مفوضية الأمم المتحدة تحذر من تدهور الأوضاع الصحية بالسودان
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، من تدهور الأوضاع الصحية بالسودان، مع تجاوز عدد النازحين قسرا حاجز الأربعة ملايين شخص بسبب الحرب، مشيرة إلى أن تلك الأوضاع المتدهورة تطال مخيمات اللاجئين وكذلك عند نقاط الدخول الحدودية ومراكز الاستقبال المؤقت في الدول المجاورة، والتي يصل إليها الأشخاص المجبرون على الفرار من ديارهم.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، وصفت المفوضية الأوضاع في السودان بأنها "مزرية" نظرا إلى أن الاحتياجات تفوق بكثير الموارد المتاحة، وأضافت أنه في ولاية النيل الأبيض، أدى نقص الأدوية الأساسية والموظفين والإمدادات إلى إعاقة توفير الخدمات الصحية والتغذوية في جميع مخيمات اللاجئين العشرة، حيث وصل أكثر من 144 ألف لاجئ جديد من الخرطوم منذ اندلاع النزاع، وانضموا إلى الآلاف من لاجئي جنوب السودان والمجتمعات المحلية الذين يرتادون نفس العيادات. كما أن خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي تكاد تكون معدومة.
وأشارت المفوضية إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض وزيادة الوفيات ذات الصلة بسبب نقص الطعام أو الدواء مع استمرار نزوح العديد من العائلات منذ أسابيع.
وقالت المنظمة الأممية كذلك إن النقص المزمن في عدد العاملين في المجال الصحي، فضلًا عن الهجمات التي استهدفت الموظفين، والتي سجلتها منظمة الصحة العالمية، أدت إلى الإضرار بشكل كبير بجودة الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد، حيث يُظهر تحليل أجرته فرق المفوضية في النيل الأبيض أن هناك ما لا يقل عن 70 مريضًا لكل طبيب في اليوم الواحد، وهو أعلى مما هو موصى به من الناحية الطبية، وهو دليل واضح على الإجهاد الذي تعاني منه الخدمات.
وأضافت المفوضية، أن انهيار سلاسل التوريد أدى إلى نفاد الأدوية والإمدادات الأخرى بالنسبة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، مشيرة إلى أنه من المتوقع تسجيل المزيد من حالات الكوليرا والملاريا في الأشهر المقبلة بسبب الفيضانات الناجمة عن استمرار هطول الأمطار وعدم كفاية مرافق النظافة.
وقالت إن الأوضاع الصحية والتغذوية للقادمين من السودان تدهورت بشكل حاد منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل الماضي، مضيفة أن مشكلة نقص التمويل تعيق جهود الاستجابة بشدة في جنوب السودان، حيث توفي 57 طفلًا، معظمهم دون سن الخامسة، جراء إصابتهم بالحصبة وسوء التغذية في بلدة الرنك. وتوفي 15 طفلا بين هؤلاء الأسبوع الماضي فقط.
وأكدت المفوضية أن الوكالات الإنسانية نشرت موظفين ومتطوعين إضافيين في المخيمات ونقاط الدخول الحدودية والمراكز المؤقتة لتوفير الدعم في مجال فحص حالات سوء التغذية، إضافة إلى الخدمات الأخرى، كما تبذل المفوضية كل ما في استطاعتها لنقل الوافدين الجدد بأسرع وقت من نقاط الدخول الحدودية والمراكز المؤقتة لتجنب الازدحام والحد من انتشار الأمراض الفتاكة، لكنها شددت على أنها "بحاجة إلى مزيد من دعم المانحين بهدف إنقاذ الأرواح".
وقالت المفوضية إن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من التمويل لدعم توفير الرعاية الصحية وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة، مشيرة إلى أنه تم الحصول على 29 بالمائة فقط من مبلغ 566 مليون دولار أمريكي طالبت المفوضية والشركاء الآخرون بتوفيره لخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين لتقديم المساعدة في البلدان المجاورة للسودان، في حين تم تمويل الاستجابة المشتركة بين الوكالات داخل السودان بنسبة 24 بالمائة فقط.
بدورها، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه مع دخول الصراع في السودان شهره الرابع، فإن انعدام الأمن ومحدودية الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية والكهرباء والمياه يشكلان تحديا لتقديم الرعاية الصحية في الولايات المتأثرة بشكل مباشر بالنزاع. وأضافت المنظمة، في تحديث نشرته اليوم بشأن الوضع في السودان، أن الخدمات الصحية تتأثر أيضا في الولايات التي لا تشهد قتالا نشطا، بسبب نقص الإمدادات مع تدفق النازحين الفارين من الولايات التي يستعر فيها القتال.
كما أدانت منظمة الصحة العالمية بأشد العبارات الهجمات المتزايدة على قطاع الرعاية الصحية في السودان، واحتلال المرافق الصحية بما فيها المختبر الوطني للصحة العامة، والصندوق القومي للإمدادات الطبية التابع لوزارة الصحة في الخرطوم، وبنك الدم المركزي.
ودعت المنظمة إلى وجوب حماية "سلامة وقدسية الرعاية الصحية" في كل الأوقات لاسيما في حالات العنف المميت عندما يصبح عمل الجهات الفاعلة في مجال الرعاية الصحية والوصول الآمن إلى الخدمات المنقذة للحياة أكثر أهمية.
يذكر أنه منذ اندلاع الصراع في السودان، أُجبر أكثر من 4 ملايين شخص على الفرار داخل السودان وإلى البلدان المجاورة، بمن فيهم ما يقرب من 700.000 لاجئ وطالب لجوء فروا إلى البلدان المجاورة، فيما اضطر 195.000 جنوب سوداني للعودة إلى بلدهم. وفي السودان، نزح أكثر من 3 ملايين شخص داخليًا، بمن فيهم أكثر من 187 ألف لاجئ كانوا لجأوا إلى البلاد قبل بداية الأزمة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مفوضية الأمم المتحدة الرعایة الصحیة فی السودان أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
تدشين كتاب «الشاهد الأول ضد بن لادن» : وثيقة نادرة تكشف أسرار القاعدة وصلتها بالسودان
شهدت العاصمة الأوغندية كمبالا أمس السبت حفل تدشين كتاب «الشاهد الأول ضد بن لادن – جمال الفضل السوداني الذي هز القاعدة» للصحفي محمد عبد العزيز وذلك وسط حضور نوعي من الصحفيين والمثقفين والمهتمين بقضايا الإرهاب والسياسة في المنطقة.
التغيير– كمبالا – فتح الرحمن حمودة
و في افتتاح الجلسة قالت الصحفية مديحة عبد الله مديرة الجلسة إن الكتاب يعالج قضايا عميقة تتعلق بالسودان والحرب والإرهاب مشيرة إلى أن الظروف التي تمر بها البلاد تجعلها عرضة لاختراق الجماعات الإرهابية.
وأكدت في حديثها أن السودان يواجه خطر تمدد تلك الجماعات نتيجة استمرار الحرب المستمرة حاليا ما يفتح المجال أمام نفوذ جديد لها في المنطقة.
و يعيش السودان منذ فترة تحديات أمنية وسياسية عميقة وسط استمرار الحرب والصراعات الداخلية التي تهدد استقرار البلاد و هناك مخاوف وسط هذه الظروف المتدهورة أن تجعل من البلاد بيئة خصبة لاختراق الجماعات الإرهابية التي تستغل الفراغات الأمنية والضعف السياسي لتوسيع نفوذها.
و قدم الأستاذ السر السيد عرضا تحليليا لمحتوى الكتاب مشيرا إلى أنه يتكون من ثلاثة فصول و قال إنه في فصله الأول يتناول السيرة الذاتية لجمال الفضل وانضمامه إلى الجماعات الجهادية مع عرض لتفاصيل تأسيس تنظيم القاعدة وأسماء المعسكرات وهيكله التنظيمي وأهم قادته إضافة إلى الخلافات الداخلية.
و في فصله الثاني يغوص في فترة وجود القاعدة في السودان بدءاً من زيارة بن لادن التفقدية ولقائه بحسن الترابي مرورا بأنشطته الاقتصادية ودور جمال الفضل في إدارة تلك العمليات بما فيها كذبه وسفره إلى إريتريا كما أن هذا الفصل قدم تفاصيل دقيقة عن علاقة القاعدة بالحكومة السودانية والمنظمات الخيرية التي كان لها أدوار موازية.
و أوضح أن الفصل الثالث رصد خروج الفضل من السودان ومروره بسوريا والأردن وتسليم نفسه للاستخبارات السعودية في إريتريا كما يتطرق لمحاولاته التواصل مع السفارات الإسرائيلية والأمريكية وعلاقة القاعدة بالجيش السوداني وتهريب الأسلحة وظهور اسم عبد الباسط حمزة كما يسرد قضايا فساد الفضل نفسه ومحاكمة «أبو مصعب السوداني» في فصل اعتبر من أخطر فصول الكتاب.
و جمال أحمد محمد الفضل هو شخصية عسكرية سودانية معروفة بدوره في الحركات الجهادية خلال أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات حيث تم تجنيده للقتال في أفغانستان عبر مسجد الفاروق في بروكلين و انضم في عام 1988 إلى تنظيم القاعدة وأدى قسم الولاء لزعيمه آنذاك أسامة بن لادن إلا أن الفضل شهد خلافا حادا مع بن لادن أدى إلى انفصاله عن التنظيم ليصبح لاحقا شريكا للحكومة الأمريكية عبر تقديم معلومات استخباراتية عن القاعدة .
وأوضح السيد أن الكاتب استخدم أسلوبا أدبيا أقرب إلى السرد الروائي دون التقيد الصارم بالترتيب الزمني وهو ما منح النص طابعا دراميا في بعض المواضع كما أشار إلى أن الفصول بنيت على عناوين فرعية تنظم الهيكل العام للكتاب وتكشف في كل مرة زاوية جديدة من القصة.
كما نوه إلى أن الكاتب حاول عقد مقارنات بين الأدلة التي قدمها جمال الفضل مما منح الكتاب بعدا تحليليا مهما رغم أنه لم يتدخل كثيرا كمؤلف في توجيه السرد ما يمنح العمل طابعا موضوعيا.
وفي مداخلة أخرى وصف الصحفي ماهر أبو الجوخ الكتاب بأنه في الأصل بدأ كمشروع تحقيق استقصائي ثم تحول إلى كتاب شامل وأشاد بالتفاصيل الدقيقة التي قدمها المؤلف حول تنظيم القاعدة والتي قال إنها غابت عن معظم الكتب التي تناولت التنظيم وأضاف أن الكتاب يقدم أول لائحة اتهام رسمية ضد القاعدة في التسعينيات.
وأشار أبو الجوخ إلى أن الكتاب يظهر العلاقة المباشرة بين الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي ويشرح بنية القاعدة وتحالفاتها في دول مختلفة لكنه انتقد غياب خاتمة واضحة تبرز استنتاجات الكاتب كما أشار إلى وجود بعض التواريخ غير الدقيقة وتضارب في المعلومات لكنه اعتبر الكتاب وثيقة تاريخية مهمة توثق لفترة شائكة ومؤثرة.
وفي ختام الفعالية تحدث كاتب الكتاب محمد عبد العزيز عن تجربته مع الكتاب قائلا إن علاقته بجمال الفضل بدأت عام 2008 أثناء عمله على تحقيق صحفي حول دور السودان في تنظيم القاعدة واعتبر أن شخصية الفضل هي محور الكتاب دون أن يعني ذلك تبرئة التنظيم أو الحكومة بل تقديم «شاهد من الداخل».
وأضاف أن فكرة تحويل المادة إلى كتاب بدأت بعد اندلاع الحرب الأخيرة بعد أن تعذر النشر داخليا فتمت طباعته في مصر بعد عام ونصف من الجهد كما كشف أن جزءا من الكتاب تعرضت للحذف بسبب الرقابة لا سيما ما يتعلق بالاعتداءات التي طالت ابن جمال الفضل.
وأشار إلى أن الطبعة الثانية قيد الإعداد وستتميز بتقنيات سرد أكثر تطورا وميل أكبر نحو الطابع الروائي مع الحفاظ على الوقائع والحقائق.
و محمد عبد العزيز صحفي سوداني يتمتع بخبرة تمتد لحوالي عشرين عاما في مجال الصحافة و يشغل حاليا منصب سكرتير نقابة الصحفيين السودانيين ويعد من الأسماء البارزة في الصحافة السودانية و بدأ مسيرته في الكتابة بكتابه «عين على الصين» الذي مثل انطلاقة أولى في مشوار تأليف الكتب وواصل بعدها التفرغ للبحث والتحقيق في قضايا معقدة تمس السياسة والعلاقات الدولية والجماعات المسلحة.
الوسوم«الشاهد الأول ضد بن لادن» الصحفي السوداني محمد عبدالعزيز عين على الصين كتاب