الاقتصاد نيوز _ بغداد

ذكر المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، أنَّ تحديد أسعار العملات عالمياً يتم بطريقتين رئيستين هما السعران العائم والثابت، مبيناً وجود العديد من العوامل المحليَّة والدولية التي تتحكم بقوة العملة مثل العرض والطلب وأسعار الفائدة والتضخم والنمو في الاقتصاد المحلي والميزان التجاري وغيرها

في حين أشار إلى أنَّ قوة العملة الوطنية ترتبط بالقيمة الخارجية لها، وتحديداً سعر الصرف، إذ تتلازم القيمة الخارجية للنقود وبشكل مباشر مع استقرار الحساب الجاري لميزان المدفوعات، لاسيما على المدى الطويل.

وقال صالح في حديث لـ”الصباح” تابعته "الاقتصاد نيوز"، إنَّ “استقرار القيمة الخارجية للعملة يتطلب توازناً أو فائضاً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، والذي ينبغي أن يؤشر حالة مستقرة في حدها الأدنى لا تقل عن 4 بالمئة سنوياً، وأنَّ تحقيق ذلك الهدف يعتمد بالتأكيد على ارتفاع معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مستدام، وتفوق الصادرات على الاستيرادات ضمن الميزان التجاري للبلد”. ولفت الدكتور صالح إلى أنه إذا “كانت البلاد تمتلك قدرة تصديرية للسلع والخدمات أكثر مما تستورد، فهذا يعزز من قيمة العملة الوطنية ولاسيما القيمة الخارجية للعملة نفسها، وهنا يؤشر الاقتصاد حالة إيجابية، فضلاً عن توافر احتياطيات أجنبية ساندة تمثل المصدة الرئيسة ضد العوامل الخارجية المحتملة وتأثيراتها في الوضع الاقتصادي الكلي”.

كما أوضح المستشار الحكومي أنَّ “الاحتياطيات الأجنبية تعبر عن القدرة على الحفاظ على استقرار القيمة الخارجية للنقود، أي استقرار سعر الصرف، ومنها قوة الكفاءة التجارية للاحتياطيات التي ينبغي أن تغطي الاحتياطيات الأجنبية عرض النقود بالمفهوم الواسع، وبما يزيد على 75 بالمئة من ذلك العرض، لافتاً في الوقت ذاته، إلى أنَّ الديون المرتفعة السيادية والخاصة يمكن أن تضعف العمل، ما لم تتوفر إدارة مالية جيدة للديون تؤدي على الدوام إلى تعزيز الثقة بالعملة الوطنية.

ولفت صالح إلى أنَّ “الجانب الآخر الذي يرتبط بقيمة العملة واستقرارها، هو القيمة الداخلية للعملة الوطنية، فمثلما نتحدث عن استقرار القيمة الخارجية للعملة أي سعر الصرف وقوته التبادلية مع العملات الأخرى، فإنَّ القيمة الداخلية للعملة هي الوجه الآخر لاستقرار العملة وقوتها، وهنا ترتبط قيمة العملة الوطنية ارتباطاً مباشراً في المستوى العام للأسعار أي مؤشر التضخم” مبيناً “إذا كان المستوى العام للأسعار يعني قوة السلع والخدمات معبراً عنها بالنقود، فإنَّ ثمة تلازماً بين الاستقرار السعري وقيمة العملة الوطنية نفسها، وهذا الأمر يقتضي توافر سياسة نقدية حكيمة تتولاها البنوك المركزية التي تجعل النمو في الكتلة النقدية يتناسب مع النمو في الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل الوطني”.

ونوه المتحدث إلى أنَّ “النظرية الكمية للنقود تعتمد على مبدأ حيادية النقود الذي يرى أنَّ سبب التضخم في الأمد الطويل هي النقود نفسها، إذ إنَّ النمو في عرض النقد بشكل لا يتناسب والنمو في الناتج المحلي الإجمالي يقود إما للتضخم أو الانكماش في نمو المستوى العام للأسعار، لذا فان تأثير النقود في الاقتصاد الكلي وعلى النحو الذي تتناوله النظرية الكمية للنقود يعني إذا ما زادت كمية النقود في الاقتصاد، ولم يكن هناك زيادة موازية في الناتج الاقتصادي، فسوف يؤدي ذلك إلى زيادة في المستوى العام للأسعار.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الناتج المحلی الإجمالی العملة الوطنیة فی الناتج النمو فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجامعة في مرآة التصنيف: نزاهة ضائعة أم قيمة مضافة؟

صراحة نيوز- الشاعر أحمد طناش شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/إربد

هل كل صدمة تستوجب إنكارها؟ أم هل صراحة تُعد اتهامًا؟
أحيانًا تكون الجرأة في كشف العِلل هي أول أبواب العلاج، ولعلّ ما طُرح مؤخرًا حول واقع الجامعات الأردنية وعلاقتها بالتصنيفات العالمية، شكّل مادة للتأمل العميق أكثر من كونه مادة للجدل.
إنه حديثٌ عن خللٍ بنيوي صامت، يعبّر عن نفسه حينًا في مؤشرات التصنيف، وأحيانًا في تراجع الثقة بالمنظومة الأكاديمية، لكنه في جوهره أعمق من ذلك بكثير: إنه سؤالٌ فلسفي عن القيمة الحقيقية للمعرفة، وأخلاق إنتاجها، وحدود تحول الجامعة من مؤسسة تفكير إلى مؤسسة تزيين رقمي.
منذ عقود تحوّلت التصنيفات الأكاديمية إلى معيار عالمي لتقدير الجامعات، لكنها لم تُصمم لتكون غاية في ذاتها، بل وسيلة لتشخيص الأداء، غير أن هذا المعيار فقد حياديته حين دخل سوق التنافس المؤسسي، فبات يُستثمر دعائيًا، وتحوّلت الجامعات من مؤسسات لإنتاج الفكر إلى مصانع للأوراق والمنشورات.
وهنا ينشأ التوتر الأخلاقي وتبدأ التساؤلات التي تفضي إلى التشخيص الصحيح: هل نُنتج من أجل التصنيف، أم نُصنّف لأننا ننتج؟ وهل تبرر الحاجة إلى الظهور تراجعات في الجوهر؟ وهل تُقاس جودة الجامعة بعدد الأبحاث، أم بتأثيرها الحقيقي في المجتمع والإنسان والاقتصاد والهوية؟
ومن جهة أخرى، لا يمكن إغفال ما يعانيه الباحث الأكاديمي، فالموازنات المتواضعة والدعم الضئيل وغياب بيئة البحث التخصصي، كلها عوامل تضعه في دائرة ضغوط خانقة، وتدفع ببعضهم إلى اختصارات غير نزيهة في سبيل النشر، أو إلى اللجوء لمجلات ذات تصنيف ظاهري، دون تحكيم حقيقي.
وأما الإشكالية الأخرى فتكمن مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ أصبح المشهد أكثر التباسًا: فبين من يستخدم هذه الأدوات دعمًا لمنهجه، ومن يستخدمها لصياغة بحث دون جهد، تنهار الحدود بين العلم الزائف والعلم الأصيل، وتنهار معها فكرة الإبداع بوصفه ثمرة تجربة ومكابدة لا مجرد توليد تلقائي للنصوص.

ولعلّ من أبرز المفارقات في المشهد الأكاديمي الأردني، ما يُعرف بـسنة التفرغ العلمي، التي شُرّعت في الأصل كي ينعزل الباحث مؤقتًا مع مشروعه، فينضج فكرًا ويُنتج علمًا، لكنها في بعض الحالات تحوّلت إلى بوابة عمل إضافي في جامعات أخرى، وهذا بحد ذاته إفراغ للمعنى من التسمية، وإفراغ لسنة كاملة من مضمونها البحثي، وتُحول التفرغ إلى فرصة لجني المال لا إلى مخاض علمي.
هذه التحولات كلها لا تُدين فردًا أو مؤسسة، بقدر ما تكشف عن فلسفة ضائعة في تعريف الجامعة، وفي تحديد علاقتها بالمجتمع والباحث والاقتصاد والهوية الوطنية.
إن ما ينبغي أن نستعيده قبل التصنيف وأدواته، هو معيار النزاهة العلمية بوصفه أصل كل شرعية أكاديمية، فجامعة بلا نزاهة مهما بلغت من شهرة رقمية لا تصنع أجيالًا حرة، ولا تطرح أسئلة شجاعة، ولا تنهض بأمة.
والنهوض بهذا المعيار يبدأ من إعادة صياغة فلسفة الحوافز، بحيث يُكافأ الإبداع لا الكمّ، ولا بد من وضع مدونات سلوك علمي تجرّم التلاعب وتُعلي من الصدق المعرفي، ثم لا بد من مراجعة شروط سنة التفرغ العلمي وربطها بمخرجات فعلية، بالإضافة إلى إدماج أخلاقيات البحث ومهارات التفكير النقدي ضمن مناهج إعداد أعضاء هيئة التدريس، وهذه المعايير يجب أن تحول إلى سياسات أكاديمية تتبناها وزارة التعليم العالي لتحسين جودة البحث العلمي.
ووسط هذه الجدليات المتشابكة حول النزاهة والتصنيفات وسنة التفرغ العلمي وأخلاقيات البحث، يظل الطالب هو المركز الغائب أو المُغَيَّب في كثير من هذه السياسات، فالجامعة في جوهرها ليست معمل أوراق بحثية ولا منصة تسويق رقمي، إنما هي الفضاء الذي يشكل وعي الطالب ويصقل شخصيته، وينمي قدراته الفكرية والإنسانية، فحين تُختزل مهمة الجامعات في اللحاق بأرقام التصنيف دون أن يُقاس أثر التعليم في الطالب، تتحول المعرفة إلى سلعة جوفاء، ويُدفع الطالب من حيث لا يدري ثمنًا باهظًا في ضياع المعنى وتشوّه الغاية، ومن هنا فإن أية مراجعة فلسفية أو بنيوية للتعليم العالي لا بد أن تضع الطالب في صميم رؤيتها كمستفيد من الجامعة وشريك أصيل في صناعة المعرفة وإنتاجها، وقبل ذلك في مساءلتها.
ولعل أبرز ما يميز التجارب التعليمية الرائدة في دول مثل فنلندا وسنغافورة هو مركزية الطالب في الرؤية الأكاديمية، حيث لا تُقاس جودة الجامعة بعدد الأوراق المنشورة فقط، بل بتأثيرها المباشر في تكوين شخصية الطالب وقدرته على التفكير النقدي والابتكار، وأما في تركيا فقد شهد التعليم العالي خلال العقدين الأخيرين تحوّلاً نوعيًا عبر توجيه البحث العلمي نحو خدمة المجتمع، وتعزيز بيئة التعلم القائمة على الكفاءة لا على الكم، إن هذه النماذج تؤكد أن الرهان على الطالب لا على التصنيف هو ما يصنع النهضة الحقيقية، وأن جودة التعليم تُقاس بعمق الإنسان لا بسطح الأرقام.
ومما لا شك فيه أن الجامعة تمثل بيت الفكر ومنبت السؤال وحارس المعنى في أي مجتمع حيّ، لكنها حين تُقايض نزاهتها العلمية بمنطق التصنيفات، وتستبدل صدق المعرفة برنين الأرقام، تُصاب الأمة في جوهر ضميرها التربوي والثقافي، إن ما نسمعه اليوم من نقد مهما بدا قاسيًا يجب أن يُقرأ كجرس إنذار لا كوصمة، وكفرصة للعودة إلى سؤالنا الأول: هل نُصنّف لأننا نُنتج؟ أم نُنتج فقط لنُصنّف؟ ففي الإجابة الصادقة عن هذا السؤال، يكمن الفرق بين جامعة تُعدّ رافعة نهضة، وأخرى تكتفي بدور الواجهة، فلتكن المراجعة التي نبدأها اليوم مراجعة في القيمة قبل الكم، في النزاهة قبل الشهرة، وفي الإنسان قبل المؤشر، فهذا وحده ما يصنع المعنى، ويمنح الجامعة شرعيتها أمام التاريخ والضمير، لأن الجامعة التي تحفظ صدقها، تحفظ صدق المجتمع كله.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع إسهامات القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7 مليار ريال
  • "شبكة تجفيف العملة".. تأجيل محاكمة 9 متهمين بينهم كويتي بتهمة ضرب الاقتصاد الوطني
  • القدرة على التخطي
  • 2.7 مليار ريال حجم إسهام القطاع السياحي العُماني في الناتج المحلي
  • الجامعة في مرآة التصنيف: نزاهة ضائعة أم قيمة مضافة؟
  • الخارجية الأميركية بصدد إقالة أكثر من 1300 دبلوماسي وموظف حكومي
  • عدن.. وفرة في الأسواق وأزمة في القدرة الشرائية
  • "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية".. منصة مصرية لدعم الاقتصاد المحلي وتمكين المرأة بالساحل الشمالي |تقرير
  • مستشار حكومي: رسالة ترامب تحمل تفاؤلاً في العلاقات مع واشنطن
  • مستشار حكومي:فرض ترامب رسوم بنسبة 30% لا يبدو منطقياً في ظل غياب الصادرات العراقية