بعد 11 شهراً على حلّ جماعة الحوثي الارهابية حكومتها غير الشرعية في صنعاء، أقر المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة(غير معترف به دولياً )مساء الاثنين (12 أغسطس)، تشكيل حكومة جديدة أطلق عليها "حكومة التغيير والبناء".

التشكيلة الجديدة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي الانقلابية تأتي بعد قرابة العام من إعلان زعيمها عزم جماعته على إجراء تغييرات جذرية في الحكومة، وهو أول تغيير سياسي منذ توقف الحرب بموجب هدنة أبريل 2022.

كما تأتي في ظل جهود تبذلها الولايات المتحدة، وتدعمها السعودية وسلطنة عُمان، لحلحلة الأزمة اليمنية، والتوصل إلى اتفاق بين الحكومة المعترف بها دولياً وبين جماعة الحوثيين، فكيف سينعكس ذلك على مشهد السلام في اليمن؟

تقليص

والملاحظ في تشكيل حكومة الحوثيين الجديدة (غير المعترف بها دولياً)، هو تقليص عدد الوزارات، إذ بلغت 19 وزارة، مقابل 29 في الحكومة السابقة، ما يعني أن الجماعة قلصت قوام الحكومة بقرابة 34٪.

وشملت الحكومة التي أطلق عليها رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، مهدي المشاط، "حكومة التغيير والبناء"، قيادات سياسية موالية للجماعة، برئاسة أحمد غالب الرهوي القيادي الجنوبي، وعضوية عدد من وزراء حزب المؤتمر الشعبي العام، ولم تتضمن أي امرأة في قوامها.

واحتفظت الحكومة الحالية بعدد من الأسماء المشاركة في الحكومة السابقة، وأبرزهم جلال الرويشان الذي حافظ على منصبه نائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، وكذا وزير الدفاع محمد ناصر العاطفي، وعبد الكريم الحوثي وزير الداخلية.

كما تم تقليص نواب رئيس الوزراء إلى 3 بعد أن كانوا 5 في الحكومة السابقة، في حين لم يتم تعيين أي وزير باسم "وزير دولة"، بعد أن كانوا 8 في الحكومة السابقة.

استحواذ وإقصاء

ويبدو أن الحكومة الجديدة التابعة للحوثيين، التي تفتقر للاعتراف الدولي، ترسخ هيمنة الجماعة على مقاليد السلطة التنفيذية في العاصمة اليمنية، وانقلاباً على الشراكة مع حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء).

وحول هذا يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، في تصريح لـ"الخليج أونلاين": إن "حكومة التغيير والبناء التي أعلن عنها الحوثيون لا تعكس أي تطور في الشراكة السياسية بين مكوني الانقلاب الرئيسيين: الحوثي والمؤتمر الشعبي العام، بقدر ما تعكس توجهاً واضحاً نحو الاستحواذ وترسيخ الانفصال السياسي الذي يتناغم مع خطوات الانفصال الاقتصادي والنقدي والثقافي".

وأضاف التميمي، في تصريحه ، أنه من خلال التسميات الجديدة للوزارات وتكرارها تتكشف حالة من العشوائية والخلط.

واستطرد قائلاً: "تشكيلة الحكومة غير المعترف بها تضم أشخاصاً وانتماءات جغرافية ولا تعبر عن شراكة سياسية وحضور حقيقي للاتجاهات السياسية الموجودة على الساحة الوطنية".

ولفت التميمي إلى أن هناك هيمنة واضحة لجماعة الحوثي "عبر ممثليها الذين يغلب عليهم الانتماء السلالي حتى مع عدم وجود شقيق زعيم الجماعة في هذه التشكيلة، والذي كان يحمل صفة وزير التربية والتعليم".

ورأى الناشط المنشق عن المليشيات علي البخيتي، أن هدف الجماعة من التشكيل الوزاري الجديد هو إقصاء المؤتمر الشعبي العام، وهو ما أيده المحلل السياسي ماجد الأديمي، حيث أكد أن هذه الحكومة "مؤشر على نهج الجماعة الإقصائي، والاستئثار بحكم البلاد بعيداً عن الشراكة"، بحسب ما نقلت عنهما صحيفة "العربي الجديد".

تصور طبقي ومحاولات اختراق

ووفقاً للباحث السياسي مصطفى الجبزي، فإن تشكيلة حكومة صنعاء "تعكس تصوّر الجماعة للبناء الطبقي في المجتمع"، مضيفاً أنه يمكن وصفها بأنها "حكومة هواشم وصعداويين، والبقية مجرد تحلية".

ولفت الجبزي، في تدوينة على منصة "إكس"، إلى أن "اختيار وزراء من محافظات الجنوب ليس مؤشراً للوحدة الاجتماعية، إنما من مستهدفات الحوثي لاختراق بعض محافظات الجنوب وأولها أبين".

وفي أواخر سبتمبر من العام 2023 أعلن المجلس السياسي التابع للحوثيين حلّ الحكومة التي كان يرأسها السياسي الجنوبي عبد العزيز بن حبتور، وتم تكليفها بالعمل كحكومة تصريف أعمال.

ورأى مراقبون أن حلّ الحكومة حينها محاولة من جماعة الحوثي التي تحكم صنعاء بالقوة، للتهرب من مسؤولية تردي الخدمات وعدم صرف الرواتب، خصوصاً بعد توقف الحرب منذ أبريل 2022.

من جانبه قال المنسق الوطني لبرنامج دعم الاستقرار الأمني في اليمن، خلدون باكحيل، إنه رغم أن حكومة الحوثيين غير معترف بها دولياً، فإنها تظل بحكم الأمر الواقع مسؤولة عن حياة أغلب اليمنيين، ويجب أن تكون مسؤولة أمامهم.

وأضاف: "التغييرات تحمل بعضاً من الأمل واحتوت على أسماء ووجوه جديدة أثق أنها محترمة وتتمتع بالنزاهة"، معرباً عن أمله في "أن تعطى صلاحياتها الحقيقية في خدمة الشعب والسعي للسلام الشامل بين اليمنيين كافة، وهذا المعول على كل الأطراف السعي إليه".

التسوية

ويأتي تشكيل حكومة جديدة في صنعاء في ظل حراك دبلوماسي، ومساع إقليمية ودولية لطي صفحة الحرب في اليمن، التي تقترب من عامها العاشر.

كما يتزامن هذا التغيير مع تزايد مخاطر انزلاق المنطقة إلى الحرب، ولا سيما أن الجماعة انخرطت في الصراع الإقليمي منذ نوفمبر الماضي، من خلال تنفيذ عمليات على أهداف بحرية تابعة لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة وبريطانيا.

ولم يصدر أي تعليق من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً حول تشكيل جماعة الحوثي حكومة جديدة في صنعاء، كما لا يبدو أن أي محادثات للتسوية السياسية ستتأثر بهذا التغيير، لكون الفريق الممثل للحوثيين في جميع جولات التفاوض لا يمثل الحكومة، بل يمثل جماعة الحوثيين.

ويرى الكاتب اليمني ياسين التميمي، في تصريحه أن إعلان الحوثيين تشكيل حكومة جديدة (غير معترف بها) يعكس "وجود اطمئنان كامل لديهم بشأن عدم حاجتهم للاستمرار في الحرب؛ بسبب الموقف المهادن من جراء التنازلات التي حصلوا عليها من الطرف الآخر، مما يجعلهم يذهبون نحو التصرف بعيداً عن استحقاقات التسوية السياسية التي يجري الحديث عنها".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

العليمي: أرسلنا الطائرة الرابعة للحوثيين بعد أن هددوا بقصف مطار عدن وبقية المطارات اليمنية

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أن جماعة الحوثي هددت بقصف مطار عدن وبقية المطارات اليمنية، في حالة عدم عودة الطائرة الرابعة التابعة للخطوط الجوية اليمنية، والتي تعرضت للقصف المباشر والدمار من قبل طيران الاحتلال يوم الثلاثاء الماضي.

 

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في حوار مع قناة "روسيا اليوم" إن جماعة الحوثي تسببت بتدمير 4 طائرات تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية من خلال اختطاف تلك الطائرات والاصرار على الاستمرار باحتجازها في مطار صنعاء، رغم ان القصف الاسرائيلي للمطار كان متوقعا.

 

وأضاف: "حاولنا التواصل مع المليشيات الحوثية عبر وسطاء من اجل إخراج هذه الطائرات، واقترحنا نقلها إلى عدن، او إلى المملكة العربية السعودية، او إلى عُمان او اي دولة اخرى، لكن المليشيات رفضت واستمرت باحتجازها في المطار، وفعلاً جاءت الهجمات الإسرائيلية، ودمرت ثلاث طائرات".

 

وأوضح أن الطائرة الرابعة التي تم تدميرها مؤخراً كانت في عمان، لكنهم أصروا على عودتها الى مطار صنعاء، بل أعطونا إنذارا، عبر وسطاء "إذا لم تتركوا الطائرة تعود إلى صنعاء، فسنقوم بضرب مطار عدن والمطارات الأخرى في حضرموت وشبوة والمخا ومناطق أخرى".

 

وتابع: "اضطررنا لكي نتجنب مزيداً من الدمار والحرب أن نسمح للطائرة بالعودة إلى صنعاء، وقد جاءت الغارات الإسرائيلية قبل يومين ودمرت الطائرة الرابعة" وفق وكالة سبأ الحكومية.

 

وجدد الرئيس، تمسك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية بهذا القرار باعتباره خارطة طريق مثلى للحل الشامل في اليمن، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي والحكومة يدركان "أن الحل السياسي هو الخيار الأمثل لمصلحة اليمنيين، ولمصلحة الإقليم والعالم".

 

وأضاف "لكن كل المحاولات التي بذلناها وبذلتها الأمم المتحدة والوسطاء لم تفلح مع هذه الجماعة، لأنها جماعة لا تؤمن بالسلام".

 

واشار الى أن آخر المبادرات التي قوبلت برفض وتعنت هذه الجماعة، كانت خارطة الطريق التي تبناها السعودية، مؤكداً بأنه رغم موافقة مجلس القيادة الرئاسي عليها، استمرت جماعة الحوثي في تنفيذ هجماتها على المنشآت النفطية في مناطق الشرعية، وعلى الأحياء المدنية، وعلى جبهات التماس مع الجيش الوطني والتشكيلات العسكرية.

 

وأضاف: "لم تكتف بذلك بل انتقلت إلى البحر الأحمر، وهاجمت الملاحة الدولية، وهاهي تدعي أنها تدعم غزة اليوم، وترسل صواريخ في الهواء".

 

وقال "هي بذلك فقط، استدعت التدخل الخارجي، وتسببت بهذه الكارثة الكبرى في تدمير المنشآت اليمنية، من الموانئ والمطارات والمصانع، ومع ذلك تدعي أنها تحقق انتصارات".

 

وعبر العليمي، عن ثقته في مواصلة روسيا الاتحادية العمل مع المجتمع الدولي لدعم تطلعات الشعب اليمني في استعادة مؤسسات الدولة، وانهاء انقلاب مليشيات الحوثي واحلال السلام، والاستقرار وفقاً للمرجعيات المعترف بها دوليا، وفي مقدمتها قرار مجلس الامن 2216.

 

ونوه إلى أن جماعة الحوثي، هي "جماعة طائفية ثيوقراطية، لا تؤمن بالحقوق والحريات المدنية، ولا تعترف بالشراكة السياسية، بل بأنها خلقت لحكم البشر".

 

وأشاد العليمي، بمواقف روسيا في مجلس الأمن، منذ انقلاب الحوثيين على الدولة، قائلا "ان روسيا كانت دائماً مع الشرعية، وصوتت لصالح القرارات الدولية الداعمة لها وفي مقدمة ذلك القرار 2216، الذي يمثل خارطة الطريق لحل القضية اليمنية".

 

واعتبر رئيس مجلس القيادة الرئاسي هذه الجماعة جماعة عدمية، وليست شريكة سلام، وقال "لذلك نحن مصممون على استعادة الدولة سلماً أو حربا".

 

وثمن العليمي، قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بإدراج الحوثيين على قائمة الارهاب، قائلا انه "قرار إيجابي، ونحن ممتنون للولايات المتحدة وللرئيس ترامب لإصداره، لإنه يمثل تشخيصاً حقيقياً بان هذه الجماعة الإرهابية في سلوكياتها لا تختلف تماماً عن تنظيمي القاعدة وداعش".

 

واشار الرئيس، الى ان استسلام الحوثيين للولايات المتحدة، يؤكد ان هذه الجماعة لا تستسلم إلا للقوة.، لافتا إلى أنه عندما استهدفت الضربات الأمريكية قدراتهم العسكرية ومخازن الأسلحة فيها، وبدأت تطارد قياداتها، وافقوا على إيقاف الضربات على السفن الأمريكية.

 

واختتم بالقول: "هذا يرسل رسالة لنا في الداخل وللأشقاء في العالم العربي، وخاصة في الخليج، بأن هذه الجماعة لن ترضخ للسلام أبداً إلا بالقوة".

 


مقالات مشابهة

  • حلمي النمنم: فكر جماعة البنا يرتكز على العنف ولا يعرف سواه
  • الشويهدي: لا أحد داخل البرلمان يعارض تشكيل حكومة جديدة موحدة تنهي الانقسام
  • الحوثي: سمحنا بمرور حاملة طائرات بريطانية بالبحر الأحمر
  • الأبلق: هناك عقبات تواجه تشكيل حكومة جديدة
  • الحجازي: مجلسا النواب والدولة يرغبان في تشكيل حكومة جديدة تعمل على إجراء الانتخابات
  • البخبخي: تشكيل البرلمان حكومة جديدة “عبث سياسي”.. و”الرئاسي” يناور للبقاء 
  • «الرئاسي اليمني»: خيار القوة ضد الحوثي الطريق الأمثل لتحقيق السلام
  • العليمي: أرسلنا الطائرة الرابعة للحوثيين بعد أن هددوا بقصف مطار عدن وبقية المطارات اليمنية
  • تفاصيل مخفية عن انفجار صرف: 250 ضحية وإبادة7 عائلات بالكامل ومقتل 20 طالبة .. صحفي من بنى الحارث يكشف تفاصيل الكارثة التي تتستر عليها جماعة الحوثي
  • «معزب»: المظاهرات مؤشر إيجابي.. وأتوقع تشكيل حكومة جديدة