المشاط: صياغة سياسات مبتكرة لتطوير الأداء الاقتصادي
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أمينة ج.محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة التنمية المستدامة، لمناقشة عدد من الملفات المشتركة وذلك خلال فعاليات النسخة الـ 43 للمؤتمر الكشفي العالمي والذي تستضيفه جمهورية مصر العربية خلال الفترة من 17 إلى 23 من أغسطس الجاري، وتنظمه المنظمة العالمية للحركة الكشفية، ويستضيفه الاتحاد العام المصري للكشافة والمرشدات.
وفي مستهل اللقاء رحبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالسيدة نائب الأمين العام للأمم المتحدة، خلال زيارتها لمصر، مؤكدة على أهمية انعقاد المؤتمر الكشفي العالمي في مصر، في ظل ما تقوم به الحركة الكشفية العالمية، من دور لتنمية وتطوير مهارات الشباب ليكونوا مواطنين فاعلين وقادرين على التغيير الإيجابي.
من جانبها هنأت نائب الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتورة رانيا المشاط، على توليها حقيبة وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مشيرة إلى حرص منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها التابعة على تعزيز الجهود المشتركة مع مصر في إطار تقدمها نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتلبية متطلبات التنمية وفق رؤيتها وأولوياتها.
وشهد اللقاء مباحثات حول انعقاد مؤتمر قمة المستقبل، والدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة؛وجهود الحكومة المصرية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وبرنامج الحكومة الذي أطلقته مؤخرًا للثلاث سنوات المقبلة، كما أطلقعت «المشاط»، نائب الأمين العام للأمم المتحدة على محاور عمل الوزارة بعد دمج حقيبتي التخطيط والتعاون الدولي وتطور تنفيذ الإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة 2023-2027.
مؤتمر قمة المستقبل
وناقشت «المشاط»، مستهدفات مؤتمر القمة المعني بالمستقبل المقرر عقده علي هامش الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر المقبل، موضحة أنها تتزامن مع بداية عمل الحكومة الجديدة في مصر، والتي وضعت برنامجًا طموحًا يهدف إلي صياغة جديدة ومبتكرة للسياسات القائمة علي الأدلة وتطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات، بشكل يعكس رؤية القيادة السياسة في مجالات التنمية المستدامة والتمويل الإنمائي العادل والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، خاصةً بعد دمج وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي حديثًا ضمن التشكيل الوزاري الجديد للحكومة المصرية.
أدوات التمويل المبتكرة
كما تطرقت بالحديث حول الترتيبات الخاصة بالحدث الجانبي رفيع المستوي المنعقد علي هامش قمة المستقبل بمقر الأمم المتحدة بنيويورك تحت عنوان "الاستفادة من أدوات التمويل المبتكرة لتسريع التنمية المستدامة: خارطة طريق للتمويل العادل للتنمية"؛ وفي هذا الصدد تناولت «المشاط»، جهود الحكومة المصرية في إطلاق دليل شرم الشيخ للتمويل العادل، خلال مؤتمر الأطراف (COP27) بشرم الشيخ في نوفمبر 2022، وذلك بالشراكة مع عدد من المنظمات والهيئات الدولية، مضيفة أن إطلاق الدليل جاء بهدف تعزيز مبادئ التمويل العادل وتحديد أدوار ومسئوليات الجهات ذات الصلة كافة، لتحفيز قدرة الدول النامية والاقتصادات الناشئة علي جذب التمويلات والاستثمارات الصديقة للبيئة خاصة من خلال مشروعات القطاع الخاص.
المنصة الوطنية لبرنامج نُوَفِّـــــــــي
في ذات السياق بحث اللقاء المنصة الوطنية لبرنامج نُوَفِّـــــــــي، والتي تعد بمثابة تطبيق عملي لمبادئ التمويل العادل حيث تمثل نموذجًا إقليميا فاعلاً ومنهجا للتمويل الميسر للتعامل مع قضايا التكيف والتخفيف والصمود، وذلك بمشاركة 20 شريك تنموي من شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف – البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبنك التنمية الإفريقي، والإتحاد الأوروبي، وبنك الإستثمار الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وفرنسا، وغيرهم.
الشراكات الإنمائية الفعالة
وأكدت أهمية تحفيز وعقد الشراكات الإنمائية الفعّالة، ومشاركة القطاع الخاص في مسار تحقيق التنمية المستدامة، وكذا أهمية تبني نموذج اقتصادي مبتكر ونظم تمويل إنمائي عادلة وفعّالة، من أجل إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، موضحة أن قمة المستقبل تسعى إلي تطوير مقاييس التقدم في التنمية المستدامة.
كما أشارت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، إلي أهمية المنصات الوطنية (Country-Led Platforms) في تعزيز التنمية والعمل المناخي، والبيان المشترك الصادر عن صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي بشأن أهمية تلك المنصات كأحد آليات إصلاح منظومة بنوك التنمية متعددة الأطراف، موضحة أن برنامج "نُوَفِّـــــــــي" يعد نموذج عملي لتلك المنصات ويعكس التقدم الكبير الذي حققته مصر في جهود التنمية والعمل المناخي.
مبادرة شباب بلد
وتطرق اللقاء إلى جهود الوزارة في إطلاق النسخة الوطنية من المبادرة الأممية " جيل بلا حدودGeneration Unlimited" تحت مسمى "شباب بلد" لتنفيذ مشروعات تنموية بالشراكة مع القطاع الخاص وشركاء التنمية الدوليين ومنظمات المجتمع المدني والشباب.
إدماج أهداف التنمية المستدامة في عمية التخطيط التنموي بالمحافظات
كما تطرق اللقاء كذلك إلى أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 وإدماج المبادئ الحاكمة لهما في عملية التخطيط التنموي المحلي والاستراتيجيات القطرية مع شركاء التنمية، حيث تمت الإشارة إلى قيام مصر بتقديم تقارير المراجعة الطوعية (VNRs) خلال الأعوام 2016، 2018، 2021، بالإضافة إلي جهود توطين أهداف التنمية المستدامة لكل محافظة من محافظات الجمهورية وإطلاق 27 تقريرًا لكل محافظة بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) في عام 2021، من أجل رصد التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المحافظات المختلفة، حيث تم الانتهاء من إعداد الإصدار الثاني للتقارير بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومن المنتظر اطلاقهم خلال الفترة القادمة.
إطار تمويل وطني متكامل للتنمية المستدامة
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط انتهاء وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي من صياغة إطار التمويل الوطني المتكامل للتنمية المستدامة، والذي يستهدف تعزيز عمليات التخطيط وتمويل أهداف التنمية المستدامة على مستوى الدولة، وتحديد النطاق الكامل لمصادر التمويل المحلية والدولية للتمويل العام والخاص، ويسمح للدول بتحقيق أولويات التنمية المستدامة، مؤكده أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعتزم إطلاقه قريبًا.
تقرير التمويل من أجل التنمية
كما أشارت المشاط إلى إصدار وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقرير التمويل من أجل التنمية بالشراكة مع جامعة الدول العربية خلال عام 2021، مؤكده التزام مصر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، حيث أحرزت مصر تقدمًا في العديد من المؤشرات منذ عام 2015، بالإضافة إلي المشاركة بشكل سنوي في منتدى التمويل من أجل التنمية بدعوة من رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (ECOSOC)، مشيرة إلى متابعة الترتيبات ذات الصلة بالمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية ((FfD4، والمقرر عقده في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025 في إسبانيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية التعاون الدولي أمينة ج محمد التخطیط والتنمیة الاقتصادیة والتعاون الدولی نائب الأمین العام للأمم المتحدة أهداف التنمیة المستدامة وزارة التخطیط بالشراکة مع من أجل
إقرأ أيضاً:
من تحت الأنقاض..كيف تُعيد كمائن القسام صياغة معادلة الردع في غزة؟
الثورة /متابعات
رغم الحصار الخانق والدمار الهائل والفارق الكبير في موازين القوى، تواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، إعادة رسم قواعد الاشتباك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. لا يقتصر الأمر على الصمود الميداني، بل يتعداه إلى تكتيكات نوعية متقدمة أربكت الحسابات العسكرية وأدخلت الجيش في حالة استنزاف غير مسبوقة.
الهندسة الميدانية
في تقرير تحليلي نشره موقع الجزيرة نت، يرى الباحث والمحلل العسكري ياسين عز الدين أن كتائب القسام نجحت في توظيف الهندسة الميدانية للمواجهة كأحد أبرز أسلحتها خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا. ويؤكد أن الكمائن التي تُنصب داخل أبنية مدمّرة أو في أزقة خان يونس والشجاعية تُظهر تطورًا في استخدام الأرض كسلاح، لا كساحة معركة فقط.
من أبرز هذه العمليات، تفجير مبنى في قلب منطقة قال الجيش الإسرائيلي إنها “مطهرة”، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد من عناصر لواء “جولاني” النخبوي، بحسب اعترافات إسرائيلية مُقتضبة.
ولم تكن العملية وليدة الصدفة، بل ثمرة تخطيط استباقي دقيق، ومهارة في استغلال التضاريس والبنية التحتية للمدينة، خصوصًا شبكة الأنفاق التي منحت المقاومة مرونة عالية رغم استخدم جيش الاحتلال أسلوب القصف السجادي في العديد من مناطق قطاع غزة.
ويرى عز الدين، أن المقاومة لا تكتفي بتفخيخ المباني، بل تعتمد على بنية تحتية متشابكة من الأنفاق والممرات، ما يمنحها قدرة على المبادرة في توقيت لا يتوقعه العدو، مستفيدة من بيئة حضرية محطمة ولكن مألوفة تمامًا للمقاتلين.
من الانهيار النفسي إلى ارتباك القرار
ويُجمع محللو الشؤون العسكرية في إسرائيل على أن جيش الاحتلال بات في وضع معقّد. وقد صرح رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير مؤخرًا بأن “الحرب لن تكون بلا نهاية”، في إشارة صريحة – كما يرى العميد اللبناني المتقاعد إلياس حنا– إلى الاعتراف بالعجز عن الحسم، والتخبط بين الأهداف السياسية والقيود العملياتية.
في هذا السياق، يوضح عز الدين أن استمرار العمليات النوعية داخل مناطق يقول الجيش إنه “أعاد السيطرة عليها” يثبت أن زمام المبادرة بات في يد المقاومة، ما ينسف الأسطورة التقليدية لتفوق الجيش الإسرائيلي في الحرب البرية.
ويلفت إلى أنه في مقابل الديناميكية المتطورة للمقاومة، يظهر جيش الاحتلال الإسرائيلي في حالة استنزاف ممتدة ما دامت الحرب مستمرة، حيث تتآكل موارده البشرية والنفسية والمادية، ويجد نفسه مضطرًا لإعادة الانتشار مرارًا، دون القدرة على تحقيق إنجازات استراتيجية حقيقية.
ويتابع: “المقاومة استطاعت أن تحوّل المدن المدمّرة إلى ساحات كمائن، والأنقاض إلى أدوات خداع عسكري متقن”.
من ساحة المعركة إلى دائرة القرار
ولم تعد تداعيات هذه الحرب ميدانية فقط، بل وصلت إلى عمق النظام السياسي الإسرائيلي، فالخسائر المتزايدة في صفوف القوات البرية، وخاصة ضمن وحدات النخبة، ساهمت في تصاعد التوتر داخل الائتلاف الحكومي، وفقاً لحنا.
فبينما تسعى قوى المعارضة الإسرائيلية لتقديم مشاريع قوانين لحل الكنيست، تعيش حكومة نتنياهو حالة من الشرخ الداخلي بين الحفاظ على البقاء السياسي وعبء استمرار الحرب، وهو ما يجعل من معادلة “الكمين مقابل الكرسي” واقعية تمامًا.
ويلفت حنا إلى أن الجدل المتصاعد داخل الكنيست حول جدوى استمرار الحرب، والضغوط التي تتعرض لها حكومة نتنياهو من قبل أحزاب المعارضة والدينية على حد سواء، تُظهر حجم التأثير غير المباشر الذي تمارسه المقاومة عبر الضغط الميداني المستمر.
رسائل ملازمة للردع من الأسفل
في خطوة لافتة، بثّ الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة رسالة مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي، حذّر فيها من استمرار دعم القيادة السياسية والعسكرية في “حرب الإبادة”، داعيًا إلى وقف الحرب أو انتظار المزيد من “التوابيت المغطاة بالأعلام”.
وبحسب عز الدين، فإن هذا النوع من الخطاب يعكس تحولًا في استراتيجية المقاومة نحو استخدام الرسائل النفسية كسلاح، وليست مجرد شعارات دعائية خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الذي يفرضه الجيش على عدد القتلى والجرحى، في محاولة يائسة للسيطرة على المعنويات.
“هذه الرسائل لا تهدف فقط إلى الضغط المعنوي”، يقول عز الدين، “بل تُفعّل التناقضات الداخلية الإسرائيلية، وتُحرّك الرأي العام ضد استمرار الحرب”.
ويؤكد حنا، أن لم تعد الحرب في غزة مجرد مواجهة على الأرض، بل تحوّلت إلى سباق إرادات ومعركة سرديات. فبينما تبني المقاومة ردعها من تحت الأنقاض، وتسقط “أسطورة الجيش الذي لا يُقهر” قطعةً قطعة، تكافح إسرائيل لمنع تشكّل وعي داخلي بفشلها، لكنها تفشل تدريجيًا.
ويؤكد أن حرب الإبادة باتت تكتب فصولها من الأبنية المهدمة، ومن خطوط الاشتباك التي رسمها مقاتلون لا يملكون طائرات ولا أقمارًا صناعية، لكنهم يتقنون لغة المفاجأة، ويُجيدون اللعب في الزمان والمكان الذي يختارونه هم، لا عدوهم.