من يحكم السوق؟.. الدولار يرتدي عباءة القوة في أسواق العراق
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
14 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: شهدت أسعار صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي في الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث استقرت الأسعار في بورصتي الكفاح والحارثية عند 150,000 دينار لكل 100 دولار، في حين وصلت أسعار البيع في محال الصيرفة إلى 151,000 دينار لكل 100 دولار. يأتي هذا الارتفاع بفارق 18 نقطة عن السعر الرسمي، مما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية.
و شهد الاقتصاد الأمريكي ارتفاعاً في معدلات الفائدة التي يحددها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. هذا الارتفاع في الفائدة يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار عالميًا مما يدفع بقيمته إلى الارتفاع مقابل العملات الأخرى، بما في ذلك الدينار العراقي.
ويعاني العراق من تحديات مالية متعددة، بما في ذلك العجز في الميزانية الذي ينتج عن انخفاض عائدات النفط والتزامات الإنفاق الحكومي المتزايدة. هذا العجز يدفع الحكومة إلى الاعتماد على السيولة المحلية، مما يضعف قيمة الدينار.
و الإجراءات والسياسات المتبعة من قبل البنك المركزي العراقي، مثل تحديد سقف معين لسحب الدولار من المصارف أو تغيير نسب الاحتياطي القانوني للبنوك، قد تؤدي إلى تقليص المعروض من الدولار في السوق المحلية، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع سعره.
كما ان حالة عدم الاستقرار السياسي في العراق، بما في ذلك التوترات الداخلية والصراعات الإقليمية، تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد وتزيد من حالة القلق وعدم الثقة بين المستثمرين، مما يدفعهم إلى تحويل أموالهم إلى الدولار كملاذ آمن.
و يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى زيادة تكاليف الاستيراد، حيث يعتمد العراق بشكل كبير على استيراد السلع الأساسية والمنتجات الاستهلاكية. هذا سيؤدي إلى ارتفاع عام في الأسعار وبالتالي زيادة معدل التضخم.
و مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة لزيادة تكلفة الاستيراد، ستتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مما يزيد من الأعباء المعيشية ويؤثر سلبًا على مستوى الرفاهية الاقتصادية.
و العراق يمتلك ديونًا خارجية بالدولار، وبالتالي فإن ارتفاع قيمة الدولار يزيد من عبء هذه الديون عند سدادها، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على المالية العامة.
ويؤثر ارتفاع الدولار سلبًا على البيئة الاستثمارية في العراق، حيث قد يدفع ذلك المستثمرين إلى التردد في ضخ أموال جديدة في السوق العراقية، خشية من تقلبات أسعار الصرف وعدم الاستقرار الاقتصادي.
واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، وفق تحليلات مالية، يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد العراقي، حيث يؤثر سلبًا على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الدينار يصعد والتجارة تهبط.. مفارقة نقدية تُربك الأسواق وتُحجم الاستهلاك
31 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: وسط أجواء من القلق الحذر، تسود الأسواق العراقية حالة من الركود العميق الذي تتقاطع فيه المؤشرات الاقتصادية بالمتغيرات السياسية، لتتشكل بيئة تجارية متوجسة تتسم بالجمود وانخفاض التوقعات. فالتراجع الحاد في القوة الشرائية، والتقلب المزمن في سعر صرف الدينار مقابل الدولار، والانكماش الحكومي في الإنفاق، كلّها أعراض لمشكلة مركبة تتجاوز حدود السوق لتلامس بنية الاقتصاد الريعي العراقي نفسه.
وتتجلى مظاهر هذا الركود في حالة من “الانتظار السلبي” تنتشر بين أوساط المستهلكين والتجار، حيث أصبح الدولار، رغم تعافيه النسبي، عنصرًا مثيرًا للريبة لا محفزًا للنشاط. فكلما تراجع السعر، تجمدت الأسواق أكثر، وانسحب المواطنون من المشهد التجاري على أمل نزول إضافي، لتتحول عملية الشراء إلى ما يشبه الرهان المالي. وهي معادلة اختزلها أحد الاقتصاديين العراقيين قائلاً: “الطلب في العراق لم يعد يتبع الحاجة، بل المزاج النقدي”.
وتُعد تصريحات رشيد السعدي، ممثل غرفة تجارة بغداد، مؤشراً على ازدياد التشابك بين الاقتصاد والسياسة، بعدما أشار بوضوح إلى أثر قرارات البنك المركزي، وتأخر الموازنة، وتقليص الاعتماد على السوق الموازية. وهي ملاحظات تعزز القناعة بأن المسألة تتجاوز تقلبات السوق لتصل إلى تراجع فعالية أدوات السياسة المالية والنقدية، في ظل غياب دور استباقي للدولة يمكنه امتصاص الصدمات.
وتمتد التداعيات إلى مشهد أكثر قتامة حين يتحدث الخبراء عن خسائر التجار، وانكماش السوق العقارية، وتراجع الاستثمار، مع ضعف الثقة بفعالية السياسة النقدية. وهي مؤشرات تكشف عن خلل في معادلة الاقتصاد العراقي القائم على إنفاق حكومي لا يتحقق إلا بإقرار موازنة، وإيرادات نفطية تُترجم ببطء في صورة مشاريع، وبنية تشريعية تعيق مرونة الأسواق بدلاً من حمايتها.
ويظهر أن الدولة، بما تمثله من مركز ثقل اقتصادي، باتت في موقع المتفرج أو المؤجل، وهو ما جعل السوق تمضي نحو كساد يمتد أفقيًا في مختلف القطاعات، من العقارات إلى السيارات، ومن السياحة إلى التجارة، دون أن يُحدث انخفاض التضخم أي أثر انتعاشي يُذكر.
وفي مقابل هذا المشهد القاتم، تبدو بعض القطاعات مثل الزراعة والصناعة الغذائية والتجارة الإلكترونية أقل تأثرًا، ولكنها تبقى استثناءات لا تغيّر من طبيعة المأزق. فالمشكلة بنيوية، تتطلب إصلاحات نقدية وتشريعية عاجلة، تعيد ثقة المستثمرين، وتكبح تقلبات السوق، وتعيد ضبط العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، بعيدًا عن الارتجال والملاحقة بدل الشراكة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts