هل خلط التوغل الأوكراني في كورسك الأوراق العسكرية الروسية؟
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
موسكو- تتواصل عمليات إجلاء المدنيين من مناطق حدودية بين روسيا وأوكرانيا بالتوازي مع إعلان حالة الطوارئ الفدرالية بمقاطعة بيلغورود بسبب ما وصفها حاكمها، فياتشيسلاف غلادكوف، بـ"الأوضاع الصعبة".
وعلى وقع ذلك، تخوض القوات الروسية معارك ضارية مع نظيرتها الأوكرانية على أكثر من محور لمنع مزيد من تقدمها وإجبارها على التراجع من المناطق التي سيطرت مؤخرا عليها.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس الخميس، أنها استخدمت الصواريخ والطائرات المُسيّرة والهجمات الجوية لاستعادة السيطرة على بلدة كروبيتس في مقاطعة كورسك، بعد أن كانت القوات الأوكرانية سيطرت عليها في وقت سابق، في سياق "عملية لمكافحة الإرهاب" شملت كلا من بيلغورود وبريانسك وكورسك المتاخمة لأوكرانيا.
سباق مع الزمنويشكل ذلك حلقة جديدة من مفاعيل التوغل البري المباغت الذي شنته كييف في السادس من أغسطس/آب الجاري في كورسك بعمق 20 كيلومترا وعرض نحو 40 كيلومترا، والذي يصنف بأنه أول توغل عسكري أجنبي داخل الأراضي الروسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وتقع مقاطعة بيلغورود على بعد نحو 40 كيلومترا عن الحدود مع أوكرانيا، في حين تبعد كورسك 150 كيلومترا عن هذه الحدود.
وبينما تسابق القوات الروسية الزمن لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التوغل الأوكراني الأخير واستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها، يتواصل الحديث عن شكل "الانتقام الروسي" الذي قد يترافق مع العمليات التي تقوم بها لإيقاف التقدم الأوكراني.
إلى جانب ذلك، أثار القتال بين الجيشين الروسي والأوكراني في كورسك مناقشات حول ما إذا كان الوضع في المنطقة الحدودية يمكن أن يتسبب بموجة جديدة من التعبئة في موسكو.
فقد ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية في 13 من الشهر الحالي -نقلا عن مصادر وصفتها بالقريبة من الكرملين ووزارة الدفاع- أنه قد يتم الإعلان عن التعبئة في روسيا في نهاية العام الحالي. ووفقا لما قالت الوكالة إنه نقل عن أحد محاوريها، سيتم تقديم ذلك للرأي العام على أنه تناوب للأفراد العسكريين على خطوط المواجهة.
بصمات غربيةفي المقابل، وصفت قناة التليغرام الروسية "الحرب على التزييف" ما نشرته بلومبيرغ بـ"الأكذوبة والرواية التي تعمل لصالح الدعاية الأوكرانية". وقالت إن تجديد القوات المسلحة الروسية يتم بجنود متعاقدين وإن عددهم كافٍ.
وهذا ما أكده رئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع، أندريه كارتابولوف، الذي نفى وجود حاجة للتعبئة بسبب الأوضاع في كورسك، مضيفا أن "هناك ما يكفي من المقاتلين في الجبهة". بينما صرح نائبه، أليكسي جورافليف، بأنه "كحد أدنى، نحن بحاجة إلى إعداد احتياطي التعبئة، ليس من أجل الحرب مع أوكرانيا، بل من أجل المواجهة مع الغرب".
وبرأي محلل الشؤون العسكرية، يوري كنوتوف، فإن الهجوم على كورسك جرى بالتعاون مع جهات غربية وإن كل هذا لا يمكن أن يحدث بدون التنسيق والإدارة مع أجهزة المخابرات والتقنيات الغربية.
وفي تعليق للجزيرة نت، قال كنوتوف إن التوغل الأوكراني "لن يمر بدون رد فعل صارم يجب أن يراه العالم كله". ولم يستبعد المتحدث أن يطال "العقاب الروسي" وزارة الدفاع ومديرية المخابرات في أوكرانيا، متابعا أنه يوجد في كييف الكثير من الأهداف "التي من الممكن والضروري ضربها، ولدى موسكو أسلحة طويلة المدى عالية الدقة لن تفوتها".
ولفت كذلك إلى أن كبار جنرالات الجيش الروسي الذين يعملون في "المناطق الجديدة بروسيا" قد يصبحون الهدف التالي ذي الأولوية للقوات الاوكرانية، وذلك على ضوء توفر معلومات تفيد بأن المخابرات الأوكرانية تعمل على مراقبة مواقعهم من أجل شن ضربات بمنظومة صواريخ "هيمارس"، لا تلحق الضرر بالجيش فحسب، بل بالمدنيين أيضا.
وأوضح أن هذه العمليات المفترضة تأتي في سياق مسارعة كييف لتحقيق نجاحات تضمن لها مزيدا من الدعم الغربي على أعتاب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبعد مواقف عدة لمسؤولين غربيين شككت في جدوى المساعدات لكييف.
خطر نوويبدوره، لفت محلل الشؤون الدولية، ديمتري كيم، إلى ضرورة اتخاذ خطوات أمنية سريعة لمواجهة مخاطر الهجوم الأوكراني الذي يشكل تهديدا مباشرا لمحطة الطاقة النووية في كورسك الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومترا من مناطق القتال.
وقال -للجزيرة نت- إن هناك خطرا حقيقيا من وقوع ضربات واستفزازات من جانب الجيش الأوكراني تجاه المحطة، ولا ينحصر الأمر في محاولة كييف تحقيق نصر إعلامي أو مجرد نقل مؤقت للمعارك إلى داخل الأراضي الروسية.
وأكد كيم أن القوات الأوكرانية لن تقوم أبدا بعملية هجومية كبيرة في اتجاه بيلغورود أو كورسك لأنها "تخشى" الاشتباك مع القوات الروسية في المناطق الحدودية، وكذلك الرد الروسي.
ووصف التصريحات المتعلقة بالهجوم الوشيك على كورسك وبيلغورود بأنها دعاية حصرية، مضيفا أن كييف ستحاول تنظيم "هجمات تخريبية" -كما هو الحال الآن- لكنها لن تمتلك القوة الكافية للقيام بأكثر من ذلك.
وحسب رأيه، فإن الرد الروسي سيكون من خلال اختيار الأهداف الأكثر قيمة لأنه من "السخافة إنفاق صواريخ باهظة الثمن على بعض المكاتب الحكومية، كما أنه من وجهة نظر الإستراتيجية العسكرية، من الأفضل ضرب مستودعات الأسلحة والقطارات التي تحمل المعدات القادمة من الغرب ومحطات القطار نفسها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی کورسک
إقرأ أيضاً:
مستشار الخارجية الأوكراني: كييف شهدت خلال الليلتين الماضيتين تصعيدًا كبيرًا من الجانب الروسي
علق مستشار وزير الخارجية الأوكراني، السفير يفهين ميكيتينكو، على تصريحات المفاوض الروسي بشأن تأجيل كييف تسلّم جثامين جنودها، البالغ عددهم 6000 جثمان، بالإضافة إلى تأجيل عملية تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن الأسباب ما زالت غير واضحة بشكل رسمي من الجانب الأوكراني، مشددًا أنه لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي أو توضيح من السلطات الأوكرانية بخصوص ما حدث.
وأوضح مستشار وزير الخارجية الأوكراني، خلال مداخلة عبر الإنترنت عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، إلى أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن روسيا قامت بجمع الجثث وهي مستعدة لتسليمها، إلا أن المشكلة تكمن في أن نسبة قليلة منها تُقدّر بـ 20% فقط تحتوي على وثائق أو أوراق تثبت الهوية، في حين توجد احتمالات بأن بعض الجثث تعود لجنود روس، وهو ما قد يُعقّد عملية التسليم.
وأشار إلى أن كييف شهدت خلال الليلتين الماضيتين تصعيدًا كبيرًا من الجانب الروسي، تمثل باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الفرط صوتية، مؤكدًا في المقابل أن أوكرانيا استخدمت مئات الطائرات المسيّرة على الحدود والمدن الروسية، وذلك رغم أن الطرفين مقبلان على محادثات سلام، منوهًا بأن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الطرفين إلى هذا التصعيد.
وشدد على أن الطرفين اتفقا على عدة بنود، إلا أن القضايا الجوهرية، مثل وقف إطلاق النار أو إعلان هدنة، لم يتم التوصل لاتفاق بشأنها حتى الآن، موضحًا أن روسيا قدمت اقتراحًا مؤخرًا بهدنة مؤقتة لمدة يوم أو يومين في مناطق مختلفة من الجبهة، بهدف جمع الجثث فقط، لافتًا إلى أن الجانب الأوكراني ما زال يناقش هذا المقترح.
وتابع: «أوكرانيا قدمت للجانب الروسي، قبل أسبوع من لقاء إسطنبول الثاني، مسوّدة لمذكرة تفاهم، إلا أن الرد الروسي جاء فقط قبل عدة أيام خلال الاجتماع في إسطنبول، مضيفًا أن الجهات المعنية تدرس حاليًا المسوّدة الروسية، ومن المنتظر أن تقدم أوكرانيا ردها قريبًا»، موضحًا أن روسيا كانت نشطة جدًا على الجبهة خلال شهر مايو الماضي، حيث تمكنت من احتلال 450 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الأوكرانية، وهو رقم قياسي خلال شهر واحد، كما سيطرت خلال أول ستة أيام من شهر يونيو على 150 كيلومترًا مربعًا إضافيًا، ما يعكس استمرار التقدم العسكري الروسي على الأرض.