الجزيرة:
2025-07-12@05:22:48 GMT

قصص فلسطينيين اغتالتهم إسرائيل في متنفسات غزة

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

قصص فلسطينيين اغتالتهم إسرائيل في متنفسات غزة

غزة- في مدينة الحرب وعلى شاطئها المحاصر، حبٌّ بلا قيود، حكاية كان بطلاها نسيم وخطيبته علا الناجيان من الإبادة حتى تلك اللحظة، واللذان هربا من دائرة النار إلى مقعدين بسيطين متلاصقين في مقهى شعبي على شاطئ بحر غزة، بحثا عن هواء لا تعبقه رائحة البارود، وعن صوت للحياة يعلو على هدير المدافع، يطلقان بصرهما بعيدا حيث الأفق، ويحلمان بالسفر بعد الحرب إلى بلاد بعيدة تتجاوز الحدود والحصار.

وبينما يهمس نسيم لعلا وهو يشدّ على كفها "لا حرب هنا.. لا شيء سوى الحب"، تبوح هي بخوفها من فقدٍ جديد لا يحتمله قلبها، بعدما خطف الموتُ شقيقتها وأمها التي لم يتحقق حلمها بأن تراها عروسا، لكن الحرب أصرّت أن تُعزز شعور علا وخوفها، حيث قطعت الغارة حوارها عن هواجس الموت الذي انقضّ على آخر ما تعلّق به قلبها، وتقول "وقع الانفجار ولم يكن نسيم يبعدُ عني سوى خطوة واحدة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 225 منظمة حقوقية تدعو غينيا لكشف مصير ناشطَين اختطفا قبل عامlist 2 of 2العفو الدولية تندّد بالترهيب والتضييق على الحريات في غينياend of list

وتتابع روايتها للجزيرة نت "نظرتُ إلى رأسه أولا وتأكدت أنه سليم فاطمأننت، فأنا أعلم أن إصابات الرأس قاتلة، ظننت أنه بخير وطلبت من المسعف أخذه أولا، وما إن رفعوه حتى تدفّق الدم من ظهره المفتّت، قلت له: نسيم، ابق بخير أمانة يا حبيبي".

تلاحقهم المجازر

لم تكن علا تعلم أن هذا آخر عهدها بشريك عمرها، وأن نظراتها إليه ستكون الأخيرة، والتفتت إلى قدمها النازفة وأوتارها المقطعة، ليحملها المسعفون إلى المشفى، وهناك، لم تتوقف عن السؤال عن خطيبها نسيم الذي كان قد استشهد، لكنّ عائلتها أخفت عنها الخبر، الذي قرأته بعيون من كانوا يلتفون حولها بدموعهم ونظراتهم المشفقة، وتختم حديثها متسائلة: ماذا بيني وبين الموت حتى ينقضّ على كل كيان أجد معه سعادتي؟".

وبينما نسف الصاروخ الإسرائيلي قصة حب بين علا وخطيبها، لم يكن في حسبان الشابة منى جودة أن ترتقي على شاطئ البحر الذي أحبته وهرعت إليه من أذى الحرب وضجيجها، فلم يمر يومان على حديث منى (21 عاما) مع والدتها عن الشعور الذي وجدته أمام البحر بعد أن افتقدته منذ بداية الحرب، حين أخبرتها قائلة "وجدتُ راحة غريبة على البحر، سأتردد دوما إليه لأخفف من ضغط العمل".

منى جودة استشهدت أثناء وجودها مع صديقتها في كافتيريا الباقة التي قصفها الاحتلال (الجزيرة)

وعلى غير العادة تأخرت منى التي انخرطت منذ مطلع الحرب بالعمل الإنساني ومساعدة الأيتام، وكانت قد طلبت من والدتها انتظارها لتناول طعام الغداء معا، وخلال ذلك مرّ على مسامع الأم خبر استهداف كافتيريا الباقة، فقادها انقباض قلبها للخروج من المنزل بحثا عنها.

إعلان

تقول هالة -شقيقة منى- للجزيرة نت "أصرت أمي على الذهاب إلى مشفى الشفاء لتفقد المصابين، علّ منى تكون بينهم، فلم تجدها، ثم دخلت ثلاجات الموتى واصطدمت بجثمان رغد صديقة منى المقربة التي كانت برفقتها، وراحت تنادي "وينك يا ماما"، وبعد ساعتين من البحث المضني بين الإصابات والجثامين، تلقت اتصالا يفيد بأن منى مُسجّاة على أرض المشفى المعمداني، وأنها شهيدة".

"كأنها كانت تودعنا"، تضيف هالة والدموع تخنقها، وتتابع عن اللحظات التي سبقت استشهادها، حيث "أصرت منى على ارتداء ملابس بيضاء، وعانقت الجميع بلا سبب، حتى في العمل كانت كعصفورة تطير بين رفيقاتها كأنها تتجهز لحفل كبير".

ورفضت منى -تواصل هالة- السفر رغم إتاحة الفرصة لذلك، وأصرَّت على البقاء مع والديها بغزة، وباختيارها رفضت تركهم لوحدهم، لكن الحرب أبعدتها عنهم قسرا للأبد.

مجزرتا الباقة والتايلندي سبقتهما مجازر أخرى استهدفت بشكل مباشر مقاهي شعبية راح ضحيتها العشرات (الجزيرة) للعمل والترويح

وبينما هرعت منى إلى البحر بحثا عما يخفف عنها إرهاق العمل، فإن عددا كبيرا من العاملين عن بُعد والصحفيين المستقلين يجدون فيه مساحة بديلة للعمل، خاصة بعدما جفّت منافذهم مع انقطاع والاتصال والإنترنت والكهرباء والنزوح المتكرر، إذ وفَّرت هذه ما يحفزهم على اللجوء إليها من إنترنت، وكهرباء للشحن، وفنجان قهوة يعيد إليهم -رغم ثمنه المرتفع- ذاكرة ما قبل الحرب.

وفي كافتيريا الباقة، حيث ارتكب الاحتلال مجزرة قبل أيام، جلس الصحفي وديع أبو سعود، مراسل قناة اليمن الفضائية في شمال غزة، لا ليهرب من مهمته، بل ليؤدّيها، ويقول للجزيرة نت إنهم يرتادون هذه الأماكن للحصول على الإنترنت لنقل موادهم الصحفية عبر الشرائح الإلكترونية التي يتطلب تشغيلها وجودهم غربا نحو الميناء، أو صعودهم لأماكن مرتفعة، ويضيف "لكن كل علوّ صار يقابله صاروخ، فبتنا نلجأ للمقاهي للعمل".

ولم تشكل هذه المقاهي للصحفيين نقطة اتصال فقط، بل مهربا مؤقتا من التغطية الدامية لمشاهد الدم والمجازر اليومية.

وأصيب أبو سعود بتلك المجزرة، ويقول "وجدت الأرض مفروشة بأشلاء الشهداء، بينهم أطفال ونساء، وزملاء وأصدقاء أعرفهم بالاسم والملامح"، ويختم "من بين مجازر كثيرة شهدتها خلال الحرب، كانت هذه مختلفة، لأنني كنت هناك لا لأغطي، بل لأتنفس، ولكن هذا يبدو محرّما علينا أيضا".

ولم تكن مجزرة "كافتيريا الباقة" استهدافا عابرا، بل جريمة محو جماعي قُتل فيها 33 إنسانا، لكل منهم قصة، ووجهة، وغاية، لم يكن أي منهم يتوقع أن مقعدا على الشاطئ سيكون موضع قدره ونهايته.

نسق متكرر من الاستهداف المتعمد لأي بقعة يتنفس عبرها الغزيون هواء غير الدخان والبارود، ويسمعون فيها شيئا مختلفا عن صوت الحرب، وينتزعون راحة مؤقتة من جحيمها.

كما لم تكن تلك المجزرة الأولى من نوعها، فقد سبقتها عدة استهدافات مشابهة لمقاهٍ واستراحات شعبية في شمال القطاع وجنوبه.

مع سبق الإصرار

وفي حين نجا وديع من موت محقق في كافتيريا الباقة، لم ينج الصحفي يحيى صبيح من استهداف مقهى التايلندي الذي راح ضحيته 39 شهيدا، وكان واحدا منهم، حيث تنقل بين المقاهي بحثا عن زاوية يؤدي فيها مهامه الصحفية كمتعاون مع منصات ومواقع إخبارية.

إعلان

وقابلت الجزيرة نت أمل زوجة الشهيد يحيى، التي كانت تبوح له بخوفها عليه في كل مرة يخرج بها من المنزل، خاصة مع تعمد الاحتلال استهداف الصحفيين، وقد كانت محاولاتها لمنعه تبوء بالفشل، فيجيبها "دعيني أمت مع الناس، حاملا وجعهم، هذا أهون من أن أموت وحدي صامتا".

وتقول أمل "كنتُ أستعطفه بحملي جنينا، فيقول لي إذا بقيت حيا فسأكون سندهم، وإذا استشهدت فسيكونون سندك".

وضعت أمل طفلتها، وبعد 5 ساعات فقط اصطحب يحيى رفاقه لزاويته في المقهى ذاته، ليقدم لهم حلوى بمناسبة سلامة زوجته، ليرتقي معهم جميعا، وليتحول يوم ميلاد الطفلة ليوم عزاء لوالدها الذي لن تسمع صوته.

الاحتلال يتعمد استهداف الأماكن العامة بغزة بحجة وجود مطلوبين وهو ما ينفيه الأهالي (الجزيرة)

أيام قليلة فصلت بين مجزرتي الباقة والتايلندي، سبقتها مجازر أخرى استهدفت بشكل مباشر مقاهي شعبية راح ضحيتها العشرات، بعدما كانت هذه الأماكن بمثابة نوافذ ضوء لأهالي مدينة تخنقها الحرب، لكن الاحتلال لم يتركها خارج بنك أهدافه، زاعما وجود "مطلوبين" داخلها، الأمر الذي ينفيه الناجون من هذه المجازر ويؤكدون أن عائلات من سيدات وأطفال ومدنيين هم من يرتادونها.

كما يستهجن الغزيون ذلك متسائلين "إن كانت مزاعم الاحتلال صحيحة فلماذا يصر على استهدافهم بين الجموع؟" ويجيبون أنفسهم بأن إسرائيل تصر على وأد كل محاولة بسيطة يسعون عبرها لإيجاد متنفس من الموت، والخوف، والوجع، فتقتلهم فيها عن سبق إصرار وترصد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حريات

إقرأ أيضاً:

تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة

واصلت القوات الإسرائيلية، هذا الأسبوع، تدمير المنازل والمباني في مخيمي طولكرم ونور شمس، فيما تتحرك الجرافات الإسرائيلية بين أنقاض مبان وطرقا تتناثر الأنقاض والكتل الأسمنتية على جانبيها، وأخذ السكان يكدسون أمتعتهم من مقاعد وأغطية وأدوات طهي فوق الشاحنات، وفق ما ذكر تقرير لوكالة رويترز اليوم، الأربعاء.

وقال محافظ طولكرم، عبد الله كميل، إن أعمال الهدم زادت في الأسابيع الماضية، وجرى تدمير 106 منازل و104 مبان أخرى في مخيمي طولكرم ونور شمس القريبين. وشدد على أن "ما يجري في طولكرم جريمة مستمرة بقرار سياسي إسرائيلي، الموضوع لا علاقة له بالأمن".

وأضاف كميل أن "العملية مستمرة، تدمير البنية التحتية مستمر، لم يبقوا شيئا في المخيم، أصبح عبارة عن مخيم أشباح لا يوجد فيه إلا القناصة في عدة أماكن في المخيمات".

وبدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية المحتلة، في كانون الثاني/يناير، وهي واحدة من أكبر العمليات التي تنفذها إسرائيل منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عاما. وتشارك فيها عدة فرق من الجيش مدعومة بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر، وكذلك دبابات قتالية ثقيلة للمرة الأولى منذ عقود.

وأفادت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية تجبر عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية على ترك منازله، وأن حوالي 40 ألفا من سكان مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين نزحوا بسبب العمليات العسكرية هذا العام.

وتزعم إسرائيل ان عملياتها العسكرية تهدف إلى مواجهة نشاط مسلحين فلسطينيين، بما في ذلك في مدينتي طولكرم وجنين. واعتبر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان، أمس، أن "هذا يتطلب هدم مبان للسماح للقوات بالعمل بحرية والتحرك دون عوائق داخل المنطقة".

وأثارت عمليات الهدم الإسرائيلية انتقادات دولية واسعة النطاق وتزامنت مع تزايد المخاوف بين الفلسطينيين من جهود منظمة من جانب إسرائيل لضم الضفة الغربية رسميا.

وفي موازاة محاولات التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة وتبادل أسرى في مفاوضات بين إسرائيل و حماس في الدوحة، عبّر مسؤولون دوليون وجماعات حقوقية عن قلقهم أيضا من الأوضاع المضطربة في الضفة الغربية بسبب العدوان الإسرائيلي.

وقال شاي بارنيس مدير التواصل في "بتسيلم"، شاي بارنيس، إن "إسرائيل بدأت في شمال الضفة الغربية تكرار الأساليب والعقائد القتالية التي اتبعتها في هجومها الحالي على غزة. وهذا يشمل زيادة تدمير المنازل والبنية التحتية المدنية عن عمد وعلى نطاق واسع، والتهجير القسري للمدنيين من الأماكن التي حدد الجيش أنها مناطق قتال".

وذكر المحافظ، عبد الله كميل، أن النزوح يشكل ضغطا على مجتمع يعاني اقتصاديا بالفعل. ولجأ الآلاف إلى مساجد ومدارس ومنازل يكتظون فيها مع ذويهم.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين صحة غزة تعلن أحدث حصيلة لعدد شهداء وإصابات العدوان الخارجية تحذر المجتمع الدولي من مخاطر التعايش مع جرائم هدم المنازل نتنياهو يغادر البيت الأبيض – كواليس ما يجري في الدوحة وواشنطن بشأن غزة الأكثر قراءة ارتفاع عدد الصحفيين الفلسطينيين المعتقلين إداريا إلى 22 الكنيست يرفض مشروع قانون لحظر العلاقات التجارية مع قطاع غزة إسرائيل تُلغي تصنيف "منطقة عسكرية مغلقة" عن مستوطنات غلاف غزة بلدية جباليا النزلة تطالب بوقف الحرب لإنهاء الكارثة واستئناف أعمالها المهمة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • أوجلان والكلمة التي أنهت حربا
  • إيكاد: سفينة "إترينتي سي" التي استهدفها الحوثيون كانت متجهة لميناء جدة السعودي وليست إلى إسرائيل
  • المرأة التي زلزلت إسرائيل وأميركا
  • مجزرة جديدة بحق المجوعين.. “إسرائيل” تقتل 10 فلسطينيين من منتظري المساعدات
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • اليوم حرب وغدا خوف.. ما الذي يعنيه أن تقصف تل أبيب؟
  • شاهد | استهداف وإغراق السفينة (ETERNITY C) التي كانت متجهة إلى ميناء أم الرشراش في فلسطين المحتلة
  • أحمد جبريل الـذي أرعـــب إســـرائيل
  • تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة