الأرض لم تكن دائماً مغطاة بالنباتات الخضراء الخصبة والمحيطات الزرقاء الزاخرة بالحياة. قبل حوالي 700 مليون سنة، كانت الأرض تشبه كرة ثلجية لامعة، كما في أفلام الخيال العلمي. 

يعلن العلماء عن اكتشاف آثار جيولوجية لعصر "الأرض الثلجية" تمتد عبر اسكتلندا وشمال أيرلندا. 

تشير الصخور التي تمتد على تشكيل صخري ضخم بطول 200 ميل عبر القناة الشمالية إلى فترة "الأرض الثلجية"، كما يدعي العلماء.

بعد نحو 60 مليون سنة من كونها كوكباً جليدياً، ذابت الأرض في النهاية، مما مهد الظروف المناسبة لظهور الحياة كما نعرفها اليوم.

قبل حوالي 700 مليون سنة، غاصت كوكبنا في تجمد عميق دام ملايين السنين، مما أدى إلى ما يُعرف بـ "الأرض الثلجية" (وفقاً لتصور الفنان).

قال غراهام شيلدز، أستاذ الجيولوجيا في كلية لندن الجامعية: "هذه الصخور تسجل فترة كانت فيها الأرض مغطاة بالجليد. كل الحياة المعقدة متعددة الخلايا، مثل الحيوانات، نشأت من هذا التجمد العميق، مع ظهور أول دليل في السجل الأحفوري بعد ذوبان الكوكب بفترة قصيرة."

يُعرف التجمد الكبير للأرض قبل 700 مليون سنة والذي جعلها تبدو ككرة ثلجية ضخمة باسم "الانجماد ستورتي". يُعتقد أن هذه التحولات الباردة قد تكون ناجمة عن انخفاض تاريخي في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البراكين، مما أدى بشكل أساسي إلى عكس تأثير الاحتباس الحراري الحالي.

تشكل "تكوين بورت أساي" من طبقات الصخور التي قد تكون رُسِبَت خلال فترة الانجماد ستورتي، وفقاً لما قاله المؤلف المشارك إلياس روجين، طالب دكتوراه في كلية لندن الجامعية. وأضاف: "الصخور الرسوبية، مثل تلك التي ترسبت تحت الأنهار الجليدية، ترسبت بشكل أفقي."

للتحقق من العمر الدقيق للصخور، جمع الباحثون عينات من الرمال الصخرية من تكوين بورت أساي، وحللوا المعادن الدقيقة المقاومة جداً في الصخور المعروفة بالزركون. يمكن تحديد أعمار الزركون بدقة لأنها تحتوي على العنصر المشع اليورانيوم الذي يتحلل إلى الرصاص بمعدل ثابت.

تشير الأدلة الجيochemائية إلى أن صخور بورت أساي ترسبت بين 662 و720 مليون سنة مضت، وهو التوقيت الذي يتطابق مع تقديرات فترة الانجماد ستورتي. 

أشار البروفيسور شيلدز إلى أن هذه هي أولى التواريخ المباشرة التي حصلنا عليها لهذه الصخور، مما يضع ترسيب تكوين بورت أساي خلال فترة الانجماد الثلجي في تاريخ الأرض.

بالتأكيد، ذابت الأرض الثلجية في النهاية مع زيادة انبعاثات الكربون تدريجياً نتيجة زيادة النشاط البركاني. وقال البروفيسور شيلدز: "بمجرد ذوبان الثلج، كانت هناك تغييرات كارثية في الظروف لجميع أشكال الحياة التي تأقلمت مع البرودة الشديدة."

"من بين الفائزين في هذه السباق التطوري كانوا أسلاف جميع الحياة الحيوانية على الأرض اليوم. كما ظهرت أنواع أخرى من الحياة المعقدة متعددة الخلايا (مثل الطحالب الحديثة) في تلك الفترة."

"لذا، تمثل هذه الفترة الانتقال من النظم البيئية الميكروبية إلى عالم الحياة الأكثر تعقيداً وتطوراً."

وقد نُشر هذا البحث في "مجلة جمعية الجيولوجيين في لندن".

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: ملیون سنة

إقرأ أيضاً:

نقطة تحول في تاريخ البشرية.. اكتشاف أقدم دليل على استخدام البشر القدماء للنار في هذا الموقع

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كَشَف حقل في مقاطعة سوفولك شرق إنجلترا أدلةً حول أقدم حالة معروفة لقيام البشر بإشعال النار والتحكم فيها. ويعتقد علماء الآثار أنّه اكتشاف مهم يُسلّط الضوء على نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ البشرية.

يشير اكتشاف طين محروق شكّل موقدًا في منطقة بارنهام، إضافةً لفؤوس حجرية متصدعة بفعل الحرارة، وشظيتين من حجر البيريت الذي يُستخدم لتوليد شرارات، إلى أن البشر الأوائل (إنسان النياندرتال على الأرجح) كانوا قادرين على إشعال النيران والحفاظ عليها.

قطعة من حجر البيريت اكتُشِفت في منطقة بارنهام في إنجلترا لأول مرة في عام 2017.Credit: Jordan Mansfield

وقال أمين مجموعات العصر الحجري القديم في المتحف البريطاني، نيك أشتون، خلال مؤتمرٍ صحفي: "هذا موقع يعود تاريخه إلى 400 ألف عام يوجد فيه أقدم دليل على إشعال النار، ليس في بريطانيا أو أوروبا فحسب، بل في أي مكان آخر من العالم".

وأكّد أشتون، المؤلف الرئيسي لدراسة حول موقع بارنهام نُشرت في مجلة "Nature"، الأربعاء: "هذا هو الاكتشاف الأكثر إثارة في مسيرتي المهنية التي امتدت 40 عامًا".

رسمة تخيلية تُظهر كيفية إشعال البشر القدماء للنيران.تصوير: By Craig Williams © The Trustees of the British Museum Craig Williams/The Trustees of the British Museum

لطالما كان تحديد الوقت والمكان الذي بدأ البشر في إشعال النار وطهي الطعام عمدًا، بين الأسئلة التي حيّرت الباحثين في مجال أصول الإنسان لفترةٍ طويلة.

فهذه القدرة على إشعال النار ستسمح للبشر الذين عاشوا في بارنهام بتدفئة أنفسهم، وردع الحيوانات البرية، وطهي طعامهم بانتظام، بشكلٍ كان سيجعله مغذّ أكثر.

وكان من الممكن أن يجلب القدرة على التحكم بالنيران فوائد عملية، مثل تطوير المواد اللاصقة، وتقنيات أخرى، وتعزيز التفاعل الاجتماعي عبر سرد القصص مثلاً.

تُعد القطع الأثرية المكتشفة في هذا الموقع أقدم بـ350 ألف عام من الأدلة السابقة المعروفة عن إشعال النار في السجل الأثري، والتي عُثِر عليها في شمال فرنسا.

ومع ذلك، يرى أشتون أنّه من غير المرجح أن تكون القدرة على إشعال النار قد ظهرت لأول مرة في بارنهام.

وأوضح: "أعتقد أن الكثير منّا تمتع بحدس بشأن استخدام النيران بشكلٍ منتظم في أوروبا منذ حوالي 400 ألف عام. لكننا لا نملك دليلًا على ذلك".

موقع الحفريات في إنجلترا.Credit: Jordan Mansfield

يُعد تحديد وقت تعلُّم البشر إتقان إشعال النار لأول مرة وكيفية ذلك أمرًا صعبًا بالنسبة لعلماء الآثار.

السبب يعود إلى ندرة بقاء الأدلة التي تشير إلى اشتعال النيران، فيمكن أن يتطاير الرماد والفحم بسهولة، ويمكن أن تتعرّض الرواسب المحروقة للتآكل. 

يصعب أيضًا التمييز بين الحرائق الطبيعية وتلك التي أشعلها الإنسان.

ويُرجح أنّ البشر الأوائل بدأوا في استغلال النيران الناجمة عن الصواعق أو عوامل طبيعية أخرى، ربما عن طريق الحفاظ على الجمرات لفترةٍ من الزمن، ولكنها كانت ستظل موردًا غير منتظم، وفقًا للدراسة.

ومع ذلك، تشير الاكتشافات في بارنهام إلى أنّ السكان القدماء استطاعوا إشعال النار واستخدامها بشكلٍ روتيني ومتعمد.

الدليل القاطع

حلّل الفريق الرواسب المُحمرّة من بارنهام، ووجد أنّ خصائصها الكيميائية تختلف عن تلك الناتجة عن الحرائق الطبيعية.

أشارت بصمة الهيدروكربونات على سبيل المثال، إلى درجات حرارة أعلى ناتجة عن حرق الخشب بشكلٍ مركز، بدلاً من الحرائق واسعة النطاق.

كما أشار التغير المعدني في الرواسب إلى تكرّر الاشتعال  في الموقع ذاته.

لكن الدليل القاطع تجسّد عبر قطعتين من حجر البيريت الحديدي، الذي يُشار إليه أحيانًا بـ"ذهب الحمقى".

ويمكن استخدامه لضرب حجر الصوان، بشكلٍ يُنتج شرارات كافية لإشعال مواد قابلة للاشتعال مثل الفطر الجاف.

لم يكن هذا المعدن الطبيعي متوفرًا في البيئة المحيطة مباشرةً، ويدل ذلك على أنّ السكان القدماء كانوا على دراية بخصائصه في إشعال النار، وسعوا للحصول عليه، كما أفاد الباحثون في الدراسة.

ويرى أستاذ علم آثار العصر الحجري القديم بمركز آثار أصول الإنسان في جامعة ساوثهامبتون البريطانية، جون ماكناب، غير المشارك في الدراسة، أنّ ما يثير الإعجاب في هذا البحث هو النطاق الواسع من أساليب التحليل المستخدمة لحل اللغز.

مقالات مشابهة

  • أشجار السدر المعمّرة في وادي الهلالي.. إرث طبيعي نادر شرق عرعر
  • بتمويل حتى 13.3 مليون جنيه.. تفاصيل قروض البنوك في مصر لسداد المصروفات الدراسية
  • نقطة تحول في تاريخ البشرية.. اكتشاف أقدم دليل على استخدام البشر القدماء للنار في هذا الموقع
  • مش بس أرض النادي | هشام نصر: ندعو الرئيس السيسي للتدخل لإنقاذ مستقبل 50 مليون زملكاوي
  • أطباء يكتشفون سبب لزيادة خطر أمراض القلب والسكر عند كبار السن
  • نزول ميداني لإجراء الدراسات الحقلية على مواقع الانزلاقات في قفل شمر بحجة
  • حجة: فريق جيولوجي يحذر منطقة قفل شمر من انزلاقات وشيكة
  • علماء للجزيرة نت: العاصفة الشمسية غانون سحقت غلاف الأرض البلازمي
  • تعرف على حزمة المهل والتيسيرات الجديدة المقدمة من وزارة الصناعة للمشروعات الصناعية المتعثرة
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986