"معلومات الوزراء" يعقد ندوة حول أهمية الذكاء الاصطناعي في إدارة المحتوى المعرفي
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية؛ ندوة بعنوان: "المحتوى المعرفي بمراكز التوثيق وتطبيقات الذكاء الاصطناعي"، بهدف تسليط الضوء على أهمية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المحتوى المعرفي لدعم الجهود البحثية، وذلك بحضور الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وعدد من المسؤولين التنفيذيين بالوزارات والهيئات المختلفة، وأساتذة الجامعات، والعديد من الشخصيات العامة.
وفي كلمته، أعرب أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات، عن ترحيبه بالندوة الأولى التي يعقدها مركز الوثائق الاستراتيجية بـ "مركز المعلومات"، بالتعاون مع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية، ضمن سلسلة من الندوات المشتركة لتعزيز الشراكة بين الطرفين في نشر المعرفة، وتفعيل التعاون البناء بين كافة المؤسسات؛ بما يخدم عملية اتخاذ القرار على جميع المستويات.
وأشار "الجوهري"، إلى الدور المحوري الذي تلعبه مكتبة الإسكندرية لتوثيق تراث مصر الحضاري، بجانب دور مركز الوثائق الاستراتيجية بـ "مركز المعلومات" في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، مضيفًا أن الحكومة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا برقمنة الوثائق الاستراتيجية، وذلك منذ تأسيس مركز الوثائق الاستراتيجية عام 2006، لوضع ذاكرة إلكترونية للوثائق الحكومية لخدمة الأغراض البحثية، وذلك بما يشمل رقمنة حوالي 350 وثيقة عند التأسيس، وليصل إلى أكثر من 28 ألف وثيقة خلال عام 2023، وبما أسهم في تأريخ الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في مصر خلال الفترة من 1975 إلى 2006، بجانب التوثيق الاستراتيجي للمشروعات القومية منذ 2014 وحتى الآن، بالإضافة إلى دعم مشروعات التحول الرقمي وغيرها.
وأوضح "الجوهري"، أن وتيرة استخدام التقنيات الرقمية شهدت تسارعًا ملحوظًا على مستوى العالم، حيث سجّل حجم الاقتصاد الرقمي 16% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وفقًا لتقديرات البنك الدولي عام 2022، كما أنه من المُتوقع أن تبلغ مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد المصري 42.7 مليار دولار في عام 2030، مضيفًا أن "مركز المعلومات" يستهدف توطين التطبيقات التكنولوجية وبناء حلول تكنولوجية ذكية على مستوى عالمي لتعزيز عملية صنع القرار بالاعتماد على التقنيات الذكية كالنمذجة والذكاء الاصطناعي.
وخلال الجلسة الأولى من الندوة، استعرضت د. عبير صبحي، مدير مركز الوثائق الاستراتيجية بـ "مركز المعلومات"، دور المركز في نشر ثقافة التوثيق والمعلوماتية والتراكم المعرفي من خلال عرض تقديمي؛ بعنوان: "التوثيق الاستراتيجي وبناء المعرفة للمستقبل"، حيث عرضت أبرز إنجازات المركز في ذلك الإطار، وتطرقت إلى كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أعمال التوثيق المختلفة، كما شارك د. أيمن سليمان، مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية، بعرض تقديمي، بعنوان: "توثيق التراث ودوره في نشر الوعي والحفاظ على الهوية"، متطرقًا إلى أبرز إنجازات المركز في مجال حفظ التراث والتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة.
وخلال الجلسة الثانية من الندوة، قدمت د. هبة عبد المنعم، رئيس محور شؤون المكتب الفني بـ "مركز المعلومات"، عرضًا حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم القرار في مصر، كما استعرض م. عمرو إبراهيم، بشركة مايكروسوفت مصر، سبل استخدامات نظم الذكاء الاصطناعي في استخراج المعارف من البيانات الضخمة، في حين، تطرق د. مؤمن النشارتي، أستاذ علوم البيانات والمعلومات بجامعة القاهرة، إلى دور الذكاء الاصطناعي في دعم التوثيق لمصادر المعلومات.
ومن جانبهم، طالب المشاركون بالندوة بدعم تجارب الشراكة بين جميع الجهات المصرية العاملة بمجال التوثيق وكافة الوزارات بشكل متكامل لتحقيق المزيد من الاستفادة من حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي واستخداماتها في إدارة المحتوى المعرفي، والخروج بنموذج رائد على المستوى المحلي والإقليمي.
حضر الندوة، اللواء جوي هشام طاحون، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، و أ.د. محمد القرش، مساعد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي والمتحدث الرسمي للوزارة، و م. خالد مصطفى، الوكيل الدائم لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، و أ.د. يوسف ورداني، مساعد وزير الشباب والرياضة، و هاني غنيم، رئيس الإدارة المركزية للمكتبة المركزية بوزارة المالية، و محمد مصطفى صالح، وكيل كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة، وذلك إلى جانب ممثلي الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، ومعهد المخطوطات العربية، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، وجامعتي القاهرة وعين شمس.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: احمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية أساتذة الجامعات الحكومة المصرية الاصطناعي الذکاء الاصطناعی فی مرکز المعلومات
إقرأ أيضاً:
“شبكة العنكبوت”: الحرب في عصر الذكاء الاصطناعي
في صورة تعكس لنا كيف أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي والمُسيرات قادرة على تغيير قواعد الحرب، تمكنت أوكرانيا باستخدام عشرات الدرونز زهيدة الثمن من تعطيل قاذفات استراتيجية تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات في قلب العمق الروسي، قاصدة قواعد تبعد آلاف الكيلومترات عن كييف فيما يُعرف بـ”التفوّق الجغرافي البديل”، حيث لا يهم أين يقع الهدف بقدر ما يهم هل يمكن الوصول إليه بأسلوب غير تقليدي. حدث ذلك دون الحاجة إلى إطلاق صواريخ بعيدة المدى أو استخدام طائرات ضخمة، فقط أكواخ خشبية بأسقف قابلة للفتح ذاتياً محملة على شاحنات، انطلقت منها عشرات المسيرات نحو أهدافها متجاوزة أنظمة الدفاع الجوي الروسي.
وعلى الرغم من تفوق روسيا كماً وكيفاً منذ بداية الحرب، وامتلاكها للصواريخ البالستية والفرط صوتية وللقاذفات الاستراتيجية؛ فإن هذه العملية تظهر كيف أن الدرونز والذكاء الاصطناعي قادر على ترجيح كفة الطرف الأضعف والأقل من حيث القوة التدميرية، بما يعيد تعريف مفهوم “الردع”، ليصبح القدرة على استهداف نقاط ضعف العدو بذكاء وتكلفة منخفضة، وليس فقط امتلاك القوة المماثلة؛ فقد أثبتت هذه الحادثة أن روسيا غير قادرة على حماية عمقها الاستراتيجي، رغم تفوقها العددي والتقني.
وراء هذا المشهد المعقد، يقف الذكاء الاصطناعي كمحرّك رئيسي غير مرئي، فبرمجة مسارات الطائرات وتفادي أنظمة الدفاع واستخدام أنظمة تمييز الأهداف داخل القواعد العسكرية، كل ذلك يشير إلى أن الخوارزميات أصبحت الآن جزءاً من مراكز اتخاذ القرار العسكري، لا مجرّد أداة للدعم.
عملية شبكة العنكبوت:
في عملية يُقال إنها استغرقت 18 شهراً من التحضير، تم تهريب عشرات الطائرات المسيّرة الصغيرة إلى داخل روسيا، حيث خُزّنت في مقصورات خاصة داخل شاحنات نقل، ثم نُقلت إلى ما لا يقل عن أربعة مواقع مختلفة، تفصل بينها آلاف الكيلومترات، لتُطلق لاحقاً عن بُعد من المسافة صفر باتجاه قواعد جوية قريبة، واستطاعت أن تدمر نحو 34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية حسب تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقد استهدفت هذه المسيرات اثنتين من القواعد الجوية، فحسب بيان وزارة الدفاع الروسية: “أدى إطلاق طائرات مسيّرة انتحارية من مواقع قريبة جداً من مطارات منطقتي مورمانسك وإيركوتسك إلى اشتعال النيران في عدد من الطائرات”، وفي خطاب له قال زيلينسكي إن117 طائرة مسيّرة استُخدمت في الهجوم على القواعد الجوية الروسية.
وقد تمت عملية شبكة العنكبوت (Spider’s Web) – كما تمت تسميتها- على عدة مراحل، كانت المرحلة الأولى هي مرحلة تهريب الطائرات المسيّرة الصغيرة إلى العمق الروسي عبر مراحل زمنية متقطعة، بعيدة عن أي نمط يمكن رصده. ولتفادي أعين الرصد والمراقبة، تم إخفاء هذه الطائرات داخل هياكل خشبية بدائية الشكل على هيئة أكواخ صغيرة تم تحميلها على شاحنات نقل تجارية؛ ما منحها غطاءً لوجستياً يخفي غايتها العسكرية.
وما بدا للبعض أنه مجرد وحدات تخزين متنقلة، كان في الواقع منصات إطلاق هندسية دقيقة، جُهزت بأسقف معدنية يمكن فتحها عن بُعد، وعند لحظة الصفر، انفتحت هذه الهياكل تلقائياً، لتخرج منها الطائرات واحدة تلو الأخرى، وتنطلق نحو أهدافها دون أن تترك مجالاً لرد فعل استباقي. كان الهدف الأول هو مطار أولينيا، ويبعد نحو 1900 كيلومتر من أوكرانيا، والمطار الثاني هو بيلايا ويقع على بعد نحو 4300 كيلومتر من أوكرانيا.
أما الطائرات المسيرة ذاتها، فهي على الأرجح من طراز FPV (First Person View) وهي نماذج مسيّرة صغيرة الحجم، وخفيفة الوزن، ومجهّزة بكاميرات لبث مباشر، تُدار عن بُعد أو تُبرمج مسبقاً، وتُستخدم عادة في ضربات انتحارية محددة الأهداف؛ إذ تُزوّد غالباً برؤوس حربية صغيرة؛ لكنها كافية لإتلاف طائرات أو إشعال حرائق داخل منشآت عسكرية حساسة، ويتراوح مداها الجغرافي بين 5 و20 كيلومتراً؛ لذا فقد تم التغلب على هذا التحدي الجغرافي من خلالها تهريبها مسبقاً إلى قرب القواعد الجوية المستهدفة في الشاحنات.
وبحسب ما ورد في التقارير الإعلامية الأوكرانية، فإن الخسائر الواردة نتيجة عملية “شبكة العنكبوت” قد تكون كبيرة، وعلى الرغم من صعوبة التحقق من دقة حجم الخسائر؛ فإنها تشير إلى استهداف نحو 41 قاذفة استراتيجية من أصل نحو 120 تمتلكها روسيا، منها Tu-95 وهي قاذفة استراتيجية تستخدم في الهجمات بعيدة المدى، وTu-22 وهي قاذفة قادرة على ضرب أهداف برية وبحرية، وطائرات رادار من طراز إيه-50. أما الخسارة الأكبر فتتمثل في القاذفة Tu-160 الأسرع من الصوت، وقد تم تدمير طائرتين منها، وهو ما وصفه أحد المعلقين الأوكرانيين بأنه “خسارة لوحدتين من أندر الطائرات، كأنها أحصنة وحيدة القرن وسط القطيع”، خاصة أن الطائرات Tu-160 وTu-95 لم تعد تُنتج؛ مما يجعل استبدالها شبه مستحيل . من جهته، أعلن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أن الخسائر تُقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 7 مليارات دولار .
ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أسهمت في التخطيط لهذه العملية، بدافع الضغط على الرئيس الروسي للدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب. ففي أغسطس 2023 تحدثت كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع الأمريكي، في خطاب بعنوان “الحاجة الملحة إلى الابتكار”The Urgency to Innovate أمام الجمعية الوطنية للصناعة الدفاعية، عن ضرورة تطوير نظم ذكية غير مأهولة ورخيصة نسبياً يمكنها القيام بعمليات عسكرية تكتيكية، وفي خطابها أعلنت عن مبادرة أطلقت عليها اسم “المستنسخ” Replicator، وهي استراتيجية تسعى من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير تقنيات تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكن التضحية بها، يشمل ذلك أساطيل من الأسلحة والمعدات غير المأهولة والذكية والرخيصة نسبياً. وقد وصفت هيكس، هذه الأسلحة والمعدات بأنها “قابلة للتضحية”؛ بمعنى أنها يمكن أن تتعرض للتدمير دون التأثير في سلامة المهمة، ودون تكبد خسائر مالية باهظة، وهو ما حدث بالفعل في عملية شبكة العنكبوت، حيث تم إطلاق العشرات من الطائرات المسيرة رخيصة التكلفة للقيام بمهام انتحارية، مكبدة الروس خسائر كبيرة دون تحمل تكلفة مالية كبيرة.
تغير قواعد الحرب:
في المنظورات التقليدية، كان توازن القوى يُقاس بعدد الدبابات والمقاتلات وحجم الميزانيات العسكرية. أما اليوم، فإن الذكاء الاصطناعي يُدخل عاملاً نوعياً جديداً يتمثل في القدرة على إنشاء جيوش آلية من مركبات غير مأهولة رخيصة التكلفة، فضلاً عن قدراته الأخرى التي تتمثل في اتخاذ القرار الأسرع والأدق بناءً على تحليل لحظي للبيانات؛ مما يعني أن الجيوش الأصغر حجماً تستطيع أن تُعادل أو تتفوّق على قوى أكبر إذا امتلكت أنظمة ذكية لتحليل الحركة، والتوجيه، وتحديد الأهداف؛ أي إن توازن القوة لم يعد مرهوناً بمن يمتلك أكثر؛ بل بمن يفهم أسرع ويتصرف أذكى.
فلم تعد الأفضلية في التفوق النوعي وحده؛ بل بات العدد الكبير من الوسائل الذكية والمنخفضة الكلفة يشكل بحد ذاته سلاحاً نوعياً يعجز الخصم التقليدي أحياناً عن احتوائه، فتحولت المُسيرات إلى “صواريخ كروز” الطرف الضعيف، فهي رخيصة ومتوفرة بكثرة مقارنةً بنظم الدفاع الجوي الكفيلة بإسقاطها أو مقارنة بالأهداف القادرة على إصابتها، فإسقاط طائرة مسيّرة تجارية زهيدة الثمن لا يتعدى ثمنها بضعة آلاف من الدولارات باستخدام صاروخ باتريوت بقيمة 3.4 مليون دولار هو معركة استنزاف، وإن لم تسقط فهي قادرة على تخريب مقاتلات وقاذفات استراتيجية ثمنها عشرات الملايين من الدولارات.
هذا الاختلال الصارخ بين “تكلفة التهديد” و”تكلفة الرد عليه” يكشف عن معضلة استراتيجية لم تجد الجيوش الكبرى بعد حلاً جذرياً لها: كيف يمكن مواجهة سلاح بسيط ومنتشر، دون الإفراط في استخدام وسائل دفاع باهظة وغير مستدامة. ومن هنا، يتّضح أن الحرب لم تعد تُخاض فقط على أساس من يمتلك السلاح الأقوى؛ بل أيضاً على من يستطيع الإنهاك بأقل تكلفة وأكبر مرونة، وهو بالضبط ما يجعل الطائرات المسيّرة، حين تقترن بالخوارزميات، سلاح المرحلة المقبلة.
هذا التطور يُعيد تعريف مفهوم “التفوق” من خلال “الكم” و”الضخامة” إلى التفوق النوعي، فحينما يمتلك الخصم المزيد من السفن والمزيد من الصواريخ والمزيد من المقاتلين، في مقابل محدودية الأسلحة والأفراد التي يمتلكها الطرف الآخر؛ تصبح الأسلحة القابلة للتضحية في هذه الحالة فعالة أمام الكتل الضخمة مرتفعة التكلفة. وفي هذه الحالة تستطيع الجيوش الصغيرة زيادة فاعليتها وتأثيرها أمام الجيوش الضخمة عبر أدوات ذكية ورخيصة، وبالمثل تستطيع الحركات المسلحة والجماعات الإرهابية أن تمتلك ميزة نسبية من خلال هذه التقنيات في مواجهة الجيوش النظامية؛ مما يغير من معادلة التفوق العسكري.
كما أن المفهوم التقليدي للردع تأثر أيضاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ إذ لم يعد بمقدور أي خصم أن يعرف على وجه اليقين ما الذي يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تنفّذه وما هي قادرة عليه، فهي تقنيات مربكة لساحة المعركة ولأدوات القتال التقليدية، كما أنها قللت من فاعلية الردع التقليدي؛ لأنها جعلت كلفة الهجوم منخفضة، فحين تتاح وسائل الضرب بتكلفة زهيدة يصبح من السهل المبادرة فيسقط معها الردع؛ ومن ثم أصبحنا أمام بيئة ردعية جديدة، لم تعد تقوم على وضوح العقوبة؛ بل على ضبابية القدرة وتعدّد سيناريوهات التهديد، حيث الخوف لا يأتي مما نعرفه؛ بل مما لا نستطيع التنبؤ به.
وما حدث في عملية شبكة العنكبوت أثبت مفهوم “شبكية” الحرب؛ أي لامركزيتها، فمجموعة من المسيرات، التي قد يتم تجميعها محلياً، تتحكم فيها مجموعة من الخوارزميات، وتنطلق من شاحنات قد تكون ذاتية القيادة في مناطق متفرقة من الدولة، وتتوجه لضرب قواعد عسكرية شديدة التأمين أو حتى بنية تحتية حرجة أو اغتيال قادة سياسيين وعسكريين، دون الحاجة إلى وجود مقاتلين على الأرض أو إرسال صواريخ عبر الحدود، وبعد كل ذلك قد لا يتبنى هذه العملية أحد ويظل المتهم الرئيسي هو “الذكاء الاصطناعي”.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”