رواياته تأخذك إلى عوالم مختلفة، من الحارة إلى الأحياء الراقية، وتتحرك مع شخوصه التي امتهنت الأعمال الدنيا والتي وصلت إلى أعلى المناصب، حكايات قدمها أديب نوبل الروائي نجيب محفوظ، طيلة حياته ولا تتخيل أن يكون صاحب كل هذه الروائع قضى 37 عامًا من عمره موظفا داخل أروقة أجهزة الدولة.

وصف نجيب محفوظ لحظة خروجه على المعاش، وتخلصه من عباءة الموظف، قائلًا: «إن إحساسي بالمعاش، كان الترحيب والتفاؤل والسعادة، وقد يبدو غريبًا فالموظف المحال على المعاش تعتريه كآبة من نوع خاص، لكني أحس أن المعاش استمرار لحياتي العملية، بعد أن أتمتع بميزتين، أولاهما الحرية والثانية التوحد مع الفن، أنا متلهف على التحلل من ذلك النظام الرهيب القاسي علي، وفرضته على نفسي وأنا موظف، بل إنني لم أرتاح لفكرة مد الخدمة»، بحسب كتاب «أنا نجيب محفوظ سيرة حياة كاملة» لإبراهيم عبد العزيز.

واليوم وفي ذكرى رحيله الـ18، إذ توفي في 30 أغسطس عام 2006، نرصد أسرار 37 عامًا، كان فيها رائد الرواية العربية، موظفا ما بين عمله في الجامعة ووزارة الأوقاف، ثم وزارة الثقافة، ثم تدرج وظيفيًا، لرقيب على المصنفات الفنية ختامًا برئيس لجهاز السينما، محتفظًا برونقه حتى المعاش، فهل رفع شعار «إن فاتك الميري» طوال حياته؟.

تعايش نجيب محفوظ مع الوظيفة الحكومية، حتى وصفها قائلًا: «أعطتني حياتي في الوظيفة مادة إنسانية عظيمة، وأمدتني بنماذج بشرية لها أكثر من أثر في كتاباتي، ولكن الوظيفة نفسها كنظام حياة وطريقة لكسب الرزق، لها أثر ضار أو يبدو كذلك، فلقد أخذت الوظيفة نصف يومي ولمدة 37 سنة، وفي هذا ظلم كبير، ولكن الوظيفة في الوقت نفسه علمتني النظام، والحرص على أن أستغل بقية يومي في العمل الأدبي قراءة وكتابة، وجعلتني أقضي كل دقيقة في حياتي بطريقة منظمة، وهذا في تصوري هو أثر إيجابي للوظيفة في ظل المجتمع الذي نعيش فيه».

وظائف عديدة تقلدها الروائي الراحل، من وزارة الأوقاف ومجلس النواب وإدارة الجامعة، وبحسب كتاب «نجيب محفوظ صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته» لرجاء النقاش، عمل الروائي الراحل بوزارة الأوقاف، فكان يرد على مشاكل الناس التي تصل إلى وزير الأوقاف مباشرة أو عن طريق النواب، وكان صافي ما يقتضيه 8 جنيهات.

وأما عن إدارة الجامعة، «اصطدم في الوظيفة بأشياء كثيرة بين الموظفين، إذ كشف عن طرق ترقية البعض بتقديم تنازلات يُحاكم عليها الدين والعُرف والقانون، وهو ما عطل ترقيته إلى الدرجة الرابعة بعد كشفه الأمر»، بحسب «النقاش».

وفي عام 1959، عمل سكرتيرا لمكتب علي عبد الرازق بالمصنفات، ثم جرى ترشيحه لشغل منصب مدير عام الرقابة على المصنفات الفنية بتزكية من الدكتور ثروت عكاشة آنذاك، وكانت هذه الفترة بعد انتدابه مديرًا لمكتب يحيى حقى مدير مصلحة الفنون في ذلك التوقيت، وعن هذه الفترة، قال: «إن الرقابة كما فهمتها ليست فنية ولا تتعرض للفن أو قيمته، ووظيفتها ببساطة هى أن تحمي سياسة الدولة العليا وتمنع الدخول في مشاكل دينية قد تؤدي إلى الفتنة»

ظل «محفوظ» مديرا عاما للرقابة على المصنفات الفنية لمدة عام ونصف العام حتى تولى منصب رئيس جهاز السينما، لعام 1971، وهي آخر محطة له «ظللت في موقعي كرقيب لمدة عام ونصف تقريبًا، وجاء خروجي منه نتيجة أزمة رواية (أولاد حارتنا)»، لينتقل حينها إلى رئاسة دعم السينما والتي كانت تحت الإنشاء حينها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نجيب محفوظ الكاتب نجيب محفوظ الروائي نجيب محفوظ ذكرى وفاة نجيب محفوظ نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

تعلن محكمة ماوية الابتدائية بأن على/ نادر نجيب جابر الحضور إلى المحكمة

تعلن محكمة ماوية الابتدائية بأن على/ نادر نجيب جابر الحضور إلى المحكمة

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • "دروب مصر ".. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • دروب مصر.. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية
  • غدًا.. ورشة «دروب مصر» بمتحف نجيب محفوظ بمناسبة الذكرى الـ 114 لميلاده
  • من شوارع القاهرة إلى جائزة نوبل.. كيف صنع نجيب محفوظ مجده؟
  • يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها
  • تعلن محكمة ماوية الابتدائية بأن على/ نادر نجيب جابر الحضور إلى المحكمة
  • زيادة المعاشات 2026.. من هم المستفيدون رسمياً؟
  • الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين إلى المعاش غدا