ماذا لو أن نجيب محفوظ بيننا اليوم؟
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
ماذا لو كان نجيب محفوظ يعيش بين ظهرانينا اليوم؟ هل كان سيبدي تأييده لعملية «طوفان الأقصى»؟ هل سيتراجع عن موقفه المؤيد للتفاوض مع إسرائيل؟ هل سيُعلي صوته بإدانة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ نحو أحد عشر شهرا؟ هذه الأسئلة وغيرها راودتني في الذكرى الثامنة عشرة لرحيل أيقونة الأدب العربي، التي توافق الثلاثين من أغسطس من كل عام.
لا يخفى على الجميع تعرض محفوظ لاتهامات من بعض المثقفين العرب، وعلى رأسهم يوسف إدريس، بُعَيْد فوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1988، بأن حصوله عليها لم يكن إلا مكافأة له من الصهيونية العالمية على موقفه المؤيد لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. فكيف ردّ الأديب الكبير على هذه الاتهامات؟ أظن أن أهم مرجع يُفنّد هذه التهم هو كتاب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش. في هذا الكتاب يتساءل محفوظ باستنكار: «ما معنى أن الصهيونية أرادت أن تكافئني على موقفي المؤيد لاتفاق السلام مع إسرائيل؟ إن الصهيونية لو أرادت أن تكافئ كاتبًا على موقف تشجعه هي، فقد تضع في يده، أو في حسابه بالبنك، مبلغًا من المال على سبيل الرشوة، لا أن تسعى إلى حصوله على جائزة أدبية هي الأولى في مجالها في العالم. ولو كانت جائزة نوبل جاءتني لموقفي من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فإن بالجائزة نوعًا آخر يناسب هذا الموقف، وهو جائزة نوبل للسلام وليس الأدب، بل إن أدونيس أو توفيق الحكيم يستحقانها، فهما مؤيدان للسلام مع إسرائيل أكثر من تأييدي أنا له عشرات المرات».
ورغم أنني أتفق شخصيًّا مع ما قاله الأديب الكبير حول إن «الصهيونية العالمية التي تحدث عنها إدريس وغيره، أعطيناها ـ كمثقفين عرب ـ أكبر من حجمها، وجعلنا منها إلهًا قادرًا على كل شيء، وذهبنا إلى أنها هي التي تصنع التاريخ والحاضر والمستقبل، وتدير عجلة الكون»، رغم أنني أتفق مع هذا الطرح إلا أنني أختلف مع قوله: «يخطئ من يتصور أن الصهيونية العالمية هي التي تحرك أمريكا وتدير سياستها، لأن المواقف الأمريكية نابعة أصلًا من تحقيق المصالح الأمريكية، وهي مصالح تتفق حاليًّا مع مصالح إسرائيل. وعندما تتغير تلك السياسة سوف تصبح إسرائيل مثل مدغشقر، بلا قوة أو نفوذ».
في الحقيقة إن كل ما تفعله إسرائيل اليوم هو ضد مصلحة الولايات المتحدة، فهي أولًا تُظهِرها ضعيفة سياسيًا في قيادة العالم، وغير قادرة على وقف حماقات رئيس وزراء إسرائيل رغم أنه يدرك أن ما يحركه هو مصالحه السياسية الضيقة لا مصلحة الكيان الإسرائيلي، ثم إنها تُظهرها ثانيًا بدعمها العسكري اللا محدود في صورة المعتدي المشارك في الإبادة الجماعية للفلسطينيين، كل هذا بفاتورة اقتصادية باهظة تصل إلى مليارات الدولارات تستنزفها إسرائيل من ميزانية دافع الضرائب الأمريكي! ورغم كل هذه الخسائر السياسية والعسكرية والاقتصادية، وقبلها الأخلاقية، لم تفكّر أمريكا مجرد التفكير في التخلي عن هذا الكيان الغاصب، ولم تصبح إسرائيل مثل مدغشقر!
في الكتاب نفسه يسرد نجيب محفوظ أن موقفه الداعي للتفاوض مع إسرائيل بدأ بعد هزيمة عام 1967 مباشرة في مؤتمر نظمه وزير الثقافة المصري ثروت عكاشة ضم قيادات وزارة الثقافة، وحضره محفوظ بصفته مديرًا لمؤسسة السينما. في ذلك المؤتمر دار حوار مفتوح حول ما سميت بـ«النكسة»، وما ينبغي عمله للخروج منها، والحلول المقترحة لذلك، فقال محفوظ: «إن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو العودة للديمقراطية والحوار وإطلاق حرية تعدد الأحزاب والآراء، وأن نرضى بالحزب الذي يصل إلى السلطة عن طريق انتخابات حرة نزيهة حتى ولو تفاوض مع إسرائيل». ثم كرر محفوظ هذا الرأي في عهد السادات أمام العقيد معمّر القذافي، رئيس الجماهيرية الليبية، عندما استُضيف هذا الأخير في مبنى جريدة «الأهرام» المصرية ونُظِّم له حوارٌ مع الأدباء والمفكرين والكتّاب المصريين، أداره الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، يقول محفوظ إنه طَرح على الحاضرين سؤالاً: «هل في إمكاننا الآن أن نحارب إسرائيل؟» فأجاب أحد الحضور أنه ليس بوسع المصريين الحرب في تلك الظروف، وأن أي حركة سيقومون بها يمكن أن تستغلها إسرائيل في ضرب منشآت مصر الحيوية، فعقّب محفوظ على إجابته بالقول: «بما أننا لا نستطيع الحرب فلا بد أن نسلك الطريق الآخر، طريق التفاوض، أما الحالة التي نعيشها والمعروفة باللاسلم واللاحرب فإن التاريخ لم يعرف مثلها من قبل، كما أن نتائجها ضارة جدا لنا».
غير أن هذا الرأي لم ينتشر جماهيريًّا إلا بعد فترة من هذا اللقاء مع القذافي، حين أجرت صحيفة «القبس» الكويتية حوارًا مطوَّلا مع محفوظ، أثار ردود فعل هائلة، يصفها الأديب الكبير بالقول: «على مدى ستة أشهر كاملة تعرضت لسيل من الشتائم، كان بعضها يحتوي على ألفاظ جارحة واتهامات حادة، حتى إن بعضهم قال عني بالحرف الواحد: «أحسن لك تروح تبيع ترمس!» لم يقتصر الأمر على ما ينشر في «القبس»، بل كتب كثيرون في صحف مصرية يسفهون آرائي وينتقدونني بقسوة، ومع ذلك ظللت متمسكا برأيي لم أحد عنه».
خلاصة القول: لا يمكن لقارئ أدبٍ نزيه أن يعزو فوز نجيب محفوظ بنوبل لأسباب أخرى غير كونه أديبًا فذا استطاع أن يعبّر بصدق وفنية عالية عن خلجات الإنسان، منطلقا من حارته المصرية إلى العالم، ولذا فإن تهمة مكافأة الصهيونية العالمية له ليست إلا هراء. غير أن موقفه من القضية الفلسطينية مع ذلك يظلّ معقّدًا، فهو لم يكن مؤيدا بوضوح للمقاومة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه لم تكن دعوته للتفاوض مع إسرائيل انبطاحًا كالذي نراه اليوم من بعض المتصهينين العرب. وقد نفى ذلك بشدة بقوله: «كان أكثر ما يضايقني ويثير أعصابي عندما نشـر حديثـي في «القبـس» هو اعتقـاد بعـض الناس بأنني أطالب بالسلام من أجل إسرائيل، ولو كان لـدى هـؤلاء ذرة من التفـكير المنطقي الموضوعي لفهموا أنني أنشد السلام من أجل هؤلاء البسطاء الذين طحنتهم الحروب».
شخصيا أصدّق هذا التبرير من أديبنا الكبير، ولا أزايد عليه، لكنني أصدّق أيضًا أن هؤلاء البسطاء الذين طحنتهم الحروب، لا يمكن أن يعود لهم السلام بمجرد التفاوض.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصهیونیة العالمیة نجیب محفوظ مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
أخبار التوك شو| أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم الخميس.. الحكومة تكشف الاستعدادات النهائية لافتتاح المتحف الكبير
نشر موقع "صدى البلد"، خلال الساعات الماضية، مجموعة من الأخبار المهمة من البرامج التليفزيونية، حيث تناولت برامج التوك شو العديد من القضايا والموضوعات، كما استضافت عددًا من المسئولين والخبراء والشخصيات العامة، إضافةً إلى مجموعة من المداخلات الهاتفية، وفيما يلي أبرزها:
حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة في القاهرة والمحافظات
استعرض برنامج "صباح البلد"، المذاع عبر قناة صدى البلد، حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 12-6 2025.
وفيما يلي بيان بدرجات الحرارة المتوقعة اليوم، على محافظات ومدن مصر :
العظمى و الصغرى
القاهرة 36 23
بورسعيد 30 23
مطروح 28 19
شلاتين 38 25
الإسكندرية 28 20
حلايب 33 25
أسوان 44 28
وفي بعض الدول العربية
الرياض 45 28
أبو ظبي 43 30
الدوحة 43 31
بيروت 27 24
بغداد 46 29
القدس 30 18
الخرطوم 44 31
تعرف على أسعار الذهب اليوم الخميس 12 يونيو 2025
استعرض برنامج “صباح البلد”، المذاع عبر فضائية “صدى البلد"، تقديم الإعلامية نهاد سمير، تقرير فيديو، عن أسعار الذهب، اليوم الخميس 12-6-2025.
سجل سعر الذهب اليوم
ووصل سعر جرام الذهب عيار 18 إلى 3994 جنيهاً للجرام.
وسجّل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعًا 4660 جنيهاً.
سعر جرام الذهب عيار 24 سجّل 5326 جنيهاً للجرام.
أما سعر الجنيه الذهب فسجّل 37280 جنيهاً.
أسعار الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه اليوم الخميس
أسعار العملات الأجنبية والعربية اليوم الخميس
سعر الدولار اليوم
سجّل سعر الدولار الأمريكي اليوم 49.56 جنيه للبيع و49.42 جنيه للشراء.
سعر اليورو
سعر اليورو 56.69 جنيه للبيع، و56.53 جنيه للشراء
سعر الجنيه الإسترليني
سعر الجنيه الإسترليني 66.89 جنيه للبيع، و66.69 جنيه للشراء.
سعر الريال السعودي
سعر الريال السعودي 13.21 جنيه للبيع، و13.17 جنيه للشراء.
سعر الدينار الكويتي
سعر الدينار الكويتي 161.91 جنيه للبيع، و161.30 جنيه للشراء.
الحكومة تكشف عن الاستعدادات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير
قال المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء، إنّ الاجتماع الذي ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي تناول متابعة الاستعدادات النهائية لافتتاح المصري الكبير، حيث انتهت بالفعل أغلب الأعمال داخل المتحف منذ فترة، وشملت الاستعدادات تطوير ورفع كفاءة المحاور الرئيسية المؤدية للمتحف، والتي سيسلكها الضيوف، إلى جانب جهود مكثفة من محافظتي القاهرة والجيزة لتجميل وتشجير الواجهات والمناطق المحيطة، كما تم عرض ما أنجزته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من أعمال إنشائية بنسبة إنجاز 100%.
مستشار الرئيس: التأمين والفحص بدقة أحد أعمدة منظومة نقل الدم الآمن في مصر
أكد الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية، أن منظومة نقل الدم في مصر شهدت نقلة نوعية في التطوير والتنظيم خلال السنوات الأخيرة، انعكست بشكل مباشر على تحسين جودة الرعاية الصحية، لا سيما في خدمات الطوارئ والعمليات الدقيقة.
إيصالات أمانة.. كواليس جديدة بواقعة زواج شاب من ذوي الهمم من قاصر
كشف صبري عثمان، مدير عام خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، كواليس جديدة في واقعة زواج شاب من ذوي الهمم من قاصر، قائلا: «والد العريس ووالد العروسة مضوا لبعض على إيصالات أمانة! وده تصرف أول مرة الجهات المعنية تشوفه بالشكل ده، وبيثير تساؤلات كتير: ليه مضوا؟ وهل ده كان نوع من الضمان؟ ولا ضغط عائلي؟ ولا مجرد وسيلة للتهرب من التوثيق الرسمي؟».
الملكة كانت بدينة.. زاهي حواس: إلهام شاهين رفضت تجسيد حتشبسوت احترامًا للحقيقة التاريخية
كشف الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار، عن موقف طريف جمعه بالفنانة إلهام شاهين، التي كانت تحلم بتجسيد شخصية الملكة "حتشبسوت" في عمل فني، إلا أن حلمها لم يكتمل بعد اكتشاف أثري غير متوقع، موضحا أن الفنانة العظيمة إلهام شاهين كانت تتمنى بالفعل أن تقوم بدور حتشبسوت، وكان ذلك من ضمن أحلامها الفنية، لكنها تراجعت عن الفكرة بعد أن أجرينا دراسة بالأشعة المقطعية على مومياء الملكة، واكتشفنا أنها كانت بدينة.
الأرصاد: موجة حر شديدة تضرب البلاد.. وتحذيرات من شبورة كثيفة تؤثر على الرؤية
صرّحت منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن البلاد تتعرض اليوم الخميس 12 يونيو 2025، لموجة شديدة الحرارة تؤثر على كافة أنحاء الجمهورية، مؤكدة أن الأجواء خلال ساعات النهار ستكون شديدة الحرارة، بينما تميل للاعتدال ليلًا، مما يستدعي من المواطنين توخي الحذر الشديد، خاصة السائقين ومرتادي الطرق السريعة.
لحظة سقوط الطائرة الهندية وعلى متنها أكثر من 200 شخص
أعلنت وسائل إعلام هندية نقلا عن الشرطة، عن مقتل جميع ركاب الطائرة الهندية البالغ عددهم 242 شخصا، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.
برلماني ليبي: بيان الخارجية المصرية منطقي ويدعو لاحترام السيادة ونرفض الفوضى
قال النائب الليبي صالح هاشم، عضو مجلس النواب، إن بيان وزارة الخارجية المصرية بشأن قافلة "الصمود" المتجهة إلى قطاع غزة يعكس منطق الدولة واحترام السيادة الوطنية.