اظن ان الجميع يتفقون معى بان خطاب حميدتى الأخير كان فى منتهى العقلانيه ويتفوق على خطابات البرهان الحماسيه والهمجيه والمندفعه والتى تشير بوضوح إلى ان صاحبها غير عقلانى وانفعالى ومندفع ولا يحسب حساب دقيق لما يتفوه به وكانه فى معسكر للجيش فقط وليس رئيس دوله تحسب كلماته بميزان دقيق ويستمع لخطبه العالم ويتم تحليلها بواسطة خبراء وهو يكرر تجربة البشير الهوجاء التى قادته للتهلكه .
و خطابات البرهان ركيكة الصياغه وعسكريه المضمون ممكن ان تلقى فى معسكر من معسكرات الجيش و هى انفعاليه ودائما لا تضيف شيئاً ذو قيمه وانما تحسب ضد صاحبها ولا اظن انها تناقش قبل الالقاء وتصحح واعتقد ان حميدتى قد تفوق على البرهان فى ميدان الاعلام وخاصه بهذا الخطاب العقلاني الأخير والدعوه للسلام اما البرهان ففى كل خطاباته يصر على مواصلة الحرب فيفقد مواطنيه ويفقد العالم كله لان شعبك والعالم اجمع مع السلام ولو كان عندك شيئاً من علم السياسه او مستشارين سياسيين لعرفت ان العالم مع من يدعو للسلام وحتى ولو كان يخوض الحرب والحكايه ليست رجاله يابرهان كما تتصور واليس لديك مستشارين سياسيين ؟!!
ولحميدتى ياليتك اعلنت فى هذا الخطاب الاخير قراراً بوقف اطلاق النار فوراً حتى ولو من جانب واحد ومناشده علنيه لقواتك بالخروج من منازل وأملاك المواطنين والاحياء السكنيه ومن المدن والقرى وتوجيه بعدم احتلال اى من املاك المواطنين او الاماكن العامه وهى ملك الشعب وليس ملك البرهان ويمكن لجنودك ان يرابطوا فى معسكرات الجيش التى احتلوها وان تناشدهم مناشده علنيه بعدم الاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وان يخرجوا فوراً من منازل المواطنين التى احتلوها ومن المرافق العامه وان لا يجبروا المواطنين على إطعامهم كما يحدث فى مدينة ود مدنى وفى مدن اخرى وان يعيدوا كل ما اخذوه من المواطنين اليهم وهكذا ستكسب الشعب السودانى وتكسب العالم اما البرهان فهو يسير على خطى الاخوان المسلمين ( الكيزان ) الذين فقدوا من يناصرهم وعاشوا فى عزله طوال حكمهم داخلياً وخارجياً واتمنى ان تتعظ من تجربتهم الفاشله وتجربة نميرى وقناعتهم ان المساله رجاله يابرهان وبالرجاله ممكن ان يخضع لهم السودانيين والعالم وانا اراك تسير فى نفس طريقهم يابرهان !!
محمد الحسن محمد عثمان
omdurman13@msn.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
النباح الأخير: الأسطورة أفقا.. التاريخ بطلا
الكثيرون من أدباء العالم كتبوا التاريخ قصائد، وأبدعوا في ذلك أيما إبداع، من أبرز هؤلاء العظيم اليوناني الاسكندراني، (كفافيس) وهناك من وظّف الأسطورة في بناء أدب رفيع خالد لا يذهب بسهولة من أذهان الناس، مثل محمود درويش وأدونيس وبدر شاكر السياب. لكن الكثيرين فشلوا في ذلك مثل باولو كويلو الذي فشل في روايته (بريدا) لأن وعظ الرواية كان مباشرا والأسطورة الموظفة كانت مجرد خلفية دون حيوية أو توتر درامي.
أمامي (النباح الأخير) وهو كتاب قصصي جديد يكثف فيه المبدع القصصي الأردني المتميز مفلح العدوان تجربته في توظيف الأسطورة والتاريخ في قصص قصيرة لا تغادرنا بسهولة. الكتاب صدر حديثا عن دار نشر (ناشرون وموزعون) بمائة وخمسين صفحة من القطع المتوسط، وبغلاف جميل للفنان بسام حمدان، قبل التوغل في هذا العالم القصصي الأصيل سأحكي قليلا عن مفلح، ليس عن سيرة حياته، (والتي تهمنا بالطبع) بل عن سيرة مشواره الجمالي القصصي، تعرّفت على مفلح كقاص على مواقع التواصل الاجتماعي، لفتني في لغته السردية تلك المسحة الشعرية التي ترافق أنفاس السرد عنده، المسحة الشعرية غير الطماعة، تلك التي تكتفي بمرور أو بمرافقة خفيفة لا تتدخل في الحبكة ولا تحاول الاستيلاء على الحدث، لاحقا لاحظت أن مفلح يذهب إلى استخدام التاريخ كفضاء سردي متوتر وعميق، واستطعت أن أقرأ تجربته بعناوين أو محاور أو ثيمات متنوعة: البساطة والعمق، الرمزية والتكثيف، الهوس الرومانسي بالمكان، وشعرية الصورة السردية، أما المحور الأبرز في قصصه أو الثيمة الكبرى فهو حضور الذاكرة بكامل ألقها وانفجاراتها والتباساتها.
في كتابه الأول (الدوار الأول بعد المئة) الصادر عام 1997 تبرز ملامح المشروع القصصي الأساسية، في تجربة مفلح، يستعير الكاتب من دوارات عمان معنى التيه وعبثية العودة إلى المكان بعد إيهام بسفر أو تحليق، المشهد العماني حاضر بقوة في هذه المجموعة الجميلة، المندفعة نحو أسئلة تتجاوز المحلي إلى آفاق وجودية وإنسانية بالغة الرحابة، المكان في هذه القصص لا يشكل فضاء سطحيا أو خلفية تقليدية كما يتوقع، عند كثير من القصاصين، هو بطل من أبطال قصصه، بل هو البطل الأساس، وهو النبع الأصيل الذي تنفجر منه الأحداث، وهنا نستطيع أن نشهد أو أن نرى أن (بطولة المكان) هي الثيمة المركزية في أدب مفلح العدوان، ولكنها ليست أي بطولة عادية أو مبتذلة أو مطروقة، فهذه البطولة المكانية تتردد كثيرا في كثير من قصص وروايات الآخرين، وهي تبدو مثل المدخل السهل الذي يلجأ إليه الكاتب المستعجل، الذي يريد أن يبهر، لكن البطولة هنا في تجارب مفلح عبر مجموعاته تذهب إلى أبعاد جديدة، وآفاق عالية، فهي ذائبة بالأسطورة ومجدولة بالاستعارات الدينية، ومتكئة على تاريخ المكان الحقيقي، هذا يتوضح تماما في تجربته الأخيرة التي بين أيدينا (النباح الأخير،) حيث يواصل مفلح حراثة الأمكنة وتقليبها بحثا عن جوهر المعنى المبتعد أو غير الواضح.
تبدو عمان تاريخا وأسطورة مكانا رحبا لاستخدامها أفقا للكتابة السردية، ولا أعرف قاصا أو أديبا أردنيا غير مفلح تعمق في هذا الاتجاه من الكتابة، ووصل به إلى هذه الذرى المشتعلة، ويبدو أن اشتغاله في مشروع (ذاكرة المكان - حكاية قرية، والذي بدأه عام 2004 (عبر ملحق في جريدة الرأي ثم توسّع لاحقا) ليُوثّق تاريخ القرى الأردنية وذاكرة سكّانها شفاهيا وكتابيا. حيث جاب أكثر من 200 قرية يجمع حكايات الناس عن النشأة، الأسماء، العادات، العمارة والوقائع اليومية، ثم نشر هذه المادة في مقالات مطوّلة وأصدر منها كتبا ومعارض صور ومحاضرات لاحقا) قد شكل لديه دافعا قويا لتحويل شغفه التاريخي الوطني بالمكان الأردني إلى أدب، وهذا ما حصل، فقد وظف مفلح المعلومات التي جمعها عن القرى الأردنية توظيفا جماليا مدهشا، وكان ذلك.
في قصة النباح الأخير، وهي التي تتصدر قصص المجموعة حيث يستدعي مفلح أسطورة أصحاب الكهف، وهذا الكهف كما يوضح في الحاشية: (يقع في قرية الرجيب، شرق العاصمة عمان، وكانت تسمى قديما الرقيم، وأصحاب الكهف في الرواية الإسلامية هم الفتية المؤمنون الذين فروا من قومهم بدينهم، وتخفوا في الكهف فأنامهم الله ثلاثمائة وتسع سنين، ولما استيقظوا ما لبثوا أن ماتوا. أما في الرواية المسيحية فهم النيام السبعة، أو القديسون أهل مغارة فلس).
أجمل في هذه القصة، هو استعادة الكاتب لقصة أصحاب الكهف، الشهيرة بهدف إسقاطها على استعارة قصة حاكم فيلادلفيا الروماني وفيلادلفيا هي عمان الآن، وقد تولى هذا الحاكم واسمه دقيانوس الحكم بين عامي 249 م حتى 251م. وقد كان ظالما يأمر بقتل واضطهاد كل من لا يأتمر بأمره ويعبد آلهته.
وتتوالى قصص المجموعة أدبا محولا بجمال فائق من تاريخ جاف: برج الناقة، لفائف القلعة، أيقونات مبتورة الرأس، مسيح عفرا، بانتظار المخلص، نبوءات راهب الزرقاء، شهادة وفاة، العثماني، عربات لعساكر مصر، عرس ابن الخوري، المجوس يخرقون البازلت، سبيل الحوريات والموؤدة الغريقة.
في حواشي القصص يفصل مفلح قصص الأشياء والأحداث والمكان، فنقرأ عن الإسينيون وهي طائفة عاشت في الفترة المكابية، وعن أصل مدينة الزرقاء حيث كان يطلق عليها أسماء كثيرة كيبوق وقد ورد ذكرها في وثائق تل العمارنة، وعن جبرا (جبرائيل) ملك من الملائكة الذي ورد ذكرهم بالقرآن. وعن الحارث بن أبي شمرا ملك الغساسنة في بلاد الشام وعن كهوف قمران التي اكتشفت فيها مخطوطات البحر الميت وغيرها من الحواشي.