ما دلالات اختيار السنوار زعيما لحماس وأثره على المفاوضات؟
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
أثار إعلان حركة حماس في السادس من أغسطس/ آب الجاري، انتخاب قائدها في قطاع غزة يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي، خلفا للشهيد إسماعيل هنية، ردود فعل متباينة على الساحة الإقليمية والساحة الدولية أيضا، حتى قيل إن اختياره على رأس المكتب السياسي للحركة كان مفاجأة كبرى، لكن الحقيقة هي ليست كذلك، فالرجل هو زعيم الحركة في غزة وهذه الزعامة تعطيه صفة نائب غير منتخب لرئيس المكتب السياسي فيها، وهو من أسس جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس.
كما أن خبرته التي اكتسبها، خلال السنوات التي قضاها في سجون الاحتلال، ودوره الاستراتيجي في التخطيط والتنفيذ في غزوة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، جعلت منه الرجل الوحيد تقريبا في الحركة الذي يجمع بين الأمور العسكرية والسياسية، حتى بات لا أحد يستطيع أن يعقد أمرا من دونه، لا في صفقة تبادل الأسرى والرهائن، ولا في وقف إطلاق النار، ولا حتى في علاقة الحركة مع أي بلد خارجي، وبذلك بات الشخصية الأكثر حظا في هذه المرحلة لتبوء هذا الموقع القيادي.
قيادة حماس في غزة ما زالت قائمة وفاعلة ولديها القدرة على المطاولة
وكان في اختياره هذا رسالة قوية للاحتلال مفادها، أن حماس ماضية في نهج المقاومة، على الرغم من التكالب عليها، ورسالة أخرى تقول إن قيادة حماس في غزة ما زالت قائمة وفاعلة ولديها القدرة على المطاولة، بل لعل المفاجأة هي أن العدو استطاع اغتيال إسماعيل هنية وهو القائد البعيد عن ساحة المعركة، لكنه فشل في العثور على قيادة حماس الموجودة في الساحة نفسها، التي تتحرك على أرضها كل آلياته العسكرية ومجساته الاستخباراتية الفنية والبشرية، وتغطي سماءها طائراته الحربية والسمتية.
يقول وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في تعليقه على انتخاب يحيى السنوار زعيما لحركة حماس، إن السنوار كان ولا يزال صانع القرار الرئيسي في ما يتعلق بإبرام وقف لإطلاق النار في غزة.
وهذا الموقف الأمريكي الذي بدا وكأنه اعتراف بالأمر الواقع، يمكن قراءته على أن على الولايات المتحدة وإسرائيل أن يتعاملوا مع الرجل على رأس حماس من الآن فصاعدا.
كما أن فهم هذا التصريح يتأتى من أن بلينكن على وجه الخصوص على دراية تامة بهذا الموضوع، لأنه يتابع المفاوضات منذ أواخر أكتوبر، والشهيد إسماعيل هنية ويحيى السنوار كانا على اتفاق دائم وقريبين من بعضهما في هذا الملف، ولذلك لم يكن هناك أي قرار يُتخذ، من دون موافقة السنوار، بل إنه في بعض المرات كانت الفرق المفاوضة تنتظر أسبوعا أو أكثر حتى يتيسر الاتصال بالرجل، لأن القرار النهائي لا بد من أن يكون له فيه موقف.
كل الخطوات الأمريكية عن المفاوضات، ينبغي إدراجها في إطار استغفال الرأي العام في الولايات المتحدة والعالم
لكن السؤال الأهم اليوم هو، هل بإمكان الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل وتجعلها تتفاوض مع الرجل الأول المطلوب منها؟ يقينا أن كل الكلام الأمريكي وكل الخطوات الأمريكية عن المفاوضات، ينبغي إدراجها في إطار استغفال الرأي العام في الولايات المتحدة والعالم، وهي تسعى من وراء ذلك لتمكين إسرائيل لمزيد من الخطوات على أمل الوصول إلى القضاء على كل حركة حماس، أو على الأقل قياداتها ومنهم يحيى السنوار، إلى الحد أنه لم يصدر عن بلينكن أي قول يشير إلى استهداف المفاوض الأول في العملية التفاوضية الشهيد إسماعيل هنية، تلك العملية التي تزعم واشنطن بأنها تدعمها وتسعى إلى إنجاحها.
في حين سمعنا سابقا على أكثر من مستوى في الولايات المتحدة بأنه لو توفرت لديها معلومات استخباراتية عن موقع السنوار وغيره من القادة لما ترددت لحظة واحدة في إرسالها الى إسرائيل.
وهذا يعني أننا أمام إدارة للأمر الواقع وتمكين لإسرائيل، وليس هناك من تغيير في وجهة النظر الأمريكية هذه، فالهدف كان وما يزال في أحسن الأحوال هو تحقيق هدنة مؤقتة كي تتمكن الولايات المتحدة من خلالها، استرداد الرهائن الأمريكيين، وبذلك تتمكن إدارة بايدن من تحقيق نصر إضافي بعد النصر الذي حققته بتبادل السجناء مع روسيا مؤخرا.
إذن لا يمكن الافتراض بأن هذا بحد ذاته سيؤدي إلى تغيير، ولكنه يؤثر بالسردية الإسرائيلية الغالبة في أمريكا، والقائلة بأن إسرائيل تستمر بهذا الفعل الممنهج، وهذا التدمير المتواصل، للضغط على حماس من أجل إخضاعها، ويبدو أن اختيار السنوار يشير إلى خلاف ذلك، بل إنه يعطي انطباعا يقينيا بأن الحركة لن تخضع ولن تساوم على ثوابتها.
وعليه يمكن القول وبثقة تامة، إن المفاوضات ليست صادقة، وهي مجرد وسيلة لاستغفال الرأي العام الداخلي والخارجي، أملا في إتاحة الفرصة لإسرائيل لتحقيق إنجازات على الأرض، كما يتوهمون.
وتبقى الولايات المتحدة كاذبة في هذا الشأن على الرغم من إشراك الأطراف العربية فيها. فهل يُعقل أن الولايات المتحدة ليست لديها أية إمكانية للضغط على إسرائيل؟ نعم لديها إمكانية فعل ذلك، ولكن القرار هنا هو تفهّم لرغبة نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتشدد، لان المعركة هي معركة استحقاقات عديدة، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية الأمريكية. فهناك توجه مبني على اعتبارات انتخابية.
إن انتخاب يحيى السنوار على رأس المكتب السياسي لحركة حماس، كان من وحي المرحلة، وفيه تأكيد لجملة من الحقائق في مقدمتها، إمساك السنوار بزمام الأمور في قطاع غزة حربا وسلما، استعداد حماس لحرب طويلة، إن أراد الطرف الآخر ذلك، تصميم حماس على عدم السماح لأحد بانتزاع حقها في إدارة القطاع بعد الحرب، وأن وقف إطلاق النار يمر عبر مرجعية حماس وقائدها يحيى السنوار.
كما أرادت الحركة أن تبعث رسائل واضحة لا لبس فيها من خلال هذا الاختيار، وهي أن الحركة ما زالت متعافية وتستطيع أن تجتمع على رأي واحد، وتتخذ قرارتها بشكل واقعي، عكس ما يظنه البعض من أنها باتت عاجزة عن فعل ذلك بسبب الظرف الحالي.
رسالة ثانية تقول لنتنياهو بأن تصفية هنية الذي كان يوصف بأنه من الحمائم وذو أسلوب براغماتي، قد دفع بشخصية أخرى لمواجهتكم وهو من الصقور ورجل أمني وسياسي وعسكري أيضا.
أما الرسالة الثالثة فكانت تأكيد بأن السنوار ما زال حيا وعلى أرض المعركة. والرسالة الأخيرة هي للشعب الفلسطيني والعربي لرفع الروح المعنوية، والقول إن الزعيم الجديد للحركة هو أحد رمزيات طوفان الأقصى.
إن إيجاد البدائل في الزعامات السياسية والعسكرية في أيام الحرب أمر ليس سهلا، لكن الحركات ذات المكانة الوطنية تستطيع عبور الأزمات بتكاليف أقل حتى في حالة خسارة أحد زعاماتها. ويبدو أن الميدان هو الذي كسب مع اختيار يحيى السنوار زعيما للمكتب السياسي في حركة حماس.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس غزة السنوار إسماعيل هنية المقاومة حماس غزة المقاومة إسماعيل هنية السنوار مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات أفكار سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة یحیى السنوار إسماعیل هنیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس تكشف تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
كشف القيادي في حركة حماس طاهر النونو، اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025، تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة .
وقال النونو، إن الحركة تبدي مرونة عالية في المفاوضات الجارية حاليا بالدوحة وتتجاوب مع الوسطاء، مضيفا أن حماس وافقت على إطلاق سراح 10 أسرى من الإسرائيليين الموجودين في غزة لضمان تدفق الإغاثة ووقف العدوان.
وأشار النونو في تصريحات للجزيرة، إلى أن الجولة الحالية من المفاوضات تشهد تحديات كبيرة، وأن موقف الحركة ثابت فيما يتعلق بالمتطلبات الأساسية لأي اتفاق مع الاحتلال، وعلى رأسها الانسحاب الكامل من قطاع غزة ووقف العدوان بشكل شامل.
كما شدد على أهمية الضمانات الدولية، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأميركية تملك مفاتيح الضغط الحقيقية على إسرائيل لإنهاء الحرب إذا توفرت لديها الإرادة السياسية.
وتتواصل في العاصمة القطرية الدوحة حاليا جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين وفد يمثل حركة حماس ووفد إسرائيلي بهدف مناقشة تفاصيل اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المفاوضات الحالية
وفي ما يتعلق بالجديد الذي دفع الحركة إلى الموافقة على المقترح الأخير لوقف إطلاق النار، أكد القيادي في حماس أن الأساس الذي تنطلق منه الحركة في كل عملية تفاوضية يكون مرتبطا بمصالح الشعب الفلسطيني وأهدافه العليا، مبينا أن هذا هو المحرك والدافع في جميع التفاصيل التي يتفاوضون عليها.
وأضاف النونو أنه وفق هذه الأسس وافقت الحركة على المقترح الأخير، و"قدّمت فيه المرونة اللازمة من أجل حماية شعبنا ووقف جريمة الإبادة الجماعية وإدخال المساعدات وتدفقها بحرية وكرامة إلى شعبنا حتى الوصول إلى إنهاء الحرب بشكل كامل".
كما بيّن القيادي في حماس أن تعاملهم بمرونة مع مقترحات الوسطاء هو الذي أدى إلى الوصول لهذه الجولة من المفاوضات، ومن ذلك أن "حماس وافقت على إطلاق 10 أسرى من الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة من أجل ضمان تدفق المساعدات ووقف العدوان على شعبنا في غزة".
أما عن التقدم الحالي في هذه المفاوضات فقد بيّن النونو أن الحركة تخوض جولة مفاوضات ليست سهلة، ويجري الحديث بشأن قضيتين أساسيتين:
أولا: دخول المساعدات وتدفقها بحرية وكرامة دون تدخل من الاحتلال الإسرائيلي، أو فرض آليات تحط من كرامة الشعب الفلسطيني وتسهم في فرض التهجير وإعادة التوزيع السكاني والديمغرافي.
ثانيا: خطوط الانسحاب الإسرائيلي في المرحلة الأولى على نحو ﻻ يؤثر على حياة المواطنين ومستقبلهم، ويمهد للمرحلة الثانية من المفاوضات، فضلا عن ضرورة توفر الضمانات اللازمة للدخول في هذه المرحلة.
مسألة الضمانات
وعند حديثه عن الضمانات اللازمة التي يجب توافرها من أجل إنجاح هذه المفاوضات وما سيتبعها من مراحل تفاوضية، قال النونو إن حماس تقدّر جهود الوسطاء الرامية إلى جسر الفجوة وضمان التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن "الجهة الوحيدة القادرة على فرض وقف الحرب على الاحتلال هي الولايات المتحدة الأميركية".
وأمام هذه النقطة تحديدا، أكد القيادي في حماس أن واشنطن تقدم لإسرائيل الغطاء السياسي والإعلامي والدعم اللازم لمواصلة الحرب على غزة، ومع ذلك فإن امتلاكها الإرادة السياسية يشكل ضمانة كافية لإجبار إسرائيل على الالتزام بأي اتفاق يتم التوصل إليه.
وشدد على أن الولايات المتحدة "هي نفسها التي يمكنها أن تجبر إسرائيل على وقف هذه الحرب وهذا العدوان، لذلك لو توفرت الإرادة السياسية والضمان الحقيقي من الولايات المتحدة نحن على قناعة بأننا سنصل إلى نهاية هذه الحرب".
شرطان أساسيان
وعند سؤاله عن الشروط التي تضعها حماس من أجل الموافقة على أي اتفاق، أوضح النونو أن وقف الحرب الشامل والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع يمثلان جزءا من متطلبات أي اتفاق شامل مع الاحتلال.
وبيّن أن حماس أكدت هذا المطلب منذ البداية، و"نحن نتحدث عن اتفاق مدته 60 يوما تتخللها مفاوضات حول الوقف التام والانسحاب الشامل من القطاع".
وختم القيادي في حماس تصريحاته بأن المرحلة الأولى من الاتفاق تتضمن انسحاب قوات الاحتلال إلى المواقع التي كانت فيها في الثاني من مارس/آذار الماضي، وهو ما يمهد لاستكمال المفاوضات والشروع في المرحلة الثانية والشاملة.
وسبق أن توصلت حماس والاحتلال إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة في يناير/كانون الثاني 2025، على أن يتم تنفيذه على مراحل عدة، وبلغت مدة المرحلة الأولى منه 42 يوما، لكن إسرائيل أفشلت هذا الاتفاق واستأنفت هجماتها على القطاع في مارس/آذار الماضي.
وراح ضحية العدوان المستمر على قطاع غزة نحو 58 ألف شهيد، وتسبب في نحو 137 ألف إصابة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت ركام منازلهم حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة، فضلا عن تعرّض 2.2 مليون فلسطيني للمجاعة حسب تقارير الأمم المتحدة.
المصدر : وكالة سوا - الجزيرة نت اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين توقعات بهذا الموعد - المالية: ننتظر تحويل عائدات الضرائب لصرف دفعة من الرواتب تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة صحة غزة تعلن أحدث حصيلة لعدد شهداء وإصابات العدوان الأكثر قراءة القناة 12 : قد نكون قريبين من صفقة تبادل الأسبوع المقبل الصحة العالمية تحذر من توقف النظام الصحي في غزة إسرائيل اعتقلت 55 صحفيا منذ بداية حرب غزة شاهد: 15 شهيدا في غارتين منفصلتين على مخيم النصيرات - أسماء عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025