بالمجازفة والخداع.. كيف استطاعت أوكرانيا اختراق الحدود الروسية؟
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
في تطور لافت على جبهة الحرب الروسية على أوكرانيا، نفذت قوات كييف، الأسبوع الماضي، عملية عسكرية جريئة داخل الأراضي الروسية، شكّلت تحولا استراتيجيا مهما في مسار الحرب المستمرة منذ فبراير 2022، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وانطلقت العملية في 6 أغسطس الحالي بعد أن اخترقت القوات الأوكرانية الحدود الروسية في منطقة كورسك، متقدمة لمسافة تصل إلى 11 كيلومتر داخل الأراضي الروسية على جبهة يبلغ طولها 40.
وبحسب الصحيفة، فقد فاجأ هذا التوغل الذي تم التخطيط له وتنفيذه في سرية، حتى أقرب حلفاء كييف الساعية لقلب ديناميكيات حرب بدا وكأنها تخسرها، مع تقدم القوات الروسية في الشرق.
وبعد العملية المهمة، تقول الصحيفة، إن القوات الأوكرانية تواجه تحديات لوجستية وعسكرية في محاولتها للحفاظ على مكاسبها الأولية، بينما تتزايد الضغوط على موسكو للرد على هذا التهديد على أراضيها.
وتقول الصحيفة، إنه بالنسبة لروسيا، كان الهجوم الأوكراني "لحظة صادمة" فقد انهارت "دولة الأمن المبجّلة" التي بناها الرئيس فلاديمير بوتين، وفشلت في مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية مواطنيها، بل وتسائل بجدية تأكيدات بوتين بأن معظم الروس يمكنهم مواصلة حياتهم الطبيعية خلال الحرب.
"المجازفة"وذكرت الصحيفة أن هذا الهجوم يشكّل "مجازفة كبيرة"، خاصة وأن روسيا تسيطر على معظم خط المواجهة في أوكرانيا وحققت تقدما كبيرا في الشرق.
وذكرت الصحيفة أنه إذا تمكنت القوات الأوكرانية من الاحتفاظ بالأراضي، قد تتمكن من إرهاق قدرة القوات الروسية، وتوجيه إحراج كبير لبوتين، والحصول على ورقة مساومة لأي مفاوضات سلام.
ولكن إذا نجحت روسيا في دفع القوات الأوكرانية خارج كورسك والتقدم في الوقت نفسه في شرق أوكرانيا، فقد يتم إلقاء اللوم على القادة العسكريين الأوكرانيين لمنحهم الروس فرصة لكسب المزيد من الأراضي، خاصة في منطقة دونيتسك.
وظل المسؤولون الأوكرانيون متحفظين بشأن المهمة، بما في ذلك ما إذا كانوا ينوون الاحتفاظ بالأرض أو التراجع إلى الدفاعات على جانبهم من الحدود.
ولم يعترف زيلينسكي بالعملية علنا سوى السبت الماضي. وقال الجنود الأوكرانيون إنهم لم يكونوا على علم بالخطة مسبقا. وقال المحللون العسكريون الذين يقضون أيامهم في تتبع الحرب إنهم فوجئوا.
وقال باسي بارونين، محلل من "مجموعة الطائر الأسود"، وهي منظمة فنلندية تحلل لقطات ساحة المعركة: "هذا مثال جيد على كيف تتطلب العملية الناجحة الحديثة إجراءات أمنية تشغيلية قصوى وخداع".
وتظهر خرائط ساحة المعركة التي جمعها محللون مستقلون أن الجنود من الألوية التي كانت تقاتل منذ فترة طويلة في الشرق قد انتقلوا بشكل سري إلى منطقة سومي الأوكرانية، عبر الحدود مباشرة من كورسك.
ولاحظ بعض الروس هذه التغيرات. وتم تقديم تقرير إلى القيادة العسكرية الروسية قبل شهر من الهجوم، بحسب ما قاله، أندريه غوروليوف، العضو البارز في البرلمان الروسي والضابط السابق الرفيع في الجيش، بعد التوغل.
وأضاف غوروليوف متأسفا على التلفزيون الوطني: "القوات قد تم رصدها وأن المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى الاستعدادات لهجوم" "لكن جاء الأمر من الأعلى بعدم الذعر، وأن أولئك الذين في الأعلى يعرفون أفضل".
وقبل التطورات الأخيرة، توقع القليلون فقط أن تكون أوكرانيا قادرة على شن هجوم جديد، إذ كانت الذخيرة تنفذ من الألوية الأوكرانية. وحتى مع بدء وصول أسلحة جديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية من الغرب، سيطرت حالة مزاجية شبه قدرية على العديد من الأوكرانيين، بأنهم كانوا يخسرون الأرض في الشرق، قدما بقدم.
ونقلت أوكرانيا أجزاء من الألوية إلى منطقة سومي تحت ذريعة التدريب واستلام معدات جديدة، كما قال نائب قائد إحدى الألوية، المقدم أرتيم، الذي طلب تحديد هويته باسمه الأول ورتبته فقط، تماشيا مع البروتوكول العسكري.
وتم نقل أسلحة ثقيلة. وتكدس الجنود في المنازل. اختبأ الأوكرانيون في وضح النهار. وتم إخبار الضباط بتجنب ارتداء الزي العسكري عند دخول البلدات والمدن حتى لا يلفتوا الانتباه، كما قال أحد الضباط، الذي عرّف نفسه بالاسم الحركي "تيخي".
حتى داخل الجيش، لم يتم إطلاع الكثيرين بالعملية، بحسب تيخي، والذي يعني "الهادئ" باللغة الأوكرانية، كاشفا أن بعض الوحدات أخبرت بمهمتها فقط في اللحظة الأخيرة.
وبحسب نيويورك تايمز، فقد شكلت منطقة كورسك هدفا أسهل من أماكن أخرى على طول الجبهة البالغ طولها 600 ميل في شرق وجنوب أوكرانيا، حيث كان بها عدد أقل من الخنادق المضادة للمركبات المدرعة، وعدد أقل من العوائق الهرمية المضادة للدبابات، وعدد أقل من مواقع القتال المأهولة، كما قال برادي أفريك، وهو محلل أميركي يرسم خرائط للدفاعات الروسية.
وقال أفريك: "تحصينات روسيا في كورسك أقل كثافة من المناطق الأخرى حيث بنت القوات الروسية دفاعات هائلة، مثل الجنوب".
واندفعت المئات من القوات الأوكرانية الإضافية إلى الأمام، مخترقة نقاط التفتيش الحدودية ومخترقة خطين دفاعيين. مع وجود ألغام أقل وعوائق أقل ضد العسكريين، تحركت الألوية الأوكرانية الآلية بسرعة.
وحتى يوم الخميس، قال المسؤولون الأميركيون، إنهم ما زالوا يسعون للحصول على توضيح من المسؤولين الأوكرانيين بشأن منطق العملية وأسبابها.
ومنذ ذلك الحين، أطلع القادة الأوكرانيون كبار المسؤولين المدنيين الأميركيين وكبار القادة العسكريين على أهدافهم.
وقال المسؤولون الأميركيون، إنهم فوجئوا بمدى نجاح العملية حتى الآن، لكنهم كانوا متشككين في قدرة الأوكرانيين على الاحتفاظ بمكاسبهم.
وأضافوا أنه بقيامها بهذا التوغل، خلقت أوكرانيا نقاط ضعف جديدة على طول الجبهة حيث قواتها تمتد قواتها بالفعل بـ"شكل هش".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة فی الشرق
إقرأ أيضاً:
البحرية الأوكرانية: هجوم روسي يضر بثلاث سفن تركية في منطقة أوديسا
قالت قيادة البحرية الأوكرانية إن هجوم روسي تسبب في إلحاق ضرر بثلاث سفن تركية في منطقة أوديسا.
وكانت مصادر محلية قد أشارت إلى وقوع انفجارات هزت أوديسا الأوكرانية والدفاع الجوي يعمل على التصدي للهجمات.
وأعلن الجيش الأوكراني استهداف مصفاة نفط في ياروسلافل الروسية.
وقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني، اليوم الجمعة، إن روسيا استهدفت عمدا الخدمات اللوجستية المدنية.
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بتقويض المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب، بعد قصف سفينة مدنية في ميناء تشورنومورسك جنوب البلاد.
وقال زيلينسكي إن استهداف السفينة يؤكد أن موسكو "لا تأخذ بجدية" الجهود الدولية الهادفة لوقف القتال، مشددًا على أن الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا ضد المرافق المدنية.
وحذّر سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، من أن بلاده سترد "بشكل حازم" إذا أقدمت الدول الأوروبية على مصادرة الأصول المالية الروسية المجمّدة.
وأضاف أن موسكو مستعدة لمواجهة أي تصعيد، قائلاً: "إذا قررت أوروبا الحرب فنحن مستعدون لها، ولو حتى الآن".
واتهمت وزارة الخارجية الروسية، اليوم، القوات البريطانية المتواجدة في أوكرانيا بمساعدة كييف على تنفيذ أعمال إرهابية ومهام متطرفة، مؤكدة أن أي وحدات عسكرية أجنبية في البلاد ستعتبر أهدافًا مشروعة لموسكو.
وجاءت التصريحات الروسية بعد مقتل جندي بريطاني في أوكرانيا، حيث حمّلت موسكو لندن المسؤولية عن تورطها في الأعمال المتطرفة، مشددة على أن وجود القوات الأجنبية يعرضها للمساءلة ويجعلها ضمن نطاق الاستهداف العسكري في حال استمرار دعم العمليات القتالية في الأراضي الأوكرانية.
وحذّر الأمين العام لحلف الناتو مارك روته من أنّ دول الحلف قد تكون "الهدف التالي لروسيا".
وأكد ضرورة تعزيز قدرات أوكرانيا العسكرية لوقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وشدّد روته على أن دول الناتو بحاجة إلى رفع مستوى الإنفاق الدفاعي والإنتاج العسكري بسرعة لمواجهة التهديدات المتصاعدة.
وأكد يوهان فاديفول، وزير الخارجية الألماني، أن روسيا تشن "هجمات هجينة" على أوروبا، داعياً إلى ردع موسكو عسكرياً.
ودعا إلىة تقديم رد مناسب على الهجمات التي تستهدف المراكز اللوجستية والبنية التحتية في القارة.
قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، امس الخميس، إن خسائر القوات الأوكرانية خلال الصراع تجاوزت مليون عسكري.
وأضاف لافروف مؤكداً إن عضوية أوكرانيا في الناتو غير مقبولة بالنسبة لروسيا.
وذكرت رويترز أنّ منشأة روسية لتوليد الغاز في بحر قزوين تعطّلت نتيجة هجوم أوكراني.
فيما أكد مصدر أمني أوكراني أنّ القوات الأوكرانية استهدفت منصة نفط روسية في البحر للمرة الأولى، في تصعيد لوتيرة الضربات المتبادلة بين الطرفين.