التخبط السياسي بين الاستثمار والاستهتار
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يتعين على من يختار العمل السياسي ان يبتعد عن المقاولات والكومشنات والمنافع المادية، ويغلق دكاكينه الاقتصادية. فالحاكم وصاحب السلطة اما ان يكون سياسيا متفرغا للسياسة، او يتنازل عن الحكم والسلطة ليتفرغ لتجارته ومشاريعه الاستثمارية. .
فعندما أصبح الامام علي بن ابي طالب خليفة للمسلمين قرر إلغاء الامتيازات الخاصة، وقال كلمته التي هي أعظم ما قيل في العدل: (إن جهادكم لوجه الله، وهو الذي يعوضكم).
أما إذا أراد السياسي ان يزاحم الناس في أرزاقهم وممتلكاتهم، فعليه ان يبتعد عن حلبات التنظيمات الحزبية ويتوجه لإدارة شؤونه المالية والاستثماريّة. يسري هذا المبدأ المنطقي على المشايخ ورجال الدين. ولا يجوز الجمع بين الدين والتجارة، او بين الدين والسياسة. وبالتالي فإن الجمع بين هذه الأضداد هو الفساد بعينه، وهو الخراب بكل تداعياته. .
عن رسول الله (ص): (مِنْ أخونِ الخيانَةِ تجارة الوالي في رعِيَّتِهِ). فمن غير المعقول ان يكون الوالي هو الحاكم وهو التاجر. وهو القاضي وهو حارس بيت المال. .
منذ سنوات والمواطن العراقي يراقب هذه التناقضات عن كثب. يرى ويسمع ويتابع اخبار الصفقات المليارية والسرقات المتكررة. حيث لم يعد الأمر سراً، حتى رجال الإعلام تمددت سلطاتهم، وتعاظمت ثرواتهم في ظل الهبات السخية والعطايا الملكية التي منحها لهم رجال المال والسياسية، واصبحت لديهم آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الخصبة، فما بالك بكبار السياسيين ؟. .
ان مشكلة العراق ليست في الشعب بل في القيادات السياسية التي جمعت التناقضات كلها. . لقد تسببوا في تضليلنا وضياعنا، فبقينا بين ضلال وظلال. .
نحن نعيش في مجتمعات تحترم الطقوس وتحتقر العقل. أحيانا عندما أذهب لأداء صلاة الجماعة وأسمع إمام المسجد يدعو: (اللهم دمر أعداء الدين). أخشى أن يسقط سقف المسجد على من فيه، لأن معظم أعداء الدين يقفون في الصف الأول. مباشرة خلف الإمام. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
استثمار رأس المال البشري.. البنك المركزي العُماني أنموذجًا
محمد بن عيسى البلوشي
يؤدي رأس المال البشري دورًا محوريًا في تنمية المؤسسات والمجتمعات من خلال توظيف القدرات والكفاءات والمهارات والقيادات بما يحقق المستهدفات الفردية والمؤسسية والوطنية، ويتطلب ذلك اهتماما أكبر في تطوير وزيادة حجم الاستثمارات في هذا القطاع لتحقيق التنمية البشرية الرامية للازدهار والرفاه الاقتصادي.
ومن نافلة القول إن رأس المال البشري هي جملة "المعارف والمهارات والقدرات التي يستثمر فيها الأفراد/ المؤسسات/ الحكومات وتتراكم لدى الناس/ الموظفين على مدار حياتهم بما يمكنهم من استثمار إمكاناتهم كأفراد منتجين في مؤسساتهم أو مجتمعاتهم".
وفي البنك المركزي العُماني والذي حاز مؤخرا على المركز الاول في جائزة الاجادة المؤسسية الحكومية لعام 2024 لرأس المال البشري، اهتمت الإدارة منذ وقت ليس ببعيد في استثمار رأس المال البشري عبر مجموعة من الأنشطة والبرامج المعززة لمعرفة الموظفين لرفع كفاءتهم، ولعلنا نذكر من باب الرصد لا العدد واقع استثمار رأس المال البشري في هذه المؤسسة التي تحتفي هذا العام بمرور 50 عاما على إنشائها، وتتمثل في:
أولًا: اهتم البنك المركزي العُماني بتأهيل الكوادر البشرية للوظائف الإشرافية بهدف إيجاد "صف ثاني" للوظائف القيادية والاشرافية كنائب للرئيس التنفيذي ومديري العموم ومديري الدوائر ورؤساء الأقسام، وذلك عبر إلحاق الموظفين في برنامج ودورات متخصصة (قيادية) وأيضا تكليفهم بمسؤوليات وأعباء ومهام أعلى في حال شغل المنصب، وهذا ما أتاح فرصة تدريبهم على رأس العمل لصناعة القرارات ومتابعة الأعمال ورسم الخطط والبرامج الاستراتيجية.
ثانيًا: ركز البنك المركزي العُماني منذ وقت طويل على ملف تطوير الكفاءات بهدف رفع امكانياتهم وقدراتهم ومهاراتهم الوظيفية وأيضا معارفه ودرجاتهم العلمية، وتمكينهم عبر تنفيذ سلسلة متنوعة من البرامج التدريبية المتخصصة (إدارية/ فنية) وبرنامج تكملة الدراسات (دبلوم/ بكالوريوس/ ماجيستير)، وأيضا التدوير الوظيفي الأفقي والذي اسهم بدوره في تنويع مهارات وقدرات الموظف ورفع جاهزيته وكفاءته للمهام المتعددة على نطاق القسم/ الدائرة/ المديرية/ القطاع، وفق منهجية متكاملة سعت المؤسسة منذ سنواتها الأخيرة إلى تحقيق الاستدامة في الوظائف وديمومة الأعمال في الحالات العادية أو الطارئة كما كان الحال في أوقات الجائحة.
ثالثًا: سعت المؤسسة بعد تجربة العمل عن بعد في أوقات الجائحة إلى وضع منهجية إدارية لتخفيف عن ساعات العمل المفقودة من إجمالي ساعات العمل عبر تخصيص حزمة من البرامج المحفزة، ومنها ساعات العمل المرنة والعمل عن بعد وذلك بهدف تحقيق استدامة الأعمال وتخفيف الفاقد وتحقيق الكفاية في إدارة ساعات العمل.
رابعًا: يمثل نسبة التعمين في القطاع المصرفي عموما حوالي (92%)، وفي البنك المركزي العُماني استطاعت الإدارة عبر برنامج التعمين من تحقيق التعمين بنسبة تصل إلى (95%) خلال عام 2024، ويعود الفضل في ذلك إلى رغبة وإصرار الإدارة في تمكين الكوادر العُمانية في القطاع المصرفي العُماني.
خامسًا: وفَّر البنك المركزي العُماني عبر مبادرته في استثمار راس المال البشري مساحة لتدريب الخريجين العُمانيين ضمن برنامج "تعزيز" والذي أتى لتعزيز القدرات المعرفية في القطاع المصرفي واكساب الخريجين المهارات الادارية والفنية لدخول سوق العمل، إلى جانب استثمار الكفاءات الوطنية وصقل مهاراتها بما يمكنها من لعب دورها في القطاع المصرفي ويعزز متانة هذا القطاع بكوادر عُمانية.
سادسًا: بهدف تزويد سوق العمل بكوادر مختصة في مجال التحليل المالي والاقتصادي، فقد تبنى البنك المركزي العُماني مبادرة استراتيجية في اعداد جيل من المحللين الماليين والاقتصاديين في القطاع المصرفي، حيث تمثلت تلكم المبادرة بإطلاق برنامج الخبراء الاقتصاديين والماليين العُمانيين لدرجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد والمالية لفئة الباحثين عن عمل. وتعد هذه الخطوة النوعية واحدة من أدوات الاستثمار في رأس المال البشري والتي تعمل على صناعة جيل يتمتع بمعرفة وكفاءة وجودة ليسهم بدوره في التخطيط والتنفيذ والإجراءات ذات العلاقة بالمجال المالي والاقتصادي.
سابعًا: يشعر الموظفون في البنك المركزي العُماني بانتمائهم إلى منظومة العمل وحرصهم على تكملة مشوارهم المهني والتدرج فيه في ظل الاستقرار الوظيفي والخطط التطويرية الموضوعة، ولهذا يظهر أن السياسات الادارية الممارسة جعلت الاستقالات محدودة جدا في المؤشرات العامة مع الأخذ في الاعتبار إلى عدد المتقاعدين في العام الواحد.
ومن جانب آخر، تقوم المؤسسة بندب عدد من خبراتها الوظيفية وفي مختلف التخصصات إلى مؤسسات الدولة والبرامج الوطنية بهدف نقل المعرفة والاستفادة من خبراتهم وخلق حالة من التعاون المؤسسي المفضي إلى رفع كفاءات الكادر البشري واثراء خبراتها القيادية والمعرفية، مع الإشارة إلى استقطاب المؤسسة لعدد من الكفاءات العُمانية للعمل معها عبر مختلف برامج التوظيف.
إن مستقبل تنمية وتطوير رأس المال البشري في البنك المركزي العُماني يمضي وفق منهج يتم رسمه من قبل القطاع المعني بالموارد البشرية، ورؤية يقودها معالي أحمد المسلمي محافظ البنك المركزي العُماني، وفي ظل إشراف عام لمجلس الادارة برئاسة صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد بن طارق آل سعيد، ونستشرف معها آفاقًا أرحب من التمكين للكفاءات الوطنية في مختلف المجالات مع النظر للتحديات التي تفرضها التغيرات والتطورات المتسارعة في عالم المال والأعمال محليًا وعالميًا وأيضًا حجم الفرص المستقبلية.
رابط مختصر