14 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: مدينة كربلاء، المعروفة بأنها مركز ديني وثقافي يضم ضريح الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، تعيش وضعًا استثنائيًا مقارنة ببقية المحافظات العراقية.

وتاريخيًا، كانت هذه المدينة تتمتع بالاستقرار والأمان، إلا أن التغيرات الديموغرافية والاجتماعية التي شهدتها منذ نهاية الثمانينات وحتى اليوم، حولتها إلى مركز للصراعات السكنية والتجاوزات على الأراضي.

و بدأت موجات الهجرة إلى كربلاء في التسعينات، خاصة مع تفاقم الحصار الاقتصادي.

والوافدون من المحافظات الجنوبية، الذين عانوا من الفقر والبطالة، اتخذوا من ضواحي كربلاء مأوى لهم، مما أدى إلى زيادة سكانية غير مسبوقة وضغط على البنية التحتية والخدمات العامة.

وأضافت أحداث العام 2003، التي تمثلت بسقوط النظام السابق واحتلال العراق، بعدًا جديدًا للأزمة. وأدى ضعف سلطة الدولة وغياب الرقابة الى موجات جديدة من الهجرة، حيث استغل العديد من السكان الفوضى للاستحواذ على أراضٍ تابعة للدولة بحجة السكن.

وهذه الممارسات أدت إلى ظهور أحياء عشوائية شوهت الطابع الحضري والاجتماعي للمدينة.

ومع سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على ثلث مساحة العراق في 2014، شهدت كربلاء نزوحًا هائلًا من سكان المحافظات المحتلة.

هؤلاء النازحون استقروا في الحسينيات والجوامع والبساتين، مما زاد من تعقيد الوضع الديموغرافي والاقتصادي.

ورغم تحرير مناطقهم، لم يعد منهم إلا القليل إلى ديارهم الأصلية، تاركين وراءهم تأثيرًا مستدامًا على المدينة.

التفتيت الزراعي والتهجير القسري

الأزمة تفاقمت مع ظهور عصابات متخصصة في تفتيت الأراضي الزراعية. هذه العصابات لجأت إلى وسائل قسرية، منها التهديد بالسلاح أو الإغراء المالي، لتهجير الفلاحين من أراضيهم. وقد بلغ سعر الدونم الزراعي إلى أرقام خيالية، تصل إلى مليار دينار عراقي، دون أن يتم التحقيق في مصادر هذه الأموال أو ملاحقة المتورطين.

تواطؤ المسؤولين أم غياب الرقابة؟

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يلاحظ غيابًا شبه تام لأي إجراءات فعلية من قبل السلطات المحلية في كربلاء. و المحافظ ومجلس المحافظة اكتفوا بإصدار بيانات دون اتخاذ خطوات حقيقية على الأرض. وحتى أعضاء مجلس النواب، الذين من المفترض أن يكونوا صوت الشعب، ظلوا متفرجين إلى حد كبير، باستثناء بعض الحالات الفردية والتجمعات العشائرية التي استنكرت الأوضاع دون أن تؤثر فعليًا.

تحليل ودعوة للإصلاح

الوضع في كربلاء يعكس فشلًا ذريعًا في إدارة ملف الأراضي والسكن، كما أن توسعة الشوارع في المناطق الزراعية وتسهيل شراء الأراضي دون رقابة فعالة يثير تساؤلات حول دور المسؤولين في هذه الأزمة. هل هناك تواطؤ ضمني، أم أن الفساد هو السبب الرئيسي وراء عدم اتخاذ إجراءات حاسمة؟

ويقول مواطنون أن من الضروري أن تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لإعادة تنظيم الأمور في كربلاء كما  يجب السماح بشراء الأراضي أو الوحدات السكنية فقط من خلال قنوات قانونية معترف بها، ومنع أي تجاوزات أو عمليات تفتيت تؤدي إلى تدمير القطاع الزراعي وتشويه النسيج الاجتماعي للمدينة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

خبير إسرائيلي يحذر: الدين يتراكم والحكومة بلا كوابح مالية

وجّه الكاتب الإسرائيلي المتخصص بالاقتصاد أدرين فيلوت في تحليل اقتصادي حديث نشر في صحيفة كالكاليست الاقتصادية المتخصصة نقدا لاذعا للسياسات المالية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، مؤكدا أن إسرائيل لم تعد تواجه حالات طوارئ استثنائية، بل باتت تعيش في نمط دائم من الطوارئ الاقتصادية تديره حكومات تفتقر إلى الانضباط المالي وتمعن في توسيع العجز دون رؤية إستراتيجية أو وعي بالعواقب.

ويشير الكاتب إلى أن العقلية السائدة في الإدارة الاقتصادية للدولة تقوم على استخدام كل أزمة -سواء حرب، جائحة، أو كارثة- ذريعة لزيادة النفقات وتوسيع الدين العام وفتح أبواب العجز بلا حدود.

لكن هذه "العقيدة المالية" -كما سماها الكاتب- لم تعد فقط مكلفة، بل باتت تهدد الأساس الاستقرار الاقتصادي للبلاد.

وبحسب التحليل، تتبع الحكومة الإسرائيلية نمطا من الإنفاق لا يتماشى مع إمكانيات الدولة، وتصر على استخدام القروض لتغطية النفقات الجارية بدلا من ربط هذه النفقات بالإيرادات الفعلية.

وزير المالية ورئيس الحكومة يفتقران إلى أي سياسة واضحة بحسب الكاتب (أسوشيتد برس)

وهذا ما دفع يهلي روتنبرغ المحاسب العام في وزارة المالية إلى التحذير بداية الأسبوع من خطورة هذا المسار، مؤكدا ضرورة ألا يتجاوز العجز في موازنة 2025 نسبة 4%.

لكنه -كما تقول كالكاليست- قال الشيء ذاته العام الماضي، ولم تلقَ تصريحاته أي اهتمام، مما يجعل تحذيراته هذا العام -كما في السابق- بلا أثر يذكر.

ويرى فيلوت أن مجرد المطالبة بسقف عجز لا يكفي، بل يجب فرض قواعد مالية جديدة ملزمة تبدأ بما يُعرف بـ"العجز الأولي الصفري"، أي أن الحكومة لا يجوز لها أن تنفق أكثر مما تجبيه من إيرادات، باستثناء الفوائد على الديون القائمة.

وبهذا تُجبر الحكومة على مواجهة قراراتها، فإن أرادت توسيع الإنفاق فإن عليها أن ترفع الضرائب أو تخفض الإنفاق في مجالات أخرى.

إعلان الدين يتضخم والفوائد تأكل الموازنة

ورغم التحذيرات المتكررة من كبار المسؤولين الماليين فإن الحكومة الإسرائيلية لا تزال ماضية في توسيع العجز دون ضبط، مما أدى إلى تضخم الدين العام بشكل مقلق.

ومع ارتفاع أسعار الفائدة بدأت خدمة الدين تستنزف جزءا متزايدا من الموازنة، مهددة بتقليص القدرة على تمويل الخدمات الأساسية والاستثمارات الحيوية، ويمكن توضيحها كما يلي:

مدفوعات الفوائد ارتفعت من 50 مليار شيكل (15 مليار دولار) في 2024 إلى 57 مليار شيكل (17 مليار دولار) في 2025. أصبحت هذه المدفوعات وحدها تمثل 7.5% من إجمالي النفقات و2.8% من الناتج المحلي. تجاوز الدين العام 71% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان قد تراجع إلى 60% لفترة وجيزة، قبل أن يرتفع مجددا نتيجة تراكم الأزمات المتعاقبة. غياب الاستقرار وتوارث العجز

إسرائيل -كما يقول الكاتب- لا تعاني فقط من اختلال مالي، بل أيضا من عدم استقرار سياسي مزمن، حيث شهدت البلاد 3 حكومات مختلفة خلال 6 سنوات فقط، وكل حكومة جديدة ترث عجز من سابقتها، وتُضطر إلى التعامل مع التزامات لم تكن جزءا من قرارها.

لكن الأسوأ أن هذا الإرث لا يقابله أبدا استعداد للقطع مع الماضي أو تبنّي قواعد انضباط مالي، وفي نهاية المطاف الفائدة تُدفع والدين يتراكم، ولا أحد يتحمل المسؤولية الحقيقية.

والنتيجة -كما تقول الصحيفة- أن الحكومة لا تملك المرونة لإعادة تخصيص الموارد أو تقليص النفقات، لأنها لا تستطيع التوقف عن دفع الفوائد، وهو ما يهدد باستنزاف تدريجي للميزانية، ويقوض قدرة الدولة على الاستثمار في البنى التحتية أو التعليم أو الصحة.

خلال حربها الأخيرة مع إيران تكبدت إسرائيل الكثير من الخسائر (رويترز) استغلال الطوارئ.. والنهاية قد تكون مدمرة

ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل باتت تعتمد بشكل منهجي على مفهوم "الحالة الطارئة" كمبرر دائم للإنفاق غير الممول، لكن الأسواق لم تعد تتقبل هذا التبرير، وبدأت تعيد تقييم الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي كما ظهر في مؤشرات سوق السندات والعملات.

والفرصة -كما يختم فيلوت- لا تزال قائمة لتعديل هذا المسار، لكن الباب يضيق بسرعة، إسرائيل بحاجة عاجلة إلى اعتماد قاعدة "العجز الأولي الصفري"، وهو مبدأ معمول به في العديد من الدول الأوروبية، وهذا يعني أن على الحكومة أن تتوقف عن تمويل أي نفقات جديدة من خلال الدين، وأن تربط كل بند إنفاق بإيراد حقيقي.

وإذا لم تُعد صياغة السياسة المالية من الجذور فالحرب الحالية بكل تكاليفها لن تكون مجرد تهديد أمني، بل بداية لانهيار اقتصادي تدريجي صامت، لكنه قاتل، وحينها -كما تحذر صحيفة كالكاليست- لن تكون هناك أزمة يمكن تبريرها، بل فشل بنيوي ستكون تكلفته الأجيال المقبلة.

مقالات مشابهة

  • جموع الزائرين تواصل زحفها إلى كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى العاشر من محرم الحرام
  • التنمية المحلية: برنامج «مشروعك» من أنجح المبادرات التنموية التي أطلقتها الدولة
  • الذباب المصري يثير الذعر في حي فاخر شمال الأراضي المحتلة.. ومخاوف صحية
  • من قلب العالم الى الحمدانية: الحرائق تفتح ملف إجراءات السلامة والوقاية
  • مجانا وبدون أدوية.. رمل البحر تعالج 5 أمراض جلدية
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • محافظ المنوفية: تعيين زوجة ضحية الأمطار بالوحدة المحلية بكمشيش
  • إضراب عمال شركة هندية يوقف تشغيل مصفى كربلاء وتحرك نيابي لحل الأزمة
  • الشركة الهندية بمصفى كربلاء توقف التشغيل وتنظم تظاهرة
  • خبير إسرائيلي يحذر: الدين يتراكم والحكومة بلا كوابح مالية