لاتشتموني بعد سرقة المالات!؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
بقلم : عمر الناصر ..
اكبر ازمة بالعراق لا يأخذ صداها اكثر من ثلاثة ايام ثم تنسى وتمحى من ذاكرة المواطن السمكية وتطوى صفحتها على اعتبار اننا نؤمن بفلسفة” ازمة جديدة تدفع ازمة سابقة على غرار مقولة “صدقة قليلة تدفع بلاوي كبيرة “، حتى اصبح المواطن البسيط لا يكترث بالنمو والازدهار الاقتصادي او اهتمام الحكومة بتعظيم ايراداتها ودخلها القومي، بقدر ان يرى سراق المال العام خلف القضبان، واذا رأى بأن هنالك تقدم وتحسن ملموس في بعض القطاعات والمفاصل المهمة التي تنعش الميزانية العامة وتغطي على الاقل جزءا من العجز والنفقات الحاكمة ، فلابد له ان يذهب للصورة النمطية المغلوطة لديه ومفادها ان جميع تلك الايرادات ستذهب لجيوب الفاسدين وهذه اخطر نقطة تصل بانعدام الثقة بين المواطن والمسؤول، نتيجة الاحباط والاخفاق والتعقيد بمهمة مكافحة الفساد والافلات من العقاب الذي نص عليه القانون الدولي ، في وقت اصبحت فيه افواه الاغلبية الصامتة تأخذ وضع السبات او الغفوة لانها فقدت الامل بالمطلق، او انها ادركت بأنه من السهل استئجار اقلام “قوبية” وظيفتها الدفاع المستميت والتلميع الاعلامي ومسح اكتاف فاصد نزق سرق المال العام دون الالتفات او الاكتراث او حتى الشعور بمسؤوليته الشرعية والاخلاقية ،في وقت ترتفع فيه الاصوات الانتهازية المليئة بالعفن الفكري لاجل تحويل جزء من الشارع لمجتمع قطيع “cuttle society”سهل الانقياد بعيداً عن مدركات الوعي والنضوج ، بل وصل الامر بانقسام الشارع لمؤيد ومعارض او متعاطف ،مع او ضد افضل اسوء الفاسدين وسراق المال العام الذين يجيدون اللعب “بالبيضة والحجر”، بل اصبح الرأي العام يصنف ويسوّغ للسراق مابين السرقات التافهة التي لا تستحق انفعال وغضب وحفيظة او انزعاج او تسليط ضوء البروباغاندا الاعلامية ، من الكبيرة مثل سرقة القرن التي تحيط بها استراتيجية الالهاء والغموض، في وقت اصبحت الهوية البصرية للفساد لها خوارزميات معقدة وتتمتع بمعايير وترميز خاص بالارقام الفلكية للسرقات التي تتمتهى وتغازل العقل الجمعي، الذي لم يعد يؤثر به سوء الادارة وتردي الخدمات ولا تثير مخاوفه انفعالات فيسبوكية مؤقتة، يتغير شكله تدريجيا الى اسفنجة تعمل على تحويل التمرد النفسي والامتعاض والسخط وعدم الرضى بالواقع المرير إلى تغذية عكسية للجمود وشعور ذاتي بالذنب والندم وجلد الذات ، بل ان الكوميديا السوداء لابد ان تكون الحاضر الاقوى لتبرر وتشرعن للفاسدين تطاولهم على المال العام من خلال تقنين وتسويق مفهوم “وهم الحقوق الضائعة” التي عشعشت داخل الجزء المخفي من ادمغة الكثير من المجتمع، الذي يعيش بمرحلة التكيف مع الاضطراب مابعد الصدمة “PTDS”، رافعاً شعار “لاتشتموهم بعد سرقة المالات “.
انتهى ..
خارج النص / الاستعداد النفسي لمواجهة الوهم يبدأ بقدرة الفرد على تحديث عقله واعادة انتاج فكره.
عمر الناصرالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المال العام
إقرأ أيضاً:
ندوة بآداب عين شمس تناقش "ظاهرة أطفال الشوارع"
نظم قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الآداب جامعة عين شمس ندوة موسعة بعنوان "ظاهرة أطفال الشوارع… رؤية استشرافية لآليات المواجهة"، في إطار اهتمام الكلية بدورها المجتمعي وحرصها على التفاعل مع القضايا الإنسانية الملحّة.
وجاءت الفعالية برعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس، والدكتورة غادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة حنان كامل متولي عميدة الكلية، وبإشراف الدكتورة حنان سالم وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
وفي رسالة حملت رؤية إنسانية عميقة، أكدت الدكتورة حنان كامل متولي أن قضية أطفال الشوارع ليست مجرد ظاهرة اجتماعية بل مرآة تعكس حجم التحدي الأخلاقي الذي يواجه المجتمع كله، مشيرة إلى أن الجامعة تُعد شريكًا في طرح الحلول لا مجرد جهة رصد.
وأضافت أن كل طفل يفقد حضن أسرته يقع في دائرة مسؤوليتنا جميعًا، وأن على الجامعة أن تنتبه وتفتح الأبواب لفهم علمي حقيقي، وأن ترسّخ لدى طلابها أن مستقبل المجتمع يبدأ من الطفل المظلوم قبل الطفل المتفوق."
وأوضحت الدكتورة حنان سالم أن محاربة الظاهرة تبدأ من فهم دوافعها قبل التفكير في آليات علاجها، مؤكدة أن الطفل الذي يصل إلى الشارع هو نتيجة سلسلة طويلة من التغيرات المجتمعية.
وأشارت الدكتورة حنان سالم إلى أن علينا أن لا ننظر إلى هؤلاء الأطفال كعبء، وأن نبدأ في رؤيتهم كضحايا. مؤكدة على أن كل طفل فقد بيته يحتاج قلبًا قبل أن يحتاج مؤسسة، ورعاية مثلما يحتاج قانونًا."
وقدمت الدكتورة منى حافظ استاذ علم الاجتماع والمحاضر بالندوة تحليلًا متماسكًا لأبعاد الظاهرة المتشابكة، بداية من الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وحتى تأثيرها النفسي والسلوكي على الطفل. وأشارت إلى أن طفل الشارع لا يولد في الشارع، وإنما يُدفع إليه دفعًا.
وأضافت الدكتورة منى حافظ أن الطفل قد يهرب من بيتٍ ممزق، أو من عنفٍ لم يستطع احتماله، أو من فقرٍ جعله يشعر أنه عبء. وقد يُلقى في الشارع دون أن يعرف كيف أو لماذا. لكن ما يجب أن ندركه هو أن الشارع لا يربّي، بل ينجرف بالطفل إلى مسارات خطيرة؛ من بين أخطرها فقدان الثقة في المجتمع وفقدان الإحساس بالانتماء."
وتحدثت د.منى بتوسع عن الآثار النفسية العميقة التي تخلّفها التجارب الصادمة في حياة هؤلاء الأطفال، مؤكدة أن أغلبهم يعيشون في حالة يقظة دائمة تشبه "حالة النجاة"، وهي حالة تجعل الطفل مستعدًا للدفاع عن نفسه بشكل مبالغ فيه، أو للانسحاب الكامل من العالم، أو للاتحاد مع جماعات خطرة تمنحه إحساسًا زائفًا بالأمان.
كما استعرضت د.منى عددًا من تجارب الدول التي نجحت في تقليص الظاهرة عبر برامج معتمدة على الرعاية البديلة، وإعادة الدمج الأسري حين يكون ممكنًا، ودعم الطفل نفسيًا وسلوكيًا، وتدريب العاملين معه على المهارات الإنسانية قبل الفنية.
و طرحت أ.د منى حافظ رؤية استشرافية تقوم على بناء منظومة وقاية مبكرة، تبدأ من الأسرة المهددة بالتفكك، ومن الطفل المعرض للخطر، ومن المدارس التي يمكن أن تتعرف على حالات الإهمال مبكرًا، وكذلك من الشراكة بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
وشددت على انه اذا أردنا مستقبلًا بلا أطفال شوارع، فعلينا أن نعمل قبل أن يصل الطفل إلى الشارع. وأنه علينا أن نغلق الفجوات التي تتسرب منها براءته ، وأن نبني جسورًا تعيدهم إلى الحياة."
و شهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الحضور، حيث طرح الطلاب أسئلة تناولت الجوانب النفسية والاجتماعية للتعامل مع الأطفال، كما أثار أعضاء هيئة التدريس عددًا من النقاط المتعلقة بدور الجامعة في دعم مشروعات التوعية والتدخل المبكر.
واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن كلية الآداب ستستمر في احتضان مثل هذه القضايا الملحّة، وإتاحة مساحات للحوار العلمي والإنساني، إيمانًا منها بأن دورها الحقيقي يبدأ حين تضع الإنسان في مركز الاهتمام، وأن بناء الوعي هو الخطوة الأولى لبناء مجتمع أكثر عدلًا ورحمة.
وقامت أ.د حنان سالم وكيلة الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بمنح شهادة تقدير للدكتورة منى حافظ تكريما لدورها العلمي وإسهاماتها في خدمة المجتمع.