "أزمة اكتظاظ كبيرة"، فأصبح المخيم الملجأ الوحيد والأقرب لسكان المدينة دون غيرها من المناطق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة الفاشر الدعم السریع فی مخیم زمزم النازحین فی للجزیرة نت فی المخیم مجاعة فی الحرب فی
إقرأ أيضاً:
الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزة / فيديوهات
#سواليف
لم يكن نزهة أو خيارا توجّه #فلسطينيين إلى #مراكز_المساعدات المشبوهة التي أقامتها #إسرائيل وسط قطاع #غزة وجنوبه، بل كان مدفوعا بالجوع القاتل وانعدام أي مصدر آخر لسد الرمق.
رجال ونساء وأطفال خرجوا من خيامهم وسط الحطام، بحثًا عن #كيس_دقيق أو علبة غذاء تبقيهم على قيد الحياة، استجابة لإعلان عن توزيع #مساعدات في مناطق قيل إنها آمنة تحت إشراف #جيش_الاحتلال الإسرائيلي.
لكن سرعان ما شوهد عشرات منهم يركضون مذعورين، وسقط منهم قتلى وجرحى، نقلوا بعربات بدائية تجرها حيوانات بسبب عدم تمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى المكان.
مقالات ذات صلة ضابط إسرائيلي: 10 آلاف جندي قتلوا أو أصيبوا خلال حرب غزة 2025/06/03في شهادات مؤلمة جمعتها وكالة الأناضول من مصابين وذويهم، تتجلى #مأساة_الفلسطينيين المُجوّعين الذين وجدوا أنفسهم بين فكّي الجوع والنار.
لاحقتهم قذائف الطائرات والدبابات حتى في المناطق التي خصصت لهم كمنافذ للمساعدات، لتخلف وراءها أجسادا ممزقة وذكريات دامغة محفورة بالدموع والخوف.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت إسرائيل في 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ مخطط مشبوه لتوزيع مساعدات إنسانية، عبر ما تُسمى مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة إسرائيليا وأميركيا والمرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
وحدد جيش الاحتلال الإسرائيلي 4 نقاط لتوزيع المساعدات عبر هذه المؤسسة، منها 3 جنوب القطاع وواحدة في محور نتساريم الذي يفصل بين جنوب القطاع وشماله.
وتسمح إسرائيل فقط لهذه المؤسسة المتواطئة معها بتوزيع مساعدات شحيحة في مناطق عازلة جنوب القطاع، بهدف تفريغ الشمال من الفلسطينيين، بينما يباشر الجيش بإطلاق النار على حشود الجائعين، مخلفا قتلى وجرحى.
ومنذ انطلاق العمل بهذه الآلية، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجازر دامية قرب نقاط توزيع المساعدات، خصوصا في مدينة رفح جنوب القطاع.
ومنذ 27 مايو/أيار المنصرم حتى صباح الثلاثاء، ارتفع عدد ضحايا المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي قرب مراكز التوزيع إلى 99 قتيلًا ومئات الجرحى، بحسب متابعة الأناضول لبيانات مصادر فلسطينية.
ويقول فلسطينيون توجهوا إلى تلك النقاط إن الجيش الإسرائيلي يطلق الرصاص صوبهم عشوائيا أثناء انتظارهم الحصول على طرود غذائية.
“ذهبنا للحصول على الطعام فأصيب أخي”
يزن مصلح، شقيق طفل جريح يدعى يزيد (13 عامًا)، قال “كنا جالسين في خيمتنا، وحين سمعنا بوصول المساعدات ركضنا نحو مركز التوزيع، وأبي أجلسنا في منطقة بعيدة قليلًا قالوا إنها آمنة، لكنها لم تكن كذلك”.
وأضاف “بدأ إطلاق النار عشوائيا، وأخي لوح بيديه للطائرة كي لا تطلق عليه النار، لكن الرصاصة اخترقت بطنه فخرجت أحشاؤه”.
وتابع “صرخت طالبا المساعدة، وتمكنا من إسعافه بعربة يجرها حيوان. لم نعد بشيء سوى إصابته. كنا نبحث عن شيء يسد جوعنا فقط”.
ومنذ 2 مارس/آذار من العام الجاري، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر أمام المساعدات المتكدسة على الحدود، الأمر الذي أدخل القطاع في مجاعة وأدى إلى استشهاد كثيرين.
“رصاص من كل الاتجاهات”
والد الطفل الجريح، إيهاب مصلح، روى تفاصيل ما يعانيه وأسرته من جوع وخوف وقال “من شدة الجوع، ذهبت إلى منطقة التوزيع في خان يونس، أجلست أولادي في مكان اعتقدت أنه آمن، ودخلت لأتسلّم الطعام. لكن الرصاص كان ينهال علينا من كل الاتجاهات”.
وأكمل الوالد “لم نأخذ شيئًا، فقط عدنا بإصابة خطرة لابني، نحن لا نريد شيئًا سوى وقف هذه الحرب الظالمة”.
وأمس الاثنين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى محاسبة الجناة المسؤولين عن قتل وإصابة فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على مساعدات إغاثية في قطاع غزة.
تعليمات زائفة
بدوره، قال خالد اللحام، أحد المصابين، إنه أصيب بينما كان يتوجه لتسلّم المساعدات من منطقة صنفها الجيش الإسرائيلي أنها إنسانية.
وأضاف “ذهبنا بناء على تعليمات الجيش الإسرائيلي، قالوا إنها منطقة آمنة لكننا فوجئنا بوابل من الرصاص، أصبت أنا والعشرات، وسقط عدد من الشهداء. كنا نبحث عن الطعام فقط، لا نملك شيئًا، ولم نأكل منذ أسبوع”.
وتابع “حين وصلنا، أطبق علينا من كل الجهات، إطلاق النار كان من الدبابات والمسيّرات والمروحيات. ذهبت لإحضار الطعام لأولادي فعدت برصاصة في ظهري”.
وتوزع المساعدات في ما تُسميه إسرائيل مناطق عازلة في جنوب قطاع غزة، وسط مؤشرات على فشل المخطط، إذ توقف التوزيع مرارًا بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، وإطلاق القوات الإسرائيلية النار على الحشود، مما خلف قتلى وجرحى.
خيارات معدومة
ضحية آخر، هو الشاب الجريح محمد البسيوني، قال إنه استيقظ منذ الفجر وخرج بين أنقاض الحي الواقع بين رفح وخان يونس، لهدف واحد هو إحضار الطعام لوالده المريض.
قال البسيوني “أمي رفضت أن أذهب لكني أصررت، كنا بحاجة للطعام (لأن) والدي مريض. خرجت عند الساعة السادسة صباحًا، وعندما وصلت بدأ إطلاق النار”.
وأضاف “أصبت في ظهري، ونقلوني بواسطة توكتوك (عربة بعجلات)، وخضعت لعملية جراحية، الآن أنا بخير، لكن غيري عاد جثة”.
وختم بتنهيدة ثقيلة “كنا نعلم أننا قد نقتل لكن لا خيار آخر، الجوع قاتل. نريد أن تنتهي الحرب والحصار.. أن تنتهي هذه الغمة”.
ومرارا، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الآلية الراهنة لتوزيع ما تسمى مساعدات هي أداة من أدوات الإبادة الجماعية، وتستهدف تهجير الفلسطينيين قسرا من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
استنكار دولي
وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أكدت الاثنين أن آلية توزيع المساعدات الأميركية المدعومة من إسرائيل لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة، ودعت إلى تمكينها من إيصال المساعدات بأمان.
كذلك نددت منسقة شؤون الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود كلير مانيرا بقتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظارهم للمساعدات، مؤكدة أن النظام الجديد لتوزيع المساعدات يفتقر إلى الإنسانية والفاعلية.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي يرتكب جريمة مزدوجة تجسّد استخدام المعونة سلاحا للإذلال والإخضاع والتدمير والقتل.
وأكد المرصد أن الجيش الإسرائيلي حوّل نقاط توزيع المساعدات إلى ساحة جديدة لقتل المدنيين المُجوَّعين وسحقهم.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا للمباني وتهجيرا للسكان، متجاهلة نداءات دولية وأوامر أصدرتها محكمة العدل الدولية بوقف الحرب.
ويقدر عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء حرب الإبادة الإسرائيلية بأكثر من 178 ألفا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين.