كيف يؤثر استخدام التكنولوجيا المفرط على الأطفال؟ وما الذي ينبغي للوالدين فعله؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
هل تساءلت يوما عن أسباب حنينك المستمر لذكريات الطفولة، أو لرائحة الطعام لدى عودتك من المدرسة؟ هل تتمنى عودة الأيام التي كنت تتحدث فيها مطولا مع والديك حول تفاصيل يومك؟ أو للعب كرة القدم في الحي مع أصدقائك؟ أين ذهبت تلك الذكريات التي سمحت لخيالنا بالهروب إلى عالم صنعناه بأنفسنا؟ لَم تمثل التكنولوجيا الرقمية جزءا كبيرا منها، فأغلبنا لم يكن يمتلك هواتف ذكية تشتت انتباهنا عن تلك التفاصيل.
أصبح إعطاء الوالدين الأجهزة الذكية لأطفالهم ليتمكنوا من ممارسة أعمالهم وإدارة مهامهم اليومية مشهدا مألوفا، فهي توفر حلا مؤقتا واستراحة قصيرة من متطلبات رعاية الأطفال.
ربما ينجح هذا الأمر حاليا، لكنه يطرح تساؤلات عدة حول تأثير الاستخدام المفرط للتكنولوجيا على نمو الأطفال وتركيزهم على المدى البعيد.
في دراسة سابقة أجراها معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، أشار الباحثون إلى العلاقة الوطيدة التي تربط البيئة الأسرية بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا، إذ ساهم أولياء الأمور في زيادة هذه الظاهرة دون وعي منهم بإعطاء الهواتف الذكية لأبنائهم وقت انشغالهم، مع غياب عنصر الرقابة في كثير من الأحيان.
تقول اختصاصية الأبحاث والمنح في معهد الدوحة الدولي للأسرة فاطمة المطوع إن "الإهمال الأسري وقلة التفاعل بين الوالدين وأبنائهم يؤدي إلى استخدام الأطفال التكنولوجيا الرقمية بشكل مكثف وعلى نطاق واسع، فقد أصبحوا منعزلين اجتماعيا عن العالم والتجمعات الأسرية".
مع انتشار الأجهزة الإلكترونية على نطاق واسع في عصرنا الحالي، أضحت التكنولوجيا بديلا عن مقدمي الرعاية، إذ مكنت الوالدين من الاعتماد على التطبيقات والأجهزة الذكية التي غالبا ما تكون مزودة بألعاب جذابة وألوان ساطعة وأصوات صاخبة تضمن بقاء الأطفال منشغلين. كما أنها تقدم تجارب تعليمية وتفاعلية قيمة وسهلة الوصول، مما يُشعل مزيدا من الشغف تجاه استخدامها.
ومع ذلك، فإن الاعتماد المكثف على التكنولوجيا يجلب متاعب لا يُمكن التغافل عنها، إذ يؤثر الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية على الصحة البدنية للطفل ويحد من فرص التفاعل الاجتماعي التي تعد ضرورية لنموه المعرفي والعاطفي. لذلك، من الضروري دمجها لتكون أداة مستخدمة بشكل مدروس بدلا من هواية مستهلكة، وهنا يكمن دور الأهل في تعزيز ثقافة الحوار المفتوح حول المخاطر والفوائد المحتملة للتكنولوجيا وتقنين استخدامها، وكذلك إظهار المسؤولية وتوفير الدعم العاطفي الذي يقلل من اعتماد الأبناء على التفاعلات الرقمية.
تُشير المطوع إلى دور أولياء الأمور بهذا الشأن قائلة، "إن انعدام رقابة الأهل على أبنائهم وتوظيفهم للتكنولوجيا بديلا لمقدم الرعاية للأطفال يؤثر بشكل كبير على الاستخدام غير المسؤول لها. من المهم بقاء أولياء الأمور على تواصل دائم مع أبنائهم في ما يتعلق بالاستخدام المبالغ به للأجهزة الرقمية، وذلك لتجنب عزل أبنائهم اجتماعيا عن أُسرهم والعالم المحيط بهم. لا يُمكن التغاضي عن العواقب الوخيمة التي تُضعف تركيز الأبناء وذاكرتهم نتيجة الاستخدام المفرط للتكنولوجيا".
وأضافت أن "هذه العوامل تنعكس سلبا على تصرفات الأبناء ونومهم وصحتهم البدنية، فهي تقودهم إلى الشعور الدائم بالغضب ودخولهم في نوبات عنف وصراخ في حين لو تم حرمانهم من هواتفهم أو مصادرتها كإجراء عقابي، ناهيك عن ضعف التحصيل الأكاديمي. من الممكن أيضا أن يُفاقم هذا الإجراء من حجم المشكلة ويُزيد من ارتباط الأبناء بهواتفهم، خصوصا إذا كان غياب التواصل بين الوالدين وأبنائهم هو المسبب الرئيسي لها".
وترى المطوع أهمية تبني الأهل ثقافة الحوار المفتوح لمعالجة الأمر بدلا من الاستسلام له. كما تحثهم على اتباع مجموعة من الممارسات التي من شأنها إدارة هذه المشكلة، "فعلى الأهل أن يوفروا أنشطة بديلة عن التكنولوجيا مثل: استثمار طاقات أبنائهم في الرياضة، ووضع قواعد واضحة تُحدد عدد الساعات التي يُسمح فيها باستخدام الأجهزة الرقمية، وتخصيص مزيد من الأوقات الأسرية لإبقاء الأبناء بعيدين عنها".
كذلك، يمتد دور الأهل إلى ما هو أبعد من توفير الاحتياجات الأساسية، فهو يشمل تقديم الدعم العاطفي والتوجيه والرعاية، هذه العناصر ضرورية لنمو الطفل ورفاهه. إذ يُمكن للتكنولوجيا دعم مقدمي الرعاية من خلال تزويدهم بالموارد التعليمية وتوفير أدوات التعلم التفاعلية.
ومع ذلك، لا يمكن لأي قدر من التقدم التكنولوجي أن يحل محل الفهم الدقيق والاتصال العاطفي الذي يوفره الوالدين لأبنائهم، إذ تفتقر التكنولوجيا إلى القدرة على التعاطف مع الطفل في وقت عصيب أو مواساته.
كما أن التفاعلات الاجتماعية، والتجارب المشتركة، والحضور الجسدي جوانب لا يمكن الاستغناء عنها في رعاية الأطفال، والتي تعزز الأمن العاطفي والمهارات الاجتماعية لديهم. ومن خلال التعاون معا، يمكن للوالدين والأطفال إنشاء بيئة رقمية متوازنة تدعم عادات تكنولوجيا صحية وروابط أسرية قوية في الوقت ذاته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
مستشار أسري: تدخل الأم يزرع الكراهية و15% من عنف الإخوة بسبب الوالدين.. فيديو
الرياض
حذر الدكتور خالد الحليبي، الخبير والمستشار الأسري، من خطورة تدخل بعض الأمهات في العلاقات بين الأبناء، مشيرًا إلى أن سلوك تفضيل أحد الأبناء دون غيره قد يكون سببًا مباشرًا في توليد الضغائن مستقبلاً.
وأوضح الحليبي خلال مداخلته مع قناة “روتانا خليجية”، أن 15% من العنف الذي يقع بين الإخوة يكون بسبب الوالدين، و10% من هذا العنف قد يصل إلى القتل أو الشروع فيه”.
وأضاف: “علماء الاجتماع أجمعوا على أن طريقة تعامل الأب والأم مع أبنائهم هي التي تحدد شكل علاقاتهم المستقبلية. الأم تزرع الضغينة بين أبنائها أحيانًا دون قصد”.
كما أشار إلى أن تدخل الأم في العلاقات بين الأبناء، سواء من خلال تفضيل أحدهم أو التمييز في المعاملة أو الدلال الزائد، ينعكس سلبًا على الروابط الأسرية، ويؤدي إلى توليد مشاعر الكراهية بين الإخوة.
وأضاف أن بعض الأمهات بعد الطلاق يلجأن إلى حرمان الأطفال من رؤية والدهم، أو شحنهم ضده نفسيًا، موضحًا أن الطفل السوي هو من ينشأ في بيئة أسرية متوازنة تضم الأب والأم معًا.
وفي سياق متصل، لفت الحليبي إلى أن بعض قرارات الأم تكون خاطئة، وتفرض على الأبناء سلوكًا معينًا، مما يدفعهم إلى الالتزام الظاهري فقط، بينما يتخلون عنه في غيابها، خاصة إذا كان القرار لا يحقق مصالحهم”، مضيفًا: “غالبًا ما يتواصل الأبناء مع المستشار الأسري لشرح هذه المواقف، ومن ثم تتخذ خطوات للتعامل مع الوضع وفق ما يقتضيه الموقف مع الأم.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/0kLMgSDq_uddOC_1.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/bdnWJjMQwneG041o.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/pyUUA9DK9NPbIEiX.mp4