لماذا يفشل الاحتلال في منع عمليات الشوارع بالضفة رغم قبضته الأمنية؟
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
الخليل– بعد أقل من 48 ساعة على هجوم مزدوج نفذه فلسطينيان وسط مجمع عتصيون الاستيطاني في شمال الخليل جنوبي الضفة الغربية، جاءت عملية إطلاق النار على بُعد بضعة كيلومترات في شارع استيطاني معزز بأحدث أدوات التتبع، قرب معبر ترقوميا غربي المدينة.
وأدت عملية اليوم إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة الإسرائيلية، وجاءت في أوج استنفار أذرع الاحتلال الأمنية والعسكرية بعد عملية عتصيون، ووسط حالة تأهب تعيشها مدن الضفة الغربية كافة منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلا عن إجراءات وإغلاقات استبقت هذا التاريخ.
وتطرح عمليتا الخليل تساؤلات عما إذا كانت منظمة من فصائل فلسطينية أم فردية، ولماذا لم تنجح سلطات الاحتلال في منعهما قبل وقوعهما، خاصة مع سجل كبير لعمليات الشوارع الاستيطانية في الضفة منذ الانتفاضة الأولى عام 1987.
ووفق معطيات مركز المعلومات الفلسطيني "معطى"، وقعت في الضفة الغربية 4012 عملية إطلاق نار استهدف جنود الاحتلال ومستوطنيه منذ عام 2018.
يرى مدير مركز يبوس للبحوث والدراسات في رام الله سليمان بشارات أن ما يجري يشير إلى أن إسرائيل الآن على أعتاب مرحلة استنزاف أفقي على مستوى الضفة الغربية؛ بعد انتقال العمليات المقاومة من مناطق شمال الضفة والأغوار إلى مناطق الجنوب.
وأضاف أن هذا الانتقال بحد ذاته يشكل حالة فشل في السياسات الإسرائيلية التي حاولت حصر العمل المقاوم في شمال الضفة والخروج بعملية عسكرية لمحاصرة هذا النموذج دون انتقاله إلى مناطق أخرى.
وعن شكل التطور وطبيعته في منطقة جنوب الضفة، قال بشارات "إذا ما ربطنا بين تنفيذ عملية تفجير السيارتين ومن ثم عملية إطلاق النار في منطقة الخليل اليوم، فهذا يبعد فرضية العمل الفردي ويشير إلى أن هناك بنية تنظيمية تستند إلى الإعداد والتخطيط والتنفيذ".
ومن ثم، "فنحن الآن على أبواب مرحلة أخرى في شكل وطبيعة العمل المقاوم بالضفة الذي قد يؤسس لاتساع حالة المواجهة في ظل الاستمرار الإسرائيلي بالحرب على قطاع غزة، وأيضا في ظل تصاعد الممارسات من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي بالضفة"، كما يضيف الباحث الفلسطيني.
ويشير بشارات إلى أمر آخر هو أن الاحتلال الإسرائيلي بات يعاني من حالة فشل مركب على المستوى الاستخباراتي، "فمن غير المعقول أن تنطلق كل هذه العمليات العسكرية بمناطق حساسة وفي ذروة الإجراءات الأمنية المشددة وتنجح في إيقاع هذا العدد من القتلى والإصابات، دون أن يكون ذلك مؤشرا على حالة ارتباك بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية".
ولم يستبعد أن يكون السبب في هذا الفشل حالة التباين بين رؤية المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية وبين الاندفاعة التي يحاول أن يفرضها المستوى السياسي لإقرار واقع جديد أو لحسم الصراع مع الفلسطينيين.
إرادة متجددة
في المقابل، يتابع مدير مركز يبوس "من الصعب أن نغفل أنه لولا وجود إرادة فلسطينية للمواجهة وحاضنة شعبية وبيئة ترفض استمرار الاحتلال وممارساته لا يمكن أن تنجح أو تستمر أعمال المقاومة التي هي ليست وليدة لحظة زمانية، بل على مدار الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وحالة النضال الفلسطيني مستمرة".
وأضاف أن عمليات المقاومة قد تشهد انحسارا في مراحل معينة، لكنها سرعان ما تعود للواجهة كاستجابة حقيقية لممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين، فقد "بات واضحا في الأيام الأخيرة أنه لم تعد هناك خيارات لدى الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم في ظل فشل المنظومة القانونية والحقوقية والسياسية الدولية في توفير أبسط مقومات الحماية للفلسطينيين، بل بالعكس في ظل دعم أميركي غربي واضح للاحتلال".
من جهته، يقول أستاذ الإعلام في جامعة الخليل والمحلل السياسي سعيد شاهين إن نجاح عمليتي الخليل بفارق زمني قصير جدا "يؤكد فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية".
ويوضح أن استمرار العمليات يأتي "رغم محاولات كيّ الوعي الوطني وترويضه على امتداد العقدين الماضيين، واعتماد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية سياسة العصا والجزرة لثني الفلسطينيين عن دعم الأهل في غزة في مواجهة حرب الإبادة".
وأضاف أن الأسئلة الثقيلة التي تؤنب ضمير الفلسطيني إزاء الحالة في غزة جعلته يتحرك بالأدوات البسيطة لمواجهة مخططات الاحتلال الاستيطانية الرامية إلى قتل الحلم ووأد الفكرة في المقاومة والتحرر.
وتابع أستاذ الإعلام أن "عملية اليوم وعمليات الأمس مؤشر على أن هناك خلايا مسلحة ومقاومة تعمل بآلية منظمة وبتخطيط دقيق، وأن ذلك سيمثل تحديا كبيرا للمنظومة الأمنية الإسرائيلية وسيجعلها تعيد حساباتها للتعامل بطريقة أخرى لا تقوم على النظر إلى الفلسطيني في جنوب الضفة على أنه خانع وقابل لكل العقوبات الجماعية بأشكالها المختلفة".
وأشار إلى أن عقوبات الاحتلال حولت الحياة إلى شبه مستحيلة، "خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار الإغلاق المستمر وتقطيع أوصال الضفة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب أن بعض الحواجز لا تزال تغلق بعض البلدات منذ عملية السور الواقي التي جاءت في أعقاب انتفاضة الأقصى 2000″.
وبرأي الأكاديمي الفلسطيني، فإن إسرائيل تعجز عن مواجهة هذه العمليات كون أغلبها يأتي بقرار فردي أو ضمن خلايا منظمة صغيرة جدا، وذلك ما يربك المستوى الأمني داخل دولة الاحتلال.
وخلص إلى أن الفلسطيني لا يقبل الاستسلام والخنوع على الرغم من سياسة القبضة الحديدية والفظائع والجرائم التي ينفذها بحق الشعب الفلسطيني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأمنیة الإسرائیلیة الضفة الغربیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
اعتقالات بالضفة واتهام أممي لإسرائيل بتهجر ألف فلسطيني
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملات الاقتحام والاعتقال اليومية في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، بينما أعلنت الأمم المتحدة تهجير أكثر من ألف فلسطيني منذ مطلع العام الجاري في المنطقة "ج" التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة.
وتشهد مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية والقدس المحتلة يوميا حملات دهم واقتحامات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، تصحبها مواجهات واعتقالات وإطلاق للرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع على الشبان الفلسطينيين.
وأفاد مراسل الجزيرة باقتحام قوات الاحتلال "دير سامت"، غرب محافظة الخليل، حيث دهمت منزل الأسير العواودة واعتقلت والدته، واعتبرت مصادر محلية ذلك محاولة للضغط على العائلة لتسليم والد الأسير.
قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل والدة الشهيد أحمد العواودة خلال اقتحام بلدة دير سامت غرب الخليل بـ #الضفة_الغربية#فيديو pic.twitter.com/KRofgDlg8t
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 12, 2025
وفي مدينة نابلس شمالا، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيتا، وأطلقت قنابل الغاز السام المسيل للدموع خلال مواجهات اندلعت مع شبان في أحياء البلدة.
وقال مراسل الجزيرة إن قوات الاحتلال دهمت أحد المنازل واعتقلت فلسطينيا قبل أن تنسحب من البلدة بعد نحو ساعة من الاقتحام. كما سيّرت قوات الاحتلال دوريات عسكرية في منطقة بيت إيبا غرب نابلس، ونشرت جنود المشاة في محيط المنطقة.
وفي مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال منطقة الكسارات.
وأفادت مراسلة الجزيرة بأن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز، ودهمت منازل وفتشتها كما فتشت منشأة صناعية في المنطقة قبل انسحابها.
فيديو| جانب من اقتحام حارة القيسارية في البلدة القديمة وسط مدينة نابلس. pic.twitter.com/x7UuE3CmaW
— فلسطين بوست (@PalpostN) December 12, 2025
إعلانفي الأثناء، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن فلسطينية أصيبت إثر اعتداء قوات الاحتلال عليها بالضرب في مدينة دورا بالخليل جنوبي الضفة الغربية.
كذلك أصيب فلسطينيان في اقتحام قوات الاحتلال مخيم الأمعري بمدينة البيرة.
وذكر تلفزيون فلسطين (رسمي) أن قوات إسرائيلية اقتحمت قرية شقبا، غرب مدينة رام الله، وأطلقت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن إصابة شاب بجروح، ونقل للعلاج في مركز صحي بالقرية.
ومنذ بدئه حرب الإبادة بقطاع غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتل الجيش الإسرائيلي ومستوطنون في الضفة الغربية أكثر من 1092 فلسطينيا، وأصابوا نحو 11 ألفا آخرين، إضافة إلى اعتقال ما يزيد على 21 ألف شخص.
هجمات المستوطنينوفي سياق متصل، اعتدى مستوطنون متطرفون على فلسطينيين في "خربة إبزيق" البدوية، شمال شرق طوباس.
وكان مستوطنون هاجموا مجددا تجمع "الحثرورة" البدوي، قرب "الخان الأحمر" شرق القدس المحتلة. وأفادت مراسلة الجزيرة بأن المستوطنين لاحقوا شبانا من التجمع واعتدوا عليهم.
كما أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت التجمع، وأغلقت مداخله، وأخضعت عددا من السكان للتحقيق، بعد أن دافعوا عن أنفسهم أمام اعتداءات المستوطنين.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية)، نفذ المستوطنون 621 اعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تراوحت بين اعتداءات جسدية وعلى الممتلكات.
تهجير جماعيبدورها، أعلنت الأمم المتحدة، مساء الجمعة، تهجير أكثر من ألف فلسطيني منذ مطلع العام الجاري في المنطقة "ج" التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، جراء عمليات هدم لمنازلهم تنفذها إسرائيل.
وقال فرحان حق نائب متحدث الأمين العام للأمم المتحدة "منذ بداية العام، تم تهجير أكثر من ألف شخص في المنطقة (ج) التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية، وهي منطقة تحتكر فيها إسرائيل تقريبا سلطة إنفاذ القانون والتخطيط والبناء".
وأوضح أن معظم الفلسطينيين الذين هُجّروا هدمت منازلهم بحجة عدم امتلاكهم تراخيص بناء إسرائيلية، وهي تراخيص وصفها بأنها "من شبه المستحيل" حصول الفلسطينيين عليها.
وأشار المتحدث الأممي إلى أن هذا المستوى من التهجير يمثل "ثاني أعلى معدل سنوي" يسجل منذ عام 2009.
وتنفذ إسرائيل بشكل متكرر عمليات هدم لمنازل ومبان فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة والقدس المحتلة، بدعوى أنها "غير مرخصة".
وتشير معطيات رسمية إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين من البناء أو العمل الزراعي في منطقة "ج"، في حين يكاد يكون من المستحيل الحصول على تراخيص بناء للفلسطينيين هناك.
وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" (1995) أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.